أحمد دومة..سجين كل العصور

14
أحمد دومة...
أحمد دومة... "سجين كل العصور" نيابة عن ثورة يناير

افريقيا برسمصر. “الحرية لأحمد دومة… خايفة منه ليه يا حكومة”. هتاف تردد لسنوات طويلة وفي أكثر من توقيت، يُعبر بحق عن استهداف الحكومات المتعاقبة للناشط السياسي المصري وأحد وجوه ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، أحمد دومة.

وكأنما الحكومات تخشاه حقاً، وأن وجوده خارج أسوار السجن يشكل خطراً على بقاء النظام. وكأن دومة يحاكم باسم الثورة كاملة، وأن عبارته الشهيرة “لم ننهزم رغم فداحة الخسارة. ستنهزم الثورة حين نكفّ السعي، ونسلّم حلمنا لعتمة الواقع القبيح” صادقة حد قبح الواقع الذي يعيشه خلف جدران زنزانته في الحبس الانفرادي. تم سجن دومة في عهد جميع الحكومات المتعاقبة منذ ما قبل ثورة يناير بعامين

هذا الواقع القبيح، عبرت عنه صورته التي نشرتها وزارة الداخلية المصرية، قبل أشهر عدة، حيث كان هناك طبيب يجري له اختبار فيروس كورونا، بينما هو مبعثر الشعر بضحكته المعهودة يجلس أمامه شامخاً مرفوع الرأس. بمجرد انتشار تلك الصورة، كان هناك من خلفه الآلاف من أبناء يناير، يبكون حاله الرث وضحكته الساخرة. فهم يعرفون معنى هذه الضحكة جيداً، وويعرفون صاحبها الذي لا ينكسر.

دومة، الشاعر وعضو اتحاد كتاب مصر، والعضو المؤسس بأغلب الحركات السياسية المصرية التي مهدت للثورة من أول “حركة كفاية”، تم سجنه في عهد جميع الحكومات المتعاقبة منذ ما قبل ثورة يناير بعامين. وهو واحد من أبرز الناشطين السياسيين في مصر، وعضو مستقيل من جماعة الإخوان المسلمين عام 2007 التي يعد والده سعد دومة، أبرز رموزها. كان عضواً في حركات “كفاية”، و”شباب 6 إبريل”، و”شباب من أجل العدالة والحرية”، و”شباب الثورة العربية”، و”ائتلاف شباب الثورة” الذي تأسس بعد ثورة 25 يناير 2011، إلا أنه استقال من كل هذه الحركات إلا “كفاية”، مفضلاً أن يمارس العمل السياسي كناشط مستقل. وكان من المقرر لابن مركز أبو المطامير في محافظة البحيرة، وعضو اتحاد كتاب مصر، أن يطلق ديوانه الأول المحفوظ بالمطبعة بعد خروجه من الحبس.

وبالتزامن مع الذكرى العاشرة للثورة، يكمل دومة تقريباً نصف العقوبة المقررة بالسجن 15 سنة وغرامة 6 ملايين جنيه (نحو 380 ألف دولار أميركي). ففي 5 يوليو/تموز 2020، رفضت محكمة النقض المصرية الطعون المقدمة ضد الحكم على دومة، في القضية المعروفة باسم “أحداث مجلس الوزراء”. وأيدت الحكم الصادر في إبريل/نيسان 2014، بحبسه 15 سنة وإلزامه بدفع 6 ملايين جنيه، ليصبح حكم إدانته نهائياً. وتعود وقائع هذه القضية إلى الأحداث التي شهدها مجلس الوزراء المصري في عهد المجلس العسكري، والتي وقعت في ديسمبر/كانون الأول 2011، وحوكم بسببها دومة، مع 267 آخرين بتهمة حرق مبنى المجمع العلمي المصري، ومنشآت مجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشورى، والتعدي على أفراد القوات المسلحة والشرطة ومقاومة السلطات والتجمهر وتعطيل حركة المرور.

ولُقب دومة، بـ”صائد الفراشات”، لكثرة عدد القنابل المسيلة للدموع التي تصيدها لإلقائها بعيداً عن المتظاهرين خلال ثورة يناير. واشتهرت صور الغرافيتي الخاصة به على الجدران بعد اعتقاله في فترة حكم الرئيس المعزول، محمد مرسي، على خلفية قضية حرق المجمع العلمي. كما لقب بـ”سجين كل العصور”، إذ سجن في عهد الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، مروراً بفترة حكم المجلس العسكري، والرئيس الراحل محمد مرسي، وصولاً لفترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي. فقد ألقي القبض عليه للمرة الأولى في فبراير/شباط 2009، على الحدود المصرية مع غزة، بعدما انضم لمجموعة ناشطين مناهضين للحرب ال”إسرائيل”ية على القطاع، محاولين بعبور الحدود التعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني. لكنه حُوكم أمام محكمة عسكرية بتهمة عبور الحدود بطريقة غير شرعية، وصدر حكم بسجنه لمدة سنة، تعرض خلالها للتعذيب لانتزاع أقوال بالقوة. ثم ألقي القبض عليه للمرة الثانية، في يناير 2012 عقب أحداث مجلس الوزراء في ديسمبر 2011.

ألقي القبض على دومة للمرة الأولى في فبراير 2009 على الحدود مع غزة وفي عهد مرسي، حوكم دومة للمرة الثالثة، حيث قضت محكمة مصرية بحبسه ستة أشهر بعد إدانته بإهانة الرئيس، على خلفية مداخلة هاتفية مع إحدى القنوات الفضائية، وصف فيها الرئيس المعزول بأنه فاقد الشرعية ومتهم ومجرم وقاتل وهارب من العدالة. كما شارك دومة في التظاهر ضد حكم مرسي، في احتجاجات 30 يونيو/حزيران 2013، التي كانت بداية الانقلاب العسكري الدموي، وعزل أول رئيس مصري منتخب في 3 يوليو 2013.

ثم ألقي القبض عليه رابعاً وأخيراً في عهد السيسي، في 3 ديسمبر 2013 من منزله في أعقاب تظاهرة نظمها حقوقيون تحت شعار لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين، لرفض قانون التظاهر. وحُكم عليه في 22 ديسمبر من العام نفسه، مع الناشطين السياسيين أحمد ماهر ومحمد عادل، بالسجن ثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة وغرامة مالية لمشاركتهم في تظاهرة رفض قانون التظاهر. خرج ماهر من السجن بعد قضاء العقوبة، وتم تدوير عادل في قضية ثانية، ولا يزال دومة في حبسه الانفرادي يكمل أعوامه الـ15 بسبب حكم قضية أحداث مجلس الوزراء.

والآن، يقبع دومة في زنزانة انفرادية منذ أكثر من 8 سنوات، وهو يحتاج لفراش طبي منذ أكثر من سنتين بتوصية من طبيب، لكن مُنع إدخاله له. كما مُنع إدخال عكاز، سبق أن طلبه دومة، ليسير عليه لأنه غير قادر على التريض -الخروج من الزنزانة- بسبب إصابته بتآكل حاد في ركبته يستلزم جراحة تغيير مفصل. كما أنه ممنوع من الحصول على أدوية مضادات الاكتئاب ونوبات الهلع ومذيبات الجلطة، منذ نحو عام. سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here