إبراهيم الخازن
أفريقيا برس – مصر. بحضور لافت لرموز مصرية معارضة،انطلقت جلسات “الحوار الوطني المصري”، قبل أكثر من شهر، لتطوي صفحة مخاوف من مقاطعة كان يحث عليها معارضون للرئيس عبد الفتاح السيسي خارج البلاد.
ووفق تلك الشواهد، بدأت صفحة “توافق” بين المعارضة والنظام “تخطو للأمام”، وفق أكاديميين مصريين حدثا للأناضول، لتشكيل “نقاش جاد” يمكن أن يشكل “إجماعا وطنيا”، قبيل انتخابات رئاسية هامة العام المقبل وظروف اقتصادية عالمية صعبة تزيد من أهمية هذا التقارب.
ويدلل مراقبون على اهتمام السلطات بالحوار الوطني بخطوات غير مسبوقة اتخذتها على مدار عام من التحضير للحوار أبرزها الإفراج عن أكثر من 1400 من المعارضين، وتوافق على استمرار الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، وفق معلومات رسمية، رحبت المعارضة بها ولم تشكك فيها.
مشاركة غير مسبوقة وعام تحضيري نادر
وفي أبريل/ نيسان 2022 دعا السيسي إلى أول حوار وطني من نوعه منذ توليه الرئاسة عام 2014، وفي 5 يوليو/ تموز 2022، بدأ إعداد الحوار على مستوى مجلس أمناء يضم محسوبون على المعارضة،
وفي 2 مايو/أيار الماضي، أعلنت “الحركة المدنية الديمقراطية” الممثلة بشكل كبير للمعارضة، المشاركة بالحوار، متجاوزة دعوات داخلها ومن خارج مصر لمقاطعته.
وتضم الحركة رؤساء 12 حزبا (أغلبهم ليبراليون ويساريون)، و12 من الشخصيات العامة من أبزرهم المرشح الرئاسي السابق، حمدين صباحي، والوزير السابق القيادي العمالي كمال أبو عيطة، ورئيس حزب الدستور جميلة إسماعيل، ورئيس حزب الإصلاح والتنمية الليبرالي، محمد أنور السادات.
وجاءت الافتتاحية في 3 مايو/أيار الماضي آنذاك بعد نحو عام من الإعداد شهد 23 اجتماعا، والإفراج عن “قرابة 1400 شخص” في قضايا رأي، بحضور رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بحسب مصادر رسمية مصرية
وفي 21 مايو/أيار الماضي، أكد ضياء رشوان، المنسق العام للحوار الوطني المصري، إنه “سيتم رفع للرئاسة اتفاق القوى السياسية على إجراء انتخابات المحليات (التي تم حلها منذ 2011 عقب ثورة 25 يناير/كانون ثان 2011)، ليكون ثاني مطلب لمعارضين يرفع للرئيس المصري، بعد موافقته في 28 مارس/آذار الماضي، على مد الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات والذي سينتهي في 17 يناير 2024 بحسب تعديلات أقرت منذ سنوات.
ومنذ مشاركة “الحركة المدنية الديمقراطية” بالحوار، كثفت صفحتها بفيسبوك وفق رصد المصادر، من متابعة متواصلة لفعاليات الحوار الوطني، وإبراز مطالبها وملاحظاتها، بشأن المحاور الثلاثة والمتعلقة بدعم الحريات ومراجعة السياسيات الاقتصادية والاجتماعية.
بدوره، قال خالد داود، متحدث الحركة، والمقرر المساعد للجنة الأحزاب السياسية بالحوار الوطني، في تصريحات سابقة، إن “الحوار فرصة للتعبير عن آرائنا ومواقفنا، (..) وهذه من المرات النادرة التي نرى فيها هذا التنوع موجود في قاعة واحدة؛ لمناقشة القضايا المتعلقة بالأحزاب السياسية”.
وفي 29 أبريل/ نيسان الماضي، قال ضياء رشوان، منسق الحوار الوطني، في حوار متلفز، إنه “لا توجد خطوط حمراء بالحوار”، مؤكدا أن “قطعا هناك توافق مع المعارضة واختلاف”، واصفا هذا بالطبيعي.
مهمة أساسية ومعيار نجاح
في ضوء تلك التطورات، رأى الأكاديمي المصري، خيري عمر، المتخصص في العلوم السياسية، في حديث للأناضول، أن “المهمة الأساسية للحوار الوطني تجميع العلماء والخبراء على خلفية مهنية في المقام الأول ومنحها الفرصة الكافية للتفكير والابتكار بحيث لا يتحول التمثيل لحصص متقاسمة بين تيارات وأطراف”.
وأضاف: “وهذه مرحلة مهتمة بإنتاج الأفكار ورسم الملامح العامة للسياسات وليس باعتبار التمثيل عاملاً حاسماً في نجاح أو إخفاق برنامج الحوار”.
وأشار إلى أن “مشاركة شخصيات وازنة تمثل إضافة مهمة (كعمرو موسي أمين عام الجامعة العربية السابق والمفكر حسام بدراوي)، يمكنها تقديم خبرات وإرشادات في التعامل مع المشكلات”.
وشدد على أن “مرحلة الاستماع للآراء هي خطوة ضرورية قبل أن تتحول لسياسات وتشريعات”.
وتابع: “لذا المهمة ليست مرتبطة بمدى التوافق بين هذه الأطراف، بقدر ما تتوقف على تهيئة المناخ للنقاش والخروج من الاستقطاب، وإمكانية طرح أفكار وتصورات جديدة للتوافق يمكن على أساسها اختيار السياسيات المناسبة للتنمية وطرق المشاركة السياسية والجمهورية الجديدة المطروحة من الدولة”.
وأكد أنه “ليس من المصلحة الاستعجال في هذا الحوار، لأنه لم يحدث نقاشات منذ فترة، والأفضل أن نتجه جميعا لتوليد أفكار لحلول وليس للبحث عن المحاصصة”.
وبشأن تقديره لذهاب الأطراف المعارضة للحوار وتجاوزها دعوات المقاطعة، أضاف خيري عمر، أن “المشاركة بشكل عام إيجابية، لكن تحدثنا سابقا على الأوزان في الشارع المصري، والمعارضة جزء من السياق العام وليست كل المشهد والمهم هو النقاشات التي تبشر بخير”.
وشدد على أن “معيار النجاح هو تهيئة الأجواء لمقاربة تنعش الاقتصاد وتساعد على مناخ انتخابات تنافسية”.
حوار قد يقود إلى “إجماع وطني”
على مسافة قريبة، يري نبيل ميخائيل، الأكاديمي المصري المتخصص في العلوم السياسية المتواجد بالولايات المتحدة، في حديث للأناضول، أن حضور المعارضة وخطوات النظام عبر “الحوار الوطني”، “يمكن (أن يذهبا إلى ) إقامة إجماع وطني في مصر ما بين المعارضة والحكومة”.
ويوضح أن يمكن ذلك من خلال “إجراء تعريف للأولويات، ولو تم اتفاق حول الأوضاع الاقتصادية وتحديد جدول زمنى للتخلص من عدد من المشاكل الاقتصادية لكان هذه البداية لمشاركة فعالة للمعارضة في الحياة السياسية لمصر”.
ويتوقع أنه “ربما يتم تعيين عدد من رموز المعارضة سواء مستقلين أو من أحزاب أخرى في أي تعديل وزاري جديد”، غير مستعبد في ظل تطورات الحوار الوطني “احتمال حدوث تقدم في الحياة السياسية في مصر أمر وارد”.
تحفظ وتوضيحات
في المقابل، يرى مصطفى يوسف، مدير المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية (كندا) في حديث للأناضول أن المعارضة داخل مصر “ارتضت بهذا السقف (المحدد من السلطات للحريات) وأن تقدم اقتراحات ومطالب على استيحاء دون حوار حقيقي أو مساحة حقيقية للتعبير لتحسين التواجد لا غير”.
في المقابل، شكك خيري عمر في صحة التعليقات التي تمس “جدية” الحوار الوطني المصري بالفترة الحالية، مؤكدا أنه “حوار جاد وخطواته تحمل قدرا من المسؤولية ويتوقع أن تتضافر الجهود لتحقيق شيء لصالح الوطن والشعب وليس غير ذلك”.
وكان حسام بدراوي المفكر السياسي ومستشار الحوار الوطني، أكد في تصريحات بأكتوبر/ تشرين أول الماضي، إن “الحوار الوطني هو حوار سياسي من الدرجة الأولى له مضمون إنساني وتنموي، وليس ديكورا”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس