سمدار بيري
أفريقيا برس – مصر. كان خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس الماضي، واحداً من أشد وأفظع وأبشع خطاباته في ثماني سنوات حكمه، فقد ظهر أمام طاقم المدراء الأعلى لقناة السويس، مشروعه الأبرز وربما مصدر الدخل المستقر والثابت الوحيد في مصر الكبرى. وأراد أن يشرك جمهور مستمعيه، وليس فقط أولئك الذين اجتمعوا أمامه في القاعة بل مواطني مصر كلهم، في بواطن قلبه. كانت كلمته منفعلة، وللحظة بدا واحداً من الشعب، مثلي ومثلك، بلا تشريفات، يتحدث من البطن، زعيم يخشى على مصير أبناء شعبه، ويعرض الواقع المرير دون أي رتوش.
“أريد أن أشرككم، قال السيسي، في ما يمر على مصر في الأشهر الأخيرة. روسيا وأوكرانيا كانتا موردتي القمح الأساسيتين لنا، وكل هذا توقف دفعة واحدة”.
بالتوازي مع أزمة القمح، انخفضت قيمة الجنيه المصري إلى 13 جنيها للدولار الواحد. وإذا لم يكن هذا بكاف، فإن فرع السياحة، وهو مصدر الدخل الثاني لنا بعد قناة السويس، لا ينجح في الانتعاش. وكل هذا تزامناً مع زيادة أكثر من 25 مليون نسمة في العقد الأخير.
“فكروا في هذا”، واصل الرئيس، “هؤلاء 25 مليونا نحتاج لأن نطعمهم، ونلبسهم، ونرسلهم إلى المدارس، ونجد لهم حلول سكن وصحة، ولاحقاً أيضاً أماكن عمل. وإذا لم نجد حلولاً -أجمل صورة الوضع البشع- “نغرق دفعة واحدة”. سيدعي معارضوه بأن السيسي ومستشاريه استثمروا عشرات ملايين الدولارات في الأماكن غير الصحيحة.
سيدعون بأنه ممثل، ومخادع، وبأن محيطه القريب يعرف كيف يستغل مكانته العليا ويطالب بالأموال من تحت الطاولة، وهو يوزعها، على حساب شعبه. أما أنا فقد أقنعني. كل من يعرف الشرف المصري يقسم بأنه من الصعب تزوير خطاب ممزق للقلب كهذا. والحقائق البشعة التي عرضت فيه منطقية أيضاً.
سهل الانتقاد، والأصعب من ذلك إيجاد حلول لدولة فقيرة اجتاز عدد سكانها المئة مليون منذ زمن بعيد. فكروا في هذا: 107 مليون رجل وامرأة، شيخ وشاب، 80 في المئة منهم في وضع اقتصادي صعب، قلة فقط ربما تحلم بأن تكون لها حياة معقولة إلى هذا الحد أو ذاك.
وحتى هؤلاء، يحصل لهم ذلك بفضل الرواتب التي يتلقونها من إمارات الخليج في الغالب. في الإمارات، مثلما في السعودية، آلاف العمال والمهندسين والأطباء والمعلمين من مصر. إذا لم يعملوا هنا فلن يكون لعائلاتهم التي في مصر ما يأكلونه. في حالات عديدة، يأتي العامل المصري لزيارة العائلة مرة كل سنتين أو ثلاث سنوات فقط. وفي أحيان كثيرة يبني لنفسه حياة جديدة في الإمارات وينسى ماضيه.
ما الذي يمكن لإسرائيل أن تفعله كي تساعد مصر؟ لا شيء. لا سبيل لمساعدة دولة من 107 مليون مواطنيها. قد نبدي عطفاً في المستويات العليا، ومن المفضل ألا نهاجم، ومن المجدي أن نفهم. وحتى لو مر ظل أزمة سياسية بين القاهرة وتل أبيب بسبب الوضع في “المناطق” [الضفة الغربية]، على إسرائيل أن تتفهم الضغط الذي هم فيه.
بعد بضعة أيام، سيلتقي رئيس الوزراء يئير لبيد مع نظيره المصري في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. في حديث سيترجم من العربية إلى العبرية وبالعكس، أمام لبيد ما يكفي من الوقت ليختار الكلمات الصحيحة.
الحقيقة؟ السيسي راض عن لبيد. وقد تعلم كيف يكون راضياً من كل من ينتخب في المنصب الرفيع عندنا. وهذا جزء من السر. السيسي هو الجار الذي يمكن أن يدار معه حديث، وأيضاً مع وزير المخابرات المصري عباس كامل، يده اليمنى.
غداً سيسافر الرئيس المصري إلى قطر لطلب المساعدة الاقتصادية. هذا يحصل بعد سنوات من القطيعة بين الدولتين. على إسرائيل أن تأمل بانتهاء رحلة السيسي بنجاح في الخليج. فأزمة مصر سيناريو سيئ جداً لنا أيضاً.
المصدر: يديعوت أحرونوت
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس