مصر تتصدر دول الأسواق الناشئة الأكثر عرضة لأزمات العملة

9
مصر تتصدر دول الأسواق الناشئة الأكثر عرضة لأزمات العملة
مصر تتصدر دول الأسواق الناشئة الأكثر عرضة لأزمات العملة

خالد المنشاوي

أفريقيا برس – مصر. على رغم التحركات المكثفة للحكومة المصرية بالتعاون مع البنك المركزي المصري لضبط سوق الصرف والوصول إلى سعر عادل لصرف الدولار في السوق المصرية، كشف تقرير حديث عن أن مصر هي الدولة الأكثر عرضة لأزمة عملة بين الأسواق الناشئة خلال الأشهر الـ12 المقبلة. وتصدرت مصر القائمة بين 32 سوقاً ناشئة مدرجة على مؤشر “داموكليس” التابع لبنك “نومورا” الياباني، ما يلفت إلى وجود فرصة قوية بأن تتعرض البلاد لأزمة في سعر الصرف خلال الأشهر المقبلة.

ومنذ بداية العام الحالي تشهد سوق الصرف في مصر تحولات كبيرة بعد ظهور فجوة ضخمة في سعر صرف الدولار في السوق الرسمية والسوق الموازية. وعقب التعويم الأول الذي أعلن عنه البنك المركزي المصري في اجتماعه الاستثنائي خلال شهر مارس (آذار) الماضي، تراجع سعر العملة المصرية بنحو 24 في المئة، بعد أن قفز سعر صرف الدولار من مستوى 15.74 جنيه إلى نحو 19.64 جنيه في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

لكن منذ التعويم الثاني في نهاية أكتوبر الماضي، وحتى الآن، تراجع سعر الجنيه بنحو 25.25 في المئة، بعد أن ارتفع سعر صرف الدولار من مستوى 19.64 جنيه إلى نحو 24.60 جنيه في الوقت الحالي. أما بالنسبة إلى إجمالي خسائر الجنيه المصري منذ مارس الماضي وحتى تعاملات اليوم، فقد تراجعت العملة المصرية بنحو 56.28 في المئة مقابل الدولار، بعد أن صعدت الورقة الخضراء بنحو 8.86 جنيه.

وفي نهاية شهر أكتوبر الماضي أعلنت الحكومة المصرية عن توصلها إلى اتفاق في شأن الحصول على حزمة تمويلية بقيمة تسعة مليارات دولار، منها ثلاثة مليارات من صندوق النقد الدولي. ومن المتوقع أن تتراجع وتيرة خسائر الجنيه المصري مقابل الدولار مع وصول الشريحة الأولى من الحزمة الخاصة بصندوق النقد الدولي والتي يرجح وصولها خلال ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

تجاوز مستويات الأمان بشكل كبير

وأشار تقرير “نومورا” إلى أن مصر تجاوزت مستوى الأمان بكثير، إذ حصلت على 165 نقطة في نموذج “داموكليس”، لتنضم إلى ستة بلدان أخرى ضمن قائمة البلدان الأكثر عرضة لحدوث أزمة عملة، والتي من بينها رومانيا (145)، وتركيا (138) وباكستان (120). وقال البنك إنه “على رغم أن عملات مصر وسريلانكا وتركيا وباكستان انخفضت قيمها بشدة في الـ12 شهراً الماضية، فإن نموذج داموكليس يشير إلى أنها لم تخرج من دائرة الخطر بعد، جراء الأساسات الاقتصادية التي لا تزال ضعيفة بما في ذلك التضخم المرتفع”.

ونموذج “داموكليس” هو بمثابة إنذار مبكر تبناه “نومورا” لأزمات أسعار الصرف في الأسواق الناشئة. وهناك ثمانية مؤشرات رئيسة للمؤشر، والتي تشمل احتياطيات العملات الأجنبية، والديون الخارجية قصيرة الأجل، ومعدل الفائدة الحقيقي قصير الأجل، والرصيد المالي وغيرها. ويقول البنك إنه إذا تجاوز المؤشر مستوى 100 درجة، فإن الدولة لديها فرصة بنسبة 64 في المئة لتعرض عملتها للصدمة في الأشهر الـ12 المقبلة.

وأشار البنك إلى أن تخفيض قيمة الجنيه مقابل الدولار الأميركي إلى جانب تأكيدات الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي تسببا في عودة تدفقات العملات الأجنبية للبلاد – في الأقل لسوق الأسهم، والتي ارتفعت بنحو 20 في المئة منذ إعلان البنك المركزي المصري قرار التعويم الثاني خلال الشهر الماضي. وستمنح البيانات التي من المقرر صدورها في الأشهر المقبلة فكرة حول مدى تأثير سوق السندات المحلية على الحساب الجاري.

كما لم يقدم مؤشر “داموكليس” صورة وردية للأسواق الناشئة، إذ شهدت معظم البلدان المدرجة على المؤشر ارتفاعاً في أخطار حدوث أزمة لعملاتها، مع ارتفاع النتائج الإجمالية بشكل كبير إلى 2.234 نقطة مقابل نحو 1.744 نقطة في التحديث السابق في مايو (أيار) الماضي.

وقال البنك الياباني “تعد هذه أعلى درجات إجمالية منذ يوليو 1999، وليست بعيدة جداً من ذروتها البالغة نحو 2.692 نقطة والمسجلة خلال أزمة الأسواق الآسيوية، مما يعد مؤشراً تحذيرياً على تنامي الأخطار تجاه عملات الأسواق الناشئة”.

استمرار ضغوط التمويل الخارجي

وقبل أيام، أعلنت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني تعديل نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري من “مستقرة” إلى “سلبية”، مرجعة ذلك إلى “تدهور” وضع السيولة الخارجية للبلاد. وأبقت الوكالة على التصنيف الائتماني للبلاد عند مستوى (+B)، وعزت ذلك إلى النمو الاقتصادي القوي، و”الدعم الدولي القوي” من الحلفاء الخليجيين والشركاء الدوليين.

لكن في الوقت نفسه، حذرت الوكالة من أنها قد تخفض التصنيف خلال الأشهر المقبلة، إذا استمرت ضغوط التمويل الخارجي أو لم تتمكن الحكومة من خفض العجز وتقليص نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي. ويعكس التخفيض “تدهور وضع السيولة الخارجية وتراجع آفاق الوصول إلى سوق السندات، مما يجعل البلاد عرضة لظروف عالمية معاكسة في وقت ارتفاع عجز الحساب الحالي وآجال استحقاق الديون الخارجية”.

وفي شهر مايو (أيار) الماضي، كانت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني أعلنت تعديل نظرتها المستقبلية لمصر إلى “سلبية”. وأبقت وكالة “ستاندرد أند بورز” الشهر الماضي، على التصنيف السيادي للبلاد عند مستوى (B) مع توقعات مستقبلية مستقرة، وذلك على خلفية التوقعات بتمويلات قادمة من صندوق النقد الدولي ودول الخليج.

وأرجعت وكالة “فيتش” تعديل نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري إلى التدهور في وضع السيولة بالعملة الأجنبية وانخفاض آفاق وصول مصر إلى سوق السندات، مما يتركها تصارع عواقب الأحداث العالمية في وقت يسجل فيه حسابها الحالي عجزاً مرتفعاً وينتظرها سداد ديون خارجية.

تمويلات تغطي التزامات العام الحالي فقط

وأشارت “فيتش” إلى تراجع الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي لأقل من 32 مليار دولار بنهاية أكتوبر الماضي، مقابل نحو 35 مليار دولار في مارس (آذار) ونحو 40 ملياراً في فبراير (شباط). وعلى رغم استقرارها في الأشهر الأخيرة فإن معدل تغطيتها للمدفوعات الخارجية الجارية أقل من متوسط تغطية قريناتها صاحبات التصنيف نفسه عند أربعة أشهر.

وذكرت الوكالة الدولية أن “مصر تواجه موقفاً مركباً على صعيد مدفوعات الدين الخارجي والتي قدرتها بنحو ستة مليارات دولار في العام المالي 2023 وتسعة مليارات دولار في العام المالي 2024، باستبعاد ودائع الخليج والقروض الثنائية التي على الأرجح قابلة للتمديد”. وقالت إن ما كشفت عنه الحكومة المصرية من تمويلات تغطي ما تحتاج إليه خلال العام المالي الحالي في حال عادت بعض استثمارات المحافظ المالية، وتدفقت 10 مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بدعم من خطة الخصخصة من الحكومة بخاصة لصالح المستثمرين في دول مجلس التعاون الخليجي.

وفي ما يتعلق بالتوقعات الخاصة بالتضخم وقيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، رجحت “فيتش” أن يؤدي خفض الجنيه إلى زيادة معدلات التضخم، مما يرفع معدلاته على الأرجح إلى مستوى 17 في المئة في المتوسط على أساس سنوي خلال العام المالي الحالي، و12 في المئة في العام المالي المقبل، بافتراض “ارتفاع متواضع” لقيمة الجنيه مقابل الدولار ليصل إلى 24 جنيهاً.

وأشارت الوكالة إلى أن الأخطار “تميل إلى الاتجاه الصعودي” وأن البنك المركزي المصري قد يشرع في إقرار مزيد من زيادات أسعار الفائدة لترويض التضخم المرتفع والذي سجل خلال الشهر الماضي أعلى مستوى له في أكثر من أربع سنوات.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here