عبد الكريم سليم
أفريقيا برس – مصر. دعمت مصر قراراً أوروبياً في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين الغزو الروسي لأوكرانيا، ما اعتبره مراقبون محاولة متوازنة بين احترام القانون الدولي ومصالحها مع القوى الكبرى، وخاصة الاتحاد الأوروبي المانح الأكبر لمصر بعد تهديد الإدارة الأميركية الجديدة بقطع المساعدات عن القاهرة. ومشروع القرار الذي صوتت مصر لمصلحته في الأمم المتحدة بنيويورك، قبل أيام، أوكراني-أوروبي يؤكد دعمه لأوكرانيا ووحدة أراضيها، لمناسبة مرور ثلاث سنوات على بدء الحرب الروسية على أوكرانيا. وحصل القرار، الذي تضمن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا وضم مناطق أوكرانية لروسيا، ودعا إلى الانخراط في مباحثات لتسوية مستدامة، على دعم 93 صوتاً، مقابل 18 صوتاً ضده، بما في ذلك الولايات المتحدة، مع امتناع 65 دولة عن التصويت.
وكان الموقف المصري في الأمم المتحدة لافتاً لكونه جاء مخالفاً لمواقف الولايات المتحدة وإسرائيل وروسيا ودول الخليج، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت مصر تفضل الاتجاه شمالاً نحو الاتحاد الأوروبي، المانح الاقتصادي الأكبر لها حالياً، خاصة بعد انقلاب السياسة الأميركية مع تولي الرئيس دونالد ترامب الرئاسة، والذي يمارس ضغوطاً قوية على السلطة المصرية في ملف غزة، ملوحاً بقطع المساعدات الاقتصادية عن مصر. وسبق لمصر أن أيدت في 22 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي قراراً أممياً صادراً عن الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين ضم روسيا مناطق أوكرانية.
ورأى نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية محمد السعيد إدريس أن تصويت مصر لصالح توصية للجمعية العامة للأمم المتحدة تدين الغزو الروسي والسيطرة الروسية على مناطق في أوكرانيا، ينسجم مع نمط التصويت المصري إزاء الأزمة الأوكرانية منذ اندلاعها، واحترام السياسة الخارجية المصرية لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، بغض النظر عن علاقات القاهرة القوية مع موسكو. وأشار، إلى أن موقف مصر، رغم تمايزه عن مواقف العديد من الدول العربية التي فضلت معظمها الامتناع عن التصويت، يعود إلى تعقيد القضية ورغبة بعض العواصم العربية في عدم إغضاب ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
موقف مصر في الأمم المتحدة
بدوره، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إن تصويت مصر لصالح قرار أوروبي داعم لأوكرانيا ينسجم مع ثوابت الموقف المصري تجاه الأزمة الأوكرانية. ورفض الربط بين حالة الجفاء التي تحكم علاقات القاهرة بواشنطن منذ طرح ترامب قضية تهجير الفلسطينيين، وبين دعم القرار الأوروبي الخاص بأوكرانيا، مشيراً إلى أن القاهرة ليست تابعة لواشنطن، لكنها تدير علاقاتها الدبلوماسية عبر احترام القانون الدولي مع الحفاظ على مصالحها وعلاقاتها الوثيقة مع القوى الكبرى.
لا تأثير على المصالح المصرية
أما الكاتب الصحافي في العلاقات الدولية عبد العظيم حماد، فقد أشار إلى أن تصويت مصر في الجمعية العامة للأمم المتحدة لن يكون له أي تأثير على المصالح المصرية، خاصة أن موقف القاهرة الداعم للحقوق الأوكرانية ليس جديداً، ولم تكن له تأثيرات سلبية على علاقات القاهرة بموسكو. ولم يستبعد حماد، أن تكون العلاقات الوثيقة التي تربط مصر بالاتحاد الأوروبي، ودعم الأخير للاقتصاد المصري، قد لعبت دوراً في تحديد نمط التصويت المصري، الذي جمع بين المبادئ والمصالح بشكل متوازن، ما يرجح إمكانية أن تكون التداعيات إيجابية على مصر من وراء هذا التصويت.
في المقابل، شدد الباحث الاقتصادي المصري وائل النحاس على أن تداعيات تصويت مصر في الأمم المتحدة لصالح القرار الأوروبي، رغم كونه يخالف مواقف واشنطن وموسكو، على الصعيد الاقتصادي تبدو محدودة، خاصة في ظل تهديدات إدارة ترامب باستخدام سلاح المعونة لإجبار القاهرة على تبني مواقف معينة. لكن الصلات الاقتصادية الوثيقة ستستمر مع موسكو، وفق النحاس، مع توقع زيادة التبادل التجاري في ظل عضوية مصر في مجموعة “بريكس”، وحرص البلدين على تطوير هذه العلاقات، خاصة أن العلاقات الاقتصادية بينهما لم تتأثر سلباً رغم تأييد مصر في السابق لحقوق الشعب الأوكراني في عدة مناسبات. ورجح النحاس أن يساهم تصويت مصر لصالح القرار الأوروبي في تعزيز العلاقات المصرية الأوروبية، متوقعاً تصاعد الدعم الأوروبي للاقتصاد المصري في ظل مركزية القضية الأوكرانية لخدمة المصالح الأوروبية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس