الأردن ومصر.. ثقل تاريخي في فلسطين يحاول الصمود

4
الأردن ومصر.. ثقل تاريخي في فلسطين يحاول الصمود
الأردن ومصر.. ثقل تاريخي في فلسطين يحاول الصمود

أفريقيا برس – مصر. منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، اجتمع ملك الأردن عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خمس مرات، ما يشير وفق مراقبين إلى أنهما يخشيان تهميش أدوار بلديهما التاريخية القائمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عقود.

مخاوف عمّان والقاهرة تزداد بشكل واضح، لا سيما مع صعود الدور الخليجي، في ظل تقارير إعلامية أمريكية متزايدة عن أن الولايات المتحدة تحاول أن تحيل ملف القضية الفلسطينية إلى السعودية، والتوصل إلى تسوية للقضية يكون أساسها تطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل.

فيما تسعى واشنطن إلى تبديد قلق الأردن ومصر، المرتبطتين بمعاهدتي سلام مع إسرائيل منذ عامي 1994 و1979 على الترتيب، بالإشارة إليهما في مباحثات عدة بشأن “اليوم التالي” للحرب ومستقبل قطاع غزة، حيث يعيش نحو 2.3 مليون فلسطيني.

ضغوط وتنازلات

قال رضوان المجالي، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة مؤتة الأردنية (حكومية)، قال: “هناك رغبة وتوجه أمريكي ـ إسرائيلي واضح للضغط على الأردن ومصر للحصول على تنازلات بشأن مسار تسوية الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وبما يهدف إلى تسوية القضية بشكل كامل”.

وتابع: “عمّان والقاهرة طرفان رئيسيان في القضية الفلسطينية، ويتمسكان بأدوارهما التاريخية، خاصة رفضهما القاطع لمسألة التهجير والتدخل الدولي في إدارة غزة (بعد الحرب)”.

المجالي شدد على أن “الرؤية الصهيوأمريكية تسعى لاستبدال الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية في أدوار الإدارة المستقبلية بأطراف خليجية”.

وأوضح أن “واشنطن وتل أبيب تريدان الضغط على عمّان والقاهرة لتحقيق مكاسب سياسية، يعد التطبيع (الإسرائيلي) مع السعودية أهمها، بقصد إضعاف الأطراف الرئيسية في الصراع مع إسرائيل”.

ومشيرا إلى هجوم حركة “حماس” على إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، قال المجالي إن هجوم “طوفان الأقصى غيّر كثير من المعادلات في المنطقة العربية، من حيث رؤية وانطباع الرأي العام تجاه القضية الفلسطينية، وشكّل ورقة ضغط على الحكومات والأنظمة العربية بضرورة الانفتاح عليها بشكل أكبر، وأعاد محور المقاومة إلى الواجهة بعد أن تم ربطها في فترة من الفترات بالإرهاب”.

واستطرد: “كما أن عملية طوفان الأقصى أضعفت مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي، لا سيما مع الانتهاكات اليومية التي نراها داخل قطاع غزة، وعرّت كثيرا من الأنظمة السياسية في المنطقة العربية، وبالتالي كان لها الأثر الواضح في استثارة الرأي العام الإقليمي والعالمي تجاه حقيقة الاحتلال وممارساته، وزيادة التعاطي مع القضية الفلسطينية”.

مستقبل ضبابي

الأكاديمي الأردني رأى أن “الهدف الأساسي لتل أبيب وواشنطن هو التخلص من المقاومة نهائيا وإدارة غزة مستقبلا، وهو ما كان مدار بحث في ماهية الأطراف التي ستقوم بذلك، بعيدا عن الأطراف التقليدية والأصيلة والمتأثرة بشكل مباشر، وهي الأردن ومصر”.

ووصف مستقبل أدوار الأردن ومصر في فلسطين بـ”الضبابي”، معتبرا أنها “مرتبطة بالتغيرات وما ستؤول إليه حرب غزة ومواجهات الضفة الغربية”.

كما ربطها بالتطورات السياسية داخل إسرائيل، في ظل تغيرات محتملة بعد انتهاء الحرب مع بقاء حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أو ذهابها؛ لأن “الرؤية المتشددة لليمين الإسرائيلي تهدف إلى استبعاد البلدين”.

“نتائج الانتخابات (الرئاسية) الأمريكية المقبلة (في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل) ستكون هي أيضا محددا لشكل الدور الذي سيكون للأردن ومصر، فضلا عما ستنتهي إليه التطورات الإقليمية وتداعيات الأزمة في البحر الأحمر وغيرها”، بحسب المجالي.

وأكد أن الأردن “يعد القضية الفلسطينية ثابتا من ثوابت سياستها الخارجية، كما هو الحال لمصر، واستبعادهما يعني إضعافها وتصفيتها، لذلك يؤكدان رفض تهميشهما”.

أما عن كيفية المحافظة على أدوارهما، فقال المجالي إن “التعاون الأردني المصري الفلسطيني عامل مهم جدا يقدم رسالة حقيقية للولايات المتحدة وإسرائيل بأنه لا يمكن التنازل عن ثابتهما في حل الصراع، وأن استثناء أدوارهما يعني تأجيجه، وواشنطن تتعاطى مع ذلك لأنها تدرك أهمية البلدين، بخلاف تل أبيب التي تسعى إلى إقصائهما”.

ومنذ اندلاع الحرب، رفع الأردن ومصر مستوى التنسيق الثنائي بينهما، وأعلنا مواقف موحدة تجاه الأوضاع في فلسطين، وخاصة مسألة التهجير، إذ اعتبرتها القاهرة “خطا أحمر”، وقالت عمّان إنها ستكون بمثابة “إعلان حرب”.

دول مواجهة

ومن مصر، وصف الكاتب المتخصص في العلاقات الدولية نبيل نجم الدين بلاده والأردن بأنهما “دولتا مواجهة دفعتا ثمنا باهظا من الناتج القومي والتنمية ومن حقوق مواطنيهما في سبيل القضية الفلسطينية”.

وتابع: “الأردن استضاف مئات الآلاف من الفلسطينيين، ودفع ثمنا كبيرا جراء (ممارسات) إسرائيل، هذه الدولة المجرمة المارقة”.

وشدد على أن “العلاقات الأردنية المصرية وطيدة تعود لأكثر من 75 عاما، والتنسيق بين القاهرة وعمّان هو أصل الأشياء، لا سيما فيما يخص القضية الفلسطينية”.

نجم الدين أردف أن “الموقف متطابقة (تجاه ما يجري في غزة)، فهما يرفضان التهجير وإقامة مناطق معزولة، ويصران على أن الشعب الفلسطيني محتل”.

وأكد أن “إيمان عمّان والقاهرة بحق المقاومة للشعب الفلسطيني هو أمر أساسي، وهناك أصوات دولية تحاول استغلال الخراب والدمار الذي ارتكبه رئيس الوزراء الإسرائيلي المتطرف بحق الملايين في غزة، ويتكلمون عن (إقامة) دولة (فلسطينية) منزوعة السلاح، بينما الحل أعلنته القاهرة وعمّان، وهو حل الدولتين”.

حق المقاومة

وعن الموقف الأمريكي، أكد الكاتب المصري أن “الرئيس (الأمريكي جو بايدن) خذل كل قيم الحرية والديمقراطية التي قامت عليها الولايات المتحدة، ونحن لسنا في أمر شخصي أو عاطفي، نحن في أمر حقوقي”.

وتابع: “كما تشدّق هو وغيره بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، علينا أن نتمسك نحن العرب بحق الفلسطينيين بالمقاومة، فلا يمكن أن يتشدق بحق دولة محتلة لا تنصاع للقوانين الدولية (إسرائيل) ويتجاهل حق الشعب الفلسطيني بالمقاومة والاستقلال”.

وزاد: “لا أعول على هذا الرئيس (…) وأعتقد أنه خسر كثيرا داخل الحزب (الديمقراطي) والشارع الأمريكي؛ لأن ما قام به يتعارض مع كل قيم الدولة الأمريكية (..) الرسالة يجب أن تكون واضحة من كل الدول العربية والإسلامية؛ لأن المسجد الأقصى أحد مقدسات العالم الإسلامي”.

نجم الدين توقع أن “المتطرف نتنياهو سيدفع ثمنا باهظا على جرائمه بحق الإنسانية في غزة، وسيُعزل قريبا ويحال للمحاكمة (يُحاكم بالفعل بتهم فساد)”.

وبسؤاله عما إذا كانت توجد دول عربية تحاول تجاوز دور مصر والأردن، أجاب: “دون أن نسمي، منذ عام 1979 عندما قام الرئيس (المصري الراحل) أنور السادات بمبادرة كامب ديفيد واتفاقية السلام (مع إسرائيل)، حاولت عواصم عربية أن تسحب الزعامة من مصر، ولكن مع الأسف دفعوا ثمنا باهظا كلف شعوبهم الكثير”.

واستطرد: “الإمبريالية العالمية تحاول أن تقنع بعض العواصم العربية بأنها يمكن أن تسحب بساط الزعامة من القاهرة وعمّان (بشأن أدوارهما تجاه القضية الفلسطينية)، لكن كما قلت الأردن ومصر دولتا مواجهة دفعتا من قوت مواطنيهما على مدى أكثر من 75 عاماً”.

وختم نجم الدين بالقول: “أشفق على أي دولة وأي زعامة تتوقع أو تعتقد أو تتخيل أن الأمر سهل (…) وعليهم أن يتنبهوا لمؤامرات الإمبريالية والصهيونية العالمية التي تحاول أن تحدث شقاقا عربيا”.

علاقات معقدة

قال الخبير السعودي في علاقات بلاده مع الولايات المتحدة، أحمد آل إبراهيم إن “النظرة الأمريكية للدور السعودي المحتمل في وقف الحرب على قطاع غزة تتباين بين المشجعين والمشككين”.

وأوضح: “هناك من يرون أن السعودية، كونها إحدى الدول العربية الرئيسية ولديها تأثير كبير في المنطقة، يمكن أن تلعب دورا هاما في تهدئة التوترات ووقف الحرب”.

وتابع: “ويعتقد هؤلاء أن السعودية، بوصفها حليفا مهما للولايات المتحدة، يمكن أن تستخدم علاقتها الوثيقة مع واشنطن للضغط على الأطراف المعنية وتحفيزها في التوصل إلى تسوية سلمية”.

و”مع ذلك، هناك من يشكك في القدرة الفعلية للسعودية على وقف الحرب في غزة، ويشير المشككون إلى العلاقات المعقدة والمتشابكة في المنطقة، والتي تشمل الديناميات السياسية والعسكرية المعقدة، والمصالح المتناقضة بين الأطراف المختلفة”، كما أضاف آل أحمد.

وزاد بأنه “قد يعتبر البعض أن السعودية ليست قادرة على ممارسة ضغوط كافية على الأطراف المتحاربة في غزة أو تأثيرها محدود في هذا الصراع.. في النهاية، وقف الحرب في غزة مسألة معقدة تتطلب تعاونا دوليا وجهودا مشتركة من جميع الأطراف المعنية”.

ورأى آل إبراهيم أنه “قد يكون للسعودية دور مهم في تحقيق السلام، ولكن يجب أن يتم تنسيق الجهود الدولية والإقليمية لضمان نجاح أي محاولة لوقف الحرب وتحقيق الاستقرار في المنطقة”.

وفي مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية في 21 يناير/ كانون الثاني الجاري، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إن المملكة لن تطبع العلاقات مع إسرائيل “ما لم يكن هناك مسار لا رجعة فيه لإنشاء دولة فلسطينية.. ولن تنعم المنطقة باستقرار إلا من خلال حل القضية الفلسطينية”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here