قضاة مصر… سجال الوزارتين حول البدلات الجديدة

10
قضاة مصر… سجال الوزارتين حول البدلات الجديدة
قضاة مصر… سجال الوزارتين حول البدلات الجديدة

أفريقيا برس – مصر. تدفع الظروف الاقتصادية الصعبة في مصر السلطة إلى إجراء تغيير في سياسة لطالما اتّبعتها لتأمين ولاء فئات مهمة من المجتمع، خصوصاً العاملين في مؤسسات القضاء والأمن.

في هذا السياق، يندرج إرجاء وزارة المالية البت في طلب مقدم من وزارة العدل، يهدف لتحسين الأوضاع المالية للقضاة، بحسب ما كشفت مصادر قضائية لـ”العربي الجديد”.

وتقدمت وزارة العدل بطلب لزيادة بدلات القضاة تحت مسمى “جبر الضرر”، بعد ما لحقت أضرار بالمستوى المعيشي لعموم القضاة، نتيجة ارتفاع الأسعار. ومبدأ “جبر الضرر” يعني في العرف القضائي “درء الأضرار المادية الواقعة على القضاة”، بعد أن استجدت أوضاع اقتصادية أضرت بقطاع عريض منهم.

وانخفضت الدخول المادية واقعياً لشرائح واسعة من المصريين، عقب تخفيض قيمة الجنيه مقابل العملات الرئيسية الأخرى، بنسبة تقترب من ثلثي قيمتها (الدولار تجاوز 25 جنيهاً، قفزاً من 15 جنيهاً مطلع العام الحالي)، بالتوازي مع ارتفاع كبير في الأسعار، ترافق مع شح بعض السلع الأساسية مثل الأرز.

وبرر مسؤولو وزارة المالية إرجاء البت في الزيادات بارتفاع قيمتها البالغة أربعة آلاف جنيه، وهو الحد الأدنى الذي رأت وزارة العدل أنه “مكافئ لزيادات الأسعار، للحفاظ على المستوى المعيشي للقضاة بما يليق بهم، ويعينهم على ممارستهم لمهامهم”.

حالة استياء في الأوساط القضائية

وبحسب مصادر مطلعة على الملف القضائي تسود حالة من الاستياء في الأوساط القضائية، مع ارتفاع نبرة الشكاوى من أوضاع مالية سيئة تعاني منها الأغلبية الساحقة من القضاة.

‏وانتقل النقاش بين القضاة من مجموعات “واتساب” المغلقة إلى الكيانات الجامعة لهم والمعنية بأمورهم، ومنها المجلس الأعلى للقضاء والمجلس الأعلى للهيئات القضائية ونادي القضاة والمجلس الخاص التابع لمجلس الدولة، لتنتقل حالة الاستياء من تراجع الأوضاع المالية للقضاة إلى العلن.

ونوقشت خلال اجتماعات لهذه الكيانات مقترحات متعددة لمواجهة تردي الأوضاع المالية للقضاة، من بينها صرف منح وحوافز مالية للتغلب على معدلات التضخم القياسية، تبلغ قيمتها نحو 4000 جنيه.

ورفع وزير العدل المستشار عمر مروان طلباً بهذا المعنى لوزارة المالية، التي أرجأت البت في الطلب، نظراً لأن “الظروف الاقتصادية للبلاد لا تسمح حالياً بصرف هذا البدل، فضلاً عن أنه سيفتح الباب على مصراعيه أمام مطالب من فئات أخرى تضررت من التعويم الجديد للجنيه”.

تدخّل جهات عليا

واستدعى الجدل بين الوزارتين حول سبل تحسين الأوضاع المالية للقضاء تدخّل جهات عليا، اقترحت “إخضاع الأمر للدراسة”، في محاولة للتوفيق بين مطالب القضاة واحتياجاتهم، وبين حدود الموازنة العامة للدولة.

وتعد رواتب القضاة بين أعلى الفئات في مصر، إلى جانب الجيش والشرطة، فضلاً عن امتيازات أخرى تجعل من الالتحاق بالسلك القضائي أملاً لخريجي كليات الحقوق. والمعروف في مصر أن أبناء القضاة هم الأكثر حظاً في الالتحاق بوظائف آبائهم.

في المقابل، يشكو العاملون بالمحاكم من غير القضاة من فجوة كبيرة في الرواتب والمكافآت والبدلات بينهم وبين القضاة، دفعت بعضهم للتقدم بطلبات لجسر الفجوة، حيث تتماثل الأعباء الوظيفية بين العاملين بالقضاء فيما تتفاوت الدخول بشدة.

وكان رئيس نادي قضاة مصر المستشار محمد عبد المحسن قد بعث برسالة، في يناير/كانون الثاني 2019، إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى، ورئيس محكمة النقض السابق، المستشار مجدي أبو العلا، يلتمس فيها “رفع المعاناة عن القضاة”، على ضوء ما يتعرضون له جراء موجة الغلاء التي تشهدها البلاد.

وقال رئيس نادي القضاة، وقتها: “نلتمس رفع المعاناة عن القضاة، لما انتقص من حقوقهم من فروق الترقيات والعلاوات، وشعورهم بعدم المساواة مع بعض الهيئات القضائية الأخرى، فضلاً عما استشرى أخيراً من شعور بعدم المساواة داخل السلطة القضائية ذاتها، الأمر الذي يؤشر إلى بوادر أزمة واستياء، وفتنة داخلية تُهدد وحدة القضاء، وحسن سير العدالة”.

وأضاف في رسالته: “بحكم تواصلنا مع جموع القضاة، وما استشعرناه من بعض الضيق لديهم، وانطلاقاً من مسؤوليتنا وحرصنا على الصالح العالم، نرفع الأمر إلى مجلسكم الموقر للتفضل بالنظر في بعض الأمور”، مستطرداً: “نحن على يقين من أن جميع القضاة، ورجال النيابة العامة، سيتفهمون ما تتخذونه من قرارات، لعلمهم الأكيد بأنكم الأحرص على مصالحهم، والصالح العام للقضاء”.

عدم صرف حوافز للقضاة

وكانت مصادر قد لفتت إلى أنه “من بين الأسباب التي تسببت في تزايد حالة الاحتقان بين القضاة المصريين، هو عدم صرف أي حوافز أو زيادة البدلات المالية، بما يتلاءم مع الزيادة الكبيرة التي طرأت على أسعار السلع والخدمات، وبما يوازي الحوافز والامتيازات التي حصل عليها العاملون في جهات سيادية أخرى بالدولة”.

وكان عدد من رؤساء الهيئات القضائية قد عبروا عن غضبهم لوزير العدل، بشأن التصريحات التي تصدر عن عدد من الشخصيات السياسية بشأن الحوار الوطني الذي دعا له الرئيس عبد الفتاح السيسي، وما حملته من إشارات عن دور الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية في إطلاق سراح عدد من النشطاء والسياسيين، بالمخالفة للأعراف القضائية، حيث أن هذا الملف هو شأن قضائي، ولا بد أن تكون جميع القرارات والتصريحات الصادرة بشأنه من الجهات القضائية المعنية، سواء النيابة العامة أو رؤساء المحاكم”.

وأوضحت المصادر أن “إطلاق يد الأجهزة الأمنية في هذا الملف، بدون التنسيق مع النيابة العامة والهيئات القضائية ذات الصلة، من شأنه الإساءة لتلك الجهات، كما أنه يسيئ إلى صورة القضاء المصري برمته”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here