أفريقيا برس – مصر. أكدت مصر للولايات المتحدة رفضها استيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة مع سوريا، وعدته “احتلالًا”.
جاء ذلك بحسب ما ذكره وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الأمريكي، أنتوني بلينكن، وفق بيان للخارجية المصرية.
وأفادت الخارجية المصرية في البيان ذاته، بأن “الوزيرين توافقا على أهمية تبني عملية سياسية شاملة في سوريا ترتكز على عدم إقصاء أية أطراف أو مكونات وطنية سورية، وبما يمهد الطريق لعودة الاستقرار إلى سوريا”.
وللمزيد من التفاصيل يتحدث إلى “أفريقيا برس” الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أكرم عبد الرحيم في الحوار الصحفي التالي:
ما هو موقف مصر من استيلاء “إسرائيل” على المنطقة العازلة مع سوريا؟
لا شك أن موقف مصر من استيلاء “إسرائيل” على المنطقة العازلة واضح، فهذه المنطقة، التي تم إقرارها كمنطقة عازلة خالية من السلاح بين “إسرائيل” وسوريا منذ عام 1974، معروفة بالخط الأزرق الذي تم ترسيمه من قبل الأمم المتحدة. وقد حددت الأمم المتحدة هذا الخط بأنه منطقة عازلة وفاصلة بين الجانبين.
ما هي الأسباب التي قدمها وزير الخارجية المصري لاعتبار استيلاء “إسرائيل” على المنطقة العازلة “احتلالاً” وانتهاكاً للقانون الدولي؟
احتلت “إسرائيل” هضبة الجولان في عام 1967، وظلت المنطقة الفاصلة بينها وبين سوريا، والمعروفة بالخط الأزرق أو المنطقة العازلة، ممتدة لحوالي 75 كيلومترًا وبعرض نحو 10 كيلومترات. وقد تم الاتفاق على أن تكون هذه المنطقة منزوعة السلاح، حيث تم وضع نحو 1200 فرد من جنود الأمم المتحدة لفض الاشتباك بين الطرفين. إلا أن “إسرائيل” قامت، بعد هروب بشار الأسد، باحتلال هذه المنطقة عسكريًا ووضعت قوات فيها، على أمل ضمها كاملةً إلى هضبة الجولان السورية المحتلة بما في ذلك منطقة القنيطرة. وقد صرّح نتنياهو بأن هضبة الجولان ستظل أرضًا إسرائيلية إلى الأبد.
ما أهمية العملية السياسية الشاملة في سوريا من وجهة نظر مصر والولايات المتحدة؟
ترى مصر أن العملية السياسية الشاملة في سوريا تهدف إلى استقرار البلاد، وقد دعت مرارًا إلى توحيد الصف السوري وجمع شمل الفرقاء. على الرغم من أن العديد من المحاولات لم تجد اهتمامًا كافيًا، فإن مصر تهتم أولاً وأخيرًا بالاستقرار في سوريا، وتأمل في أن يعود الشعب السوري لإعادة بناء بلاده وأن يسود الاستقرار في سوريا وكافة الدول العربية.
كيف ترى مصر دور الدول العربية لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية؟
طالبت مصر مرارًا المجتمع الدولي وجامعة الدول العربية وكافة الهيئات والمؤسسات والمنظمات الدولية بمنع إسرائيل من شن هجمات على سوريا الشقيقة وعلى العديد من الدول العربية. نرى أن المعارك في غزة أسفرت عن مقتل آلاف الأشخاص، وتدمير منازل، ومقتل أطفال ونساء وشيوخ، وهدم البنية التحتية بسبب جرائم الحرب. يهم مصر أولاً وقبل كل شيء استقرار سوريا، كما ذكرت، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا واحتلالها لهضبة الجولان، الأمر الذي يقوّض فرص السلام في سوريا. لطالما دعت مصر إلى احترام المواثيق الدولية، إلا أن نتنياهو والحكومة الإسرائيلية المتطرفة تتجاهل ذلك وتصر على انتهاك القوانين الدولية.
ما هو موقف الأمم المتحدة والدول العربية من إعلان “إسرائيل” انهيار اتفاقية فصل القوات لعام 1974؟
نعلم أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تم تقسيم الدول العربية بين الاحتلال الإنجليزي والفرنسي، ومن بينها كانت سوريا التي خضعت للحكم الفرنسي حتى تم إجلاء القوات الفرنسية في عام 1947 وعاد استقلال سوريا مرة أخرى. في حرب عام 1948، احتلت “إسرائيل” جزءًا من هضبة الجولان وأكملت احتلالها بالكامل في عام 1967. في عام 1973، حاولت القيادة السورية استعادة جزء من هضبة الجولان، إلا أن “إسرائيل” شنت حربًا مضادة واستطاعت أن تعيد الهضبة مرة أخرى إلى سيطرتها. لكن ظلت المنطقة العازلة، أو ما يعرف بمنطقة الخط الأزرق التي تم الاتفاق عليها في اتفاقية فض الاشتباك في عام 1974، وتم وضع قوات دولية هناك على أن يتم نزع سلاح القوات الإسرائيلية والسورية في تلك المنطقة.
كيف أثرت التطورات السياسية في سوريا، مثل الإطاحة بنظام بشار الأسد، على التحركات الإسرائيلية في المنطقة؟
لم تلتزم “إسرائيل” بأي اتفاقية ولم توافق عليها، بل شرعت في مهاجمة القوات السورية مرارًا بحجج وذرائع مختلفة، منها أن الأراضي السورية تضم جنودًا وقواتًا من حزب الله اللبناني، إضافة إلى قوات إيرانية. كما قامت “إسرائيل” بتنفيذ عمليات اغتيال لعديد من أعضاء وقيادات حزب الله في سوريا ولقيادات فلسطينية هناك، فضلًا عن استهداف وتدمير قوات إيرانية في سوريا. وبالتالي، كانت لديها ذريعة بوجود عناصر من حزب الله والمقاومة الفلسطينية وقوات إيرانية في سوريا، مما أعطاها الحجة لقصف أي هدف عسكري أو غير عسكري في سوريا.
بعد سقوط حكم بشار الأسد، بدأت “إسرائيل” بقصف ميناء اللاذقية وميناء طرطوس، واستهدفت العديد من المواقع العسكرية السورية، وزعمت أنها دمرت مخازن الأسلحة الكيميائية بهدف إضعاف القوات السورية والقضاء على قواتها العسكرية. خلال الأربعة أيام الأولى من سقوط النظام، نفذت إسرائيل نحو 300 هجوم عسكري، مستهدفة العديد من المواقع في سوريا بحجة أنها تأوي أفرادًا من حزب الله وإيران.
هل هناك مخاوف من تداعيات ما يجري في سوريا على الأمن والاستقرار في المنطقة وعلى الوضع الأمني في مصر؟
لا شك في أن هناك مخاوف مصرية بشأن الوضع في سوريا، تتمثل هذه المخاوف في خشية حدوث أي صراع داخلي أو انشقاق قد يؤثر سلبًا على الشعب السوري الشقيق. تولي مصر أهمية قصوى لدعم الانتقال السلمي في سوريا دون إراقة دماء، وتهتم بشكل كبير بتحقيق استقرار سوريا، وإعادة بناء الجيش السوري، كما تتمنى عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، واستمرار عمليات إعادة الإعمار في سوريا. تأمل مصر أن تستعيد سوريا مكانتها كقلعة للحرية، وأن ينعم الشعب السوري بالحرية والاستقرار بعد سنوات من التهجير والقهر والإذلال خارج سوريا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس