أضحى سيناء… ركود في الأسواق وأغنام “داعش” تُباع للمواطنين

5
أضحى سيناء... ركود في الأسواق وأغنام
أضحى سيناء... ركود في الأسواق وأغنام "داعش" تُباع للمواطنين

أفريقيا برس – مصر. قبل أيام قليلة من عيد الأضحى، يُلاحظ في محافظة شمال سيناء اشتمال سوق الأضاحي على أغنام كانت يوماً ما ملكاً لتنظيم ولاية سيناء قبل سيطرة القوات المصرية والقبائل على المناطق التي كانت خاضعة لذلك التنظيم.

استولت المجموعات القبلية المساندة للجيش المصري في حربه على تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم داعش على مقتنيات التنظيم في المناطق التي طُرد منها، في القرى المحيطة بمدن رفح والشيخ زويد وبئر العبد بمحافظة شمال سيناء، شرقي البلاد. وتشمل تلك المقتنيات أسلحة وسيارات ودراجات نارية ومواد إعاشة بالإضافة إلى مواش، بما في ذلك أغنام وإبل وغيرها. لكنّ اللافت في الأمر هو عرض بعض تلك الأغنام من قبل أفراد المجموعات القبلية في أسواق بيع الأضاحي في المحافظة، وللمواطنين فردياً في خارج الأسواق، خصوصاً في مدينتَي رفح والشيخ زويد.

يقول مصدر قبلي لـ”العربي الجديد”، إنّ “المجموعات القبلية اغتنمت مواد كثيرة كانت ملكاً لتنظيم ولاية سيناء الإرهابي، وشملت الغنائم عدداً كبيراً من المواشي كان التنظيم يربّيها كمصدر لغذائه، لا سيّما في المواسم. فالتنظيم اعتاد نشر صور الطعام في عيدَي الأضحى والفطر، إذ تُذبَح الأضاحي من الأغنام وتُطهى أو تُشوى من قبل أفراد التنظيم”. ويذكر أنّ “الجيش تمكّن بمعاونة المجموعات القبلية من انتزاع السيطرة على مناطق واسعة من التنظيم الإرهابي منذ أكثر من ستّ سنوات على التوالي”.

ويشير المصدر نفسه إلى أنّ “عدد المواشي التي وُضعت اليد عليها في المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش يُقدَّر بالعشرات، وذلك من قرى نجع شيبانة والمهدية والعجراء والمقاطعة واللفيتات والمطلة والذيبة، بعدما انسحب التنظيم منها في إطار تضييق الخناق عليه من قبل قوات الجيش والمجموعات القبلية، واضطراره إلى ترك كلّ شيء وراءه”. وكان التنظيم، بحسب ما يشرح المصدر، قد انسحب “في المرحلة الأولى من جنوبي رفح والشيخ زويد في اتجاه غربي رفح، وفي المرحلة الثانية إلى شمالها حيث مناطق الساحل، ومنها إلى المنطقة العازلة التي يُحظر على المجموعات القبلية دخولها حتى الآن”.

وكانت أجهزة الاستخبارات المصرية قد خطّطت لبدء عملية عسكرية واسعة النطاق ضدّ تنظيم ولاية سيناء، بدءاً من الحدود الفاصلة ما بين سيناء والأراضي التي يسيطر عليها الاحتلال ال”إسرائيل”ي في اتّجاه الغرب حيث قرى جنوبي رفح والشيخ زويد، ثمّ إلى المناطق الفاصلة ما بين رفح والشيخ زويد امتداداً على الشريط الساحلي للبحر الأبيض المتوسط، لتبقى منطقة ساحل رفح والمنطقة العازلة كمرحلة أخيرة في تضييق الخناق على التنظيم، في حين خسر الجيش والمجموعات القبلية عشرات من عناصرهما في خلال الفترة الماضية، في إطار ملاحقة التنظيم. وقد فقد الأخير أيضاً عشرات من عناصره وجزءاً من عتاده في المناطق التي كان يسيطر عليها منذ عام 2015.

وفي سياق متصل، يفيد أحد تجار المواشي في مدينة الشيخ زويد “العربي الجديد”، بأنّ “أفراداً من المجموعات القبلية العاملة تحت إطار اتحاد قبائل سيناء عرضت عليّ شراء أغنام من تلك التي اغتُنمت من المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم الإرهابي طيلة الفترة الماضية”. يضيف التاجر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته: “اشتريت جزءاً منها على أن تُباع للمواطنين المصريين سكان مدن محافظة شمال سيناء، في الأسواق التي تشهد ركوداً غير مسبوق بسبب الظروف الاقتصادية السيئة التي تعيشها المحافظة منذ عام 2013 والتي ازدادت تدهوراً في ظلّ الوضع الاقتصادي العام في مصر. وقد أتى ذلك بعدما كانت أسواق المواشي في محافظة شمال سيناء تزدهر دوناً عن بقيّة المحافظات المصرية، في ظلّ حرص كل مواطن ربّ أسرة فيها على شراء أضحية”.

ويوضح التاجر نفسه أنّ “الأغنام بأنواعها المختلفة التي بيعت لي ولغيري من التجار، كانت أسعارها أقلّ من السوق بكثير، فيما كان استلام جزء منها في قرية البرث التي تُعَد معقل اتحاد قبائل سيناء في جنوب رفح، على الرغم من أنّ المسؤولين الميدانيين عن المجموعات القبلية أعلنوا أنّ الأغنام (خصوصاً) والمواشي (عموماً) التي تؤخذ من داعش، سوف تُوزَّع على الفقراء والمحتاجين من أبناء مدينتَي رفح والشيخ زويد. لكنّ ذلك لم يحدث حتى اللحظة، على الرغم من اقتراب العيد الذي يوافق يوم السبت المقبل، فيما يعزف كثيرون عن الأضحية، في ظلّ انعدام وصول الكهرباء إلى قرى عديدة في جنوب رفح والشيخ زويد، وعدم توفّر أدوات إعاشة كالثلاجات وغيرها. وكلّ ذلك في حين يناشد الأهالي بضرورة السماح لهم بإعمار منازلهم وجلب الأثاث إليها من المدن التي كانوا قد نزحوا إليها في خلال سنوات الحرب مع داعش”.

من جهتها، قرّرت مديرية أوقاف شمال سيناء عدم إقامة صلاة عيد الأضحى في الساحات مثلما اعتاد أهالي سيناء طيلة عقود، في حين سمحت المديرية بفتح المساجد الكبرى التي تُقام فيها صلاة الجمعة، إذ أعلنت أوقاف شمال سيناء في بيان عن تخصيص 600 مسجد على مستوى المحافظة للصلاة مع اتّخاذ كلّ الإجراءات الاحترازية والتزام المديرية بالضوابط المحددة التي وضعتها وزارة الأوقاف. كما قرّرت فتح المساجد قبل الصلاة بنصف ساعة كحدّ أقصى وإغلاقها بعد 10 دقائق من انتهاء الصلاة، على أن تكون خطبة العيد فى حدود 10 دقائق، كما خطب يوم الجمعة، مع الالتزام بخطبة موحّدة نصاً أو مضموناً، إلى جانب السماح بفتح مصليات النساء فى المساجد التي تُفتح فيها لصلاة الجمعة.

ويطمح مئات المصريين من سكان قرى رفح والشيخ زويد وبئر العبد ووسط سيناء بالصلاة في قراهم ومساجدهم التي ما زالوا محرومين منها لأسباب عدّة، إمّا نتيجة استمرار سيطرة تنظيم داعش على بعض مناطقها، وإمّا لأنّ البعض الآخر يقع في مناطق عسكرية مغلقة يُحظر الدخول إليها، كمدينة رفح بكاملها أو مناطق أخرى هدم الجيش المصري مساجدها، كما هي حال غالبية مساجد رفح والشيخ زويد وقراهما. وهو أمر من شأنه أن ينزع فرحة الابتهاج بقدوم العيد واستقباله كما اعتاد السكان قبل عام 2013، وبدء الحرب بين تنظيم داعش وقوات الجيش المصري التي ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here