أكرم عبد الرحيم: لا اتفاق حقيقي دون وقف دائم للحرب في غزة

8
أكرم عبد الرحيم: لا اتفاق حقيقي دون وقف دائم للحرب في غزة
أكرم عبد الرحيم: لا اتفاق حقيقي دون وقف دائم للحرب في غزة

سحر جمال

أفريقيا برس – مصر. أكد الكاتب والمحلل السياسي أكرم عبد الرحيم أن المقترح الإسرائيلي الذي نُقل إلى حماس عبر القاهرة، يركز على إطلاق سراح الأسرى ونزع سلاح الحركة، وهو ما ترفضه حماس رفضًا قاطعًا.

وقال في حوار مع “أفريقيا برس”، إن إسرائيل لا تسعى إلى وقف دائم لإطلاق النار، بل إلى هدنة مؤقتة تخدم أهدافها العسكرية، بينما تصر حماس على اتفاق شامل يتضمن إنهاء العدوان.

وأضاف أن الوساطة المصرية والقطرية تصطدم بتعنّت تل أبيب، مشددًا على أن ملف تبادل الأسرى بات مرتبطًا برؤية الكيان الإسرائيلي لمستقبل غزة وخلوّها من المقاومة، في ظل غياب أي إجماع فلسطيني على شكل الحكم ما بعد الحرب.

وسلمت القاهرة حركة حماس مقترحا إسرائيليا ينص على وقف مؤقت لإطلاق النار في قطاع غزة، وبدء مفاوضات تقود إلى وقف دائم لإطلاق النار. جاء ذلك وفق ما نقلته قناة “القاهرة الإخبارية” المصرية الخاصة، دون أن توضح مصادرها.

ما مضمون المقترح الإسرائيلي الذي سلمته القاهرة لحركة حماس؟ وهل يتضمن ضمانات دولية؟

يقضي المقترح الذي تسلمته مصر من الكيان الإسرائيلي، والذي نُقل إلى حركة حماس في إطار السعي لاستئناف وقف إطلاق النار، بأن العامل الأساسي هو إطلاق سراح كافة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس. أما البند الثاني فيتعلق بردع وتسليم أسلحة حركة حماس، وهو ما ترفضه الحركة رفضًا قاطعًا.

وتسعى الوساطة المصرية–القطرية إلى إدخال تعديلات على المقترح بهدف إيجاد صيغة وسط، لكن مسألة الضمانات ما زالت موضع خلاف، حيث تطلب إسرائيل ضمانات تعتبرها حماس غير واقعية. فتل أبيب لا ترغب بوقف دائم لإطلاق النار، بل في هدنة مؤقتة، وهو ما لا يُرضي الطرف الفلسطيني. ومع وجود حكومة إسرائيلية متطرفة، لا توجد ضمانات حقيقية للطرفين، خاصة في ظل غياب الثقة، ورفض إسرائيل الالتزام بتعهدات ملزمة.

كيف تقيّم حركة حماس عرض الهدنة المؤقتة؟ وهل تراه خطوة حقيقية نحو وقف دائم لإطلاق النار؟

تُقيّم حركة حماس عرض الهدنة المؤقتة بنفس الطريقة التي تعاملت بها مع العروض السابقة؛ فهي ترفض أي هدنة مؤقتة وتطالب بوقف دائم وشامل للحرب. في المقابل، ترفض إسرائيل هذا المطلب بشكل قاطع، وتُصر على استمرار العمليات العسكرية، وتمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، ما يعقّد جهود الوساطة التي تبذلها مصر وقطر.

وتزيد إسرائيل من تعقيد المشهد عبر وضع شروط غير مقبولة، أبرزها نزع سلاح المقاومة، وهو مطلب ترفضه حماس تمامًا وتعتبره مساسًا بجوهر القضية الفلسطينية. ورغم هذه العقبات، لا تزال الأطراف تواصل المفاوضات في محاولة للوصول إلى حل وسط يرضي الجميع، لكن دون تحقيق تقدم حقيقي حتى الآن.

ما موقف إسرائيل من وقف شامل للحرب؟ وهل توجد نية سياسية لدى الحكومة الإسرائيلية لإنهاء العدوان؟

موقف إسرائيل من وقف شامل للحرب واضح، إذ لا توجد لديها أي نية حقيقية أو سياسية لإنهاء العدوان، خصوصًا في ظل وجود حكومة متطرفة يهيمن عليها صقور السياسة الإسرائيلية. هذه الحكومة لا تسعى إلى وقف دائم لإطلاق النار، بل تركّز فقط على إيجاد صيغة تؤمّن إطلاق سراح جميع الأسرى دون قيد أو شرط.

إضافة إلى ذلك، يتضمّن موقفها مقترحات جديدة مرفوضة من الجانب الفلسطيني، أبرزها نزع سلاح حركة حماس، والتخطيط لمرحلة ما بعد الحرب بشكل يُقصي حماس تمامًا من أي وجود في قطاع غزة. لذلك، لا يمكن اعتبار إسرائيل طرفًا جادًا في التفاوض نحو إنهاء دائم للعدوان في الظروف الحالية.

إلى أي مدى يمكن لمصر وقطر التأثير في إنجاح الاتفاق الجديد؟

تبذل مصر وقطر جهودًا كبيرة في سبيل الوصول إلى اتفاق يُنهي الحرب بشكل دائم، إلا أن التطورات المتسارعة واستئناف إسرائيل عملياتها العسكرية في قطاع غزة عقدت المشهد بشكل كبير. ورغم استمرار المباحثات في القاهرة والدوحة، فإن الموقف الإسرائيلي والأمريكي يتركز أساسًا على إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين والأمريكيين، دون إبداء اهتمام جدي بإدخال المساعدات الإنسانية أو تخفيف المعاناة عن السكان المدنيين.

وتزداد الأمور تعقيدًا بالمطالب الإسرائيلية غير القابلة للتطبيق، مثل نزع سلاح حركة حماس، والتفكير في مستقبل غزة دون وجود الحركة، مع ضمان بقاء القوات الإسرائيلية داخل القطاع لأطول فترة ممكنة، بحجة تأمين أمن إسرائيل. هذه الشروط تجعل من مهمة الوسطاء صعبة للغاية، وتُضعف فرص التوصل إلى اتفاق يلبّي الحد الأدنى من مطالب الطرف الفلسطيني.

هل توافق حماس على تولي شخصية تكنوقراطية غير منتمية لها إدارة الشأن المدني في غزة بعد الحرب؟

جوهر الخلاف في المفاوضات الحالية لا يتعلق فقط بترتيبات ما بعد الحرب، بل يتمحور حول تعنّت الحكومة الإسرائيلية وسعيها لفرض شروط تُعرقل أي اتفاق. من بين هذه الشروط: نزع أسلحة حركة حماس، وإطلاق سراح جميع المختطفين دون قيد أو شرط، إضافة إلى الإصرار على بقاء القوات الإسرائيلية داخل قطاع غزة لفترة غير محددة، ما يُبقي الحرب قائمة فعليًا.

في ظل هذا المشهد، يصعب الحديث عن إمكانية قبول حماس أو رفضها لتولي شخصية تكنوقراطية إدارة الشأن المدني، لأن المطالب الإسرائيلية تُبقي الأوضاع في حالة صدام دائم وتُجهض أي محاولة فعلية للوصول إلى تسوية عادلة أو مرحلة انتقالية متفق عليها.

ما هي العقبات الرئيسية التي تعترض مفاوضات تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس؟

الحديث عن مفاوضات تبادل الأسرى لا يمكن فصله عن السياق السياسي والعسكري الأوسع المتعلق بمستقبل قطاع غزة. فإسرائيل لا تنظر إلى ملف الأسرى بمعزل عن رؤيتها لمستقبل المنطقة، إذ إن هدفها الأساسي هو ضمان عدم وجود فصيل حماس في غزة، وتأمين حدودها بشكل كامل.

وتسعى إسرائيل إلى فرض ترتيبات أمنية صارمة، تشمل إقامة مناطق عازلة داخل القطاع، كما تفعل على حدودها مع سوريا ولبنان، وذلك لتقليل فرص أي هجمات مستقبلية. هذه الشروط الأمنية والسياسية الصارمة تُعدّ من أبرز العقبات أمام التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى، إذ تربط إسرائيل هذا الملف بمطالب مرفوضة فلسطينيًا، وتُقابلها حماس بموقف رافض لأي مساس بوجودها أو سلاحها أو حقها في المقاومة.

كيف ترد حركة حماس على التهديدات الإسرائيلية بتصعيد الهجوم على غزة في حال رفض الصفقة؟

في ظل غياب إجماع فلسطيني على شكل الحكم في غزة خلال المرحلة المقبلة، يبقى المطلب الأساسي لدى الشارع الفلسطيني هو وقف الحرب بشكل دائم، بعيدًا عن أي حسابات سياسية معقدة. ما يريده الناس اليوم هو إدخال المساعدات الإنسانية، وبدء عملية إعادة الإعمار لما دمرته الحرب، رغم إدراكهم أن ذلك سيستغرق سنوات طويلة ويحتاج إلى موارد مالية ضخمة.

وعليه، فإن حركة حماس ترد عمليًا على التهديدات الإسرائيلية برفضها لأي صفقة لا تتضمن وقفًا شاملًا للحرب، وتؤكد أن أولوياتها تنسجم مع تطلعات الشارع الفلسطيني الذي يطالب بإنهاء العدوان، وليس القبول بمناورات سياسية تُبقي المعاناة قائمة وتُؤجل الحلول الحقيقية. وبعد وقف الحرب، فقط، سيكون ممكنًا الحديث عن مستقبل إدارة القطاع بشكل يضمن الكرامة والسيادة للشعب الفلسطيني.

ما طبيعة الدور الذي يمكن أن تلعبه “لجنة الإسناد المجتمعي” في إدارة غزة مستقبلاً؟ وهل تحظى بإجماع حقيقي؟

أي لجنة أو هيئة، بما في ذلك “لجنة الإسناد المجتمعي”، ستواجه صعوبة كبيرة في أداء أي دور فعّال في إدارة قطاع غزة، في ظل تعنّت الحكومة الإسرائيلية ورفضها التوصل إلى هدنة دائمة أو حل سياسي شامل. سياسة القتل والتجويع والتهجير التي تمارسها إسرائيل تقوّض أي جهد محلي أو دولي لإعادة الاستقرار إلى القطاع.

وفي ظل هذا الواقع، فإن أي مبادرة مجتمعية ستفشل فشلًا ذريعًا إذا لم يُرفع العدوان وتُزال القيود الإسرائيلية المفروضة على غزة. ومن غير المرجّح أن تحظى هذه اللجنة أو غيرها بإجماع حقيقي ما دامت الأوضاع الميدانية على حالها، خاصة وأن إسرائيل، على الأرجح، ستواصل الدفع نحو هدنة مؤقتة فقط، تُستخدم كورقة ضغط إضافية على الجانب الفلسطيني.

هل هناك إجماع فلسطيني حول شكل الحكم بعد الحرب، أم أن الخلافات بين الفصائل ما زالت قائمة؟

لا يوجد حتى الآن إجماع فلسطيني حول شكل الحكم في قطاع غزة بعد الحرب، ولا تزال الخلافات بين الفصائل قائمة. حركة حماس لا تركز في الوقت الراهن على شخصية أو جهة بعينها لإدارة غزة مستقبلاً، بل تُركّز بشكل أساسي على وقف الحرب وعمليات القتل والتجويع المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.

أما مسألة إدارة القطاع بعد الحرب، فهي قضية مؤجلة إلى ما بعد وقف العدوان، وستُطرح في سياق أوسع يُحدّده القرار الفلسطيني الجمعي، سواء من خلال توافق بين الفصائل أو عبر رؤية تُعبّر عن إرادة الشارع الفلسطيني والقيادات الوطنية في مرحلة ما بعد الحرب.

كيف تنظر القاهرة إلى استمرار إسرائيل في عملياتها العسكرية رغم الوساطات؟ وهل يشكل ذلك تهديدًا للأمن القومي المصري؟

القاهرة تتابع بقلق استمرار إسرائيل في عملياتها العسكرية رغم جهود الوساطة التي تبذلها، وتدرك أن إصرار إسرائيل على التصعيد يهدف إلى الضغط على حركة حماس من خلال سياسة التجويع والقتل الجماعي، لدفعها إلى القبول بصفقة تتعلق بوقف مؤقت لإطلاق النار مقابل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين.

ورغم أن الجانب الفلسطيني يرى في الهدنة المؤقتة وسيلة لإدخال المساعدات الإنسانية وعلاج الجرحى وإنقاذ ما تبقى من الأحياء، فإن استمرار إسرائيل في تجاهل هذه الوساطات ورفضها لأي تهدئة دائمة يُفاقم الأوضاع ويُهدد بانفجار أمني في المنطقة، وهو ما تعتبره مصر مساسًا مباشرًا باستقرارها وأمنها القومي، خاصة في ظل التوتر على حدودها الشرقية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here