العلاقات التركية- المصرية وجهيزة

7
العلاقات التركية- المصرية وجهيزة
العلاقات التركية- المصرية وجهيزة

ياسر عبد العزيز

أفريقيا برس – مصر. في مقابلة خاصة لوزير الخارجية في النظام المصري مع قناة العربية، بُرمجت للحديث عن قمة المناخ المنتظرة يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر القادم والمقرر أن تعقد في مدينة شرم الشيخ، وعن ترتيباتها والضيوف والأوراق المنتظرة من القاهرة في هذه القمة، انحرف سامح شكري، بسؤال واضح أنه أيضا مبرمج، للحديث عن العلاقات التركية مع النظام المصري، ليؤكد أنه وبعد إجراء جلستين استكشافيتين بين النظام المصري وتركيا في محاولة لتقريب وجهات النظر في ملفات مختلفة، إلا أن القاهرة لم تجد إجراءات حاسمة لتحقيق هذا الهدف، ولم تطرأ تغيرات في إطار الممارسات من قبل تركيا، على حد وصفه.

وعلى الرغم من أن شكري حاول التذرع بالملفات الإقليمية كملف ليبيا وتواجد القوات التركية على أراضيها، ولم يتطرق مثلا لملف شرق المتوسط، ولأن الملف الأهم بالنسبة للنظام هو ملف المعارضة المتواجدة على الأراضي التركية، والذي كان محور الجولتين الاستكشافيتين خلال العام المنصرم، إلا أن شكري لم يتطرق إليه في حديثه للعربية، وأظن ذلك أيضا كان مبرمجاً.

وعجباً أن يكون حديث وزير خارجية النظام عن عدم إحراز تركيا تقدما في ملف العلاقات، والملف الأهم بالنسبة للقاهرة تم إنجازه بامتياز، لكن يبدو أن الطريقة المحترمة التي اتخذتها الإدارة التركية لم ترق للنظام الذي يود التشفي لا التقارب والذهاب للأمام.

في مقال “هل قرر أردوغان رفع المعارضة المصرية من على جهاز التنفس؟”، تحدثنا عن الضغوط التي مورست على تركيا خلال السنوات السبع الماضية إقليمياً ودولياً وداخلياً وحتى على مستوى الحزب. ولعل محاولة الانقلاب الفاشلة والتي تورطت فيها أجهزة استخباراتية إقليمية، وما تبعها من محاولات لا تزال مستمرة لإسقاط النظام في تركيا عن طريق الاقتصاد، كانت رسائل واضحة لا تحتاج فكا للشفرة لقراءتها. ومع التحولات الدولية الأخيرة منذ وصول جو بايدن للبيت الأبيض، والتي صاحبتها تحولات للسياسات الخارجية لكل دول العالم إيجاباً أو سلباً، فإن تركيا عادت مرة أخرى لنظرية تصفير المشاكل، مع تطويرها بعد أن نضجت خلال السنوات العشرين الماضية، وشهدت على إثرها العلاقات التركية مع النظام في مصر تقارباً.

كتبنا في حينها مقالاً بعنوان “موقف المعارضة المصرية من تقارب القاهرة وأنقرة- الخطأ الاستراتيجي”، حملنا فيه المعارضة المصرية مسؤولية إهدار الفرص، لكننا أكدنا أيضاً على الإدارة التركية أن إمكانية الوصول إلى خطوط منهجية يمكن على إثرها سحب النظام في مصر إلى مربع المصالح المشتركة، أو حتى تحييده، هي أمر شبه مستحيل، وذلك لأن النظام في مصر لا يملك قراره، وهو ما يبدو أن الإدارة في تركيا تأكدت منه، ما جعل الرئيس التركي يصرح منذ أيام: “لا نضيع الوقت باللعب مع الدمى في منطقتنا بل نجلس ونتباحث مع صانعيها”.

حديث سامح شكري معروف ومفهوم أنه محاولة ضغط، يمكن وصفها في عالم السياسة بالرخيصة، لكن لا سامح شكري ولا من يدفعه لاتخاذ هذه المواقف قادر على فهم العقلية التركية والمنطلقة من مبادئ موروثة من مئات السنين، في دولة تحمل إرث إمبراطورية حكمت العالم أكثر 600 عام، ورسخت في وجدان شعبها إغاثة الملهوف وحماية الخائف وعدم تسليم المظلوم. في المقابل لم يستطع النظام في مصر أن يسعى إلى المصالح المشتركة لقوتين كبيرتين في المنطقة، وركن إلى الأقزام يستقي منهم مواقفه ويحدد على أساس مصالحهم بوصلته، متأثراً بواحدة من أخطر الأمراض السياسية المزمنة التي أصابت مصر بعد 1952.

يحكى أن قوماً اجتمعوا يخطبون في صُلح بين حيين من أحياء العراق، قتل ابن أحدهما رجلاً من الحي الآخر، فيستميلون قلوب ذوي القتيل ويسألونهم قبول الدية، وأن يعفوا ويصفحوا ويقبلوا الصلح، فإن الله يحب المصلحين، وبينما هم على هذا الحال، جاءت أمة تدعى “جهيزة” فقالت: إن بعض أولياء الدم قد أخذوا بثأرهم من القاتل فقتلوه، فقال الحضور: “قطعت جهيزة أو في حالنا “سامح شكري” قول كل خطيب”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here