أفريقيا برس – مصر. بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت، مع مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، ومنسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي، بريت ماكغورك، مستجدات الأوضاع الإقليمية، حيث ركّز على الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة ومستقبل معبر رفح البرّي مع القطاع. وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية إن اللقاء الذي حضره وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ورئيس الاستخبارات العامة اللواء حسن رشاد، والسفيرة الأميركية في القاهرة هيرو مصطفى غارغ، تناول مستجدات الأوضاع الإقليمية، وشدّد خلاله السيسي على أهمية التحرك العاجل لتقديم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، خصوصاً مع دخول فصل الشتاء، مؤكداً أن حلّ الدولتين هو الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
نقاشات أميركية مصرية حول معبر رفح
ووفقاً لمعلومات، شملت المباحثات نقاشات حول مستقبل معبر رفح البري، باعتباره جزءاً أساسياً من أي ترتيبات لوقف إطلاق النار في غزة. ويكتسب المعبر أهمية كبرى كمنفذ حيوي لسكّان القطاع، لكنه يواجه تحديات تتعلق بالوجود الإسرائيلي في محور صلاح الدين (فيلادلفي)، وهو الأمر الذي كان محل نقاش بين الجانبين المصري والأميركي.
وفي ظل الحديث المتزايد عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، تبرز أهمية معبر رفح البرّي باعتباره المنفذ الرئيسي الذي يربط قطاع غزة بمصر والعالم الخارجي. المعبر الذي يشهد إغلاقاً كاملاً في الوقت الحالي، يعاني من تعقيدات سياسية وأمنية تجعله محوراً أساسياً في أي اتفاق مستقبلي. ومع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في التحكم بمعابر أخرى مثل كرم أبو سالم، يعاني القطاع من تأخير كبير في وصول المساعدات والبضائع بسبب الإجراءات الإسرائيلية الصارمة، ما يزيد من أهمية إيجاد حلول مستدامة لتشغيل معبر رفح.
الوضع الحالي للمعبر يعكس تحديات إنسانية وأمنية متزايدة. فبعد القصف الإسرائيلي في مايو/أيار الماضي، تعرضت البنية التحتية للمعبر لدمار كبير، شمل صالات الانتظار ومرافق السفر، الأمر الذي دفع الاحتلال إلى القيام بعمليات تجريف وتمهيد في الجانب الفلسطيني من المعبر، مع إنشاء بدائل مؤقتة لتسهيل تحركاته العسكرية. لكن هذه الإجراءات تعكس نية الاحتلال في الإبقاء على سيطرته على المعبر، وهو ما يرفضه الجانب المصري بشدة.
صعوبات أمام عودة اتفاق 2005
مصر، التي ترفض وجود قوات الاحتلال الإسرائيلي في محور فيلادلفيا الذي يتقاطع مع معبر رفح، ترى أن تشغيل المعبر يتطلب انسحاباً إسرائيلياً من هذا المحور. على الجانب الفلسطيني، يمثل تشغيل المعبر تحدياً سياسياً داخلياً. ووفقاً لاتفاق عام 2005، فإن تشغيل المعبر يتطلب وجود جهة فلسطينية توافقية، تكون مقبولة من مصر وإسرائيل، وتعمل تحت إشراف دولي بواسطة قوة من الاتحاد الأوروبي. هذا الاتفاق يتطلب من الأطراف الفلسطينية، خصوصاً حماس والسلطة الفلسطينية، التوصل إلى تفاهم حول إدارة الجانب الفلسطيني من المعبر. ومع سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، فإن غياب التوافق يظل عقبة رئيسية أمام أي تشغيل مستدام.
أما من الناحية الدولية، فإن إعادة تشغيل معبر رفح تتطلب أيضاً دوراً أوروبياً، حيث ينصّ اتفاق عام 2005 على وجود بعثة أوروبية تشرف على الجانب الفلسطيني من المعبر لضمان عدم استخدامه في أنشطة تهدد الأمن الإقليمي. ومع ذلك، فإن التوترات الإقليمية قد تعيق هذا الدور الدولي، خصوصاً في ظل تصاعد الصراعات في المنطقة.
وفي هذا السياق، رأى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل، أن الحديث عن تشغيل معبر رفح سابق لأوانه، حيث لم يتم التوصل حتى الآن إلى اتفاق شامل يشمل المعبر ومحور صلاح الدين. وأوضح عوكل أن هناك عدم توافق فلسطيني بشأن هذا الموضوع، خصوصاً مع رفض حركة فتح طرح قضية لجنة الإسناد لإدارة غزة، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد. لكنه أكد أن لمصر تأثيراً كبيراً على ملف إدارة المعبر، مشيراً إلى دور القاهرة في تحقيق توافق فلسطيني يمكن أن يسهل الوصول إلى إدارة مشتركة فلسطينية – مصرية للمعبر، ما يضمن تيسير الحركة من خلاله.
على الجانب المصري، أوضح نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، مختار الغباشي، أن مصر تولي أهمية كبيرة لتشغيل معبر رفح في المرحلة الحالية، حيث تركز الجهود على إدخال المساعدات الإنسانية والسماح بسفر الجرحى والمرضى، وهو أمر ضروري وسط الإغلاق المستمر منذ مايو الماضي. وأشار الغباشي إلى أن الأولوية بالنسبة لمصر في الوقت الراهن هي وقف الحرب في غزة وتخفيف معاناة السكان عبر إدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات، دون التركيز حالياً على مسألة الوجود العسكري الإسرائيلي في محور صلاح الدين والصيغة النهائية لهذا المحور.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس