العفو الدولية: حملة عشوائية ومعيبة للتطعيم ضد كورونا في مصر

8
العفو الدولية: حملة عشوائية ومعيبة للتطعيم ضد كورونا في مصر
العفو الدولية: حملة عشوائية ومعيبة للتطعيم ضد كورونا في مصر

أفريقيا برسمصر. اتهمت منظمة العفو الدولية النظام المصري بـ”عدم إعطاء الأولوية في تطعيم الفئات المعرضة لخطر الإصابة بفيروس كورونا، فضلاً عن الفئات الأخرى المهمشة التي لا تزال تواجه عقبات تقوض حقها في الصحة”، مستنكرة “الأسلوب العشوائي الذي تتعاطى به السلطات في مصر مع حملة التطعيم ضد الفيروس، وتقاعسها عن وضع استراتيجية وطنية واضحة للتطعيم”.

وأوضحت المنظمة في بيان، أن “من بين الفئات المهمشة أهالي المناطق العشوائية، والمناطق الريفية النائية، بالإضافة إلى السجناء واللاجئين والمهاجرين”، داعية السلطات المصرية إلى إصلاح هذه العيوب المستمرة في منظومة التطعيم، والقضاء على جميع المعوقات العملية التي تجعل اللقاح في غير متناول الفئات الأشد عرضة لخطر الإصابة، وغيرهم من المعرضين للخطر بسبب هشاشة أوضاعهم”.

وقال مدير البحوث وكسب التأييد ببرنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، فليب لوثر: “لقد ابتُليت حملة التطعيم في مصر بغياب استراتيجية واضحة لدى السلطات، وافتقارها للشفافية، الأمر الذي أفضى إلى تأخيرات وتراكمات، إلى جانب الإخفاق في الوصول إلى أحوج الفئات للتطعيم، أو تبديد الشك والتردد لدى الجمهور من خلال حملات توعية موجهة”.

وأضاف: “نحن نحث الحكومة على إيلاء الأولوية للفئات التي تستحقها بالفعل، وعلى التحقق من أن خطة توزيع اللقاح شاملة، ومتاحة للجميع، ولا تنطوي على أي تمييز مجحف”.

ونظراً لغياب حملة وطنية لنشر المعلومات عن سبل الحصول على اللقاحات في مصر، والغياب شبه الكامل للوحات الإعلانات في الأماكن العامة، والإعلانات الإذاعية أو التلفزيونية؛ فإن الأشخاص الذين لا تكاد تتيسر لهم سبل الوصول إلى الإنترنت، يواجهون عقبات عملية في التسجيل لتلقي لقاح كورونا، لا سيما أن عملية التسجيل في المستشفيات تفتقر إلى إجراءات واضحة ومتسقة.

وتحدثت منظمة العفو الدولية إلى بعض العاملين في قطاع الصحة والصحافيين والباحثين المعنيين بحقوق الإنسان والنشطاء الحقوقيين الذين يعملون عن كثب مع الأفراد أو الفئات الأشد عرضة للخطر، علاوة على تحليل الكتابات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، التي يعبر الناس من خلالها عن تجاربهم الشخصية، أو تجارب أقاربهم، وتصريحات المسؤولين وبيانات المنظمات غير الحكومية، وتقارير وسائل الإعلام.

وتابع لوثر: “تقع على عاتق السلطات المصرية مسؤولية تنفيذ البرنامج الوطني للتطعيم، الذي من شأنه إنقاذ الأرواح على نحو عادل، بحيث يشمل جميع فئات السكان، خصوصاً أهالي المناطق الحضرية العشوائية، والمناطق الريفية النائية، والأشخاص المحتجزون في السجون والمعتقلات واللاجئون والمهاجرون”.

وأعلن عن حملة الحكومة للتطعيم ضد فيروس كورونا في 24 يناير/كانون الثاني 2021، وكان أسلوب توزيع اللقاح معيباً إلى أبعد الحدود؛ فقد بدأت عملية التسجيل على الإنترنت للحصول على اللقاح للطواقم الطبية، وفرق الرعاية الصحية، وكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة، في 28 فبراير/شباط، وتجاوز عدد من سجلوا خلال الأيام الأربعة الأولى 150 ألف شخص.

ولم تلبث السلطات أن توسعت في حملة التطعيم، ففتحت باب التسجيل أمام عامة الناس في 6 مارس/آذار، قبل الانتهاء من تطعيم الملايين من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة؛ وبالتوازي مع فتح التسجيل أمام عامة الجمهور، افتتحت الحكومة المزيد من مراكز التطعيم، ولكن الأفراد من الفئات ذات الأولوية الذين كانوا قد سجلوا من قبل عانوا من طول فترات الانتظار، ولم يتمكنوا من الحصول على مواعيد للتطعيم في المراكز التي افتتحت حديثاً، وفقاً للمنظمة.

وفي 24 يونيو/حزيران، قالت وزيرة الصحة المصرية، هالة زايد، إن أربعة ملايين شخص قد تلقوا الجرعة الأولى من اللقاح حتى ذلك التاريخ، ولكنها لم تبين فئات من تم تطعيمهم.

واعتبرت المنظمة أن رسائل الحكومة المتباينة بشأن حملة التطعيم، وغياب حملة للتوعية الجماهيرية حولها، قد أديا إلى استبعاد الفئات المهمشة اجتماعياً واقتصادياً، والفئات ذات الأوضاع القانونية غير النظامية.

ولم تُنظم مصر أية حملة توعية حكومية فعالة تستهدف ذوي المداخيل المنخفضة في المناطق الحضرية والريفية النائية، بما في ذلك الفئات الأشد تضرراً من وباء كورونا، ما ظهر في خلو مراكز التطعيم من أفراد الجمهور أو قلتهم؛ فعلى سبيل المثال، قال بعض الأطباء وأهالي المحافظات الفقيرة في صعيد مصر، والمناطق العشوائية في القاهرة الكبرى، وكذلك اللاجئين والمهاجرين للمنظمة إن “الكثيرين ليس لديهم علم بحملة التطعيم الحكومية”.

وشددت المنظمة على ضرورة نشر السلطات المصرية خططها لتخصيص اللقاحات، وإجراء مشاورات جدية مع مجموعات المجتمع المدني، ونقابة الأطباء، بهدف مراعاة معايير حقوق الإنسان، وضمان إيلاء الأولوية للفئات الأشد عرضة للخطر، والفئات المهمشة، ووضع ضمانات احترازية للحيلولة من دون أي تمييز أو استبعاد.

وتماشياً مع خريطة طريق وضعتها المجموعة الاستشارية الإستراتيجية للخبراء المعنيين بالتحصين لدى منظمة الصحة العالمية، بشأن وضع أولويات لاستخدامات اللقاحات لقلة الكميات المتوفرة منها؛ طالبت “العفو الدولية” السلطات المصرية بالوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وضمان تطعيم الفئات التي تعاني من التهميش المنهجي من حيث مدى تيسر الرعاية الصحية لها، ومن بينهم السجناء والمعتقلون واللاجئون وطالبو اللجوء والمهاجرون وسكان المناطق العشوائية من ذوي المداخيل المنخفضة وسكان المناطق الريفية النائية.

ورغم تدشين السلطات المصرية حملة لتطعيم السجناء ضد الفيروس في 17 مايو/أيار 2021، بتقديم اللقاح لخمسة آلاف من السجناء الأكبر سناً، أو السجناء المصابين بأمراض مزمنة؛ فإنها لم تنشر أي معلومات عن عملية التطعيم، وجدوله الزمني، ومعايير الأهلية. ورفع محامون، ومدافعون عن حقوق الإنسان، دعوى قضائية على وزارتي الداخلية والصحة، بسبب تقاعس الوزارتين عن تطعيم العديد من السجناء والمعتقلين في قضايا سياسية.

وعلمت “العفو الدولية” من ثمانية أشخاص لديهم معرفة مباشرة عن الأوضاع في تسعة سجون مصرية، ومن بينهم أقارب ومحامون، أن الكثيرين من المحتجزين في قضايا تحركها دوافع سياسية لم يتلقوا لقاح كورونا بعد.

وفي ظل ما وثقته المنظمة من نمط مطرد دأبت عليه السلطات المصرية، يتمثل في تعمد حرمان من تحسبهم من معارضيها من تلقي الرعاية الصحية؛ فإنها تحث السلطات المصرية على ضمان عدم استبعاد سجناء الرأي، وغيرهم من المعتقلين لأسباب سياسية، من الحصول على اللقاح، أو ممارسة أي تمييز ضدهم.

كما أعربت “العفو الدولية” عن قلقها بسبب نقص المنشآت الطبية الملائمة، والطواقم الطبية في مراكز الشرطة والسجون المركزية المخصصة للمحبوسين المحكوم عليهم بعقوبات قصيرة، أو بسبب تخلفهم عن سداد ديون.

وأكدت المنظمة أن الحصول على الرعاية الصحية هو حق من حقوق الإنسان، ويجب أن يسمح لجميع المعتقلين بتلقي لقاحات ضد فيروس كورونا.

وقال لوثر: “نحن نرحب بوعود السلطات بتطعيم السجناء، ولكن يجب عليها أن تقدم مزيداً من المعلومات عن عملية التطعيم، وجدولها الزمني، ومعايير الأهلية، للتحقق من أن جميع المعتقلين في مختلف ظروف الاحتجاز يتيسر لهم تلقي لقاح ضد الفيروس في الوقت المناسب، وبصورة تتسم بالشفافية، وتستند إلى معايير موضوعية بدءاً بمن أهم أشد عرضة للخطر”.

وأضاف: “الحصول على الرعاية الصحية هو حق من حقوق الإنسان، ويجب أن يُسمح لجميع المعتقلين بتلقي لقاحات ضد الفيروس؛ كما أن حجب اللقاحات كوسيلة لعقاب المعتقلين السياسيين أو المعتقلين تعسفاً بسبب ممارستهم حقهم في حرية التعبير، هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان”.

وختمت منظمة العفو الدولية بالقول إن “الصحافيين، والعاملين في قطاع الصحة، وغيرهم ممن انتقدوا أسلوب الحكومة في التصدي للوباء، أو شككوا في إحصائياتها الرسمية؛ قد تعرضوا للتهديدات والملاحقات والاعتقال، وغير ذلك من أساليب الترهيب”.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here