رسائل متضاربة على هامش الحوار الوطني في مصر

10
رسائل متضاربة على هامش الحوار الوطني في مصر
رسائل متضاربة على هامش الحوار الوطني في مصر

أفريقيا برس – مصر. ثمّة رسائل متناقضة على هامش الحوار الوطني الدائر حالياً في مصر، والذي انطلق الأربعاء الماضي. فالمنطق يفيد بأن تهدّئ السلطة من وتيرة القمع هذه الأيام على الأقل، كي تشجع مزيداً من قوى المعارضة على الانخراط في الحوار، غير أن الحاصل هو العكس.

اعتقالات واستدعاءات على هامش الحوار في مصر

وطلع فجر الحوار الوطني على نبأ إعادة اعتقال الصحافي حسن القباني، الذي جرى إخلاء سبيله في ما بعد، وإرسال استدعاء للسياسي البارز يحيى حسين عبد الهادي لمحاكمته، ثم اعتقال وحبس أقارب المرشح الرئاسي المحتمل والبرلماني السابق (والرئيس السابق لحزب الكرامة) أحمد الطنطاوي.

وأعلن الأخير في بيان أمس السبت، إرجاء عودته من لبنان إلى مصر، والتي كانت مقررة أمس، بعد إصدار نيابة أمن الدولة قراراً بحبس أقاربه احتياطياً 15 يوماً على ذمة التحقيقات.

ويرى الحقوقي المعروف جمال عيد، أن “كل ما يجري قبل وأثناء الإعداد للحوار، وخلال اليومين الأول والثاني لانطلاقه، ينمّ عن غياب أي إرادة سياسية من قبل النظام لإنجاح هذا الحوار”.

ويضيف عيد: “أنا لا أراهن على قدرة هذا الحوار على إحداث أي اختراق في المشهد السياسي، وفي الوقت ذاته، لا أزايد مطلقاً على وطنية بعض المشاركين في هذا الحوار”.

ووفقاً لعيد، فإنه “لا توجد أي إشارة على إرادة سياسية، أو حتى رغبة من قبل النظام في احترام القانون أو سيادته أو حريات المواطنين، ولا حتى لإفساح المجال أمام أي تطور ديمقراطي أو فتح المجال لأي مساحة من احترام الرأي الآخر، خصوصاً من قبل المعارضين”.

ويتابع عيد أن “مجموعة الرسائل غير الإيجابية انطلقت خلال الإعداد للحوار، ممثلة بملاحقة النشطاء، أو القيام بحملات اعتقال، وتقدم دليلاً على أن النظام المصري لن يقدم أي تنازلات ذات قيمة للمعارضة والقوى السياسية”.

ومن وجهة نظره، فإن “ضغوط النظام على المعارضة قسّمت المشاركين في الحوار إلى ثلاث فئات: الخائفين، وأصحاب النية الحسنة، والمنبطحين”، لافتاً إلى أنه “ليس أمام المعارضة المصرية إلا انتظار منح النظام في ما يتعلق بالحريات والإفراج عن المعتقلين والمحبوسين احتياطياً، وهي ملفات لا يبدو أن السلطة تتجه إلى إحداث تغيير فيها خلال الفترة المقبلة”.

أداء السلطة بين التخبط والعمل المقصود

من جهته، لا يعوّل الناشر المصري والسياسي هشام قاسم كثيراً على الحوار الوطني، ولكنه لا يرى رابطاً منطقياً بين المشاهد، ما يعني أنه “تخبّط محض”، فتهديد المهندس يحيي حسين بسبب انتقاداته اللاذعة للنظام بعد خروجه من السجن وكذلك إعادة اعتقال صحافيين، “كلها رسائل سلبية ما كان يجب توجيهها للمعارضة قبل ساعات من انطلاق الحوار”، كما يجزم.

“هو إذن انعدام حنكة”، برأي قاسم، “تمارسه الأجهزة الأمنية المهيمنة على المشهد، وليس صراع أجنحة، كما يفسّر البعض، فضلاً عن أن هناك افتقاداً للخبرة والتجربة في التعامل مع المعارضة، كما كان يجري في عهود سابقة، حيث كانوا يبادلون بين العصا والجزرة في التعامل مع المعارضة، ولديهم القدرة على المناورة معها، بعكس ما يجري حالياً”.

ويستبعد قاسم حدوث أي تغيير في أي من المجالات التي يجري الحوار حولها، كما أشار المنظمون، فالنظام برأيه “ليس جاداً في القيام بأي تغييرات ذات قيمة في المشهد السياسي أو الحقوقي، إذ أن همّه الأول من خلف الحوار هو تحسين صورته خارجياً، وإزالة الصورة النمطية عنه كنظام يراهن على البلطجة لإرهاب معارضيه، في سبيل الخروج من المأزق الراهن داخلياً وخارجياً”.

ويؤكد قاسم أن “خيارات المعارضة تجاه الرسائل المتضاربة للسلطة، تبدو صفرية، حيث كان يجب عليها أولاً أن تفرض سقفاً معيناً لمطالبها، وتشترط تنفيذها قبل المشاركة في الحوار”. لكن ما يجري في الوضع الحالي، وفق قوله، “هو سعي السلطة إلى توظيف هذا الحوار لتحسين صورتها أمام الخارج فحسب، ولن تقتنص المعارضة أي مكاسب من وراء الحوار، في المقابل، إلا بتقديم (النظام) تنازلات جادة تخفف قبضته على السلطة”.

وفي السياق ذاته، يرى عضو الحركة المدنية ورئيس حزب الدستور السابق، علاء الخيام، أنه “كان من المفترض أن تعقد الحركة اجتماعاً عاجلاً للتشاور حول موقفها من الحوار الوطني، خصوصاً بعد استمرار نهج القبض على المواطنين، واستهداف عائلة ومؤيدي أحد أعضاء الحركة المدنية ومرشح رئاسي محتمل (الطنطاوي)”.

ويوضح الخيام، أنه “كان من المقرر عقد الاجتماع أمس السبت أو اليوم الأحد على أبعد تقدير، بالتزامن مع موعد عودة أحمد الطنطاوي إلى وطنه، واحتمالية تعرّضه للتوقيف الأمني أو الاحتجاز، الأمر الذي يستوجب اتخاذ موقف عاجل من جانب الحركة، أما وقد أُجّل موعد عودة الطنطاوي، فقد أجلت الحركة كذلك اجتماعها المقبل إلى موعد لم يحدّد حتى الآن”.

من جهته، يعرب الكاتب الصحافي عبد العظيم حماد، وهو عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، عن اعتقاده بأن “الرسائل المتضاربة والمواقف الغامضة التي تبنتها السلطات المصرية خلال الفترة الأخيرة، تكرس اعتقاداً بأن الدائرة المحيطة بالقيادة السياسية لا ترحب بالحوار، ولا تؤيد الانفتاح في المشهد السياسي، وهي رسالة تمّ التلميح بها لأحزاب المعارضة خلال فترة الإعداد لانطلاق الحوار الوطني”.

ويلفت حماد إلى أن أحزاب المعارضة “ستترقب النتائج التي يمكن أن يحققها الحوار الوطني، وهي تتمنى أن تنفذ السلطة تعهداتها بتحسين المشهد العام، وإحداث اختراق في ملفات بعينها”.

ومن بين هذه الملفات، كما يّذكّر، تعديل قانون الانتخابات وإقرار قانون يسمح للمعارضة بتمثيل مقبول في المجالس النيابية، فضلاً عن ضمان وجود انتخابات تحظى بشفافية، مع إدخال تعديلات على قانون انتخاب المحليات، وتقليص مدد الحبس الاحتياطي وتعديل القانون الحالي، إلى جانب تعديل قانون الإجراءات الجنائية”.

ويؤكد حماد أن “هناك آمالاً معقودة على الحوار، يتمنى المشاركون أن تتحقق عبر إزالة العقبات أمام المؤتمرات الشعبية لأحزاب المعارضة وفعالياتها، وتخفيف القيود على المواقع المحجوبة، وكلها إجراءات في حال تنفيذها، ستسهم في تخفيف الاحتقان في المناخ العام، وتتيح الفرصة أمام تطور العمل السياسي”.

وتعليقاً على التطورات التي رافقت انطلاقة الحوار الوطني، يعتبر الكاتب الصحافي أنور الهواري، أن “الشعارات المرفوعة داخل الحوار الوطني، وفي مقدمتها أن خلاف الرأي لا يفسد للوطن القضية، تختلف كثيراً عن الواقع والسياسات المطبقة على الأرض، حيث قبضة أمنية واعتقالات هنا وهناك”.

ويتساءل الهواري في تدوينات عدة له على موقع “فيسبوك”: “هل هذه ازدواجية تكتيكية مقصودة تجمع بين الحوار والقمع معاً في آن واحد، أم أن الازدواجية نابعة من تناقض أجهزة الدولة ذاتها بين أناس مع الحوار والانفراجة، وآخرين مع القمع والتشديد، أم أن لهذه الازدواجية أسبابا أخرى غير مفهومة؟”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here