خطوات عملية لإنشاء منطقة حرة بين غزة وسيناء

11
خطوات عملية لإنشاء منطقة حرة بين غزة وسيناء
خطوات عملية لإنشاء منطقة حرة بين غزة وسيناء


محمود خليل

أفريقيا برس – مصر. بدأت تظهر على أرض مدينة رفح المصرية في محافظة شمال سيناء، التي هجّر الجيش سكانها خلال السنوات الماضية، أولى الخطوات لإنشاء منطقة تجارية حرة بين قطاع غزة والمحافظة، التي لطالما جرى الحديث عنها على مدار العقدين الماضيين. وتشمل الخطوات الجديدة مشاريع بنى تحتية في محيط المنطقة، وتسوية الأرض اللازمة لإتمامها.

وجددت هذه الخطوات الحديث والتساؤلات عن إجراءات خطة “السلام الاقتصادي”، التي طرحها منذ سنوات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وعقدت من أجلها ورش عمل، بمشاركة دول عربية، منها خليجية، وحكومة الاحتلال الإسرائيلي.

وتأتي التطورات عقب التصريحات الأميركية خلال مشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أعمال قمة القادة الأميركيين والأفارقة، التي عقدت على مدار ثلاثة أيام في العاصمة واشنطن أخيراً، وتضمنت الإشادة بالدور المصري في حفظ الأمن لإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.

تسوية الأرض لإنشاء المنطقة الحرة

وقال أحد المهندسين العاملين في مشاريع الجيش المصري في مدينة رفح، إنه جرى في الآونة الأخيرة البدء بتسوية الأرض اللازمة لإنشاء المنطقة الحرة بين قطاع غزة وشمال سيناء.

وأوضح أن عملية تسوية الأرض بدأت بعد إزالة أنقاض منازل المواطنين التي هُدِمَت إبان مشروع المنطقة العازلة، الذي بُدئ العمل به في عام 2014 واستمر في التمدد حتى 2018، بإزالة أحياء مدينة رفح كافة. وأشار إلى أنه يجري الآن العمل لإنشاء شبكة طرق ضخمة تربط مدينة رفح ببقية محافظة شمال سيناء من ناحية، ومن ناحية أخرى بقطاع غزة.

وأوضح المهندس، الذي رفض الكشف عن هويته، أن الطواقم التي تعمل على إزالة الأنقاض، تابعة لشركة “أبناء سيناء”، التي يترأس مجلس إدارتها إبراهيم العرجاني، المعروف بشراكته مع جهاز الاستخبارات المصرية.

تشييد سور في محيط المنطقة الحرة

وأشار المهندس نفسه إلى أنّ من المقرر أن تستكمل الشركة تمهيد الأرض، ومن ثم رصفها، وتشييد سور كبير في محيطها، مجهز بأعلى درجات المراقبة والإضاءة، حرصاً على عدم تسلل أي فرد من خارج البوابات المخصصة لحركة التجار والمواطنين، حيث سيسمح للفلسطينيين والمصريين بالدخول إليها للتسوق وتبادل البضائع.

ولفت إلى أن موقع المنطقة التجارية سيكون في محيط بوابة صلاح الدين التاريخية، التي كانت ممراً للعبور من قارة آسيا إلى أفريقيا، ممثلة بفلسطين ومصر، فيما من المقرر أن يتم الاتفاق على برنامج لعمل هذه المنطقة الحرة، بالتوافق مع الجانب الفلسطيني.

وأوضح أن هذا الأمر مرهون بالانتهاء من إتمام جميع المشاريع المرتبطة بالمنطقة الحرة، سواء كان ذلك ميناء العريش أو مطار العريش، وكذلك سكة الحديد التي يجري العمل عليها، بالإضافة إلى شبكة الطرق التي تربط سيناء بغرب قناة السويس حيث بقية المحافظات المصرية.

وكانت “العربي الجديد” قد كشفت مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عن بدء آليات هندسية مصرية بإجراء إصلاحات على الجدار الفاصل بين قطاع غزة ومحافظة شمال سيناء، شرقي مصر، تمهيداً للبدء بإنشاء طريق دولي فاصل بين المنطقتين، بجهود وإشراف مصري، ضمن إطار تحسين العلاقات المصرية مع الجانب الفلسطيني في غزة، وضمن جهود رفع كفاءة شبكة الطرق الممتدة من القطاع لمصر، عبر معبر رفح البرّي.

وفي الـ22 من الشهر نفسه، كتب إبراهيم العرجاني، صاحب مجموعة شركات “الجبال السبعة” التي تعمل على تنفيذ المنحة المصرية لإعادة إعمار غزة، عن أن جزءاً من أعمال شركة “أبناء سيناء للتشييد والبناء” يضمّ تطوير الطريق الحدودي الشمالي الشرقي، وهو المقصود به الطريق الرابط بين ساحل بحر مدينة رفح المصرية والفلسطينية، وصولاً إلى المنطقة الجنوبية حيث الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي.

وتعقيباً على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء، إن الحديث عن المنطقة الحرة مع قطاع غزة قديم ــ جديد، وطُرِح أكثر من مرة، مع تغيّر الأنظمة التي تحكم مصر، نظراً إلى أنّ المؤشرات السياسية الكبرى التي يحملها المشروع أكثر من المؤشرات الاقتصادية التي تمثل عنواناً للمشروع.

ربط قطاع غزة اقتصادياً بمصر

وأضاف أن إنشاء منطقة حرة يعني عملياً ربط قطاع غزة بمصر اقتصادياً بشكل شبه كامل، وتقليل الاعتماد على الاحتلال الإسرائيلي الذي يعتبر قوة احتلال ملزمة بتوفير كل احتياجات السكان الفلسطينيين في قطاع غزة، وتصبح مصر هي البديل الملزم في توفير الاحتياجات، وهذا يُخرج حكومة الاحتلال الإسرائيلي من الصورة تماماً.

وأوضح الباحث، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أنّ من المؤكد استفادة مصر من المشروع اقتصادياً من خلال حجم التبادل التجاري، وخصوصاً من اتجاه مصر لقطاع غزة، الذي يعتبر منطقة كثيفة السكان وذات استهلاك كبير.

وسياسياً، ستستفيد القاهرة، بحسب الباحث، من خلال تحسين علاقاتها بالإدارة الأميركية، التي ترغب في تفكيك معضلة قطاع غزة، كأولوية للأمن الإسرائيلي، وكذلك تحسين العلاقة مع الاحتلال، الذي يعتبر مفتاحاً لكل العواصم ذات الثقل في الشرق الأوسط وخارجه، إلا أن انعكاساته على القضية الفلسطينية حتماً ستكون سلبية، وتفقدها قوتها ومركزيتها، وتصبح قضية أمنية واقتصادية بحتة، بدلاً من كونها سياسية.

وتأتي هذه المشاريع الإنشائية الجديدة في المنطقة الحدودية الحسّاسة التي كان يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي حتى عام 2005، في توقيت ازداد فيه النشاط المصري في غزة.

الظروف باتت أكثر جاهزية لتنفيذ المشروع

وحول الموقف الرسمي من المشروع، حصلت مصادر اعلامية على معلومات تكشف أن الظروف العملية واللوجستية باتت أكثر جاهزية لتنفيذ المشروع الذي طال الحديث عنه، منذ حكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، ثم الرئيس الراحل محمد مرسي، وكذلك القيادة العسكرية، وصولاً إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وكان السيسي قد كرر في أحاديثه أنه يعطي أهمية وأولوية للجانب الاقتصادي في كل المشاريع والتحركات التي تبديها مصر في محيطها، بهدف تحسين الاقتصاد، وزيادة حجم التبادل التجاري، وفتح أسواق جديدة للبضائع المصرية، وإدخال العملة الصعبة إلى البلاد.

ولا تتوافر معلومات لدى الأجهزة الحكومية المصرية العاملة في شمال سيناء عن بدء المشروع، في ظل اعتبار مدينة رفح وأجزاء واسعة من المحافظة، مناطق عسكرية مغلقة، الكلمة الأولى والأخيرة فيها لوزير الدفاع والجيش، ومن ينوب عنهما في الميدان. وبالتالي، إن أي مشروع يقام فيها، يكون تابعاً لقوات الجيش والهيئة الهندسية فيها.

كذلك لا يمكن الطواقم الحكومية الدخول إلى رفح لمباشرة أي عمل فيها، منذ تهجير سكان المدينة، والانتهاء من ترقيم البيوت وحصر الأضرار لتوزيع التعويضات على المواطنين.

يشار إلى أن عشرات الطواقم الهندسية والفنية المصرية لا تزال تعمل في مدن غزة، لإتمام مشاريع ضخمة بُدئ بها في أعقاب العدوان الإسرائيلي على القطاع في مايو/ أيار 2021، وتتمثل بمدن إسكانية، ومحور طرق رئيسي على الشريط الساحلي، وكذلك مشاريع أخرى للبنى التحتية، ضمن منحة السيسي لإعادة إعمار غزة، البالغة قيمتها 500 مليون دولار أميركي، وأُعلنَت بعد انتهاء العدوان.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here