مصر وحتمية إلغاء صفقة الغاز الإسرائيلي

مصر وحتمية إلغاء صفقة الغاز الإسرائيلي
مصر وحتمية إلغاء صفقة الغاز الإسرائيلي

مصطفى عبد السلام

أفريقيا برس – مصر. أثبتت الحرب على غزة وبشكل قاطع إن إسرائيل لا تزال أكبر تهديد حقيقي للأمن القومي المصري والعربي، وأن الاحتلال، القائم على عقيدة استعمارية ممتدة منذ نشأة الحركة الصهيونية، لا يزال العدو الأول لدول المنطقة وفي المقدمة مصر وسورية ولبنان والأردن والعراق ودول الخليج، وأن نظرة الحكومة الحالية التوسعية وتصريحات نتنياهو الأخيرة عن ارتباطه بما يسمى “إسرائيل الكبرى” تكشف مشروعاً توسعياً راسخاً لدى الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة يتجاوز حدود عام 1967، حين سيطرت إسرائيل وقتها على سيناء والجولان والضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية عقب هزيمة منكرة للجيوش العربية، وأن إسرائيل غير راغبة لا في حل الدولتين، ولا في إقرار سلام حقيقي وعادل في المنطقة، أو الابتعاد عن خوض الحروب المتواصلة، بل راغبة في تطبيع مجاني والحصول على مزايا مالية واستثمارات ضخمة من دول الخليج وغيرها.

ومن هنا فإن هناك ضرورة ملحة لاتخاذ مواقف عربية عملية وجادة تجاه ممارسات وصلف وجرائم إسرائيل، وأول تلك المواقف المتاحة هي تراجع الحكومة المصرية عن صفقة استيراد الغاز من إسرائيل والبالغ قيمتها 35 مليار دولار، فليس من المقبول أن تربط مصر أمنها الاقتصادي وأمن الطاقة بالغ الحساسية بها وإنتاج المصانع وشركات إنتاج الكهرباء بدوائر صنع القرار في إسرائيل، فإن رضيت تلك الدوائر عن المواقف المصرية وتماهيها مع الموقف الإسرئيلي سمحت بتدفق الغاز ومنتجات الطاقة، وإن غضبت أغلقت خطوط الأنابيب ومحابس حقول تمار وليفاثيان وغيرها من حقول إنتاج الغاز التي سطت عليها منذ سنوات، وهو ما حدث في فترات سابقة، حين قطعت تدفق الغاز، وهو ما ترتب عليه انتشار العتمة في شوارع مصر، وحدوث شلل في القطاع الصناعي المصري وفي المقدمة شركات إنتاج الحديد والأسمدة والأسمنت.

والفرصة جاءت الآن على طبق من ذهب لصانع القرار في مصر، فقد خرجت تصريحات رسمية هذا الأسبوع عن وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، يعلن فيها رفضه المصادقة على اتفاق تصدير الغاز إلى مصر المُبرم في أغسطس الماضي، وقال إن إسرائيل لن تمضي قدماً في الاتفاقية حتى يجري تأمين سعر عادل للسوق المحلية، وتلبية احتياجات إسرائيل من الطاقة بشكل كامل وتحقيق المصالح الوطنية، وزعمت مواقع عبرية أن هذا الموقف الرافض للصفقة يأتي على خلفية خروقات مصر لاتفاق السلام مع إسرائيل خلال الحرب على غزة، خاصة ما يتعلق بانتشار القوات المصرية في سيناء، إضافة إلى المخاوف من ارتفاع أسعار الغاز على المستهلك الإسرائيلي خاصة في هذا التوقيت الحرج.

لنعترف أن إسرائيل تسعى وبكل طاقتها لتوظيف ورقة الغاز في وجه مصر رغم المصالح المالية الضخمة التي ستحققها من تلك الصفقة المرفوضة جماهيرياً من الرأي العام المصري وحتى عام 2040، وأن مصر لديها بدائل للغاز الإسرائيلي تحدثت عنها في مقالات سابقة منها مثلا استيراد الغاز من قطر والجزائر وروسيا وقبرص وإيران والسعودية وأستراليا وماليزيا وبأسعار تنافسية ومتميزة.

فهل يفعلها صانع القرار في مصر ويخرج علينا معلناً إلغاء صفقة استيراد الغاز الإسرائيلي التي لم تدخل حيز التنفيذ بعد دون تحمّل خسائر مالية من تعويضات وغيرها، خاصة أن الحكومة الإسرائيلية والكنيست لم يمررا اتفاقية الصفقة بعد، بل تعلن الحكومة المتطرفة في تل أبيب صراحة رفضها.

بقيت نقطة أخيرة وهي أن إسرائيل بحاجة ملحة إلى صفقة تصدير الغاز إلي مصر التي تمتلك بدائل عدة، وأنها مجبرة على بيع الغاز لمصر عبر خطوط الأنابيب الحالية، إذ ليس لدى دولة الاحتلال محطات إسالة لتصديره إلى أوروبا، وأن كلفة تأسيس تلك المحطات تتجاوز المليار دولار، ومن دون الاتفاق مع القاهرة لن تستطيع تل أبيب التصرف في إنتاج كميات الغاز المستخرجة من الحقول الواقعة شرق البحر المتوسط. فهل تفعلها القاهرة وتقلب الطاولة على حكومة نتنياهو؟

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here