الدور المصري في شرق المتوسط: وساطة محتملة وآفاق اقتصادية واعدة

10
الدور المصري في شرق المتوسط: وساطة محتملة وآفاق اقتصادية واعدة
الدور المصري في شرق المتوسط: وساطة محتملة وآفاق اقتصادية واعدة

سحر جمال

أفريقيا برس – مصر. أكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عادل الدندراوي أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى القاهرة كانت خطوة إيجابية لإنهاء القطيعة وتعزيز التقارب المصري-التركي، مما قد يمكّن مصر من لعب دور الوسيط في النزاع بين تركيا واليونان وقبرص حول الحدود البحرية.

وشدد الدندراوي في حوار مع “أفريقيا برس”، على أهمية توقيع اتفاقيات دائمة بدلاً من المؤقتة، مؤكدًا أن العوائق الأساسية سياسية وتحتاج إلى شفافية ووضوح.

وأشار إلى أن منطقة شرق المتوسط تمثل شريانًا حيويًا للطاقة، ما يعزز ضرورة تحقيق السلام والتعاون الإقليمي. كما أضاف أن التعاون مع الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة يمكن أن يحقق عوائد ضخمة لدعم الاقتصاد المصري.

وتُعد الإدارة القانونية بوزارة الخارجية المصرية، دراسة حول الحدود البحرية بشرق المتوسط بالتعاون مع الجانب الدبلوماسي. القضية كانت محور اللقاءات المصرية التركية الأخيرة، حيث حافظت مصر على حيادها ورفضت دعم موقف تركيا ضد قبرص واليونان.

كيف ترى مصر دورها كوسيط محتمل في النزاع بين تركيا واليونان وقبرص بشأن الحدود البحرية؟

الزيارة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى القاهرة في فبراير الماضي، بعد قطيعة دامت نحو 12 عامًا، حملت دلالات إيجابية. أولًا، ساهمت في إنهاء القطيعة بين مصر وتركيا وتحقيق مزيد من التقارب بين البلدين. ثانيًا، عززت فرص الاندماج أو التقارب المصري-التركي، مما قد يسهم بشكل كبير في لعب دور الوسيط بين تركيا من جهة، واليونان وقبرص من جهة أخرى، خاصة في القضايا المتعلقة بالاتفاقيات المتنازع عليها حول الحدود البحرية.

كما يمكن أن تسهم هذه الخطوة في التوصل إلى تفاهمات بشأن موارد غاز شرق المتوسط والثروات النفطية، حيث تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 3500 مليار متر مكعب من الغاز وحوالي 2 مليار برميل من الاحتياطي النفطي.

هل هناك أي مستجدات حول اتفاقيات تعيين الحدود البحرية المؤقتة بين مصر واليونان وقبرص؟ وكيف تؤثر هذه الاتفاقيات على المصالح المصرية؟

الاتفاقيات البحرية المؤقتة بين مصر واليونان وقبرص تُعتبر في الأساس اتفاقيات مؤقتة يغيب عنها الوضوح الكامل. إحدى أبرز النقاط المثيرة للجدل؛ هي أن بعض التفسيرات المتعلقة بالاتفاقية الإيطالية المؤقتة تشير إلى إمكانية سماح هذه الاتفاقيات لليونان أو قبرص بالبحث والتنقيب على عمق يصل إلى عشرة كيلومترات داخل المياه الإقليمية المصرية.

في المقابل، تركز مصر على التعاون في استغلال المخزون الهيدروكربوني لتحقيق الاستفادة المشتركة. وأكدت مصر أن الاتفاقيات الإيطالية المبرمة بينها وبين اليونان وقبرص قد وفرت نحو 120 مليار دولار، وهو مبلغ كان من الممكن أن تخسره مصر لولا توقيع هذه الاتفاقيات وتطوير عقود خاصة باستغلال الغاز.

كيف تنظر مصر إلى الدور التركي في شرق المتوسط وتأثيره على المشاريع الاقتصادية المتعلقة بالطاقة؟

تلعب تركيا دورًا مؤثرًا وكبيرًا في منطقة شرق المتوسط، التي تُعتبر غنية بمخزون النفط والغاز، لكنها تشهد توترات سياسية وجيوسياسية كبيرة. فقد عقدت تركيا اتفاقيات مع ليبيا، في حين أبرمت مصر اتفاقيات مع الکیان الإسرائيلي واليونان وقبرص. من جهة أخرى، عقد الکیان الإسرائيلي اتفاقيات مع لبنان، وكان من الممكن تحقيق اتفاقية مع فلسطين لولا الحرب الدائرة، بالإضافة إلى التوترات المستمرة مع لبنان، على الرغم من توقيع اتفاقية إطارية مؤقتة بين الکیان الإسرائيلي ولبنان.

اليوم، ومع الإعلان عن وقف إطلاق النار الذي وافق عليه الجانب الإسرائيلي، قد تظهر فرص لحلول اقتصادية بديلة عن الصراعات العسكرية والاقتصادية. وربما يُفتح المجال لاستغلال ساحل غزة، أو ما يُعرف بحقل “مارين”، ضمن إطار اتفاقيات اقتصادية محتملة خلال الفترة المقبلة.

ما تقييمكم لإمكانية نجاح التفاوض بين دول شرق المتوسط لتجنب التصعيد العسكري؟ وما هو الدور المصري المتوقع في هذا الإطار؟

منتدى شرق المتوسط يضم مصر، الکیان الإسرائيلي، اليونان، قبرص، الأردن، وفلسطين، مع احتمالية انضمام تركيا في المستقبل القريب، وذلك في ظل التقارب المصري والتطورات الأخيرة التي قد تساهم في تليين المواقف الحالية. ومع هدوء الأوضاع العسكرية في المنطقة، قد تتجه دول شرق المتوسط نحو توقيع اتفاقيات اقتصادية تعزز التعاون الإقليمي.

تُعد منطقة شرق المتوسط شريانًا حيويًا يربط بين ثلاث قارات، حيث يُنقل عبرها الغاز والنفط إلى أوروبا. هذا الدور الاستراتيجي يزيد من أهمية المنطقة، ويبرز الحاجة إلى تحقيق الاندماج والسلام الإقليمي، خاصة أن أوروبا تعتمد بشكل كبير على النفط والغاز القادم من هذه المنطقة، التي تُعد المورد الرئيسي لإمداداتها من الطاقة.

كيف يمكن لمصر تحقيق التوازن بين الحفاظ على مصالحها الاقتصادية وتعزيز علاقاتها مع تركيا والاتحاد الأوروبي؟

يمكن تحقيق توازن بين الحفاظ على المصالح الاقتصادية وتعزيز العلاقات مع تركيا والاتحاد الأوروبي من خلال تبني سياسة واضحة وشفافة، تعكس تطلعات الشعب المصري وتخدم السياسة المصرية بشكل عام. في الوقت ذاته، يمكن العمل على تحقيق المصالح الاقتصادية المشتركة مع جميع الأطراف، بما في ذلك تركيا التي شهدت علاقاتها مع مصر توترات في الماضي، مما يفتح المجال لتوازن المصالح بين تركيا والاتحاد الأوروبي.

هذا النهج من شأنه أن يحقق عوائد اقتصادية كبيرة تسهم في تعزيز الاقتصاد المصري والنهوض به، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الكبيرة التي يواجهها.

هل هناك إمكانية لتوقيع اتفاقيات دائمة بشأن تعيين الحدود البحرية بدلاً من الاتفاقيات المؤقتة؟ وما هي العوائق التي تحول دون ذلك؟

نعم، يمكن تحقيق اتفاقيات دائمة ومستدامة للحدود البحرية مع جميع الدول المطلة على شرق المتوسط. ومع ذلك، فإن العوائق التي تحول دون ذلك تُعتبر في الغالب سياسية. إذا توفرت الشفافية والوضوح في المواقف السياسية، يمكن لمصر تحقيق توازن كبير يسهم في إبرام اتفاقيات مستدامة تعزز التعاون الإقليمي.

ما هي المخاطر التي قد تواجهها مصر إذا استمر التصعيد في شرق المتوسط؟ وكيف يتم التعامل معها؟

بالتأكيد، المخاطر في شرق المتوسط لا تواجه مصر وحدها في حال استمرار التصعيد، بل تمتد لتشمل جميع دول المنطقة. لذلك، من الضروري تحقيق الاندماج الإقليمي، وإبرام اتفاقيات سلام تسهم في تحقيق التوازنات المطلوبة. يجب العمل على تنظيم لقاءات ومحادثات شاملة تضم جميع الدول المعنية، سواء مصر وتركيا، أو تركيا وباقي الدول، أو بين تركيا وقبرص.

من الجدير بالذكر أن قبرص تُعد نقطة توتر رئيسية، حيث إنها مقسمة إلى قبرص اليونانية، المعترف بها دوليًا، وقبرص التركية، التي تعترف بها تركيا فقط. استمرار التصعيد في هذه المنطقة لا يصب في مصلحة أي من الدول المطلة على شرق المتوسط، مما يجعل التهدئة والتعاون خيارًا ضروريًا للجميع.

هل ترى تعاون مصر مع الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة والاستقرار الإقليمي كافٍ لمواجهة التحديات الحالية؟

نعم، يمكن لمصر تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة، خاصة أن لديها موارد كبيرة في منطقة شرق المتوسط، مثل حقل “ظهر” الذي يُعد من أكبر الحقول الغازية في المنطقة، بطاقة إنتاجية تقدَّر بأكثر من 30 مليار متر مكعب من الغاز (وفق التقديرات).

إلى جانب حقل “ظهر”، تمتلك مصر حقولًا أخرى مثل حقل “بلطيم” وحقول أخرى تم اكتشافها مؤخرًا، مما يعزز إمكاناتها في تصدير الطاقة والغاز الطبيعي. هذا التعاون يمكن أن يحقق لمصر عوائد دولارية ضخمة، ويسهم في تعزيز مكانتها كمصدر رئيسي للطاقة في المنطقة.

ما الخطوات التي يمكن أن تتخذها مصر لتقليل الاعتماد على الأطراف المتصارعة في شرق المتوسط وحماية مصالحها البحرية؟

يمكن لمصر اتخاذ عدة خطوات على الصعيدين السياسي والاقتصادي. على الصعيد السياسي، يمكن لمصر العمل على تحقيق التقارب مع جميع الدول المطلة على البحر المتوسط، شريطة أن تكون مصالحها الوطنية في صدارة الأولويات. هذا يعني أن حماية المصالح البحرية المصرية يجب أن تكون الهدف الأساسي.

أما على الصعيد الاقتصادي، يمكن لمصر التركيز على إبرام اتفاقيات شفافة وعادلة تحفظ حقوقها في مياهها الإقليمية وتضمن عدم المساس بثروات الشعب المصري. هذه الخطوات ستساعد في تعزيز مكانة مصر الإقليمية وحماية مواردها البحرية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here