حوار: سحر جمال
أفريقيا برس – مصر. اختتمت الحكومة المصرية قراراتها، الأسبوع الماضي، بزيادة سعر بيع الغاز الطبيعي لصناعات كثيفة الاستهلاك (الحديد والصلب والأسمنت والأسمدة والبتروكيماويات) إلى 5.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بنسبة ارتفاع نحو 28%، ولم توضح في القرار الذي نشر بالجريدة الرسمية أسباب هذه الزيادة ونسبتها.
وفيما يرى مصنعون أن هذه الزيادة جاءت متوقعة نظراً لموجة التضخم العالمية وارتفاع أسعار الوقود، موضحين أن هناك تأثير مرتقب لهذه الزيادة على أسعار الحديد والأسمدة بسبب استخدامها الغاز بشكل رئيسي في الإنتاج، بينما استبعد أي تأثير على الإسمنت لاعتماد مصانعه على الفحم كوقود.
تأثير زيادة أسعار الغاز الطبيعي على أسعار منتجات البناء
أفصحت شركات مواد البناء المدرجة بالبورصة المصرية، عن تأثير زيادة سعر الغاز للمصانع على منتجاتها، وتباين التأثير بين الشركات الصناعية، إذ أكد صناع الحديد تأثير هذه الزيادة على ارتفاع تكلفة الإنتاج، وقالت شركة حديد عز، وهي أكبر منتج للحديد والصلب في مصر، “إن الزيادة ستؤدي إلى رفع تكلفة الإنتاج، ولكن التصميم الصناعي لمصانع المجموعة يتيح المرونة الكافية لتغيير نسب استخدام المواد الخام الرئيسية ضمن العملية الإنتاجية”، فيما أكدت شركة مصر الوطنية للصلب-عتاقة، “ارتفاع تكلفة الإنتاج من الغاز بمقدار 26 جنيه للطن”.
أما شركات الأسمنت، فقد أكدت شركتا مصر للأسمنت- قنا، مصر بني سويف للأسمنت، “أن زيادة سعر الغاز ليس له أي تأثير على الشركتين؛ لأنهما تستعملان الفحم كوقود حالياً”، في حين أوضحت شركة جنوب الوادي للأسمنت، أن “القرار يؤثر على رفع تكلفة الإنتاج من 30 إلى 50%”.
ووصف متابعون قرار رفع سعر الغاز للمصانع كثيفة الاستهلاك بـ”الطبيعي”، نظراً لموجة التضخم العالمية وارتفاع أسعار البترول، لكن الاعتراض جاء حول توقيت إتخاذ القرار، إذ يرى البعض أنه كان يجب الإعلان عن الاتجاه لزيادة أسعار الغاز قبل اتخاذ القرار الرسمي بثلاثة أشهر حتى يتسن للمصدرين حساب التكلفة على أسعار الغاز في هذا التوقيت خاصة و أن الشركات المصدرة مرتبطة بعقود مع شركات عالمية بسعر محدد، وكان يجب إبلاغ الشركات حتى تراعي هذه الزيادة في العقود المستقبلية، ولا تتسبب في خسائر للشركات المصدرة.
وأصدرت الحكومة، منتصف مارس أذار عام 2020، حزمة قرارات لدعم قطاع الصناعة للتعامل مع تداعيات جائحة فيروس كورونا، وأبرزها “خفض أسعار الغاز الطبيعي للقطاع الصناعي بأكمله إلى 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وكذلك خفض أسعار الكهرباء للصناعة للجهد الفائق والعالي والمتوسط بقيمة 10 قروش، ومازالت الكهرباء عند هذه المستويات ولم يحدث أي تغير بشأنها” .
تأثير زيادة سعر الغاز على الصادرات المصرية
حول تأثير زيادة سعر الغاز على الصادرات المصرية، يرى متابعون أن الأمور كلها نسبية فالزيادة في سعر الغاز بمصر، أقل من السعر العالمي بحوالي 3 دولارات، مما يشير إلى أنه مازال محافظًا على الميزة النسبية للصادرات المصرية .
من جهة أخرى، توقع مراقبون تأثيراً سلبياً لرفع أسعار الغاز للمصانع على أسعار المنتجات الزراعية، بسبب الارتفاع المتوقع في أسعار الأسمدة، وهي إحدى مستلزمات الزراعة، خاصة وأن أي زيادة في تكلفة الزراعة يتبعه ارتفاع في الأسعار حتى لا يتأثر المزارع سلباً.
وحول قرار ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي وتداعياته يتحدث إلى “أفريقيا برس” الكاتب الصحفي يسري عبيد في الحوار الصحفي التالي:
بداية حول قرار ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي للقطاع الصناعي، كيف تقرأ هذا القرار وحجم تأثيره على تكلفة الإنتاج؟
بالتأكيد ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي نظرا لارتفاع أسعاره في أوروبا، ولنقص المعروض وحجم الطلب الكبير على هذه السلعة المهمة للغاية يؤثر على أسعار السوق، فالغاز الطبيعي يعتبر طاقة نظيفة ومتجددة وبالتالي يتزايد الطلب عليها ولقلة المعروض في أوروبا، بسبب قرار روسيا بتخفيض حجم توريد الغاز إلى أوروبا، والحفاظ على الحصة المتفق عليها، أدى إلى ارتفاع أسعار الغاز، وبالتأكيد هذا يؤثر على الأسعار في مصر بشكل كبير، وذلك لأن مصر جزء من السوق الكبيرة للغاز، وبالتالي ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي للمصانع سيؤثر على تكلفة الإنتاج، وسيؤثر على سعر السلعة المنتجة في المصنع.
البعض يرى أن قطاع المقاولات هو الأكثر تأثراً بارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، فهل هناك خطة للمحافظة على وتيرة المبيعات أم تعتقد أن الزيادة في أسعار الغاز الطبيعي ستؤثر على حجم المبيعات؟
بالتأكيد ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي سيؤثر على حجم المبيعات خاصة في قطاع المقاولات، وذلك سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، فرأينا قفزات كبيرة في أسعار قطاع المقاولات، سواء في أسعار الحديد أو أسعار مواد البناء كالرمل والإسمنت وغيرها من مواد البناء والتي ارتفعت أسعارها بشكل كبير منذ بداية العام وحتى الآن، وذلك بنسب تتجاوز 50 % تقريبا، وذلك نظرا لارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، وبالتالي سيؤثر ذلك على حجم المبيعات وسيؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير مما يؤدي إلى زيادة التضخم.
مع وضع الحكومة خطة للوصول بالصادرات المصرية الى 100 مليار دولار، كيف ستؤثر زيادة أسعار الغاز في تكاليف الانتاج وعلى حجم الصادرات؟
أعتقد أن الدولة كانت تضع في خططتها تلك الزيادة في أسعار الغاز الطبيعي والوقود، وبالتالي سيحدث التأثير ولكن ليس بشكل كبير على خطة الدولة للوصول بحجم الصادرات إلى 100 مليار دولار، بالتأكيد لها عدة عوامل والدولة تضع في الحسبان ارتفاع الأسعار، سواء أسعار الغاز أو أسعار البترول، ومن ناحية أنها ستؤثر؛ فبالتأكيد ستؤثر ولكن ليس بشكل مبالغ فيه، وأعتقد أن الدولة لديها خطط للتعامل مع هذه الزيادة في الأسعار، فالزيادة متوقعة بشكل كبير وذلك لأن هذه السلعة مرتبطة بالأسعار العالمية وليس بالأسعار المحلية.
هل تعتقد أن هذا الارتفاع في أسعار الغاز الطبيعي سينعكس على القدرة الشرائية للمواطن المصري من خلال تأثر أسعار السلع الأساسية تباعاً وخاصة السلع الغذائية؟
هذا الارتفاع بالطبع سينعكس بشكل كبير على المواطن المصري، فهذا الارتفاع في أسعار الغاز الطبيعي سيؤدي في ارتفاع أسعار المنتجات وأسعار السلع، وبالتالي زيادة التضخم، وهو ما سيؤثر بالتأكيد على القدرة الشرائية للمواطن المصري، وفي هذه الأثناء أعتقد أن التضخم في زيادة كبيرة بسبب زيادة الأسعار، لأن الغاز الطبيعي والشركات والمصانع التي تعمل بالغاز بالتأكيد ستؤثر بشكل كبير على أسعار المنتجات التي يستخدمها المواطن المصري.
هناك بعض الأصوات واللجان تطالب بإلغاء هذا القرار، فهل تتوقع استجابة الحكومة لتلك المطالب أم ستكون هناك إجراءات أخرى تعويضية لأصحاب المصانع التي تعتمد في انتاجها على الغاز الطبيعي؟
أعتقد أن الحكومة لن تتراجع عن هذا القرار، ولديها بالتأكيد بدائل للتعامل مع هذا الأمر، وبالتأكيد ستقدم بعض المميزات وبعض التسهيلات والإجراءات لأصحاب المصانع، لتعويضهم بشكل جزئي، حتى لا تتسبب تلك الزيادة في إغلاق بعض المصانع أو تسريح بعض العمال، أو زيادة في الأسعار بالنسبة للمواطن المصري، وبالتأكيد الحكومة المصرية ستعمل على معالجة هذا الموقف مع أصحاب المصانع بشكل أو بآخر، وكما قلت الدولة بالتأكيد لديها خطط للتعامل مع هكذا مواقف، ومع زيادة الأسعار، سواء أسعار الغاز الطبيعي أو أسعار المازوت أو أسعار البترول التي تؤثر بشكل كبير على أسعار المنتجات التي يستخدمها المواطن المصري.