أبي أحمد ينهي مناقشات سد النهضة وسط غضب مصري

14
أبي أحمد ينهي مناقشات سد النهضة وسط غضب مصري
أبي أحمد ينهي مناقشات سد النهضة وسط غضب مصري

أفريقيا برس – مصر. أثارت تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، أمام برلمان بلاده، الثلاثاء الماضي، التي اعتبر خلالها أن “ملء سد النهضة لن يكون محل نقاش بعد الآن”، غضباً في الأوساط الرسمية والشعبية في مصر. كما أبدى استعداد بلاده للتفاوض حول السد وتلبية مطالب الشعب المصري “بأقصى ما في وسعها”، إلا أنه شدّد أيضاً على “ضرورة إظهار القاهرة استعدادها لتلبية مطالب أديس أبابا”.

وتعليقاً على تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، في تصريحات تلفزيونية، مساء الأربعاء الماضي، إن بلاده “توقفت عن الاستمرار في العملية التفاوضية التي لا تقود إلى نهاية واضحة، ولا تكشف عن نوايا وإرادة سياسية حقيقية للتوصل إلى اتفاق”. ووصف إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، عن “استعداد بلاده للتفاوض”، بأنه ينطوي على “قدر من الغموض”.

وشدّد أبو زيد على أن القاهرة “أعلنت مئات المرات أنها ليست ضد التنمية في إثيوبيا، وأنها مستعدة للمساعدة في مشروعات التنمية، كما أنها ليست ضد بناء السد من حيث المبدأ، لكنها تريد ضمان حقوق شعبها في مياه نهر النيل”، مضيفاً أن “أي حديث يسعى لتشويه الموقف المصري والتلميح بأن القاهرة غير جادة، لا يُعد منصفاً”.

وكانت القاهرة قد أعلنت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، انتهاء الاجتماع الرابع والأخير من مسار مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا “من دون تحقيق أي نتائج”. واستؤنفت المفاوضات بشأن السد، في إطار اتفاق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي، أعلنا عنه في يوليو/ تموز الماضي. وكان مقرراً التوصل لاتفاق في غضون 4 أشهر، لكن المدة انتهت من دون حصول ذلك.

وفي ذلك الحين، ذكرت وزارة الري المصرية، عقب الجولة الأخيرة من المفاوضات، التي عُقدت في أديس أبابا، أن “المسارات التفاوضية انتهت في الوقت الحالي، بسبب استمرار المواقف الإثيوبية الرافضة للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط، التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا)، وتماديها في النكوص عمّا جرى التوصل إليه من تفاهمات”.

وأضافت في بيان أن “مصر سوف تراقب عن كثب عملية ملء السد وتشغيله، وتحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي”.

استنكار لإنهاء أبي أحمد مناقشات سد النهضة

أستاذ القانون الدولي المصري، محمد محمود مهران، استنكر التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، التي أكد خلالها أن ملء سد النهضة وبدء توليد الكهرباء منه لن يكونا محل نقاش بعد الآن.

وقال مهران إن “تلك التصريحات تعكس تراجعاً واضحاً من جانب إثيوبيا عن التزاماتها بموجب اتفاقية إعلان المبادئ الموقعة مع مصر والسودان” في العام 2015. ورأى أنها تنم أيضاً عن “تجاهل تام للقانون الدولي وقواعده الخاصة باستخدام مياه الأنهار الدولية بما يكفل حقوق دولتي المصب”.

ودعا مهران المجتمع الدولي إلى “ضرورة التحرك لردع إثيوبيا وحملها على العودة لطاولة المفاوضات واحترام التزاماتها تجاه دولتي المصب مصر والسودان”، معرباً عن “ثقته بحكمة القيادتين المصرية والسودانية في التعامل مع تلك التطورات غير الإيجابية”. وشدّد على “حق مصر في الدفاع عن نفسها بأي طريقة تراها وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة”.

وتنص المادة 51 على: “ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص من الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن نفسها إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة، وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فوراً، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس، بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق، من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدوليين أو إعادته إلى نصابه”.

بدوره، اعتبر وزير الموارد المائية والري المصرية السابق، محمد نصر الدين علام، أن “مصر كانت ولا تزال داعمة لأفريقيا ودولها، وهي حريصة على علاقاتها الأفريقية خصوصاً إثيوبيا، التي تمتد علاقاتنا معها لتاريخ طويل، كما أنها تحرص على نهضة إثيوبيا وشعبها ونجاح مشروعها، ولكن كنا نتوقع منها تفهماً أكبر لأمننا المائي والقومي”.

وأضاف علام: “كان السبب الرئيسي لفشل المفاوضات هو أنه بعد التوصل لاتفاق مبدئي حول قواعد ملء السد وتشغيله، تراجعت إثيوبيا عن موقفها، وحاولت تغيير بعض هذه القواعد، والأدهى أنها طلبت أن تكون هذه القواعد إرشادية فقط وغير ملزمة، وهذا غير معقول على الإطلاق”.

وتابع علام أنه “من أسباب فشل المفاوضات السابقة أيضاً، مطلب إثيوبي غير مسبوق في أي حوض نهر دولي، إذ طلبت من مصر والسودان أن يتضمن اتفاق قواعد ملء السد وتشغيله، موافقة الدولتين غير المشروطة على مشروعاتها المستقبلية على النيل الأزرق”.

وشدد الوزير السابق على أن “هدف المفاوضات، كما جاء في إعلان المبادئ، هو التوصل لاتفاق حول قواعد ملء السد وتشغيله، بما يعظم إنتاج الكهرباء، مع عدم الإضرار الملموس بمصر والسودان، وتم الاتفاق على هذه المبادئ في محاضر رسمية خلال المفاوضات التي كانت ترعاها الولايات المتحدة”.

طرق أخرى لمصر بشأن سد النهضة

من جهته، اعتبر الأستاذ المساعد في جامعة “أفريقيا العالمية”، محمد خليفة، أن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي تعني “أن على مصر أن تبحث عن طرق أخرى للتعامل مع أزمة سد النهضة، غير التفاوض”، مشيراً إلى أن “إثيوبيا كانت تتعامل طوال الوقت مع مفاوضات سد النهضة بسياسة الأمر الواقع، والبداية يجب أن تكون بانسحاب مصر من إعلان المبادئ الذي وقّع في الخرطوم، واجتراح طريق جديد للتعامل مع إثيوبيا، يقوم على البحث عن نقاط ضعف أديس أبابا”.

من ناحيته، قال الباحث في شؤون القرن الأفريقي، هاشم علي، إن “مرحلة الخلاف حول الملء وتأثيره على دولتي المصب، خصوصاً تدفق المياه إلى مصر، انتهت بعد عملية الملء الرابع، وما تبعها من آثار”.

وأضاف أن تصريح أبي أحمد “يأتي موصولاً بقوله إن المعلومات التي تزعم أن ملء إثيوبيا لسد النهضة سيؤدي إلى انخفاض حجم مياه سد أسوان قد تم دحضها عملياً”، مشيراً إلى أن “أبي اعتبر أن عمليات الملء الأخيرة لسد النهضة أثبتت عدم وقوع ضرر لدول حوض النهر الأدنى”.

وأوضح علي أن “جملة تصريح رئيس الوزراء، حول أن فكرة تعزيز المصالح الخاصة فقط لن تفيدنا، وتأكيده استعداد إثيوبيا للتفاوض والحوار وبناء علاقات قائمة على مبدأ الأخذ والعطاء، تصب في أهمية أن تنتهج دول النيل جميعها مبادئ التعاون ونبذ المصالح الضيقة، إلى المصالح المشتركة”، مؤكداً أن “هذا لا يتأتى، إلا بعد تبني الشفافية في طرح التحفظات، وهو ما أشار له أبي أحمد في استعداد بلاده للاستماع إلى مطالب الشعب المصري الشقيق، وبذل الجهود للرد عليها بأقصى ما يمكن”.

وتابع علي: “يأتي مقابل ذلك قول رئيس الوزراء الإثيوبي أيضاً، حول ضرورة استعداد الجانب المصري أيضاً لتلبية مطالب إثيوبيا… هذه التصريحات في جملتها تشير إلى ضرورة التعاون في الاستفادة المشتركة من مياه النيل، والثابت كونياً أن المصادر الجغرافية سواء مياه أو غيرها، أمور مشتركة لا يمكن لجهة احتكارها مهما أوتيت من قوة، ومن ثم تصبح تنميتها والارتقاء بها والاستفادة المشتركة منها، دلالة على الوعي ومدعاة لاستتباب السلام والاستقرار والتنمية والرفاهية المشتركة”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here