حسام عبد البصير
أفريقيا برس – مصر. أحداث ثلاثة فارقة شغلت الرأي العام أمس الاثنين 29 أغسطس/آب، الأوضاع في الوراق، وسوء التوفيق الذي يلازم “فخر العرب” في المملكة المتحدة، وتراجع الكاتب عماد الدين أديب عن توقعاته السابقة، إذ اعلن أن معظم ما تواجهه مصر في الوقت الراهن ليس من صنع القيادة، وإنما لأقدار عاتية تواجه العالم بأسره، فضلا عن بعض المسؤولين الذين لا يحسنون تنفيذ الخطط المعدة سلفا.. الحدث الأبرز على المستوى الشعبي حول اللاعب العالمي فخر العرب، فعلى الرغم من التسعة أهداف القاسية التي دك بها ليفربول مرمى منافسه بورتموث في الدورى الإنكليزى، فإن نجم مصر وفريق «الريدز» محمد صلاح تعرض لحملة شديدة من الانتقادات، بعد شبح الفشل في التسجيل الذي لازمه في هذه المباراة التاريخية للفريق، لاسيما بعد إهداره أكثر من فرصة محققة، وعدم مشاركته على الإطلاق في حفل التهديف النموذجي، لأبناء يورغن كلوب على مدى تسعين دقيقة، ومن ثم ابتعاده عن صدارة الهدافين بفارق أربعة أهداف كاملة، بعدما توقف رصيده عند هدفين مقابل ستة للنرويجي إيرلينج هالاند مهاجم مانشستر سيتى.
ومن اخبار مؤسسة الرئاسة: وجه الرئيس السيسي بصياغة حزم تحفيزية للأطباء وتطوير منظومة مالية من شأنها الارتقاء بدخل الطبيب، وتحسين بيئة العمل الخاصة بهم، لاسيما في التخصصات الطبية النادرة، مع منح امتيازات خاصة للأطباء العاملين في المحافظات النائية، وكذلك تعديل منظومة تكليف الأطباء بالكامل. ومن أخبار البرلمان أكد المهندس ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، أن قرارات البنك المركزي الجديدة تفيد السوق المصري وتسهم في سهولة التعاملات، خاصة بعد برفع الحد الأقصى للسحب إلى 150 ألف جنيه، بدلا من 50 ألف جنيه بالنسبة للأفراد، متوقعا حدوث طفرة في القطاع المصرفي، ومنها فتح الاستيراد نسبيا. وأوضح أن الدولة في السابق كانت تخطئ في الدفاع عن الجنيه على حساب الاحتياطي الدولاري، ونفى كل ما يتردد عن تغير سعر الدولار في منتصف سبتمبر/أيلول. ومن أخبار الاقتصاد: أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن صندوق النقد الدولي يدعم خطط الحكومة المصرية الخاصة بتطبيق برامج الحماية الاجتماعية، وأكد أن المفاوضات الجارية حاليا مع صندوق النقد، للحصول على برنامج جديد لا يتضمن أي شروط خاصة بإلغاء أي أشكال من الدعم، سواء الخاصة برغيف الخبز أو دعم السلع التموينية.. وأكد وزير المالية أن المشاورات ما زالت مستمرة مع صندوق النقد الدولي حتى الآن وتسير في اتجاه مطمئن، وشدد على عدم صحة ما يثار حول قيمة القرض المتفق عليه مع صندوق النقد، وأكد أنه لم يتم حسم المبلغ حتى الآن. ومن الاخبار التي جددت احزان الكثيرين: أعلن المعهد الدولي للإعلام نتيجة الطالبة سلمى بهجت، المعروفة إعلاميا بـ«طالبة الشرقية»، التي لقيت مصرعها طعنا منذ 3 أسابيع، أن الدرجات النهائية للضحية حصولها على درجة ممتاز مع مرتبة الشرف في قسم الصحافة.
كلنا نعاني
من الحرب على عماد الدين أديب ومن سار على دربه ما ألمح إليه الدكتور محمد حسن البنا في “الأخبار”: تعاني امريكا والبلدان الأوروبية نقصا كبيرا في الطاقة، وانفلاتا في الأسعار، فما بالك بدولة فقيرة مثل مصر. عندما حدثت أزمة اقتصادية عالمية في العقد الأخير من القرن الماضي اخترع علماء الاقتصاد والإدارة الحوكمة، وما تضمنه من مبادئ الشفافية والعدالة والمساواة واللامركزية والمحاسبية والمشاركة والاستجابة. وهي المبادئ التي أعادت الاتزان للاقتصاد والإدارة في العالم. أما الأزمة الحالية فحتى الآن لم يقدم لنا خبير أو متخصص في الاقتصاد الحلول الناجحة للخروج من الأزمة. أؤكد من جديد أن الذي يفكر في الحلول خبراء ومتخصصون، وليس كل من هب ودب، كما يحدث عندنا، خاصة على السوشيال ميديا. مثلا في الأزمة الحالية في أمريكا تحدث كبير الخبراء لصندوق النقد الدولى وأستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد كينف روغوف في مقابلة مع قناة بلومبرغ الأكثر تخصصا في الاقتصاد العالمى، عن أن البنك الفيدرالي الأمريكي قد يضطر إلى رفع سعر الفائدة على الدولار إلى 5%، بسبب التضخم الذي تعاني منه أمريكا وهو الأقوى من 40 سنة. أما عندنا فتجد غيابا للخبراء والمتخصصين مع ظهور للجهلة الذين يفتون بما لا يعلمون عن الاقتصاد. ونحن في وقت يمر فيه العالم بأزمة عنيفة، لم نرْ مثلها من قبل. عيب وحرام أن تقول أو تخوض في ما لا تعلم. أما من لديه الرؤية والحل، فعليه أن يقدمها للدولة، وعليه أن يجيب عن سؤال: كيف لنا، مع ضعف الموارد، وزيادة السكان سنويا 2.5 مليون نسمة أن نحد من الأزمة الاقتصادية؟ لا أقول هذا تبريرا للحكومة، بل أنا جاد في دعوة رجال العلم والخبرة للإدلاء بأفكارهم ومقترحاتهم للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية. فالحديث الآن للعلم والعلماء.
مفترى عليها
من بين المدافعين عن السلطة وجهودها محمود مسلم في “الأخبار”: ظاهرة إهالة التراب على كل شىء بمجرد مواجهة أزمة، أصبحت آفة لدى بعض النخب المصرية، فالأزمات يجب أن تواجَه على قدر حجمها، وبالمنطق والعقل، وليس بالعويل والتعميم والهدم.. هذا بالضبط ما حدث مع المشروعات القومية المفترَى عليها. ما أن هبّت الأزمة الاقتصادية العالمية التي اجتاحت معظم دول العالم، ومنها مصر، نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية ومن قبلها أزمة كورونا، حتى هاج البعض على المشروعات القومية التي تمت بتخطيط وجهد شاقين ومبالغ طائلة، وكأنها هي سبب الأزمة، وقرأنا وسمعنا تنظيرات غريبة تتهم المشروعات القومية أنها سبب الأزمة، ثم يمتد الهجوم إلى مؤسسات وأجهزة الدولة ويصل بالطبع إلى الرئيس السيسي.. ونسى من يمارسون هذه الهواية، سواء عن جهل أو غرض، أن هذه المشروعات حققت أهدافا عديدة خلال السنوات الماضية؛ أهمها وأولها تشغيل عدد كبير من المصريين، ما أدى إلى تراجع معدل البطالة الذي كان قد زاد بشكل كبير بعد ثورة يناير/كانون الثاني بسبب توقف الحياة الاقتصادية وعجلة التنمية، بالإضافة إلى عودة العمالة المصرية من ليبيا وبعض دول الخليج. ولو لم تمتص المشروعات القومية الأيدي العاملة لتحول كل هؤلاء إلى قنابل موقوتة ضد الاستقرار.
جوع وأشياء أخرى
من طالع إعلام المقربين سيرى تماما بيقين وفق ما أشار عصام كامل في “فيتو”سيرى أن الحكومة تقول للناس: استعدوا للجوع والعوز والحاجة وكثير من الألم.. قاله أكثر من واحد من هؤلاء الذين نراهم على مسافة قريبة من الحكومة. ويبدو أن الحكومة التي أرادت أن تنقل للناس ملامح مستقبلهم المظلم، إنما اختارت الطريقة البغيضة لتوصيل رسالة مفادها إننا لسنا وحدنا في الهم، إنما طال الهم كل الأمم طبعا جماعة الإعلام المقرب لهم طريقة في توصيل الرسائل لا توحي أبدا بأن الحكومة تريد من الناس أن تتكاتف، أو تبحث عن بديل في وقت يصعب فيه خلق البديل. الخبز حتما سيرتفع ثمنه واللحوم والأسماك والشاي والقهوة والبنزين.. باختصار هناك نسخة من الحياة مقبلة ومحملة ربما بأكثر من 30% غلاء.. إذن كيف تجد بديلا للعيش والملح والأكل والشرب والانتقال والكيف البسيط في الشاي والقهوة وغيرهما.. لا بديل.. والنتيجة أننا سنكون أمام كارثة صحية بكل المقاييس.. سيبحث البسطاء عن الرخيص من الكربوهيدرات لسد الجوع وهذا معناه أجيال من المرضى والمعاقين والمعتوهين عقليا وناقصي النمو وقصار القامة، وغير ذلك من النتائج التي لن نواجهها بالطبع، بسبب الغلاء، إنها قضية أمن قومي صحي سيواجه الأجيال الجديدة، أما الأجيال التي طالت قليلا من التغذية فلها الله بما ستواجهه من أمراض ومعاناة وذل وإهانة واستهانة، بما بقى لها من أعمار. أظن أن حكومتنا الرشيدة لم تفكر في هذه القضية من قريب أو بعيد، وهو أمر جلل لا بد من أن يشغل الأستاذ الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة، فهو المسؤول الأول في هذا المجال، أتذكر قصة موحية في بدايات عصر السادات عندما زار وزير التعليم إحدى المدارس ودخل فصلا وبدأ في توجيه أسئلة إلى التلاميذ وكانت المفاجأة أن معظم التلاميذ لا يجيدون القراءة والكتابة. شخط الوزير ونطر في مدير المدرسة، وكان مدير المدرسة مفوها وذكيا وواعيا بأصل المشكلة.. قال الرجل للوزير: سيدؤ الوزير ربما تظن أني المسؤول عن هذا الضعف ولكن المسألة على غير ذلك.
الحرب مستمرة
استمرار الحرب يكلف البشرية المزيد من الأعباء، وهو الأمر الذي حذر من تبعاته جلال عارف في “الأخبار”: واضح أن آمال أوروبا في تعويض نقص الغاز والوقود سريعا تتراجع بشدة. الحديث في أوروبا الآن عن شتاء أقسى من كل ما سبق، وعن أزمة تفرض قيودا شديدة على الاستهلاك، والنصائح تتوالى بالاستعداد لترك السيارات الخاصة إلى المواصلات العامة، وبترشيد استهلاك المياه لأقصى حد، وبتجهيز الملاجئ الواسعة لحالات طوارئ قد لا يتوفر فيها الغاز لأجهزة التدفئة، أجواء جربتها أوروبا في حروبها القاسية التي كانت تتصور أنها ابتعدت عنها بعد الحرب العالمية الثانية، ولم تتصور أن الحرب في أوكرانيا يمكن أن تعيدها. ولعلنا نذكر في بداية حرب أوكرانيا أن رهان أوروبا ظل لفترة طويلة على إمكانية إنهاء القتال بسرعة، وعلى إبقاء باب التفاوض مع موسكو مفتوحا من أجل حل سياسي للأزمة لم يكن بعيد المنال. الآن.. وبعد ستة أشهر من الحرب، بات واضحا أن أوروبا استسلمت لحقيقة أن الحرب ستطول، والأخطر أنها يمكن أن تتجاوز حدود أوكرانيا إلى كل أوروبا، ويمكن أيضا أن تتجاوز كل الخطوط الحمر لتتحول إلى حرب نووية، بكل ما يعنيه ذلك من نتائج كارثية ستكون أوروبا أولى ضحاياها. خفت صوت الرئيس الفرنسي ماكرون الذي قال في بداية الحرب انها تجري على بعد آلاف الأميال من أمريكا، ولكنها في قلب أوروبا التي ينبغي أن تتحرك لإيقاف الكارثة. خفت صوت ماكرون وتراجعت كل الجهود السياسية لوقف الحرب. أمريكا لا تريد تفويت فرصة استنزاف روسيا حتى النهاية. لكن أوروبا أيضا تستنزف ربما بصورة أكبر. تنتظر أوروبا شتاء قاسيا ومظلما، وتنتظر أزمة اقتصادية يزداد خطرها مع توقف المصانع أو تخفيض إنتاجها بسب نقص الوقود. وتعيش – بجانب ذلك كله- رعب توسع الحرب إلى خارج أوكرانيا لتصبح أوروبا كلها مسرحا لها. ورغم كل ذلك تنجر كل الأطراف إلى التصعيد. شتاء مظلم، واقتصاد يتراجع، ورعب نووي.. وما زال الطريق للتفاوض مغلقا لأن القرار في موسكو وواشنطن يسير في الاتجاه المعاكس بحثا عن نصر لن يتحقق.
حظهم سيئ
نتحول نحو الأزمة التي قلما يخلو منها بيت، واهتم بها محمود دياب في “اليوم السابع” منذ ظهور نتيجة الثانوية العامة وأيضا مراحل التنسيق للتأهل للجامعات، وهناك الآلاف من أبنائنا الطلبة يشعرون بأن أحلامهم أصبحت أوهاما، وأن مستقبلهم يملؤه الضباب نتيجة أنهم لم يحصلوا على مجموع كبير يحقق أمانيهم بالالتحاق بالكليات التي كانوا يرغبونها، ويحلمون بالتخرج فيها والحصول على لقبها، لتحقيق مشاريعهم وحصد غنائمها مثلهم مثل غيرهم الذين سبقوهم في هذا المضمار. كما تعيش أسر هؤلاء الطلاب حالة من الحزن والإحباط واليأس والكآبة، نظرا لشعورهم بضياع أحلامهم في تحقيق مستقبل مشرق لأبنائهم، لعدم التحاقهم بكليات مرموقة، خاصة كليات القمة (هذا من وجهة نظرهم)، وذلك بعد حجم المعاناة وإحساسهم وشعورهم بالقلق والتوتر طوال عام كامل، ناهيك من حجم الأموال التي أنفقوها، وكل ذلك في سبيل تحقيق حلم ابن من أبنائها، ولكن كما قال الشاعر أبوالطيب المتنبى ما كل ما يتمنى المرء يدركه… تجرى الرياح بما لا تشتهى السفن، وعلى هؤلاء الطلاب وأسرهم وغيرهم أن يعلموا أن هناك الكثير من الناس كانوا يندبون سوء أقدارهم، وكانت بعد ذلك فيها سعادتهم، حيث هناك الكثير الذين لم يوفقوا في دخول الكليات التي كانوا يرغبونها، ودخلوا كليات أخرى حسب مجموعهم وتفوقوا فيها، وكانت سبب نجاحهم وشهرتهم في حياتهم، ومثال ذلك الدكتور أحمد زويل رحمة الله عليه، لم يؤهله مجموعه في الثانوية العامة للالتحاق بكلية الطب كما كان يحلم، والتحق بكلية العلوم حسب مجموعه وتفوق فيها وحصل بعد ذلك على جائزة نوبل، كما أن هناك الكثير من المشاهير والناجحين في معظم المجالات ومنها الفن والصحافة والإعلام والسياسة والأعمال وغيرها، حققوا ذلك في غير دراستهم أو الشهادات الدراسية التي حصلوا عليها. ولذا عليهم وعلينا جميعا الرّضا بالنّصيب، لأنه هو أولى خطوات زوال الهمّ.
راتب محفوظ
بمناسبة الذكرى السادسة عشرة لرحيل نجيب محفوظ التي تحل يوم 30 أغسطس/آب، تذكر ناصر عراق في “الوفد” حوارا قديما أعلن فيه صاحب نوبل بأسى (أما المال، فأصارحك أنى لم أصل حتى اليوم إلى مرتب يكفي ضرورات الحياة، وكل شهر أسدد بقية التزاماتي من الخارج… من أجر نشر الكتب والقصص ومكافآت الإذاعة ونحوها). أجرى هذا الحوار فؤاد دوارة ونشرته مجلة “الكاتب” في يناير/كانون الثاني 1963، أي ونجيب محفوظ قد تجاوز عامه الحادي والخمسين (مولود في 11 ديسمبر/كانون الأول 1911)، حيث احتل منصبا مرموقا في وزارة الثقافة آنذاك، أظن أنه كان مديرا عاما، ومع ذلك، فمرتبه لا يكفي، ولم يكن يعول سوى طفلتيه وأمهما، والتعليم في ذلك الوقت كان بالمجان، وبالتالي فلن ينفق نصف مرتبه في تعليم ابنتيه كما يحدث الآن، فانظر كيف تعاملت الحكومات المتعاقبة مع موظفيها الكبار، فما بالك بالموظف الصغير. وفقا لهذا الحوار الذي أعادت نشره جريدة “الرأي” الأردنية في 8 ديسمبر 2006، فإن محفوظ يواصل بث قلقه من قلة الدخل موضحا لمحاوره فؤاد دوارة: (الحالة مستورة والحمد لله، ولكني لا أستطيع أن أتخلص من ذلك الإحساس بالقلق، إذ ماذا سيحدث لو لم تأت هذه التكميلات غير المنظورة وغير المضمونة)، وهو يقصد ما يتحصل عليه نظير تحويل رواياته إلى أعمال سينمائية وإذاعية ومسرحية.
أساس النجاة
التعليم لأي دولة ولأي مجتمع وفق رأي أيمن النحراوي في “الشروق” هو عملية مصيرية يتوقف عليها بناء الأجيال القادمة، أول الأخطاء الجسيمة في ما يتعلق بقضية التعليم هو التصور العام السائد على الدوام في مصر بارتباط تلك القضية نجاحا أو إخفاقا بشخص معين، مهما بلغت قدرات ومؤهلات ذلك الشخص، مع كامل الاحترام والتقدير لكل من يشغل ذلك المنصب ويحمل على عاتقه تلك المسؤولية الجسيمة. وما يشير إليه الكاتب يأتي من حقيقة أن النجاح في التعليم وفي أي مجال، إنما يرتبط بوجود استراتيجية واضحة المعالم ومعروفة ومفهومة ومتفق عليها من كل أطرافها؛ الوزارة والمحافظات والمديريات والمدارس والأساتذة والطلاب والطالبات، وهذه الاستراتيجية يتعين لها أن تتغير وتتطور وتعدل وتستمر على خطها الأساسي طويل المدى نحو تحقيق أهدافها، بصرف النظر عمن في سدة الوزارة أو ديوانها أو من يقوم على مسؤولياتها وإدارتها. إن محور كل شيء في قضية التعليم والهدف الأسمى للتعليم جوهره وهو الإنسان وتكوينه وإعداده وتهيئته بالعلم والمعرفة لمتطلبات الحياة والعمل، ومن هنا يطرح السؤال المحوري لقضية التعليم نفسه، أين نحن الآن؟ وأين نريد أن نكون؟ وكيف نحقق ما نريده أن يكون؟ والإجابة على هذه الأسئلة الثلاثة ليست بالأمر السهل، في بلد يصل تعداد طلابه وطالباته في المراحل ما قبل الجامعية إلى 25 مليونا، وهو عدد يتجاوز تعداد سكان عدة دول مجتمعة، الأمر الذي يبين القدر الهائل من الجهد الإداري والتنظيمي، والموارد المالية اللازمة كمدخلات أساسية لعملية تعليمية يتطلب أن تكون فائقة الجودة والتميز. ومع كل الدراسات والتقارير الحكومية والدولية الصادرة في كل عام عن العملية التعليمية في مصر، من مختلف الجوانب العلمية والمنهجية والتربوية، إلا أن إجراء حوار مع رب أسرة مصرية متوسطة، أو أحد الطلاب النابهين، سيكون كفيلا بكشف حقائق عديدة، قد لا تذكرها الدراسات والتقارير، حقائق قد تبدو للبعض بسيطة لكنها حقيقية وواقعية، ولا يختلف اثنان بشأنها، وسيُجمع عليها كل أو معظم من سيسأل عنها.
أزمات مخجلة
الحقيقة الأولى التي توصل لها أيمن النحراوي هي تراجع الدور الفعلي للمدرسة في العملية التعليمية، واعتماد الغالبية العظمى من الطلاب في جميع المراحل على المدرسين الخصوصيين والمراكز التعليمية الخاصة، وتحول مدارس عديدة في واقع الأمر إلى مجرد مكان رسمي لتسجيل الطالب وإجراءاته وأداء اختباراته، في حين تجري العملية التعليمية الحقيقية في المنازل والمراكز التعليمية الخاصة، وهي المسألة التي تقتضي من كل رب أسرة التدبير المسبق لموازنة مالية كافية لتغطية نفقات المواصلات والدرس الخصوصي المجمع أو في المركز، في ظل ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة. وليس الأمر في هذا الشأن يقتصر على الأعباء المالية التي تثقل عاتق رب الأسرة، بل يتعلق الأمر أيضا بالطالب الذي يعود من المدرسة إلى البيت بعد يوم (دراسي) طويل، ليعاود النزول ثانية في النصف الثاني من اليوم متجها إلى مكان الدرس الخصوصي، أو مقر المركز التعليمي، وعند المساء تكون طاقة الطالب قد تلاشت ليعود إلى بيته مجهدا منهكا للنوم والاستيقاظ، ليبدأ تلك الدورة الاستنزافية من جديد في اليوم التالي، وفي الوقت ذاته الذي يلجأ فيه الطلاب والطالبات لتلك المصادر، يتقاعس العديد من المدرسين في معظم المدارس عن أداء واجبهم على الوجه الأكمل نحو الطلاب داخل قاعة الدراسة الرسمية، استنادا إلى اعتماد هؤلاء الطلاب على الدروس الخصوصية، ومن جهة أخرى فإن العديد من المدرسين سرا وعلانية يتحدثون بأن رواتبهم الهزيلة من المدارس، التي لا توفر لهم معيشة كريمة، هي سبب رئيسي في تقديمهم الحد الأدنى من خدمة التعليم للطلاب، حيث يقوم هؤلاء المدرسون بتوفير جهدهم للدروس الخصوصية، بعد انتهاء اليوم الدراسي، التي ستوفر لهم دخلا خاصا مجزيا.
آسف يا ريس
عاد عماد الدين أديب متقهقرا بعد أن أقام الدنيا ولم يقعدها بعد أن توقع سقوط مصر في غضون الشهور المقبلة، ليعلن عبر “المشهد”، أن هناك مشروعا شريرا يجري الإعداد له منذ فترة لتحميل الرئيس المصري عبدالفتّاح السيسي فاتورة ومسؤولية الأزمة الاقتصادية الضاغطة التي تسبّبت بها الحرب الروسية – الأوكرانية. تحمّل الرئيس السيسي مسؤولية الرئاسة وهو يدرك أن فاتورة الإنقاذ والإصلاح مُكلفة وصعبة للغاية، وأنّ الإرث الذي خلّفه يناير/ كانون الثاني 2011 وحكم الإخوان تنوء عن حمله الجبال، وقرّر أن يتّخذ القرارات الجذرية الصعبة حتى لو لم تكن شعبوية مطلقا، أو كانت على حساب رصيده الشعبي الجارف بعد ثورة 30 يونيو/حزيران 2013. إنّ مشروع كيفيّة إسقاط المؤسسة العسكرية الوطنية بقيادة الرئيس السيسي هو “مشروع يُتداول بين أجهزة عدّة دول إقليمية ودولية”. وفي كلّ مرّة كانت التقارير الواردة إليهم تؤكّد أن قوّة السيسي والجيش تنبع من شعبيّتهما لدى الجماهير المصرية. من هنا كان لا بدّ من البحث عن أيّ عناصر حقيقية أو مزوّرة، من صنع الأحداث أو مختلقة من خيال هؤلاء، لإضعاف هذه الشعبية وتفتيت هذا التماسك. فشلت كلّ الوسائل (إرهاب، تفجير، شائعات، تمويل خارجي)، ولم يبقَ سوى اللعب على وتر غلاء الأسعار واستحالة تحمّل تكاليف الحياة. أوّل المهمومين وأكثر المتضرّرين من هذا الأمر هو الرئيس المصري نفسه، لأنّه صارع في الأعوام الثلاثة الماضية آثار تكاليف ظواهر وحوادث ليس مسؤولا عنها من قريب أو بعيد، بدءا من فاتورة الرعاية الصحيّة، مقاومة فيروس كورونا، وصولا إلى فاتورة آثار ارتفاع الطاقة والقمح بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية. يُدرك الجميع أن العالم الذي فَقَد ما بين 50 إلى 55 تريليون دولار بسبب كورونا والحرب سوف يواجه أزمة كونية اقتصادية غير مسبوقة منذ الكساد العظيم في عام 1929-1932. هنا وهنا فقط يبدأ استخدام “المشروع الشرّير” لتحميل المسؤولية كاملة بشكل ظالم لشخص الرئيس المصري. واصل عماد الدين. إنّهم يريدون “مصر المقيّدة”، و”مصر المقيّدة” وفق مفهومهم هي مصر التي تعيش على سطح بركان، لكن ليس داخله، حتى يكون قرارها السيادي ودورها الإقليمي “مرهونين بالعوز الاقتصادي والحاجة الماليّة”. وعلى الرغم من أن هذا خطر عظيم، إلا أنّه، في رأيي المتواضع، ليس هو الخطر الأعظم الذي يواجه مصر، دولة وشعبا ورئيسا الآن. هدف “المشروع الشرير” هو إسقاط عمود الخيمة الذي يعتمد عليه نظام ثورة 30 يونيو/حزيران 2013، وهو حكم الرئيس السيسي، ومحاولة إلحاق مسؤوليّات الإرث السابق كلّه وفاتورتَيْ كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية بالنظام الحالي. يعتمد هذا المشروع على ثلاثة عناصر: صعوبة تكاليف الحياة، فشل التسويق السياسي والإنجازات، ارتفاع فاتورة تكاليف الأزمة التي لا قِبَل لأيّ رئيس أو أيّ نظام تدبير تكاليفها بين ليلة وضحاها. أهمّ عنصر أتخوّف منه شخصيّا هو القدرة على التصدّي لأزمة كونيّة خطيرة وثقيلة وطارئة بنفس العقليات وفريق المساعدين السابق. إنّ أزمة شديدة وصعبة تحتاج إلى فريق جديد من المساعدين المناسبين للتصدّي لها. لا ننزع الوطنية أو الكفاءة من أحد، لكن نقول إنّه حان وقت التغيير الشامل بهدف الإصلاح الإنقاذي.
هل ستسقط؟
المشاجرة بين فريق المتفائلين والمتشائمين تشتعل وانضم للفريق الأول حمدي رزق في “المصري اليوم”: روح شريرة تلبست نفرا من خبراء الاقتصاد، فباتوا كالغربان ينقرون رؤوسنا بمناقيرهم السوداء، يبخون سُمّا في آنية الطيبين، بأرقام مليارية تعجز عن استيعابها العقول، ما يترك العامة في الشوارع مُبَلْبَلين حائرين يتساءلون. كلٌّ يدلو بدلوه، دون أدنى مسؤولية وطنية في ما يقول، وبعضهم يلون كلامه بالسواد يُسوِّد الشاشات في وجوه الناس، وينزل من سيارته الفارهة من الساحل ليقذف في وجوه الناس بحمم نارية، وينظر في نظريات الإقراض والاقتراض والديون وخدمة الدين، وشبح الإفلاس، وليس لديه أدنى حصافة مجتمعية. بحسب وصف الدكتور محمد المنسي قنديل: اليأس مرض مُعْدٍ، يستوجب ارتداء كمامة الأمل خشية العدوى. إزاء فيروس مميت وسريع الانتشار، وأعراضه خطيرة، ومنه فيروسات مصنعة في أقبية استخباراتية، عادة ما تُشَنّ هجمات فيروسية تيئيسية تستهدف نفسية الطيبين بغرض إفقادهم الثقة في حكومتهم ليسهل اختراقهم. أقول قولي هذا مع محاولات بائسة لإصابة المصريين بالإحباط الذي أصاب ضعاف النفوس. يرى البعض منهم في الطرقات صدره ضيِّقا حرجا كأنما يصَّعَّد في السماء، ويزفر لافحا، ويُرْغِي ويُزْبد، ناقما قانطا، علما بأن الدولة المصرية قادرة، والثوابت المصرية واضحة. ما أخشاه أنهميعمدون إلى نشر «فيروس اليأس» بين الناس، ويستوجب الأمر علاج الآثار النفسية المخططة بتوفير حد أدنى من المعلومات الاقتصادية اليقينية، التي تقِي الجموع تفشي حالة الإحباط واليأس، التي تنتشر بفعل الشائعات بين الناس في الطرقات.
ربما ننجو
واصل حمدي رزق هجومه على فريق المتشائمين: يستند الحاذق المفوه الخبير الحبر العلّامة والجهبذ الفهّامة على مؤشرات وتقارير يصفها بـ«الدولية»، ويتجاهل تقارير ومؤشرات دولية أيضا تقول بعكس ما يهرف تماما، ولا يعدل بين المؤشرات باعتباره خبيرا محلِّلا، ولكن كما يقولون «الغرض مرض»، وفى هذا يقول الإمام الشافعى: «وعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ.. ولَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدى المَساوِيا». لن ننتظر منهم عين الرضا، ولكن ننتظر من الحكومة مصارحة شفافة بطبيعة الأزمة التي يمر بها الاقتصاد الوطني، مداها وأسبابها، وقدرة الاقتصاد الوطني على استيعابها، وخطط الحكومة للتكيف معها. نرجو شرحا وافيا مبسطا من الحكومة يصل بوضوح إلى الشارع، الذي بات نهبا لتحليلات «القنوات المعادية» وحتى داخل الحدود. كل يومين خبير يطلع يقول: أزفت الآزفة؟ قبل تلويم هؤلاء، وتقبيح وجوههم، مستوجب وضوح رؤية من الحكومة. الرئيس السيسي بُحَّ صوته ناصحا كبار المسؤولين بالحديث إلى الناس: قولوا لهم، اشرحوا. الرئيس بنفسه يشرح في كل فرصة تسنح ماذا يحدث في مصر من نقلة تاريخية في البنية الأساسية لحياة المصريين، وكلفة هذا العمل الضخم، والمردود الوطني على معايش المصريين. الصمت على هذا الذي يَشْغِي في الفضاء الإلكتروني مستداما يُقلْقِل الشارع، والزَّنّ على الودان أمَرّ من السحر الأسود، ولا يُفسد الأعمال السفلية سوى إظهارها، وبيان سوادها ببياض وبيان ناصع، بما نحن عليه من ثبات واستقرار في ظل أزمة اقتصادية خانقة تخنق حتى أكبر الاقتصادات العالمية.. قول مفهوم خير من صمت يتبعه أذى.
أزمة سرية
نتحول نحو “الأهرام” إذ لدى مرسي عطا الله ما يحذر منه: لا بد من أن نعترف بأن تغييرات عميقة وقعت في العالم العربي خلال السنوات العشر الأخيرة. لقد سقطت محظورات كثيرة كان من المستحيل ـ حتى سنوات قليلة مضت ـ مجرد الإشارة إليها، وبصرف النظر عن أن ذلك قد تحقق بمبادرات ذاتية من الأنظمة أو باستجابة مشكورة من هذه الأنظمة لنداءات فكرية وثقافية ومجتمعية، كانت تلح على ضرورة ركوب قطار العصر، فإن ما جرى يمثل خطوة على الطريق الصحيح لغلق أبواب ونوافذ المزايدة حول عدم استيفاء العالم العربي الحد الأدنى من مرتكزات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي المتوافق عليها في المواثيق الدولية. ويبدو أن شهية المزايدين على العالم العربي ما زالت مفتوحة عند دوائر بعينها ـ وبالذات في أمريكا وأوروبا ـ حيث ما زالت أصوات عديدة تسعى لاختراق الثوابت الدينية والأخلاقية والفكرية والاجتماعية، التي هي جوهر خصوصية تراث هذه الأمة، وأحد العناوين البارزة لتأكيد السيادة الوطنية لأقطارها. وتخطئ هذه الدوائر إذا لم تكن قد استوعبت درس الربيع العربي المشؤوم ورفض الشارع العربي له ومواصلة الاستياء من استمرار تحمل فاتورته المهلكة تحت مظلة اليقين بأن الإصلاح والتطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي، أمر لا خلاف عليه وعلى حاجة شعوب أمتنا له، ولكن بشرط عدم الاقتراب من ضمانات الحفاظ على الهوية وتأكيد السيادة الوطنية وحماية ثقافة الأمة من رياح الوصاية، وعواصف فرض الهيمنة التي لا تقتصر على الأبعاد السياسية والاقتصادية حسب، إنما ـ وكما رأينا ـ يراد لها أن تمتد باتجاه الرغبة في ضرب الثقافات الوطنية والقومية ذات الأبعاد الروحية والإنسانية المستمدة من الفضيلة، تحت دقات متواصلة من طبول التشكيك في جدوى استمرار الاستمساك بها، في اتجاه السعي لنشر قيم بعينها تتصادم وتتناقض مع قيمنا العربية والإسلامية. وإذا لم تتوقف رياح التشكيك وعواصف الضغوط عن هبوبها اتجاه أمتنا، فإن الأزمة المكتومة اليوم قد ينفجر غطاؤها غدا وذلك ليس في مصلحة أحد.
ليس حلا
نتوجه نحو الشقيقة ليبيا بصحبة عمرو الشوبكي في “المصري اليوم” حيث تشهد العاصمة طرابلس أحداثا فارقة: عادت الاشتباكات المسلحة لتضرب العاصمة الليبية طرابلس بين قوات تابعة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وأخرى محسوبة على رئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا لتخلف 32 قتيلا و160 مصابا، وهي أرقام قابلة للارتفاع. كما سبق أن ذكرنا في 2019 باستحالة دخول قوات حفتر مدينة طرابلس، رغم القوة النسبية التي تمتع بها، وانقسام القوات المسيطرة على طرابلس إلى ميليشيات وكتائب قادها رئيس الحكومة السابق فايز السراج، فإن القوات الموالية لباشاغا لن تستطيع هي الأخرى السيطرة على طرابلس، سواء عبر ميليشيات موجودة داخل المدنية أو أخرى قادمة من خارجها. والمؤكد أن طبيعة هذا النوع من الصراعات التي تستند فيها القوات المتحاربة على قاعدة اجتماعية لها بُعد مناطقي وقبلي، لا يمكن حسمها بالقوة المسلحة والمعادلات الصفرية، إنما بالتفاهمات السياسية والمجتمعية. ولذا فإن ما توقعناه لمحاولة خليفة حفتر منذ ثلاث سنوات، واختلف معنا البعض، نعيده مرة أخرى مع محاولة قوات محسوبة على فتحي باشاغا السيطرة على طرابلس عبر القوة المسلحة بأنها أيضا ستفشل، وأن الأنباء التي ترددت عن وجود أرتال عسكرية موالية له تتجه نحو العاصمة، ستكون نتائجها كارثية في حال دخلت في مواجهة جديدة مع القوات الحكومية الموجودة في طرابلس.
البحث عن زعيم
الحقيقة التي انتهى عندها عمرو الشوبكي ما يلي: خطورة ما يجري في ليبيا أنه تكرار لتجارب سابقة فاشلة، وفي الوقت نفسه سيُضعف من مكانة فتحي باشاغا، الذي كان أحد مرشحي الانتخابات الرئاسية التي لم تجْرِ، فكما أضعف هجوم طرابلس خليفة حفتر من أن يكون مشروع رئيس قادر على حكم البلاد، فإن أي مغامرة عسكرية جديدة لرئيس الحكومة المكلف للسيطرة على العاصمة ستُضعف تماما من فرصه لكي يصبح أحد القادة المرشحين لقيادة ليبيا. والغريب أن باشاغا يمتلك مهارات سياسية، ودعما عسكريّا ومناطقيّا كبيرا (من مصراتة)، وقام في نهاية العام الماضي بزيارة جريئة للمشير خليفة حفتر في الشرق الليبي، رغم أنه كان من أشد معارضيه وواجه قواته أثناء هجومها في 2019، كما أنه حافظ على قنوات اتصال مع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية، ومع ذلك فإنه يكرر محاولات الفشل السابقة ويعمق الجراح داخل المجتمع الليبي. والمؤكد أن أداء الحكومة الليبية الحالية كان مُخيِّبا لآمال قطاع واسع من الشعب الليبي، وأن رفضها أو تغييرها يتم بأدوات سياسية وليس مسلحة، وأن استخدام باشاغا أدوات عسكرية لن ينجح وسيخصم من رصيده. قد تفتح هذه المواجهات التي خسر فيها الجميع الباب أمام عودة أكثر قوة وخشونة للحلول السياسية، فكما أدت حرب 2019 إلى تأسيس ملتقى الحوار السياسي في جنيف، الذي أنتج حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة، فإن المواجهات الفاشلة الحالية قد تفرز مسارا سياسيّا جديدا سيتمثل في التوافق على قاعدة دستورية تجري على أساسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس