محور فيلادلفيا.. فزّاعة نتنياهو لإطالة الحرب على غزة

6
محور فيلادلفيا.. فزّاعة نتنياهو لإطالة الحرب على غزة
محور فيلادلفيا.. فزّاعة نتنياهو لإطالة الحرب على غزة

أفريقيا برس – مصر. لا يتوقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن التأكيد على رغبته بالسيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي بين قطاع غزة ومصر، زاعما أن بدونه لن يستطيع القضاء على حركة “حماس”، فيما تؤكد القاهرة أنها “تضبط حدودها وتسيطر عليها بالكامل”.

وتزامنا مع هذه التصريحات يرتفع يوميا عدد الفلسطينيين النازحين من شمال ووسط القطاع إلى مدينة رفح (أقصى الجنوب) وتحديدا إلى منطقة محور فيلادلفيا بشكل كبير.

وتأتي حركة النزوح هذه في ظل تصاعد الهجمات العسكرية الإسرائيلية على مناطق وسط القطاع ومدينة خانيونس (جنوب)، فيما تشهد الحدود الشرقية لمدينة رفح مواجهات لا زالت محدودة بين الجيش الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية.

بدء إسرائيل عملية عسكرية في محور فيلادلفيا من شأنه أن يثير غضب مصر واستياء واشنطن التي تسعى لتخفيض حدة الحرب.

لكن يبدو أن نتنياهو هو المستفيد من العملية نظرا لأن خطوة كهذه تعني توسع الصراع وإطالته، ما سيبقيه على رأس الحكومة لأطول مدة.

موقع “أكسيوس” الأمريكي، كشف الأحد عن خلافات بين الإدارة الأمريكية وحكومة نتنياهو بشأن ضرورة خفض حدة الحرب على غزة والانتقال إلى مرحلة أكثر تركيزا، وهو ما لا يطبقه نتنياهو حتى اليوم بل يسعى لتوسيع الصراع.

تصريحات متتالية

والسبت، تطرق نتنياهو للمرة الرابعة في مؤتمر صحفي، إلى الموضوع ذاته، قائلا: “من دون السيطرة على محور فيلادلفيا في غزة لا يمكننا أن نقضي على حركة حماس”.

وقبل ذلك بأسبوعين في 30 ديسمبر/ كانون الأول 2023، قال في مؤتمر صحفي آخر، إنّه “يجب أن تسيطر إسرائيل على منطقة محور فيلادلفيا”، مشددا أنه “يجب أن يكون بأيدينا وتحت سيطرتنا، وأي ترتيب غير ذلك لن تقبل به إسرائيل”.

وكان نتنياهو كشف بتصريحات في 10 ديسمبر، خلال حديثه عن “خطته لمستقبل غزة” بعد الحرب، عن نيته “السيطرة على محور فيلادلفيا”، وكرر نتنياهو ذلك في تصريحات أخرى في 15 من الشهر نفسه.

الموقف المصري

وتعليقاً على تصريحات نتنياهو الأخيرة قال متحدث الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، في تصريحات لفضائية محلية مساء السبت، إن مصر “تضبط حدودها (مع غزة) وتسيطر عليها بشكل كامل”.

وأضاف أبو زيد أن هذه “مسائل تخضع لاتفاقيات أمنية وقانونية، وأي حديث بهذا الشأن يخضع للتدقيق ويتم الرد عليه بمواقف معلنة”، دون توضيحات أكثر.

وفي اليوم نفسه، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، نقلا عن مسؤولين إسرائيليين ومصريين لم تسمهم، أن تل أبيب أبلغت القاهرة عن خطتها لتنفيذ عملية عسكرية للسيطرة على حدود غزة مع مصر، في إشارة إلى المحور.

في المقابل، نقلت قناة “القاهرة” الإخبارية المقربة من السلطات المصرية “نفيا عن مصدر مسؤول (لم تسمه) لما تناولته بعض وسائل الإعلام عن وجود تنسيق مصري إسرائيلي بشأن تدابير أمنية جديدة عبر محور فيلادلفيا”.

وفي وقت سابق، ذكرت القناة “12” العبرية (خاصة)، الثلاثاء الماضي، أن القاهرة رفضت طلبا من تل أبيب بأن تتولى إسرائيل تأمين منطقة “محور فيلادلفيا”.

كما أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، “بأن منسق العمليات الحكومية في المناطق الفلسطينية اللواء (الإسرائيلي) غسان عليان زار القاهرة، الثلاثاء، على رأس وفد أمني”.

وأوضحت الصحيفة أن هدف الزيارة كان مناقشة الترتيبات الأمنية في منطقة محور فيلادلفيا، وبحث صفقة جديدة محتملة لتبادل أسرى بين إسرائيل وحركة “حماس”، من دون تفاصيل.

فيما قالت القناة “13” (خاصة): “عاد مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي إلى البلاد مساء الثلاثاء بعد زيارة لمصر، ناقش خلالها توسيع المساعدات الإنسانية لغزة، بطلب من الولايات المتحدة، والوضع في محور فيلادلفيا بعد انتهاء الحرب، والاتصالات المتوقفة بشأن صفقة تبادل للأسرى”، دون تفاصيل أكثر

الوضع الميداني

وبالتزامن مع هذه التصريحات ارتفعت أعداد النازحين في رفح بشكل كبير ليصل عدد سكان المدينة 1.3 مليون نسمة من أصل 300 ألف نسمة عدد سكانها قبل الحرب، وفق تصريحات سابقة لرئيس بلدية رفح أحمد الصوفي.

ودفع الازدحام الشديد في رفح مئات آلاف النازحين إلى بناء خيام قرب الحدود المصرية أي في محور فيلادلفيا، خاصة بالمناطق الواقعة غرب معبر رفح حتى شاطئ البحر.

وعلى الصعيد العسكري، فإن قوات برية إسرائيلية كانت قد تقدمت نهاية ديسمبر بشكل محدود في المنطقة الشرقية لمدينة رفح على مقربة من خط الحدود بين القطاع ومصر.

وأفاد شهود عيان، الأحد، بأن نحو 20 آلية إسرائيلية ما بين دبابة وناقلة جند إضافة لنحو 4 جرافات تقدمت لنحو 300 متر داخل المنطقة الحدودية الشرقية لمدينة رفح خلال الأيام القليلة الماضية.

وخلال الأسبوعين الماضيين، اندلعت اشتباكات متفرقة بين فصائل المقاومة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية المتوغلة شرق رفح، وفق مصادر محلية وشهود عيان.

وذكرت المصادر أن الاشتباكات تقع عادة قرب معبر “كرم أبو سالم” وشرق معبر رفح، وتستخدم خلالها القوات الإسرائيلية قذائف المدفعية بشكل كثيف.

كما نفذت الطائرات الحربية والآليات المدفعية الإسرائيلية قصفاً عدة مرات للشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر.

وتبقى وتيرة الاشتباكات بين فصائل المقاومة والقوات الإسرائيلية المتوغلة شرق رفح منخفضة نسبيا مقارنة مع ما يحدث بمدينة خانيونس المجاورة.

ما هو محور فيلادلفيا؟

يسمى أيضاً “محور صلاح الدين” ويقع على امتداد الحدود بين غزة ومصر، وهو ضمن منطقة عازلة بموجب اتفاقية السلام “كامب ديفيد” بين مصر وإسرائيل عام 1979، ولا يتجاوز عرضه مئات الأمتار، ويمتد بطول 14.5 كيلومترا من البحر المتوسط حتى معبر “كرم أبو سالم”.

ووفقا لاتفاقية “كامب ديفيد” فإن المنطقة الحدودية (محور فيلادلفيا) تقع ضمن الأراضي الفلسطينية وأطلق عليها تصنيف الحرف “دال”، وتخضع لسيطرة القوات الإسرائيلية التي حددت بحسب الاتفاقية بكتائب مشاة، تصل إلى 180 مركبة مدرعة من الأنواع كافة، وطاقم مكون من 4 آلاف عنصر، إضافة إلى منشآت عسكرية وتحصينات ميدانية.

ومنعت الاتفاقية وجود أي قوات مسلحة على الأراضي المصرية المتاخمة للحدود الفلسطينية التي أطلق عليها تصنيف الحرف (جيم)، وسمحت فقط لشرطة مدنية مصرية بأداء مهامها الاعتيادية بأسلحة خفيفة.

وظلت القوات الإسرائيلية مسيطرة على “محور فيلادلفيا” إلى حين انسحاب إسرائيل من قطاع غزة منتصف أغسطس/آب 2005، وتسليمه للسلطة الفلسطينية التي منحت الإشراف على المناطق الحدودية والمعابر، بوجود مراقبين من الاتحاد الأوروبي.

ونصت خطة “فك الارتباط” (الانسحاب الإسرائيلي من غزة) على احتفاظ إسرائيل “بوجود عسكري لها على طول الخط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة ومصر (محور فيلادلفيا)” في المرحلة الأولى.

وذلك لتوفير الحماية الأمنية التي قد تتطلب توسيع المنطقة التي تتم فيها النشاطات العسكرية، وجعلت الاتفاقية إخلاء المنطقة مشروطا بالواقع الأمني والتعاون المصري في التوصل إلى اتفاق موثوق.

وفي سبتمبر/ أيلول 2005، تم توقيع “اتفاق فيلادلفيا” بين إسرائيل ومصر الذي تعتبره إسرائيل ملحقا أمنيا لمعاهدة السلام 1979، وتقول إنه محكوم بمبادئها العامة وأحكامها.

ويتضمن الاتفاق نشر قوات مصرية على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة، وتُقدر بنحو 750 جنديا من حرس الحدود، ومهمتهم تتمحور فقط في مكافحة “الإرهاب والتسلل عبر الحدود والتهريب والكشف عن الأنفاق”.

وبموجب هذا الاتفاق انسحبت إسرائيل من محور فيلادلفيا وسلمته مع معبر رفح إلى السلطة الفلسطينية.

وعام 2007، سيطرت حركة “حماس” على قطاع غزة، وخضع محور فيلادلفيا لهيمنتها، وفرضت إسرائيل حصارا خانقا على القطاع، الأمر الذي دفع الفلسطينيين لعبور الشريط الحدودي باتجاه مصر للتزود بالطعام والشراب والمواد الأساسية لحياتهم، وعلى إثر ذلك فرضت القوات المصرية الأمن بفيلادلفيا ثم تراجعت لأماكنها.

ومع إحكام الحصار لسنوات على القطاع، حفر الفلسطينيون في غزة مئات الأنفاق أسفل محور فيلادلفيا وصولا إلى مصر، لتشكل طريقا رئيسيا لاستيراد احتياجاتهم الأساسية، قبل أن تنتهي هذه الظاهرة عام 2014 وليتبعها بعد سنوات قليلة دخول البضائع من مصر إلى غزة عبر معبر رفح بشكل رسمي.

ولم تعد منطقة محور فيلادلفيا خالية من السكان الفلسطينيين كما كانت خلال فترة الوجود الإسرائيلي بتلك المنطقة، فالمنازل الفلسطينية امتدت مقتربة بشكل كبير من السياج الحدودي وفي بعض النقاط تكون ملاصقة له تماماً باستثناء المناطق الشرقية لمعبر رفح والمنطقة القريبة من شاطئ البحر.

حسابات مكلفة

تصريحات نتنياهو لم تقدم الكثير من التفاصيل حول سبب إصراره على السيطرة على المحور، لكنه أكد أنه بدون هذه الخطوة لن تستطيع إسرائيل القضاء على حركة “حماس”، ليظهر أن الهدف مرتبط بإحكام الحصار على غزة بالكامل وفصلها عن الأراضي المصرية.

أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، قال في تغريدة عبر منصة “إكس”، إن تصريحات نتنياهو “دليل واضح على قرار عودة الاحتلال بالكامل وتدمير للاتفاقيات مع مصر، وكما قلنا سابقا إنهاء كل الاتفاقيات مع منظمة التحرير الفلسطينية”.

وأضاف الشيخ في 30 ديسمبر: “هذا يستوجب قرارا فلسطينيا عربيا موحدا لمواجهة تداعيات هذه الحرب العدوانية ومحاولات نتنياهو فرض وقائع جديدة جراء هذه الحرب”.

وفي هذا السياق، نقل تحليل نشرته قناة “I24NEWS” الإسرائيلية عن خبراء عسكريين، أن تحرك “الجيش باتجاه محور فيلادلفيا يهدف إلى فصل قطاع غزة عن صحراء سيناء ومصر”.

وأضاف التحليل أن “إسرائيل ترغب في تأمين أكبر لحدودها الجنوبية كي لا تصبح معبرا لإمداد الفصائل الفلسطينية بالسلاح”.

فيما يرى مراقبون أن الخطة الإسرائيلية للسيطرة على المحور ستوجب على الطرفين المصري والإسرائيلي توقيع اتفاق جديد يتيح للقوات الإسرائيلية للعودة إلى الحدود بعد انسحابها منها في 2005.

غير أنه لا يوجد تصريح رسمي بهذا الشأن القانوني من الجانبين، وعلى جانب ثالث، ترفض الفصائل الفلسطينية الخطوة بأي شكل من الأشكال، وتقاتل أي قوات إسرائيلية تحاول التوغل.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here