أحمد سلطان: تشكيل قوة عربية يحتاج توافقًا سياسيًا شاملًا

6
أحمد سلطان: تشكيل قوة عربية يحتاج توافقًا سياسيًا شاملًا
أحمد سلطان: تشكيل قوة عربية يحتاج توافقًا سياسيًا شاملًا

أفريقيا برس – مصر. أكد أحمد سلطان، الباحث في الأمن الإقليمي والإرهاب، في حواره مع “أفريقيا برس” أنّ التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة العربية تفرض التفكير في ترتيبات أمن جماعي. وقال إن تشكيل قوة عربية موحدة ليس خطوة يسيرة، بل يتطلب توافقًا سياسيًا وعسكريًا شاملًا بين الدول العربية.

وأشار إلى أن الأرقام التي توردها بعض الصحف حول حجم القوات مجرد مبالغات وحرب معلوماتية. وأضاف أنّ المناورات المشتركة مثل “درع العرب 1” غير كافية لتأسيس عقيدة عسكرية موحدة. وشدد على أنّ غياب التنسيق السياسي يظل العقبة الكبرى أمام أي تحالف عربي فعلي.

كيف تقيّمون ما أوردته وول ستريت جورنال بشأن تغير التفكير الإقليمي نحو تشكيل قوة عربية مشتركة بقيادة مصر والسعودية؟

هذه الخطوة ليست بالخطوة اليسيرة؛ بل تتم بعد ترتيبات طويلة تتناسب مع طبيعة الظرف الحالي الذي يهدد الأمن القومي العربي ككل، والأمن القومي لكل دولة من دول الإقليم على حدة. وبالنسبة لما أوردته وول ستريت جورنال، فهذا الأمر لا يمكن الجزم به، ولكن الوضع الحالي يفرض على الدول العربية ضرورة التفكير في ترتيبات الأمن الجماعي. نحن نتحدث بشكل مباشر عما يوصف في الدراسات الأمنية الكلاسيكية بمعضلة الأمن؛ الظرف الحالي يخلق معضلة أمنية بالنسبة للدول العربية ككل، سواء مصر أو السعودية، وبالتالي في هذه الحالة تلجأ الدول إلى خطوتين أساسيتين: الخطوة الأولى زيادة التسلح، والخطوة الثانية التفكير في التحالفات العسكرية. وفي اللحظة الحالية، التفكير في قوى عربية أو خلق تحالف عسكري أمر مطروح وبقوة.

بحسب الصحيفة، هناك خلل أمني غير مسبوق في مصر والعراق ودول الخليج، فهل هذا الخلل هو الدافع الحقيقي وراء فكرة “الناتو العربي”؟

الخلل الأمني موجود، والفجوة الأمنية موجودة، والتهديد أيضًا موجود ومحيط بالدول العربية ككل. وكانت هناك استراتيجيات متعارضة في هذه الدول، مثل العراق على سبيل المثال والسعودية باعتبار أن العراق كانت جزءًا من محور المقاومة الإيراني، ومن ثم كانت الاستراتيجيات مختلفة؛ وبالتالي الآن هذه الدول تعيد النظر في الواقع، لأن التهديد ليس بعيدًا عن أي منها. ومن ثم لا بد من تنسيق على مستوى استخباري وأمني وعسكري، ولا بد من العمل للانطلاق إلى مرحلة تالية تقوم على أساس التركيز على حماية الأمن القومي في هذه الدول، والأمن القومي العربي ككل.

ذكرت الصحيفة أن القوة العربية قد تبدأ بـ20 ألف جندي، هل هناك خطة زمنية واضحة لتوسيع هذه القوة إلى 4 ملايين جندي كما ورد؟

أولًا، هذه الأرقام غير واقعية. نعم يمكن أن تبدأ بعشرين ألف جندي، وهو ليس رقمًا قليلًا؛ فهو يمثل مستوى فرقة عسكرية، وهذه تعتبر بداية متواضعة جدًا لأننا نتحدث عن مستوى ثلاث أو أربع فرق. فكرة أن تبدأ بعشرين ألف جندي لا أراها رقمًا كبيرًا ولا أراها رقمًا قليلًا؛ فهو يمثل مستوى فرقة عسكرية، وهو ليس أمرًا واقعيًا بالنسبة لما تذكره الصحيفة. فالعشرين ألف جندي قد يمثلون قوة عمل خاص ليس أكثر ولا أقل. وبالتالي يمكن أن نفترض أن الصحيفة تتحدث عن تخمينات أو بعض المعلومات غير الكاملة في اللحظة الحالية، ويمكن أن تكون وسيلة من وسائل الحرب المعلوماتية في ظل التهديدات الأمنية في المنطقة العربية.

كيف يمكن تحقيق التنسيق العسكري بين الدول العربية في ظل التباينات السياسية، خاصة أن الصحيفة أشارت إلى قيادة مركزية مصرية ونائب سعودي؟

طرحت فكرة أن يقود القوة طرف مصري ونائبه سعودي، وهذا أمر طبيعي، ويمكن الاتفاق على أكثر من صيغة، ويمكن أن يكون قائد القوة بالانتخاب أو بالتبادل بين الدول الأعضاء. لكن فكرة التباينات السياسية دائمًا معيقة للتنسيق العسكري، لأن هذه القوى لم تتشكل بعد، وبعض الدول كانت لديها استراتيجيات متعارضة. يقتضي الوصول إلى التنسيق العسكري تجاوز هذه الخلافات والتباينات السياسية، وقبل ذلك لا يمكن الحديث عن تنسيق عسكري؛ لأنه حتى إن تم فستفسده التباينات والاختلافات السياسية، وتبقى السياسة حاكمة على العسكرية.

ما مدى واقعية الأرقام التي أوردتها الصحيفة حول المعدات العسكرية: 9 آلاف طائرة، 900 سفينة، و51 ألف مدرعة؟

هذه ليست أرقامًا واقعية، فإذا نظرنا إلى حجم القوات الموجودة في الدول العربية، فهل هي 9 آلاف طائرة و900 سفينة و50 ألف مدرعة؟ هذه أرقام من درب الخيال، كما ذكرت سابقًا، وربما هي نوع من الحرب المعلوماتية.

ترى الصحيفة أن الناتج المحلي العربي البالغ 6 تريليونات دولار يمنح التحالف قوة اقتصادية، فهل هناك خطة لربط هذا التحالف بمنظومة اقتصادية موحدة؟

القوة الاقتصادية هي جزء من القوة الشاملة لأي دولة بالطبع، ولكن هذا الأمر لا يمكن الحديث عنه دون النزول إلى أرض الواقع. فهناك دول ناتجها المحلي الإجمالي صغير جدًا، وهناك دول لديها وفرة كبيرة بسبب النفط والموارد الاقتصادية.
وبالتالي، الحديث عن 6 تريليونات حديث عام لا يمكن البناء عليه. قد تتطوع بعض الدول بتمويل عمليات عسكرية أو تنسيق عسكري أو تمويل بعض القوات، ولكن لا يمكن القول إن الأمر يتم من خلال تخصيص كل الموارد المتاحة.

في ظل ما نشرته الصحيفة عن العدوان الإسرائيلي على قطر، هل يمكن اعتبار هذا الحدث نقطة تحول في تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك؟

الحدث يُعد نقطة تحول، ولكن ليس تجاه تفعيل قوى الدفاع العربي المشترك. فهذه الاتفاقية، كي يتم تفعيلها، تحتاج إلى إطار استراتيجي للبناء عليه، وهذا الإطار يقتضي توظيف قوات الدول الشاملة، بمعنى القوى السياسية والعسكرية والاقتصادية مجتمعة. وبدون هذا الإطار لا يمكن الحديث عن تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك.

كيف تنظرون إلى تصريحات اللواء سمير فرج التي أوردتها الصحيفة، حول تولي رئيس الأركان المصري قيادة التحالف؟ وهل هناك توافق عربي على ذلك؟

ما يقوله اللواء سمير فرج مجرد اقتراحات يطرحها بصفته عسكريًا سابقًا، وهذا الأمر لا يمكن الجزم به إلا حين تكون هناك خطوات فعلية لتشكيل القوى. فالحديث حول تولي رئيس الأركان المصري أو السعودي أو غيره لا يكون إلا بعد التوافق على تشكيل القوى، ومن ضمن هذا التوافق يتم الاتفاق على اختيار قائد هذه القوى الموحدة.

هل تعتقدون أن المناورات العسكرية مثل “درع العرب 1” التي أوردتها الصحيفة كافية لتأسيس عقيدة عسكرية موحدة بين الجيوش العربية؟

المناورات تُعتبر نوعًا من التدريبات المشتركة لرفع الكفاءات القتالية للدول، لكنها تتم في إطار مدة محددة وتنسيق محدد، لأنها تجري بين وحدات عسكرية وليست على كامل الجيوش. لذلك، فهي ليست كافية على الإطلاق.

الواقع يثبت أن الدول العربية ستحتاج إلى قوى خارجية من أجل الحفاظ على قوتها العسكرية وتنميتها، لأن الصناعات الدفاعية في هذه الدول تُعد محدودة مقارنة بالتطور العالمي. ولا يمكن القول إن هذه الدول قادرة على وقف الاعتماد تمامًا على القوى الخارجية، كما لا يمكن لأي دولة أن تعيش منعزلة أو منفصلة عن الواقع، بل لا يمكن أن تتطور أي قوة عسكرية بشكل مستقل دون الاعتماد على الدول الأخرى لأسباب عديدة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here