عبد المطلب: الصين لا تمانع ربح الآخرين إن امتلكوا القدرة

5
عبد المطلب: الصين لا تمانع ربح الآخرين إن امتلكوا القدرة
عبد المطلب: الصين لا تمانع ربح الآخرين إن امتلكوا القدرة

سحر جمال

أفريقيا برس – مصر. أكد الباحث الاقتصادي المصري عبد النبي عبد المطلب، أن العلاقات مع الصين ليست متوازنة بطبيعتها، فبكين تسعى لتصريف منتجاتها وتحقيق أقصى أرباح، لكنها لا تمانع في تحقيق الآخرين لأرباح إن امتلكوا القدرة.

وقال في حوار مع “أفريقيا برس”، إن الاستثمارات الصينية مفيدة وتوفر تكنولوجيا، لكن شدد على ضرورة أن تهيئ مصر بيئة ملائمة لتعظيم الفائدة.
وأضاف أن مبادلة الديون الصينية باستثمارات تصب في مصلحة الاقتصاد المصري، رغم محدوديتها. وأوضح أن الاستثمارات الخضراء محدودة الأثر، وأن الصراع الصيني الأميركي لم يمتد إلى مصر بعد، لكنه لم يستبعد تغير ذلك مستقبلاً.

هل ترى أن التوسع الاستثماري الصيني في مصر، والذي بلغ 9 مليارات دولار بنهاية عام 2024، يمثل شراكة متوازنة، أم يخفي نوايا لتحويل السوق المصري إلى مجرد منفذ استهلاكي؟

علينا أن ندرك أمرًا مهمًا، وهو أنه لا وجود لما يُسمى بعلاقات متوازنة مع الصين. الاقتصاد الصيني ضخم وكبير، وله خطط للتوسع والدخول إلى جميع أسواق العالم. فالصين تسعى لتصريف منتجاتها والحصول على أكبر قدر ممكن من الأرباح، لكنها في الوقت ذاته لا تمانع في أن يحقق الآخرون أرباحًا، بشرط أن يكون لديهم القدرة على تحقيقها. فعندما يقدم السوق الصيني لمصر سلعًا عالية الجودة وبأسعار مناسبة، لا يمكننا أن نلوم الجانب الصيني، بل يجب أن نلوم الجانب المصري الذي لم يتمكن من تقديم سلع مماثلة للسوق المحلي.

ما حجم التأثير الفعلي للاستثمارات الصينية على الصناعات المصرية المحلية؟ وهل هناك مخاوف من تهديد الصناعات الناشئة؟

عندما نتحدث عن الاستثمار الصيني، فهو بالتأكيد يُعد إضافة لعملية التنمية في مصر. فهذا الاستثمار يتمثل في إنشاء مشروعات ورفع كفاءة المواد الخام وغيرها. لكن ما كنا نتخوف منه هو زيادة الواردات، خاصة من السلع الرديئة. أما عندما نتحدث عن استثمار، فنحن نتحدث عن رؤوس أموال وتكنولوجيا، وبالتأكيد هذا النوع من الاستثمارات مفيد بكل المقاييس. ومع ذلك، على مصر أن توفر بيئة قادرة على تعظيم الاستفادة من هذه الاستثمارات الصينية.

إلى أي مدى تضمن الحكومة المصرية نقل التكنولوجيا والخبرة من الشركات الصينية إلى السوق المحلي؟

أنا أتذكر شخصيًا عندما كنا نناقش هذه القضية، كانت الأجوبة من الخبراء، سواء من الجانب الصيني أو من الجانب المصري، أن التكنولوجيا متاحة، والمهم أن يكون لديك الأرضية والبيئة المناسبة لكي تتمكن من استخدام هذه التكنولوجيا.

طبعًا لا أريد أن أقول إن عددًا غير قليل من المصانع يأتي بمجموعة من الآلات والمعدات التي يمكن استخدامها في حوالي 10 إلى 20 عملية، لكن المصنع نفسه يستخدمها في عملية واحدة، ولا يُحسن أو ربما لا يعرف أن هذه الآلات يمكن استخدامها في عمليات أخرى.

ومن هنا، فإن الأمر يرتبط بقدرة المصريين أنفسهم على أن تكون لديهم البيئة المناسبة للاستفادة من كل الإمكانيات التي تقدمها الآلات أو التكنولوجيا، سواء من الصين أو من أي دولة أخرى.

هل يمكن القول إن اتفاقيات مبادلة الديون بين مصر والصين تمثل حلاً مبتكرًا أم أنها شكل جديد من أشكال التبعية؟

مسألة اتفاقيات مبادلة الديون باستثمارات ليست جديدة، بل هي قديمة تعود حتى إلى منتصف الثمانينيات، إذ كانت هناك تجارب رائدة بين مصر وألمانيا وهولندا وإيطاليا من أجل مبادلة الديون باستثمارات.

لكن ما تسعى إليه مصر من مبادلة الديون الصينية باستثمارات، هو من أجل جذب استثمارات تُقدّم إنتاجًا، وأيضًا من أجل جذب تكنولوجيا.

ومن هنا فإن مبادلة الديون الصينية، رغم أنها قليلة، باستثمارات هي بالتأكيد تصب في مصلحة الاقتصاد المصري.

ما المكاسب التي تجنيها مصر من تحويل الديون الصينية إلى مشروعات خضراء؟ وهل هذا المسار قابل للتكرار مع شركاء آخرين؟

حول موضوع تحويل الديون إلى مشروعات خضراء، فأنا أعتقد أن هذا حديث نظري، وعادة ما تكون المبالغ قليلة جدًا والمشروعات محدودة.

لكن ما نتحدث عنه هو تحويل جزء كبير من الديون المستحقة، خاصة للدول الأوروبية، إلى استثمارات، بهدف جذب رؤوس الأموال الأوروبية للاستثمار في مصر.

صحيح أيضًا أن هناك ديونًا خليجية، ولكن من المعروف أن الاستثمار الخليجي، حتى في حال قدومه إلى مصر، يتمثل في مشروعات بعيدة عن المشروعات الإنتاجية، فهو يفضل المشروعات الخدمية مثل قطاع العقارات والخدمات والسياحة.

ولذلك، أعتقد أن الهدف من مبادلة الديون باستثمارات هو جذب التكنولوجيا، وأن تكون استثمارات كبيرة.

أما الاستثمارات الخضراء، فهي دائمًا ما تكون في مجالات محددة ومشروعات صغيرة، سواء في مجال الطاقة أو البيئة أو المخلفات أو تدوير المخلفات، فهي عادة ما تكون مشروعات صغيرة من حيث رأس المال والحجم، والاستفادة منها لا تكون بالكم المطلوب.

هل هناك تنافس صيني أمريكي فعلي داخل مصر؟ وكيف تؤثر هذه المعادلة على قدرة القاهرة في الحفاظ على توازن العلاقات الخارجية؟

أنا في اعتقادي أن الصراع الأمريكي الصيني لم ينتقل حتى هذه اللحظة إلى داخل مصر، لأن المسألة ببساطة هي أن الاقتصاد المصري يصدّر سلعًا بعينها ضمن مجموعة اتفاقيات إلى الاقتصاد الأمريكي، ويصدر أيضًا مجموعة سلع محددة إلى الاقتصاد الصيني.

تقريبًا، يصدر إلى الصين بما قيمته مليار ونصف أو ملياري دولار، ويستورد منها بحوالي 11 مليار دولار.

ومن هنا، لا توجد مسألة الصراع على تقاسم السوق المصري، سواء بالنسبة للسلع أو الاستثمارات الأمريكية أو الصينية.

ربما في الفترة القادمة، إذا امتد هذا الصراع في ظل حكم ترامب، يكون هناك جديد، لكن حتى هذه اللحظة لا أعتقد أن ذلك موجود.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here