منتزه الإسكندرية: حفلة إعادة بناء أخرى

51

قبل أيام، نشر عدد من المواقع الإخبارية المصرية، مواضيع بعنوان “تعرّف على حقيقة غلق حدائق المنتزه”. كان اللافت في الأمر، أن بعض المواقع نفت الغلق، والبعض الآخر أكده على لسان مصادر رسمية، مشيرين إلى أن منتزه الإسكندرية سيتم غلقه بالكامل اعتبارا من يوم 1 أكتوبر/تشرين الأول، لبدء أعمال البناء وإعادة إحياء حدائق المنتزه.

وطبقًا للمعلن عنه، فإنه سيتم استخدام الطرق الحديثة من عوامل جذب السياح الأجانب، مثل بناء “فيلا عائمة”، وردم مساحة من المياه، لعمل أشكال هندسية مثيرة للجذب، و”نوافير تعانق السماء”، وألعاب مائية من أحدث طراز، وشاليهات تضاهي أجمل شاليهات أوروبا، وكافيهات بـ”طراز معماري” مبهر، ليجمع “المنتزه” بين سحر “جزر الكاريبي” وروعة “منتجعات دبي”.

لاحقاً، تناولت البرامج الحوارية والإخبارية المصرية الملف. وفي هذا الصدد، قال رئيس الهيئة العامة لحماية الشواطئ، مدحت حنا، بشكل قاطع، في مداخلة مع برنامج “حضرة المواطن”، إن “منطقة حدائق المنتزه سيعاد تأهيلها وتجميلها بالكامل، من دون قطع أشجارها. وإن المنطقة الخضراء ستعود أفضل مما كانت ولن تُزال”.
ثم اختتم حنا حديثه قائلًا: “هذا المشروع رئاسي كبير، وسيكون منطقة للجذب السياحي. وعمليات التطوير ستستمر لمدة عام أو عامين، وسيتم تدعيم الحائط البحري، وتطوير الكوبري، وهذه الأعمال ستبدأ خلال شهرين”.

هذه الخطوة ــ التطوير ــ وكونها تدخل في إطار مشروع رئاسي، طالما أثارت تخوفات السكندريين بشكل خاص والمصريين بشكل عام، خاصة مع الصور التي نشرت لبدء أعمال التطوير، بقطع عدد من الأشجار التاريخية هناك.

وكانت الأجهزة التنفيذية في محافظة الإسكندرية، قد بدأت في الأول من يونيو/حزيران 2019، تطوير المنتزه، بإزالة عشرات من أشجاره التاريخية، تنفيذاً لقرار الرئيس عبد الفتاح السيسي المتعلق بتطوير المنطقة، في إطار تصميم عالمي يتسق مع مكانتها وقيمتها، بذريعة رفع كفاءة الخدمات المقدمة فيها، واستعادة الوجه الحضاري للمنتزه كأحد أهم معالم الإسكندرية، بما يسهم في إعادة إحياء السياحة الشاطئية في المدينة الواقعة على البحر الأبيض المتوسط.

كانت الأجهزة التنفيذية في محافظة الإسكندرية، قد بدأت في الأول من يونيو/حزيران 2019، تطوير المنتزه، بإزالة عشرات من أشجاره التاريخية

وفي 24 مايو/أيار 2019، أصدر السيسي قراراً حمل رقم 157 لسنة 2019 بتشكيل لجنة تطوير قصر المنتزه في محافظة الإسكندرية.

وتستهدف عملية “التطوير” ربط المنطقة بحرياً مع باقي موانئ حوض البحر المتوسط، من خلال إقامة مرسى عالمي للسفن واليخوت، وإنشاء كورنيش مفتوح، فضلاً عن برنامج متنوع من الفعاليات الفنية والرياضية. وفي المقابل، إزالة جميع الكبائن (الغرف الصغيرة) المطلة على الشاطئ، إلى جانب العديد من الحدائق الخضراء التي تضم نباتاتٍ وأشجاراً نادرة، بما يُنذر بالقضاء على الطابع التراثي المميز لحدائق المنتزه.

وعلى منصات التواصل الاجتماعي، انتشرت دعوات لإشراك أبناء الإسكندرية في تفاصيل التطوير، وتحذيرات من خطورة القضاء على طبيعة الطراز المعماري التاريخي للمنتزه، وكذلك التأثير على البنية التحتية للحي بشكل كامل، إضافة إلى مخاوف من تحويله إلى مشروع استثماري يدرّ دخلًا على الحكومة ويحرم فئات عريضة من المجتمع كان متنفسًا رحبًا لها في يوم ما.

تستهدف عملية “التطوير” ربط المنطقة بحرياً مع باقي موانئ حوض البحر المتوسط، من خلال إقامة مرسى عالمي للسفن واليخوت، وإنشاء كورنيش مفتوح، فضلاً عن برنامج متنوع من الفعاليات الفنية والرياضية

قصر المنتزه هو أحد القصور الملكية في مصر، بناه الخديوي عباس حلمي الثاني عام 1892 في مدينة الإسكندرية. يقع القصر داخل حدائق تعرف باسمه “حدائق المنتزه”. ويضم فندق “هلنان فلسطين” التاريخي الذي استضاف القمة العربية الثانية في عام 1964.

حسب المعلومات المنشورة على موقع الهيئة العامة للاستعلامات -جهة حكومية مصرية- فقد شيد القصر محمد علي باشا ليكون مقرا صيفيا لأسرة محمد علي باشا، لقضاء أشهر الصيف الحار، وأطلق عليه “قصر المنتزه”. وحتى جلوس الملك فاروق على عرش مصر، ظل قصر المنتزه مقر الاصطياف للأسرة الملكية.

وتكمن روعة القصر في موقعه الفريد على شاطئ الإسكندرية، حيث بني فوق هضبة مرتفعة تحوطه الحدائق والغابات على مساحة 370 فدانا، كما تجمع عمارته بين الطرازين الفرنسي والعثماني الإسلامي، وتشمل الحدائق أحواضا للزهور والنباتات والأشجار وملاعب وحديقة للأطفال ومسرحا صيفيا ومركزا للرياضيات البحرية.

ومن المعالم الأثرية الباقية في قصر المنتزه برج الساعة الشهير وكشك الشاي- حيث كان يحتسي فيه الملك الشاي وقت العصر لمناقشة أمور الحكم، ويؤدي إليه كوبري الشاي- الذي بني على الطراز الروماني والمطل على شاطئ البحر المتوسط، بالإضافة إلى سينما الأميرات المجاورة لقصر الملك، وهي عبارة عن حديقة غناء مسوّرة وبها حائط كبير مجهز لعرض أفلام السينما العالمية لتسلية الأميرات.

يتبع قصر المنتزه قصران آخران يشبهانه في الطراز والمعمار النادر؛ أولهما قصر “الحرملك” الذي كان يقيم فيه حريم الملك ونساء الحاشية التابعة للأسرة الملكية، والذي تحول الطابق الأول فيه إلى كازينو عالمي، والطابقان الثاني والثالث إلى فندق فاخر. بني هذا القصر في حديقة كبيرة فريدة في تنسيقها ليشرف على واحد من أهم خلجان الإسكندرية وهو خليج المنتزه، وتضم حديقة القصر غابات كثيفة تطل على شاطئ البحر المتوسط.

أما قصر “السلاملك” فقد بني ليقيم فيه رجال الحاشية الخاصة بالملك، والذي تحول الآن إلى فندق سياحي فاخر يقيم فيه المصطافون وهو على درجة عالية من الفخامة.

وفاز مؤخراً تحالف أوروبي بقيادة منظمة “إرنست ويونغ” بصفقة وضع الدراسات المالية والعمرانية والمساحات الخضراء والتسويقية لمنطقة قصر المنتزه، من أصل 16 جهة استشارية تقدمت للحكومة بمقترحات لتطوير المنطقة خلال الفترة الماضية، ليضع التحالف الاستشاري تصوره خلال ستة أشهر، متضمناً الشكل الأمثل لتنفيذ المشروع، سواء من خلال ملكية الدولة، أو الطرح للبيع على المستثمرين، أو الشراكة بينهما.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here