سحر جمال
أفريقيا برس – مصر. أكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي يسري عبيد في حواره مع “أفريقيا برس” أن مصر تلعب دورًا محوريًا في تثبيت وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الوساطة المصرية أثبتت فعاليتها رغم التحديات.
وقال إن القاهرة تحاول تحقيق التوازن بين التزاماتها في اتفاقية السلام ودعمها التاريخي للقضية الفلسطينية. وأضاف أن إغلاق معبر رفح جاء نتيجة الاحتلال الإسرائيلي لمحور فيلادلفيا، وليس بقرار مصري.
وشدد عبيد على أن الاتهامات الإسرائيلية بشأن تهريب الأسلحة لا أساس لها، مؤكدًا أن مصر تواصل حماية أمنها القومي عبر جاهزية قواتها المسلحة.
كيف تقيّمون فعالية الوساطة المصرية في وقف إطلاق النار بين الكيان الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية خلال الحرب الأخيرة؟
بالتأكيد، الكل يرى الآن أن مصر تلعب دورًا أساسيًا في القضية الفلسطينية. وعندما تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ووقف الحرب في قطاع غزة بعد عامين، تم التوصل إليه في القاهرة. المباحثات التي أدت إلى هذا الاتفاق حدثت في شرم الشيخ المصرية، وبالتالي هذا يثبت ثقل الدور المصري وثقل القاهرة في ملف القضية الفلسطينية والحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
رأينا أنه حدثت جولات كثيرة من التفاوض في عواصم عربية وغير عربية، ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق. وعندما عقدت المباحثات في شرم الشيخ المصرية، تم التوصل إلى وقف إطلاق النار بشكل دائم. وبالتالي، هذا يثبت ثقل الدور المصري، وأعتقد أن الكل يدرك أن مصر هي محور هام لاستقرار المنطقة.
ما أبرز التحديات التي تواجه القاهرة في الحفاظ على نجاح الاتفاق وما يتم الاتفاق بشأنه؟
أبرز التحديات التي تواجه القاهرة في الحفاظ على وقف إطلاق النار هو التزام جميع الأطراف بما تم الاتفاق عليه وفقًا لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعدم حدوث أي خروقات من جانب الطرفين: حركة حماس وإسرائيل.
التحديات تتمثل في أن الجانب الإسرائيلي أُجبر على هذا الاتفاق، وبالتالي يحاول اختلاق الذرائع والحجج للعودة إلى الحرب مرة أخرى. وأعتقد أن هذا تحدٍ كبير، خاصة بعد الغارات الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة ووقوع أكثر من 100 شهيد فلسطيني خلال يوم واحد. وبالتالي، فإن موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي من إنهاء الحرب في قطاع غزة هو أكبر تحدٍ يواجه الجهود المصرية لتثبيت وقف إطلاق النار.
هل تغيرت طبيعة الوساطة المصرية مقارنة بالحروب السابقة في غزة؟ وما الذي يميزها اليوم؟
لم تتغير الوساطة المصرية، فقد كان الجانب المصري يحاول دائمًا التوصل إلى وقف إطلاق النار كلما نشبت اشتباكات بين الجانب الإسرائيلي والفلسطيني. حتى قبل عملية السابع من أكتوبر، عندما كان يحدث قصف متبادل بين الجانبين، كانت الجهود المصرية تنجح في النهاية في التوصل إلى وقف إطلاق النار والتزام جميع الأطراف بهذا الوقف.
وبالتالي، الجهود المصرية لم تتغير، ولكن الذي تغير هو تطورات الأحداث بعد السابع من أكتوبر، والعدوان الإسرائيلي المستمر منذ حوالي عامين على قطاع غزة. وهذا تطلب مضاعفة الجهود المصرية لوقف إطلاق النار في النهاية.
كيف أثرت الحرب على غزة على حركة العبور في معبر رفح من الناحية الإنسانية والأمنية؟
الحرب والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أديا في النهاية إلى إغلاق معبر رفح بالكامل، خاصة أن الجانب الإسرائيلي احتل المعبر واحتل محور فيلادلفيا الذي يقع في نطاق المعبر. وبالتالي، توقفت الحركة تمامًا في معبر رفح، وأغلق الجانب الإسرائيلي المعبر من الجانب الفلسطيني بعد احتلال الموقع، وأصبحت الحركة داخل معبر رفح معدومة بالكامل.
هل هناك ضغوط دولية على مصر لفتح المعبر بشكل دائم؟ وما موقف القاهرة من ذلك؟
أعتقد أن الضغوط يجب أن توجه إلى الجانب الإسرائيلي وليس الجانب المصري. الجانب الإسرائيلي هو الذي يمنع دخول الشاحنات ويقف حجر عثرة أمام فتح المعبر بشكل دائم. وأعتقد أن القاهرة تحاول دائمًا أن توضح موقفها بأنها ليست من يغلق المعبر، ولكن الذي يغلقه هو الجانب الإسرائيلي. وعلى القاهرة أن تمارس ضغوطًا ضد إسرائيل لفتح المعبر بشكل كامل.
كيف تتعامل مصر مع الاتهامات الإسرائيلية المتكررة بشأن تهريب الأسلحة عبر الحدود؟
مصر دائمًا ترفض تلك الاتهامات الإسرائيلية التي تتهمها بتسهيل دخول السلاح إلى غزة، لأن جميع الأنفاق التي كانت بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء أُغلقت بالكامل في عام 2014. بالإضافة إلى أن معبر رفح، الوحيد بين غزة ومصر، مغلق تمامًا. وبالتالي، أعتقد أن مسألة تهريب السلاح الآن أصبحت معدومة بشكل كامل. ربما كانت موجودة في الماضي، ولكن بعد غلق أكثر من ألف نفق بين سيناء وقطاع غزة، أصبحت مسألة تهريب السلاح شبه مستحيلة.
هل أثرت الحرب الأخيرة على مستوى التنسيق الأمني بين مصر وإسرائيل؟ وهل هناك توتر غير معلن؟
أعتقد أنه ربما يكون هناك توتر غير معلن بين الجانب الإسرائيلي والمصري، ولكن كلا الطرفين يحافظان على اتفاقية السلام الموقعة في عام 1979. وأعتقد أن لا القاهرة ولا تل أبيب تريدان تصعيد الموقف بين الجانبين، لأن السلام بالنسبة للطرفين هو خيار إستراتيجي، وقد حرصا على الحفاظ عليه طوال هذه السنوات. وبالتالي، لا توجد أي نية من قبل الطرفين للحديث حول تعليق معاهدة السلام، والتنسيق الأمني ما زال مستمرًا، والأمور لم تصل بين تل أبيب والقاهرة إلى حد رفع هذا التنسيق الأمني أو تعليق اتفاقية السلام.
كيف توازن مصر بين علاقتها مع الكيان الإسرائيلي وبين دعمها التاريخي للقضية الفلسطينية؟
أعتقد أن القاهرة تحاول بقدر الإمكان تحقيق التوازن بين الجانب الفلسطيني واتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل. القضية الفلسطينية هي القضية الرئيسية للجانب المصري، ولكن في الوقت نفسه لا تريد القاهرة أن تنجر في العلاقة مع إسرائيل إلى مستوى قد يهدد بتعليق اتفاقية السلام. وبالتالي، أعتقد أن القيادة السياسية تحاول بقدر الإمكان الحفاظ على اتفاقية السلام، وفي الوقت نفسه تقدم كل الدعم للقضية الفلسطينية في جميع المحافل.
كيف تحافظ مصر على أمنها القومي في ظل تصاعد التهديدات على حدودها الشرقية والجنوبية؟
الجانب المصري يعرف جيدًا كيف يحافظ على حدوده الشرقية والجنوبية مع السودان. هناك الجيشان الثاني والثالث، ومهمتهما حماية الحدود الشرقية، وهما على أعلى جاهزية دائمًا. القوات المسلحة المصرية وصلت إلى أعلى مستوى من الحرفية العسكرية، والجيش المصري من الجيوش المصنفة عالميًا. بالإضافة إلى ذلك، هناك المنطقة الجنوبية العسكرية. وبالتالي، أعتقد أن الجانب المصري طوال السنوات يحاول بقدر الإمكان الحفاظ على الأمن القومي المصري على جميع الاتجاهات الإستراتيجية، وهناك دائمًا تدريبات عسكرية مستمرة وتدريبات مشتركة مع دول أخرى للحفاظ على الجاهزية الدائمة للقوات المسلحة المصرية لمواجهة كافة التحديات.
هل ترى أن الدور الإقليمي المصري في القضية الفلسطينية يعزز مكانتها الدولية أم يضعها في موقف حساس بين القوى الكبرى؟
أعتقد أن الجانب المصري كان له دور كبير في الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار. وأعتقد أن الجهود المصرية، الممثلة في جهاز المخابرات العامة المصري، ساهمت بشكل كبير في حدوث اختراق كبير في المفاوضات، مما أدى في النهاية إلى موافقة الطرفين على وقف إطلاق النار بدعم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وبالتالي، كانت للقاهرة دور كبير، وهي التي استضافت التوقيع على الاتفاق في شرم الشيخ.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس





