أفريقيا برس – مصر. تكشف مصادر مطلعة، أن المقترح المصري، الذي أعلن عنه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بشأن تشكيل قوة حفظ سلام أممية في قطاع غزة والضفة الغربية، هدفه الحقيقي الضغط على المجتمع الدولي وإحراج القوى الدولية الكبرى، في سبيل أن تتحمل مسؤولياتها تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة، وكذلك لمواجهة الخطط الأميركية الإسرائيلية التي تستهدف مصير الفلسطينيين في القطاع. وبحسب المصادر، يدرك المسؤولون المصريون جيداً أن مقترح قوة أممية في فلسطين غير قابل للتطبيق، نظراً لاعتراضات متوقعة في مجلس الأمن، حيث من المرجح أن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض (فيتو) لإجهاض أي تحرك من هذا النوع. كما أن إسرائيل أبدت رفضها القاطع للفكرة، وهو ما عبّر عنه المفاوضون الإسرائيليون خلال اللقاءات التي جرت مع الجانب المصري في إطار المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار ومستقبل غزة.
قوة أممية في فلسطين
بدوره، يؤكد خبير حفظ السلام الدولي السابق وضابط الاتصال السابق في حلف شمال الأطلسي (ناتو) في البلقان، أيمن سلامة، أن المقترح المصري بشأن قوة أممية في فلسطين الذي دعت من خلاله الخارجية المصرية مجلس الأمن، لدراسة إمكانية تشكيل قوة أممية لحفظ السلام في قطاع غزة، سواء كانت قوة حماية أو فرق مراقبة عسكرية، يعد “مقترحاً موضوعياً ووجيهاً ومشروعاً”، لكنه يواجه تحديات كبيرة تحول دون تنفيذه، ذلك أن “مجلس الأمن هو الجهة الوحيدة المخولة داخل الأمم المتحدة بإصدار قرار بإنشاء مثل هذه القوات”، وهو ما يتطلب موافقة الدول الخمس دائمة العضوية.
ويستشهد سلامة بحالة استثنائية لا يمكن القياس عليها، وهي قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1956 خلال العدوان الثلاثي على مصر (بريطانيا، فرنسا، إسرائيل)، حين تمّ إنشاء قوة الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة، وذلك خارج إطار مجلس الأمن. ويضيف الخبير أن القرار الأممي في ذلك الوقت نصّ على نشر القوات الدولية في مصر وإسرائيل، إلا أن الأخيرة رفضت السماح بانتشار قوة أممية في صحراء النقب، ما يعكس الموقف الإسرائيلي المتكرر من رفض أي وجود لأي قوة أممية في فلسطين.
وفي السياق، يشير سلامة إلى أن “هناك محاولات سابقة من الاتحاد الأوروبي لإنشاء قوة متعددة الجنسيات في غزة والضفة الغربية، لكن إسرائيل، بصفتها سلطة الاحتلال، رفضت بشكل قاطع ومتواتر هذه المقترحات”. ويتابع: “السابقة الوحيدة التي قبلت فيها إسرائيل نشر مراقبين دوليين كانت في مدينة الخليل، لحماية السكّان الفلسطينيين من انتهاكات المستوطنين. ورغم ذلك، فإن هؤلاء المراقبين غير المسلحين لم يستمروا في أداء مهامهم أكثر من خمسة أعوام، حيث قامت إسرائيل بطردهم في انتهاك واضح للاتفاق المبرم مع القوة متعددة الجنسيات هناك”.
بدوره، يؤكد المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير محمد حجازي، أن مصر تسعى إلى إقناع الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي برؤيتها لقضية غزة وللقضية الفلسطينية عموماً، مستغلة الإدانات الدولية المتزايدة للجرائم الإسرائيلية في غزة لدفع المبادرة المصرية إلى الأمام على قاعدة إعادة توجيه المسار التفاوضي نحو الحلول السلمية، وإبعاد المشهد عن سيطرة المتشددين في إسرائيل، الذين يقودون المنطقة إلى مزيد من التصعيد والانفجار.
ليس أداة ردع
من ناحيته، يؤكد الكاتب والمحلل في الشؤون الدولية، حسام شاكر، أن أي مقترحات تتعلق بنشر قوات دولية في الضفة وغزة ليست جديدة، إذ طُرحت بأشكال متعددة في السابق، تحت مسميات مثل “الحماية الدولية”، إلا أن الواقع يثبت أن الاحتلال لن يسمح بمثل هذا الانتشار، مدعوماً بالغطاء الدولي، لا سيما من الولايات المتحدة التي توفر له الدعم والحماية. ويشير إلى أن الاحتلال يسعى إلى إبقاء حرية الحركة الكاملة لقواته في الأراضي المحتلة، دون أي قيود. وعلى صعيد التعامل مع القوات الدولية، يشدّد شاكر على أن وجودها، حتى إن تمّ السماح به، لن يشكل رادعاً فعلياً للاحتلال. ويذكّر بأن إسرائيل لم تعر أي اهتمام لوجود قوات دولية في لبنان، كما أنها لم تحترم الترتيبات الأمنية في الجولان السوري.
وفي السياق، يرى الباحث في العلاقات الدولية والعلوم السياسية، عمار فايد، أن جميع المقترحات المطروحة بشأن نشر قوات دولية أو اللجوء إلى مجلس الأمن ليست أكثر من “حركة في المكان”، طالما أن مصر والدول العربية تفتقد الإرادة السياسية الحقيقية، ما يجعلها عاجزة عن إيقاف أجندة (رئيس حكومة الاحتلال) بنيامين نتنياهو، ناهيك عن مواجهة توجهات إدارة دونالد ترامب المحتملة. ويضيف أن مصر، على سبيل المثال، لم تتخذ أي خطوات تصعيدية ملموسة مثل سحب سفيرها من إسرائيل، أو تجميد اتفاقية كامب ديفيد (معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية)، أو حتى وقف مرور السفن الإسرائيلية عبر الممرات المائية الخاضعة لسيادتها، ما يعكس غياب الجدية في محاولة وقف الحرب.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس