المعنيون بالحوار ليس من سلطتهم متابعة ملف حقوق الإنسان أو حل البرلمان

9
المعنيون بالحوار ليس من سلطتهم متابعة ملف حقوق الإنسان أو حل البرلمان ولا المطالبة بالإفراج عن المسجونين
المعنيون بالحوار ليس من سلطتهم متابعة ملف حقوق الإنسان أو حل البرلمان ولا المطالبة بالإفراج عن المسجونين

حسام عبد البصير

أفريقيا برس – مصر. على مدار يومي السبت والأحد 23 و24 يوليو/تموز وجدت المؤسسة الأزهرية وعلى رأسها الأمام الأكبر شيخ الأزهر في موضع المناشدة بين فصيلين الأول، يطالبه بالتدخل لإقناع السلطة بالأفراج عن المحبوسين، على ذمة قضايا الرأي، والطرف الآخر وهم من الموالين للسلطة يناشدونه ألا يفعل.. ومن أبرز الأحداث التي شهدتها القاهرة زيارة وزير الخارجية الروسي، وأكد وزير الخارجية سامح شكري أنه عقد ونظيره الروسي جلسة مباحثات، أعقبها اجتماع موسع بحضور وفدي البلدين، حيث تم تناول العلاقات الثنائية بين مصر وروسيا، وسبل تعزيزها في شتى المجالات، واصفا العلاقات بـ”التاريخية والمتشعبة”. وأعرب عن التطلع لاستمرار التعاون الوثيق بين مصر وروسيا، مستعرضا العديد من مجالات التعاون الاقتصادي والمشاريع الكبرى بين الجانبين.. مشددا على الاستمرار في معدلات التنفيذ للمشاريع كافة. وقال شكري “إنه تمت أيضا مناقشة القضايا الدولية والأوضاع في أوكرانيا، حيث أكدت مصر أهمية التوصل إلى حل دبلوماسي يرتكن إلى الحوار وإنهاء العمليات العسكرية”، لافتا إلى أن هذه الأزمة كانت لها تداعياتها على مصر في ما يتعلق بالأمن الغذائي والطاقة، وجميعها أمور يجب العمل على تجنبها. كما التقى وزير الخارجية الروسي الرئيس السيسي.

بالنسبة لأخبار نشرة الغلاء: حذر وزير الزراعة واستصلاح الأراضي السيد القصير، التجار من تخزين البيض في الأسواق لبيعه بسعر أعلى. وكشف عن أن بعض المحلات تزيد سعر البيض لتحقيق مزيد من الأرباح، وأشار إلى أنه تم الإتفاق مع اتحاد الدواجن على بيع كرتونة البيض بـ 62 جنيها. وتطرق إلى أن صناعة الدواجن فيها أكثر من 100 مليار جنيه استثمارات، وتنتج أكثر من 13 مليار بيضة في العام، فيما يتم ضخ 35 مليون بيضة يوميا. ومن أخبار المؤسسة الدينية: نظمت أكاديمية الأوقاف الدولية دورة علمية متكاملة لوفد من دولة الهند يضم 19 عالما من كبار علماء الهند وعمداء كلياتها وأساتذة جامعاتها ورؤساء مؤسساتها الدينية والثقافية.. وانطلقت دورة كبار علماء الهند، بمحاضرتين الأولى للدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف تحت عنوان: “التأهيل العلمي والثقافي للأئمة والخطباء”، والمحاضرة الثانية للدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية تحت عنوان: “أهم القضايا الفقهية المعاصرة”. أعقبها تنظيم رحلة نيلية، لوفد كبار علماء الهند، بحضور وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، حيث أكد الوفد خلالها أهمية الدورة العلمية، وأنها متكاملة وتفتح آفاقا واسعة للمعرفة، وأن مناهج الأكاديمية التي اطلعوا عليها عالمية ترسخ للفكر الوسطي المستنير، فمصر رائدة في تجديد الخطاب الديني.

الفرز أولا

بعد أن ضاقت به السبل عن اللحاق بركب المشاركين في الحوار الوطني قرر الدكتور يحيى القزاز في “المشهد” مخاطبة المشرف المنسق العام: عزيزى الأستاذ ضياء رشوان: صرحتم في مؤتمركم بأن الحوار الوطني ليس قاصرا على الفئات المنتقاة، ويمكن لمن يريد المشاركة بالرأي عبر الموقع، حاولت ولم أوفق، وها أنذا أفعل عبر الواتس آب الخاص بك. وربنا يستر ما يكونش آخرتها السجن. لأني صدقت بحرية المشاركة والرأي طالما أن المرء وطني، وأنا وطنى بالإقامة والانتماء لكل ذرة تراب تدخل الأنف فتشرح الصدر وتشفي الروح. فكرة الحوار رائعة وأتمنى لها النجاح فالحوار هو الطريق السلمي للبناء الديمقراطي. نبه الكاتب إلى خطورة التفرقة والتمييز بين المواطنين، وتسييد جهات أو جهة على بقية مؤسسات الدولة، هو ضد دستور 2014 (الذي عدلتموه في 2019) وينص على المساواة وتكافؤ الفرص واستقلال السلطات الثلاث، بمعنى عدم تدخل أو توغل أي جهة على أخرى، وأطالب بحظر استخدام مصطلح “الجهات السيادية” في الإعلام وغيره، فالسيادة للشعب طبقا للدستور، كما أننا لن نقبل بأن نكون عبيدا لفرد أو جهة، أو ننتمي لمؤسسات العبيد.. من باب المخالفة للسيادة. نظم التعليم ومنح الدرجات العلمية هو حق للمؤسسات التعليمية وليس العسكرية، فإذا كان خريج كلية الدفاع الجوي يحصل على بكالوريوس هندسة (مهندس) فمن حق المهندس خريج كلية الهندسة العادية أن يحصل على رتبة ملازم عند التخرج أسوة بزميله العسكري، ويظل في التدرج موازيا لزميله (هذا على سبيل المثال).

«حاوريني ياكيكا»

قال الدكتور يحيى القزاز: باعتباري أستاذا جامعيا متفرغا استحق درجة فريق أول مع صرف مستحقاته بأثر رجعي. وواضح ولا داعي للتوضيح -لأن الخوف من البطش يمنعني من ذكر ما هو واضح – واضح أن جهة توصف بـ”الجهة السيادية الأولى” وأفرادها لهم حصانات، ننبه لخطورة هذا لأنه ليس في الدستور، ويرى ويتحدث الناس عن تغول وتسييد جهة وجهات على الدولة (أنا إن رأيت فأشك، وإن تأكدت لا أتحدث.. فمن ذا الذي يتحدث عن شيء فيه هلاكه؟ الخوف جبن ومذلة، والحياة تتساوى مع الموت.. يا له من زمن ليس له وصف، هذه مأساة، وأسفاه لكن فيها مساواة دستورية)، التغول يقضي على جسم “الدولة الديمقراطية المدنية بنص الدستور. جسم الإنسان يتهالك ويموت عندما تنقلب الخلايا الدفاعية (كرات الدم البيضاء) وتهاجم وتلتهم شريكتها في الحفاظ على قوة الجسم (كرات الدم الحمراء)، وكذلك أجسام الدول تتفتت وتضيع عندما تتغول.. ألفت النظر إلى شيوع وصف “عسكرة الدولة” لسوءاته على سمعة الدولة المدنية الديمقراطية. التمييز والتفرقة بين المواطنين وتسييد جهة قوية يضر بالدولة، ويساعد على تقويضها. القلب في جسم الإنسان دوره مهم جدا جدا، هو مضخة الدم في الجسم، إن توقف انتهت حياة الجسم، لكنه لا يستطيع أن يجعل الجسم حيويا حيا بمفرده، إن تعطلت بقية الأجهزة.. يموت أكلينيكيا. خاطب الكاتب منسق الحوار قائلا: اعلنتم أن المعنيين بالحوار ليس من سلطتهم متابعة ملف حقوق الإنسان ولا تغيير الوزارة ولا حل البرلمان ولا الانتخاباتظ المبكرة ولا الإفراج عن المسجونين، وإن توصيات الحوار النهائية غير ملزمة للسلطة، بل ترفع لرئيس الجمهورية وهو يرى ما يراه. إذن فما جدوى الحوار؟ هل هو حوار الضرورة لتزيين وجه السلطة، وحوار الإذعان لتقبل المعارضة بالأمر الواقع وتسوقه أم حوار “حاوريني ياكيكا وبلاش لف ودوران”. إذا كانت الكلمة الأخيرة لرئيس الجمهورية فلا ضرورة لحوار لا فائدة منه، ونكون بحاجة لقرار من الرئيس يصلح ما أفسدته سياسات السلطة، وهو قادر إن أراد على الإصلاح بحكم موقعه وقوته ومعرفته بما يدور في الدولة حسبما صرح به كثيرا.

يغنون عليه

جميل على حد رأي الدكتور محمود خليل في “الوطن” أن يغنى شعب للبلد الذي يعيش فيه، لكن الأجمل أن يعمل من أجله، ولو كانت المسألة بالغناء لكانت دولة مثل مصر في صدارة دول العالم، لأننا حالة خاصة جدا على هذا المستوى. لا تجد علاقة بين الأغنية الوطنية والعقل التسليمي غير الميال إلى النقد، لكنك لو تأملت الخيط الرابط بين محتوى هذه الأغاني ومستويات حضور مسألة «التسليم أو النقد» فيه فقد تخرج بنتيجة عكسية. قبل ثورة يوليو/تموز 1952 كان الغناء الوطني موجودا، وكان يتوزع بين الغناء باسم مصر، والغناء باسم الملك. أغلب فناني ما قبل الثورة غنوا للملك، بل للأمراء والأميرات داخل قصورهم. وبعد 1952 تكرر المشهد؛ فغنى المطربون والمطربات لعبدالناصر كما غنوا للملك من قبل، ومن عاصر السادات غنى له كما غنى لناصر. أكبر اسم في عالم الغناء والطرب وهو الراحل محمد عبدالوهاب، كان يلقب بـ«مطرب الملوك والأمراء والرؤساء»، وقد غنّى ولحّن في حب الوطن الملكي ثم الناصري ثم الساداتى ثم المباركي. لست أتحدث هنا بالطبع عن الجانب الإبداعى الجميل الذي تجده في الأنغام والأصوات التي غنت في حب الوطن وزعمائه، لكننى أحدثك عن محتوى الكلمات وما تحمله من معانٍ، ولست أدري هل تتفق أو تختلف معي في أن بعض هذه الأغاني كانت أشبه بالمنشورات السياسية الهادفة إلى التعبئة والحشد.

نستدين لننام

يتساءل العقلاء الذين يدعمهم الأب رفيق جريش في “الشروق” لماذا هذه الإجازات الطويلة وما هو المبرر؟ هل يعقل ونحن شعب يستدين قمحه وغذاءه في ظل أزمة اقتصادية عالمية طاحنة، ومع ذلك نحن في مصر نؤجز 20 يوما في خلال سبعين يوما تتعطل فيها المصالح الحكومية والبنوك والشركات وتتوقف الحياة وتتعطل مصالح المواطنين.. هل يعقل ذلك؟ وعلى سبيل المثال لا الحصر كان القطاع المصرفي في الماضي يعمل في ثالث يوم العيد فلا يجوز أن قطاعا حيويا مثل ذلك يعلق العمل كل هذه المدة خاصة إنه يتعامل مع دول العالم الخارجي فتتوقف مصالح الناس ليس كل شيء هو ماكينة الصراف الآلي ATM حتى يسحب المواطنون من مالها، ولكن المواطنين يحتاجون إلى معاملات تمس تجارتهم ومصانعهم وما إلى ذلك… هل يعقل ذلك؟ الإجازات التي يحصل عليها الموظف المصري تزيد عن أي دولة أخرى، وتقريبا ثلث العام عبارة عن إجازات لعطلات أسبوعية أو رسمية في مواسم وأعياد، وهو أمر مقلق، لكن اعتاده المصريون، خاصة أنهم يرون الإجازات ميزة نسبية في حد ذاتها، حتى لو كانت تضيع في نوم اليقظة أو الجلوس أمام التلفزيون. نحن شعب يستدين ليواصل الحياة فهل هذا معقول؟ ما رأي المؤسسات الدولية والمحلية الدائنة ومنظرنا أمام العالم في جملة هذه الإجازات التي لا تنتهي بل أصبحت موضوع انتقاد العامة رغم حب المصريين للإجازات للالتقاء العائلي، إلا أن الدائن يسلفنا وتتركب علينا الفوائد ثم تصرخ الحكومة وتعاير شعبها بأنه كثير الإنجاب… هل هذا معقول؟

لا ناقة ولا جمل

أكد الأب رفيق جريش أن إعطاء الإجازة يوم الخميس بدلا من الإجازات التي تقع في وسط الأسبوع ليس قرارا مناسبا إلا للقلة القليلة الذين يذهبون إلى الشواطئ صيفا والمشاتي شتاء، لا بد من إيجاد طريقة أخرى أكثر مناسبة لواقعنا المصري وأظن أنه حان الوقت لمراجعة قائمة الإجازات وإلغاء الإجازة لبعض الأعياد التي مع فعل الزمن أصبحت قديمة يمكن معايدتها بطريقة أخرى، وليس إعطاء إجازة يتعطل فيها العمل والتي غالبا المؤجزون لا يعرفون أو يتذكرون تاريخ وسبب هذه الإجازة.. هل هذا معقول؟ ونحن نعرف جيدا أن الدول المتقدمة، كيف تسعى جاهدة إلى تأسيس بنية صناعية ضخمة، لتحقق من خلالها الرفاهية الحقيقية لشعوبها من خلال رفع مستواها الاقتصادي والاجتماعي، وتطوير مهاراتهم وتعليمهم بصورة تكفل لهم حياة أفضل، ولا تجد طريقا واضحا لتحقيق هذه الرؤية إلا من خلال العمل والسعي الجاد له، بعدد ساعات منتظمة يوميا وجودة تضمن تنافسية قوية للمنتجات والصناعات التي تقدمها للعالم، وبهذه الطريقة تتقدم وتحافظ على مكانتها وقدرتها في الأسواق العالمية. فلنأخذ دولا مثل ألمانيا وبريطانيا وغيرها التي نفضت من عليها ركام الحرب العالمية الثانية، والآن أصبحت دولا أكثر من متقدمة بسبب العمل المضني والجاد والمسؤول لشعبها. الشعب الذي لا يملك قوته لا يملك قراره ـ مقولة قالها كُثر من الزعماء السياسيين والمفكرين، والشعب الذي لا يعمل ويصنع ويجني بسواعده سيظل دائما يستورد أغلب احتياجاته، ولن يكون صاحب قراره والأزمة الحالية التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل برهنت على ذلك.

ذاكرة سمكة

نقول دائما لمن ينسى ما فعله فور حدوثه، بأن لديه ذاكرة سمكة، فالسمكة كما يرى مصطفى الفقي في “الأهرام” تأكل الطعم من السنارة وقد تفلت منها ولكنها تعود مرة ثانية، لذلك يضرب الناس الأمثال بذاكرة السمكة القصيرة لكل من لا يتأثرون من تجاربهم السابقة ولا يتعظون بماضيهم، فيقال إن له ذاكرة سمكة فلا يتذكر ما حدث. وعلى الجانب الآخر فإن الفيل ـ وربما الجمل أيضا ـ حيوان مختلف له ذاكرة طويلة الأمد، فقد يضربه مدربه مرة فلا ينسى، ويتذكر ذلك بعد سنوات فيلف خرطومه على وسط ضاربه ثم يقذفه في الهواء لأن ذاكرته احتفظت بما جرى ولم تسقط منها أحداث وقعت لها، وكذلك فإن من يتذكر ما حدث لمدة طويلة ويستعيده بعد فترة من الزمن ويتصرف وفقا له نقول عنه إنه يملك ذاكرة الفيل، وأحيانا قالت العرب ذاكرة الجمل باعتباره الحيوان الذي يعيش معها وتدرك تصرفاته من البيئة التي تضمه مع رعاة الإبل وعشاق (سفينة الصحراء)، وأنا أقول ذلك اليوم لأنى اكتشفت أن البشر صنفان، أحدهما يملك ذاكرة السمكة، والثاني يملك ذاكرة الفيل أو الجمل، والصنف الأول لا يتعلم من أخطائه ولا يدرك الخطر إلا بعد فوات الأوان وهو يرتكب ذلك الخطأ مراتٍ عديدة دون أن يتعلم أو يرتدع، بل هو في كل الحالات غير واعٍ لما جرى له ولا مدرك لما فعل، وهذا النوع من البشر مسكين بطبيعته مغلوبٌ على أمره لا يدرك مغبة ما فعل، فهو لا يتذكر القريب ولا البعيد زمانا أو مكانا فهو ابن لحظته يملك ذاكرة السمكة بقصرها وسطحيتها وقلة تأثيرها.

ضريبة العمر

الصنف الثاني من البشر الذي يحدثنا عنه الدكتور مصطفى الفقي مختلف لأن لديه ذاكرة عميقة تحتفظ بالأحداث سنين عددا وتختار الوقت المناسب للرد الرادع من جانبها، ولقد شاعت في السنوات الأخيرة نسبة المصابين بمرض الزهايمر الذي يؤدي إلى فقدان الذاكرة وتكرار الحديث في الموضوع الواحد عدة مرات، ربما في الجلسة ذاتها، وهو المرض الذي أطلق عليه الأقدمون مرض الخرف، وتساءل الكثيرون لماذا زادت نسبة الإصابة به، وواقع الأمر أن الذي حدث أن مستوى الأعمار قد طال ولأن هذا المرض اللعين يزور البشر غالبا في السن المتقدمة لذلك فإن ارتفاع مستويات الأعمار أتاح وجود نسبة أكبر نعرفها ونتعامل معها من مرضى الزهايمر، وقد عانى منه كثيرٌ من الشخصيات الكبرى في التاريخ، بدءا من محمد علي مؤسس الدولة المصرية الحديثة، وصولا إلى رونالد ريغان الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية، وما أكثر الكبار الذين كانوا يهيمون في الشوارع بلا وعي نتيجة فقدان الذاكرة جزئيا أو كليا، بالإضافة إلى النسيان الدائم كظاهرةٍ لا تتوقف، ورغم العلاجات الحديثة ومظاهر الانتشار المبكر لذلك الزائر غير المرغوب فيه، وأعني به مرض الزهايمر فإننا نظن أن انتشار ذلك المرض يتسع وتتزايد الحالات المصابة به وقد تستهدف المفكرين والعلماء أكثر من غيرهم، لأن عقولهم مجهدة وذاكراتهم مرهقة بعد رحلة تأمل طويل مع الإبداع بكل صوره وأشكاله، وأعرف على الجانب الآخر أنماطا من البشر لا يكادون يدركون ماذا يفعلون، فقد كنت ألتقى الفنان العالمي عمر الشريف على مائدة صديقه القريب منه الدكتور زاهي حواس وكانت نوبات الزهايمر تزور ذلك الفنان في سنواته الأخيرة حتى كان لا يتعرف أحيانا على صديقه الذي عاش معه سنوات في الولايات المتحدة الأمريكية الدكتور زاهي حواس. ولذلك فإنني أعتقد أن هذا المرض يداهم من بذلوا مجهودا أكبر في حياتهم، وخاضوا معارك إنسانية ومروا بتجارب عميقة أكسبتهم قدرا هائلا من الصمود والقدرة على المقاومة، وعندما دخلوا في خريف العمر أصابتهم لعنة الحياة.

استثناء يؤكد القاعدة

الحقيقة التي انتهى إليها كرم جبر في “الأخبار” بشأن قضية المذيعة الراحلة شيماء، يندى لها الجبين، وبعيدا عن جوهر التحقيقات أو شبهة التأثير في العدالة، هناك دروس مستفادة: أولا: لا ينال من سمعة القضاء المصري العظيم، أن يكون أحد من عناصره فاسدا أو مجرما، فهذا استثناء والاستثناء يؤكد القاعدة، وهي الحيدة والنزاهة والانتصار للقانون. وأعرف جيدا أن منصة القضاء العالمية، تكون أكثر حزما وشدة، إذا كان المتهم الواقف في القفص قاضيا سابقا، لأنه انتهك قدسية المهنة العظيمة، وارتكب جرما يستحق عقوبات مشددة. ولا يترك التفتيش القضائي والجهات المشابهة له في الهيئات القضائية الأخرى، أي شبهة أو شكوى ضد قاض إلا ويبحثها جيدا، وتصدر دائما التعليمات المشددة للقضاة بالابتعاد عن مواطن الشبهات. ثانيا: القانون لتحقيق العدالة وليس لتضليلها، وهو ما يحاول أن يفعل عكسه القاضي المتهم، بسرد قصص وحكايات لإثبات أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس. وإذا ثبت عدم صحة هذه المزاعم، يجب أن تكون عقوبته مزدوجة، القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، بجانب محاولة تضليل العدالة. هيئة المحكمة هي التي تحدد ذلك، بعد أن تضمن قرار الإحالة الصادر من النيابة العامة، تفصيلات كل صغيرة وكبيرة، ولم يترك ثغرة واحدة. ثالثا: العدالة السريعة الناجزة تثلج الصدور وتحقق الطمأنينة وتولد الثقة، خصوصا في القضايا الدامغة الأدلة، وهو ما تضمنته تحقيقات النيابة العامة من واقع أقوال المتهمين والشهود، فمن حق المتهم أن ينال حظه كاملا في الدفاع، دون تضييع الوقت. العدالة الناجزة تحقق الردع العام، لكل من تسول له نفسه أن يعتدي على حياة الناس وأرواحهم، ليترسخ في ضمير المجتمع، أن سيف القانون سيكون قريبا جدا من رقبة أي مجرم. رابعا: أعتبر قاتل «نيرة» وقاتل «شيماء»، حالات شاذة وتخرج عن المألوف والعادات والتقاليد والقوانين والأعراف والأخلاق والأديان ومبادئ الحياة نفسها.

ارحموا شيرين

انقلب الانفراد الذي سجلته الإعلامية لميس الحديدي في حوارها مع المطربة شيرين عبد الوهاب عليها، حيث انتقدت عبلة الرويني في “الأخبار” مقدمة الحوار: لا أستطيع، ولا أحب الخوض في تصريحات المطربة شيرين عبد الوهاب، حول مشكلاتها الشخصية، التي أطلقتها في برنامج (كلمة أخيرة) مع المذيعة لميس الحديدي، خاصة أن شيرين أعلنت في البرنامج نفسه، أنها تتلقى علاجا نفسيا، وذكرت اسم الطبيب المعالج.. ولم يكن الأمر بحاجة لمعرفة المزيد من الاضطراب، لكن ما يستوجب التوقف والمحاسبة والسؤال بالفعل، هو المذيعة لميس الحديدي، وما سمحت بتقديمه على الهواء مباشرة، من سب وقذف وردح واضطراب نفسي وضعف ووجع وقهر واختلال، قامت به ضيفتها المطربة (الشهيرة جدا، والمحبوبة جدا).. ليكون البرنامج على هذه الصورة، وبكل وسيلة، حتى لو كان استغلالا لضعف الآخرين وتعبهم وأوجاعهم، ولا مانع أيضا من استغلال مرضهم تقول المذيعة (إن شيرين حبيبتنا، ونحن ندعمها ونساندها) وبالتأكيد الدعم والمساندة، لا يعني أبدا فضح الضعف، وإلقاء الضوء على انهيار إنسان في أشد حالاته اضطرابا.. كان بإمكان المذيعة، تسجيل اللقاء؛ لتجنُّب مفاجآت القول، وكان بإمكانها إنهاء المكالمة الهاتفية مع شيرين، دون منحها أي فرصة للاستطراد والخطأ المتواصل.. وكان بإمكانها أساسا، دعم الفنانة بعيدا عن البث الإعلامي المباشر، ومخاطبة الجمهور.

تحن لأهلها

ما بين الواقع المتأزم والحلم المستحيل، تحلق وفق ما تشير جيهان فوزي في “الوطن” أرواح العابرين إلى أوطان لا تشبه أوطانهم التي ضاقت عليهم، ولم تعد تحتمل وجودهم، أو تحولت إلى ثكنات عسكرية يتناحر فيها أصحاب السلطة والمصالح والنفوذ، الهاربون من جحيم الحرب، والباحثون عن الاستقرار والأمان والاطمئنان، تجمعهم هموم واحدة، وهدف وحيد، كيف يستردون وطنا سُلب منهم وأصبح أثرا بعد عين. مع أي غيمة عابرة نبحث عن واقع أفضل، وننقب عن طرق للخلاص، فكانت الصيحات التي تنفث ألما، هي من ترسم ملامح الوطن، الحلم الذي قد يمنحنا الحب وينقذنا من هذا الموت الذي يسكننا ونحن أحياء، نسعى للحياة بكل ما أوتينا من قوة، إنه الوطن الملاذ والسكينة والأمن والأمان. «ما هو الوطن؟ هو سؤال تعتبره الكاتبة سؤال الجرح المفتوح، والإشكالية التي لا تنتهي، يدعونا للتساؤل عما آلت إليه أوطاننا، التي أصبح فيها الحلم جريمة، والأمن مستباحا، والحرية سجنا كبيرا تفوح منه رائحة الفساد والفاسدين، فهل نسميه وطنا؟ وهو المحاصر أرضا وبحرا وجوا، بلا كهرباء أو دواء أو ماء. نفتقد هنا كل أسباب الحياة الطبيعية، مطاردون حتى في نومنا، ليلنا يضج بالكوابيس، يتساءل المواطنون اللاجئون في أوطانهم.. في لبنان، وفلسطين، وسوريا، واليمن، وغيرها من البلدان حيث في لحظة وجدوا أنفسهم في عراء الطرقات، ينهشهم الجوع، وظمأ الحنين إلى رشفة ماء من عرق الأرض، وأصبحوا في عداد المفقودين، شعوبا عاجزة، شردتها الحروب واستقبلتها المنافي وجوازات اللجوء، تحلم بكسرة خبز تسد الرمق، تعبر عن فجيعتها في الوطن باللطم والعويل، وأحيانا الهروب إلى الخلف، ثم تدخل في أعماق الحنين إلى أوطانها، وتترجم هذا الحنين بما يعتمل داخلها من مشاعر الأنين والوجد لهذا الفقد، فلم يعد ما تراه نصب أعينها وطنا في الصباح يرتشفون قهوة القهر، ويمضغون بقايا ذكريات تركوها خلفهم وولوا هاربين.

من لبنان لفلسطين

تمضي جيهان فوزي باحثة عن إجابات للأسئلة المؤرقة: كيف أصبحت لبنان عروس الشرق بهذا البؤس والفقر والعوز؟ كيف تحولت إلى كتلة من نار أحرقت الأخضر واليابس؟ جاع أهلها، وتمرغت كرامتهم في طين الأثرياء الذين نهبوا خيراتها وداسوا على كبريائها، ومزقته الصراعات الحزبية والطائفية، لبنان الذي كان يضج بالحياة، أهله كسرهم الفقر والحاجة، وأذلهم حكامهم المتخمون بالفساد، أرواحهم معلقة بمستقبل مظلم وظروف اقتصادية بالغة السوء، وصلت إلى حد الإهانة، حين يضرب أساتذة الجامعات المقبلة على امتحانات نهاية العام، لأنهم لا يجدون في جيوبهم ثمن البنزين الذي يوصلهم إلى مقر عملهم، فماذا هم فاعلون؟ حكومة عاجزة ودولة على شفا الإفلاس، وشعب طحنته الهموم وهو ما كان يميزه الفرح والحبور في أشد الأزمات التي مرت عليه، الآن يعيش اللبنانيون أسوأ أيام حياتهم، يكفي أن تدخل أحد المطاعم الراقية، فيعتذر لك النادل أنه لا يوجد خبز في فلسطين الأمر مختلف مع تشابه التفاصيل، شعب شرد وحرم من العيش في وطنه بفعل الاحتلال، الذي يقضم أراضيه أمام عينيه والعالم لا يحرك ساكنا، يحاصره في كانتونات صغيرة معزولة، يسرق ماءها وأرضها وهواءها وتاريخها ويحولها إلى مستوطنات، يفرض قوانينه العنصرية، ويحرمه من حقوقه في العيش والحياة، ويمارس الأبارتهايد لتهجيره من وطنه المستلب من احتلال غاشم. أما اليمن السعيد،، فيعاني الشعب ويلات الحرب والصراع المذهبي والسياسي، ومن تناحر الطامعين في السلطة، دمر النزاع والاقتتال والتدخل الخارجي ما تبقى من ملامح خريطة بلادهم، وشرد سكانه إلى مجاهل الجبال. في سوريا أبيدت مدن بكاملها، أكثر من نصف سكانها أصبحوا لاجئين، يهيمون على وجوههم في بلاد غريبة. لا يعرف قيمة الوطن إلا من فقده.

انتهى منبطحا

ما زال هناك كتاب يؤكدون أن الرئيس الامريكي جاء رافعا الراية ومن بينهم أحمد الشامي في “الجمهورية”: جاء إلى منطقة الشرق الأوسط مغازلا لا منازلا، مستسلما لا ضاغطا، يبحث عن مصالح بلاده عارضا التعاون وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين واشنطن والدول العربية، بعد أن تأكد الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن أن زمن الإملاءات بالهاتف انتهى، وأن قادة الدول العربية هم من يتخذون القرارات التي تصب في مصالح شعوبهم أولا، قبل أن تخدم طموحات الآخرين، ولذا كان عليه أن يتعامل مع زعماء عرب أياديهم غير مرتشعة يستطيعون تحديد مستقبل دولهم دون إفراط أو تفريط أو تنازل عن حقوق بلادهم، اختاروا السلام والتنمية ورفضوا الدمار أو الدخول في تحالفات تزيد المنطقة اشتعالا، كانت رسائل الرئيس بايدن خلال “قمة جدة للأمن والتنمية” واضحة، إذ أكد أن الولايات المتحدة ستبقى شريكاَ نشيطا للشرق الأوسط، مضيفا “سنضمن قدرة حلفائنا في الشرق على الدفاع عن أنفسهم”، ومشددا «ملتزمون بعدم حصول إيران على سلاح نووي ولن نترك فراغا في المنطقة لصالح روسيا والصين وإيران”، وأرى أن هذه الرسائل تعني عودة الولايات المتحدة إلى المنطقة بعد أن غادرتها العام الماضي والسعي لأن تكون شريكا استراتيجيا لدولها خوفا من تطور علاقات هذه الدول بروسيا والصين، بعد أن أيقنت واشنطن أنها لم تعد سيدة العالم، وأن زمن القطب الواحد ولّى، ولم يعد له وجود، وأننا نعيش الان في نظام عالمي “متعدد الأقطاب” بعد محاولات أمريكية دامت أكثر من ثلاثة عقود لمحاولات الهيمنة على العالم، منذ تفكك الاتحاد السوفييتي في 26 ديسمبر/كانون الأول عام 1991، وهو ما دفع العديد من دول العالم وبعضها عربية في الاَونة الأخيرة إلى التفكير في إعادة هيكلة علاقتها الدولية، بما يخدم مصالحها وليس مصالح الآخرين، ولذا جاء الرئيس بادين إلى المنطقة الاَن لعدم ترك موطئ قدم لروسيا والصين للتعاون مع دول المنطقة.

عاد بالخيبة

راهنت إسرائيل كما أوضحت سناء السعيد في “الوفد”على أن يلعب بايدن دور الوسيط من أجل أن يحدث ما تطمح إليه من تطبيع للعلاقات مع السعودية، وإبرام اتفاق معها على غرار اتفاقات «إبراهام» التي توسطت فيها أمريكا وأقامت على أثرها علاقات في 2020 بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين. بيد أن السعودية قالت إنها ستلتزم بموقف الجامعة العربية، وهو الموقف الذي تبنته الجامعة منذ عقود، والقاضي بعدم إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل إلى أن يتم حل الصراع مع الفلسطينيين. تابعت الكاتبة: كل ما أحرزه بايدن من جولته هو إبرام ما سمى بـ(إعلان القدس) مع إسرائيل، الذي أكدت فيه أمريكا التزامها الراسخ بأمن إسرائيل، والحفاظ على تفوقها العسكري النوعي، وقدرتها على ردع أعدائها ومواجهة إيران. كما أكدت أن الشراكة الاستراتيجية بينهما قائمة على أساس متين من القيم والمصالح المشتركة والصداقة الحقيقية، التي تشتمل على الالتزام الثابت بالديمقراطية وسيادة القانون. وأعادت أمريكا التأكيد أن هذه الالتزامات ستكون مدعومة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري وليست مجرد التزامات أخلاقية، بل أيضا التزامات استراتيجية ذات أهمية حيوية للأمن القومي الأمريكي. كما حرص بايدن على أن يؤكد التزام أمريكا بعدم السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي على أساس أن هذا جزء لا يتجزأ من التعهدات الأمريكية بدعم أمن إسرائيل، الذي تراه أمريكا ضروريا للمصالح الأمريكية، وركيزة للاستقرار الإقليمي، كما تضمن (إعلان القدس) التزام أمريكا بتعميق اتفاقات «إبراهام» التاريخية ومواصلة نشاطها في بناء هيكل إقليمي قوي وتعميق العلاقات بين إسرائيل وشركائها الإقليميين كافة، وتوسيع دائرة السلام لتشمل المزيد من الدول العربية والإسلامية. ولكن رغم هذا فشل جو بايدن في تحقيق ما جاء من أجله للمنطقة ألا وهو تشكيل تحالف دفاعي من دول المنطقة لمواجهة إيران.

أبطال كعادتهم

ما زال المنتخب الوطني لكرة اليد يحصد الثناء على يد الكثيرين من بينهم مرسي عطا الله في “الأهرام”: المسألة ليست فقط في التربع للمرة الثامنة على عرش افريقيا، أو الوجود كرقم صحيح في المربع الذهبي على مستوى العالم لهذه الرياضة، التي باتت باتساع شعبيتها منافسا لكرة القدم، وإنما لأن هؤلاء الرجال حطموا كل التبريرات المعتادة عن الإمكانيات الغائبة وأثبتوا أن البطولة عطاء واسع ومعاناة حقيقية ترتكز إلى الروح العالية والنظرة الإيجابية، التي تقتل أخطر ما يهدد حلم البطولة، وهي شيوع الروح السلبية والأنانية الفردية التي في ظلها يصعب الرهان على البطولة. إن ما يفعله هؤلاء الأبطال عمل سياسي واجتماعي بامتياز يؤكد أن الثقة بالنفس هي روح البطولة، وما أحوجنا في مواجهة مصاعب وتحديات الحياة في سائر المجالات إلى تغذية غريزة الثقة بالنفس التي على أساسها يمكن توظيف عوامل الرغبة والتفاني والتصميم والتركيز وصلابة الإرادة في صنع النجاح. إن هؤلاء الأبطال ـ ولا أستثني منهم أحدا ـ يحفظون عن ظهر قلب روشتة النجاح في الحياة، وليس في الملاعب فقط ويدرك كل واحد منهم ما قاله العديد من الحكماء والفلاسفة القدامى، بأنك لكي تكون ناجحا وبطلا عليك أن تتعلم كيفية التعامل مع التوتر والضغط بحسن الإعداد وجدية الاستعداد للمنازلات عقليا وجسديا وعدم ترك أي مساحة للقلق. وأعظم ما في هذه النوعية من الأبطال هو التواضع مهما زاد بريقهم، وما زلت أتذكر ما كان يردده النجم الكبير مصطفى الأحمر والد النجم الحالي أحمد الأحمر في أروقة نادي الزمالك، معبرا عن امتنانه للرعاية التي أعطاها النادي له بعد مجيئه للقاهرة في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي «إنني مدين لمسؤولى وجماهير الزمالك بكل شيء فقد أعطونى دفعة قوية جعلت الناس تتغنى باسمى». والذين عاشوا مثلي ــ معظم عمرهم ــ في الوسط الرياضي يعرفون جيدا أن الأبطال لا تصنعهم الصالات الرياضية، وإنما هم مصنوعون من أشياء عميقة في داخلهم أهمها «الرغبة والحلم والرؤية ويجب أن يكون لديهم المهارة والإرادة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here