بين الدوافع الإنسانية والسياسية.. ما هو مستقبل العلاقات التركية المصرية عقب زيارة شكري؟

6
بين الدوافع الإنسانية والسياسية.. ما هو مستقبل العلاقات التركية المصرية عقب زيارة شكري؟
بين الدوافع الإنسانية والسياسية.. ما هو مستقبل العلاقات التركية المصرية عقب زيارة شكري؟

إسماعيل جمال

أفريقيا برس – مصر. مثّلت زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى ولاية أضنة التركية المنكوبة من الزلزال، نقطة تحول مهمة في مسار العلاقات التركية المصرية، كونها تعتبر أول زيارة لمسؤول مصري رفيع منذ أكثر من 10 سنوات تدهورت خلالها العلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوياتها، وهو ما فتح الباب واسعاً أمام التكهنات حول مستقبل العلاقات بين البلدين، وما إن كانت الزيارة سوف تبقى في إطارها “الإنساني” أم أنها ستكون مدخلاً سهلاً لإعادة تطبيع العلاقات على أعلى مستوياتها السياسية.

وعلى الرغم من بدء محاولات ومسار تحسين العلاقات بين البلدين منذ أكثر من عام، لم تنجح أنقرة والقاهرة في تحقيق اختراق حقيقي وكبير حتى الآن، باستثناء اللقاء القصير الذي جرى بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي في الدوحة برعاية أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، وذلك على هامش مشاركتهما في حفل افتتاح كأس العالم نهاية العام الماضي.

وباستثناء لقاء أردوغان والسيسي الذي لم يتضمن أجندة سياسية واضحة، ويُعتقد أنه كان فقط مجرد خطوة في مسار محاولات كسر الجمود بين الزعيمين، لم يتمكن البلدان بعد من التوصل إلى تفاهمات حقيقية في ملفات سياسية وخلافية هامة، والتي كانت سبب تدهور العلاقات بينهما على مدار العقد الماضي، على الرغم من تراجع حدة الخلافات في كافة تلك الملفات.

وباستثناء اللقاءات التشاورية على مستوى الدبلوماسية المنخفضة، وأجهزة الاستخبارات في البلدين، لم تنجح مساعي تنظيم لقاءات رسمية على المستوى السياسي، حيث كانت أنقرة ترغب بإجراء زيارات متبادلة على مستوى وزراء الخارجية قبيل عقد قمة سياسية رسمية بين أردوغان والسيسي، وهي القمة التي لم تنجح مساعي عقدها طوال الأشهر الماضية.

وعقب الزلزال المدمر الذي ضرب 10 محافظات تركية، وخلّف أكثر من 45 ألف قتيل، أرسلت مصر مساعدات إنسانية إلى تركيا وعبرت عن تضامنها الكامل مع الشعب التركي، قبل أن يعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري عن زيارة إلى المناطق المنكوبة، مثّلت تحولاً مهماً في مسار العلاقات بين البلدين، إلا أنها لم ترق إلى مستوى اعتباها زيارة سياسية رسمية، كونها جرت في ظروف استثنائية وإلى مناطق الزلزال وليس العاصمة أنقرة، ولم تشمل مناقشات ملفات سياسية حقيقية، باستثناء التأكيد على عمق العلاقات بين شعبي البلدين والرغبة في تطوير العلاقات.

وعلى الرغم من الطابع الإنساني للزيارة، إلا أنها حملت رسائل سياسية هامة على لسان كبار المسؤولين من البلدين، ما يؤشر إلى أنها سوف تعطي دفعة مهمة لمساعي تطبيع العلاقات على مستويات أعلى، إلا أن مسار هذا التطبيع لن تحدده الزيارات الإنسانية أو الرسائل السياسية وإنما مدى قدرة الجانبين على حل الملفات الأمنية والسياسية العالقة، وخاصة فيما يتعلق بملفات الإخوان المسلمين وخلافات شرق المتوسط والأهم ملف ليبيا الذي لا زال يعتبر العقبة الأهم في مسار تحسين العلاقات بين أنقرة والقاهرة.

المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، قال إن هناك رغبة في عودة العلاقات بين مصر وتركيا إلى مسارها الطبيعي، وأن القاهرة ستطرح بشكل واضح فكرتها في كيفية إعادة العلاقات بالشكل الذي يحقق مصالح البلدين. وقال في لقاء مع تلفزيون الحياة المحلي: “هذه الأطر تقوم على احترام وجهات النظر وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول“، ولفت إلى أن أردوغان والسيسي اتفقا في لقائهما في قطر على تحديد الأطر والمسارات التي سيتم العمل عليها، وبناء على هذا اللقاء سيكون هناك لقاءات متبادلة بين ممثلي الدولتين

من جهته، تحدث الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن عن احتمال عقد قمة تركية مصرية في الفترة القادمة بين أردوغان والسيسي، لافتاً إلى أنه “من الممكن أن تتجدد اللقاءات التركية المصرية في الفترة المقبلة.. من المبكر الحديث عن أي زيارة ستكون أولا، زيارة أردوغان لمصر أم السيسي لتركيا”، لافتاً إلى أنه “قبل هذا الأمر، يجب تجهيز الكثير من التحضيرات وتجهيز الأسس، وخلال 3 أو 4 أشهر، من الممكن أن نتخّذ خطوات محدّدة عملية مهمة في العلاقة مع مصر”.

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قال إن تطور العلاقات بين تركيا ومصر يصب في مصلحتهما، وينعكس إيجابا على استقرار ورخاء المنطقة. وأضاف في مؤتمر صحافي مع شكري: “السفينة المصرية الأولى جلبت كمية كبيرة من المساعدات، وكذلك وصلتنا مساعدات عبر الطائرات، والآن وصلت السفينة المصرية الثانية التي تحمل مساعدات تقدر بـ520 طنا وتتضمن مواد غذائية وألبسة ومستلزمات طبية ومواد سكنية”، وتابع: “الصداقة والأخوة تظهران في الأوقات الحرجة، ومصر حكومة وشعبا أظهرت بأنها صديقة وشقيقة لتركيا في هذه المحنة، لذا نشكرها مجددا”.

وحول العلاقات السياسية، قال جاويش أوغلو: “نفتح صفحات جديدة في علاقاتنا مع مصر، واللقاء الذي جمع الرئيس رجب طيب أردوغان بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي في الدوحة كان مثمرا للغاية، وخلال لقائي مع الوزير شكري في مطار أضنة قبل قليل، تناولنا الخطوات الواجب الإقدام عليها لتعزيز علاقات البلدين”، وأضاف: “مصر بلد مهم بالنسبة لمنطقة البحر المتوسط وللعالم العربي وللعالم الإسلامي ولفلسطين ولإفريقيا، من مصلحتنا جميعا أن تكون مصر قوية“، وتابع: “أنا على ثقة بأننا سنعمل سويا لتعزيز علاقاتنا نحو الأفضل”.

وردا على سؤال حول الخطوات التي ستقدم عليها تركيا ومصر لتطوير علاقاتهما، وفيما إذا كان الرئيس أردوغان يخطط لزيارة مصر أم لا، قال جاويش أوغلو، إن أردوغان والسيسي اتفقا خلال حديثهما على تطوير العلاقات في كافة المجالات، لافتاً إلى أن التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي استمر بين البلدين حتى عندما لم تكن العلاقات السياسية على ما يرام.

من جانبه أعرب وزير الخارجية المصري عن ثقة بلاده في قدرة تركيا على تجاوز آثار الزلزال في أقرب وقت، مؤكداً أن بلاده “ستبقى بجانب شقيقتها تركيا” وأن العلاقات بين البلدين “سترتقي لأفضل مستوى”. وردا على سؤال حول إمكانية عقد قمة بين أردوغان والسيسي، قال شكري: “بالتأكيد، ستكون هناك اتصالات في الوقت المناسب وفقا لرؤية الرئيسين”، واعتبر أن الاجتماع مهم للغاية لأنه يوفر فتح قنوات الاتصال بين الحكومتين ومؤسسات البلدين.

وقال شكري: “من المهم تطبيع العلاقات بين البلدين وإنشاء خريطة طريق مرة أخرى. هناك روابط عميقة بين البلدين وتاريخ مشترك ووحدة بين الشعبين”، مشدداً على أنه “سيكون من المهم إنشاء أساس قوي للغاية في نطاق الإرادة السياسية المذكورة”، مؤكداً أنه بحث مع نظيره التركي رفع العلاقات الثنائية “إلى أعلى المستويات”، وأن البلدين أظهرا “رغبة صادقة لتعزيز العلاقات الثنائية”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here