المليجي: مصر تملك أوراقًا قوية في الملف النووي الإيراني

32
المليجي: مصر تملك أوراقًا قوية في الملف النووي الإيراني
المليجي: مصر تملك أوراقًا قوية في الملف النووي الإيراني

سحر جمال

أفريقيا برس – مصر. أكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي إلهامي المليجي، في حواره مع “أفريقيا برس”، أن مصر تتحرك كوسيط بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في لحظة حساسة. وقال إن القاهرة تستفيد من حيادها النسبي وصلاتها المفتوحة مع طهران، إضافة إلى دعم غير معلن من بعض الدول العربية.

وأضاف أن لمصر خبرة فنية في التعامل مع الملف النووي يمكن أن تساعد في طرح حلول تقنية. وشدد المليجي على أن نجاح الوساطة المصرية مرهون بغطاء دولي يشمل موافقة أميركية وأوروبية، فضلًا عن دعم خليجي يوفر حوافز اقتصادية لإيران، وإلا فإن التصعيد سيكون هو السيناريو الأقرب.

ما الجديد الذي حملته المباحثات المصرية الإيرانية الأخيرة بشأن البرنامج النووي الإيراني؟

المكالمة الهاتفية التي جرت بين وزيري خارجية مصر وإيران جاءت بعد تصعيد الوكالة الدولية وانتقاداتها لإيران، بسبب ما سمّته تجاوز سقف التخصيب وتقييد وصول المفتشين. وربما استفادت مصر من التطور الذي حدث في علاقتها مع إيران لاحتواء الأزمة قبل فرض عقوبات جديدة ضد طهران. ومن المرجح أن القاهرة ركزت على إقناع إيران بالعودة إلى تطبيق البروتوكول الإضافي، الذي يتضمن عمليات تفتيش مفاجئة للمنشآت، كما ركزت على مطالبة الغرب بضرورة تقديم حوافز مقابل امتثال إيران للقواعد، مثل الإفراج عن الأموال المجمّدة لإيران في البنوك الغربية. ومن الممكن أن تكون القاهرة قد حاولت ربط الملف النووي بملفات أخرى مثل ملف البحر الأحمر لتعزيز وزنها التفاوضي.

كيف تقيّمون دور مصر كوسيط بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية؟

لتقييم دور مصر كوسيط، يجب النظر في الإمكانيات والتحديات. وفي هذا الإطار يمكن عرض العوامل التي تعزز دورها، وهي أولًا الحياد الظاهري، فمصر رغم تحالفها مع الغرب تحافظ على خط اتصال مفتوح مع إيران، ويتجلى ذلك في الزيارات المتكررة لوزير خارجية إيران إلى القاهرة والتواصل المستمر بين وزيري خارجية البلدين. العامل الثاني هو الدعم الخفي من دول عربية مثل السعودية والإمارات، التي قد تفضّل الوساطة المصرية على الأوروبية لتحقيق مصالحها في أي اتفاق. العامل الثالث هو الخبرة الفنية، إذ تمتلك مصر خبرة في التعامل مع الوكالة الذرية ضمن برنامجها النووي السلمي، ويمكنها طرح حلول تقنية مثل تحويل تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية.

أما المعوقات، فهي الانقسام الداخلي الإيراني، حيث قد يرفض التيار المتشدد أي وساطة عربية ويعتبرها أداة غربية. والمعوق الثاني هو الضغوط الأميركية، إذ قد تشترط واشنطن على مصر عدم منح إيران تنازلات دون ضمانات ملموسة مثل وقف دعم محور المقاومة. أما المعوق الثالث فهو محدودية النفوذ المصري، إذ لم يعد كما كان سابقًا عند مقارنته بنفوذ دول مثل الصين، الممول الرئيسي لإيران، أو روسيا الحليف الاستراتيجي لها.

هل طُرحت في الاتصال الأخير مقترحات عملية لاستئناف المفاوضات النووية؟

المقترحات العملية لاستئناف المفاوضات تتمثل في السيناريو المصري المحتمل، حيث في المرحلة الأولى تسمح إيران بعودة مفتشي الوكالة إلى المنشآت غير العسكرية، مقابل إفراج جزئي عن أموالها المجمّدة في البنوك الغربية. أما في المرحلة المتقدمة، فيُجمَّد التخصيب فوق خمسة بالمئة مقابل رفع عقوبات عن قطاعات غير حساسة مثل النفط والبتروكيماويات. وتكمن إشكالية التنفيذ في إصرار إيران على رفع العقوبات قبل أي خطوة، بينما تصر الوكالة على اتخاذ إجراءات مسبقة لاستعادة الثقة.

ما أوجه الربط بين الاتصال الحالي والاجتماع السابق في القاهرة بين عباس عراقجي ورافائيل غروسي؟

الربط بين الاتصال الحالي والاجتماع في القاهرة يتمثل في أن الاجتماع السابق ـ إن كان قد حدث، إذ ليس من المؤكد حدوثه ـ كان على الأرجح لبحث قضايا فنية، مثل ملف الآثار النووية التي لم يُعلن عنها نتيجة الضربات الجوية الأميركية، وكذلك إمكانية استخدام تقنيات مراقبة عن بُعد مثل الكاميرات الرقمية كحل وسط. كما أن القاهرة أرادت من خلاله إظهار قدرتها على استضافة حوار سري غير سياسي، بعيدًا عن أضواء فيينا وغيرها من الأماكن التي جرت فيها لقاءات سابقة تحت أنظار الإعلام.

كيف تنظر إيران إلى التحركات المصرية لاستعادة الثقة مع الوكالة الدولية بعد التصعيد الأخير؟

حول النظرة الإيرانية للوساطة المصرية، فهناك جانب إيجابي يتمثل في ثقة إيران بأن مصر لن تتبنى الرواية الغربية كليًا، خاصة مع انتقاداتها المتكررة للسياسات الأميركية في المنطقة. كما أن إيران ترغب في كسر عزلتها الدبلوماسية من خلال التعاون مع لاعب عربي مؤثر مثل مصر. أما المخاوف الإيرانية، فقد تكون من احتمال أن تصبح مصر مصدرًا أو قناة لتسريب معلومات إلى الغرب، لا سيما في ظل التعاون الأمني المصري مع الدول الغربية. والتخوف الآخر يتمثل في أن تتحول الوساطة إلى منصة لابتزاز إيران سياسيًا، كربط الملف النووي بوقف دعمها للحوثيين في اليمن.

ما أبرز العقبات التي تواجه المسار الدبلوماسي في الملف النووي من وجهة نظر مصر؟

إذا تحدثنا عن العقبات أمام المسار الدبلوماسي، فهناك عقبة داخلية إيرانية تتمثل في الصراع بين التيار الإصلاحي والمحافظين، وهو ما يعيق اتخاذ قرارات جريئة، وهذه هي العقبة الأولى داخل إيران. أما العقبة الدولية، فتتمثل في أن الولايات المتحدة الأميركية قد ترفض أي اتفاق لا يشمل الصواريخ الباليستية، إضافة إلى أن الكيان الصهيوني يضغط لفرض عقوبات أقسى على إيران، وهو ما قد يساهم في عرقلة الوساطة المصرية. وهناك عقبة فنية أيضًا، وهي عدم وجود آلية واضحة للعودة إلى الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه عام ألفين وخمسة عشر.

كيف يمكن لمصر استثمار علاقاتها مع الطرفين لضمان تقدم في المفاوضات النووية؟

يمكن لمصر أن تستثمر علاقاتها من خلال عدة مسارات، فهناك آليات ملموسة مع إيران مثل البعد الديني، إذ يمكن للأزهر أن يكون وسيطًا غير مباشر لتهدئة الخطاب الإيراني. كما يمكن لمصر، في إطار منح حوافز اقتصادية، أن تسمح بتصدير منتجات إيرانية لا تخضع للعقوبات عبر موانئها. أما في ما يتعلق بكيفية استثمار مصر لعلاقتها مع الوكالة، فيمكن أن يتم ذلك من خلال تقديم مقترح لفريق تفتيش يتضمن خبراء عرب، وذلك لطمأنة إيران. وبالنسبة للغرب، فيمكن لمصر أن تطرح وساطتها كخيار أفضل في ظل غياب بدائل واقعية أخرى.

هل تتوقعون أن تشهد الفترة المقبلة لقاءً جديدًا بين عراقجي وغروسي بوساطة مصرية لاستكمال النقاشات الفنية والسياسية؟

التوقعات بشأن لقاء عراقجي وغروسي تشير إلى احتمالات مرتفعة، لكن بشروط. فالسيناريو الأكثر ترجيحًا أن يُعقد الاجتماع خلف الأبواب المغلقة في القاهرة أو عمّان، مع التركيز على حل أزمة المفتشين من خلال السماح بزيارات محدودة لمواقع غير عسكرية، والتفاهم على وقف التخصيب فوق ستين بالمئة لمدة ثلاثة أشهر مقابل عدم تقديم قرارات عقابية جديدة. وتتمثل العقبة الكبرى في احتمال رفض إيران لشروط مهينة، مثل السماح بالوصول إلى منشآت عسكرية أو غيرها.

الخلاصة الاستراتيجية هي أن مصر تمتلك أوراق قوة مثل الحياد النسبي، والقبول الإقليمي، والخبرة الفنية، لكن نجاحها يحتاج إلى غطاء دولي، أي موافقة مبدئية أميركية وأوروبية، إضافة إلى دعم خليجي عبر تمويل حوافز اقتصادية لإيران. كما تبقى مسألة المرونة الإيرانية عاملًا مهمًا، وهي غير متوفرة حاليًا بسبب الأجواء الانتخابية الداخلية. وإذا فشلت الوساطة المصرية، قد تشهد المنطقة تصعيدًا خلال الفترة المقبلة، مثل ضربات إسرائيلية أو إعلان إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة تسعين بالمئة، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من التوتر في المنطقة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here