سحر جمال
أفريقيا برس – مصر. بعد التوترات التي شابت العلاقات بين القاهرة ومقديشو خلال فترة حكم الرئيس السابق محمد عبدالله فرماجو الذي تقاربت البلاد في عهده أكثر مع إثيوبيا وتركيا، واتخذت مواقف غير متوقعة تجاه القاهرة في نزاعها حول سد النهضة الإثيوبي، فضلاً عن عديد من الخطوات الدبلوماسية غير الودية على مستوى العلاقات الثنائية الممتدة منذ إستقلال الصومال بمساعدة مصرية في عام 1960، أثار إنتخاب حسن شيخ محمود رئيساً للصومال تساؤلات مراقبين حول تأثير ذلك على موقف مصر ومصالحها وخاصة في قضية سد النهضة، لتأتي زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى مقديشو وذلك في زيارة نادرة لمسؤول مصري على هذا المستوى منذ عقود، للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الجديد، نيابةً عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لتخلق الكثير من التوقعات حول وجود نهج جديد سنشهده في العلاقات المصرية الصومالية وخاصة حول قضية سد النهضة وحول الكثير من القضايا العالقة بين البلدين، وللمزيد من التفاصيل يتحدث إلى “أفريقيا برس” الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أكرم رحيم في الحوار الصحفي التالي:

بعد حالة من الصمت والتوتر السياسي فوجئ المراقبون بزيارة وزير الخارجية المصري إلى مقديشو للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الجديد للصومال، رغم خلو بيان الخارجية المصرية من ترحيب عقب فوزه شيخ محمود بالانتخابات، فما الذي تغير؟
تأتي زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى الصومال عقب فوز الشيخ محمود في الانتخابات كخطوة مصرية ترمي لتوطيد العلاقات الثنائية بين البلدين، ومن المعروف أن مصر يهمها في المقام الأول والأخير العلاقات الأفريقية، والعلاقات بين الأشقاء العرب، كما تحظى المنطقة الأفريقية بإهتمام كبير لدى القيادة السياسية المصرية، فمن المعروف أن مصر والصومال لديهما علاقات لها تاريخ طويل، كما أن مصر تحرص دائما على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتقديم الدعم للأشقاء الصوماليين، سواء على المستوى الإقتصادي أو التجاري أو التعليمي، وتأتي الزيارة المصرية إلى الصومال بناء على حرص القيادة السياسية على تقديم الدعم الكامل للصومال، وقيادته السياسية، خاصة بعد الإنتخابات التي عقدت في أكتوبر الماضي، ومصر يهمها الإستقرار الكامل للصومال، والتي عانت كثيرا من النزاعات الداخلية، كما أن سامح شكري أشاد بالعلاقات التاريخية بين البلدين، وتخصيص أرض لإقامة السفارة المصرية في مقديشو، وأشادت وزارة الخارجية المصرية بالإنتخابات الصومالية، وذلك لتحقيق وحدة الصومال وتحقيق السيادة على أرضها، ودعم مصر الكامل لإستقرار الصومال، وإقامة العديد من المشروعات التنموية والمنح الدراسية، كما أن رئيس الوزراء الصومالي قد قام بزيارة إلى مصر في أغسطس الماضي وألتقى بوزير الخارجية المصري، كما التقى برئيس الوزراء مصطفى مدبولي، كما أنه ألتقى بأمين عام جامعة الدول العربية أبو الغيط، وبحث في مصر العديد من سبل التعاون المشترك بين كل من مصر و الصومال، و حرص مصر على دعم الإستقرار داخل الصومال، و استقرار الوضع الأمني بها، وسرعة إستكمال الإنتخابات التشريعية، والتي كان مقرر لها أن تتم في أكتوبر الماضي، وتسوية العديد من القضايا المالية، وتحقيق سبل التعاون الإقتصادي بين الدولتين، وتحقيق الوفاق الوطني، ومعالجة العديد من القضايا الداخلية والخارجية، فضلا عن دعم دول عربية لقضايا الصومال، ودعم الجامعة العربية للحوار بين الأطراف الصومالية المتنازعة، حتى الوصول إلى الإنتخابات الرئاسية.
خلال فترة حكم الرئيس السابق محمد عبدالله فرماجو اقتربت الصومال أكثر من إثيوبيا وتركيا، واتخذت مواقف غير متوقعة تجاه القاهرة في نزاعها حول سد النهضة، كيف تتوقع مستقبل العلاقة بين البلدين في عهد الرئيس شيخ محمود؟هنالك بالطبع مصالح مشتركة بين الصومال وتركيا وإثيوبيا، خاصة وأن تركيا لها قاعدة في الصومال، كما أن هناك تعاون وثيق بين أثيوبيا والصومال، وهو ما جعل موقف الصومال غير واضح خلال الأزمة، إلا أن مصر كان لها مواقف ثابتة في التعاون بين الدولتين، وظلت العلاقات بين الدولتين قوية، وكان ما يهم مصر هو تحقيق التوافق بين الأشقاء في الصومال، وكان هناك لقاء بين سامح شكري وزير الخارجية المصري ونظيره الصومالي في 6 فبراير الماضي، خلال اجتماعات الدورة الخامسة والثلاثين للإتحاد الإفريقي في أديس أبابا، وكانت مصر تؤكد حرصها على بناء مؤسسات الدولة في الصومال، والوصول إلى الإنتخابات التشريعية، ومصر كانت تدعم كثيرا تلك الانتخابات، إلى جانب دعم الإستقرار الاقتصادي والأمني، خاصة وأن الصومال تأثرت كثيراً بالأزمة الأوكرانية الروسية، مع تزايد تدهور الأوضاع إقتصاديا في هذا البلد الشقيق، في ظل موجة الجفاف التي ضربت البلاد، وأدت إلى تهجير عدد كبير من السكان، ومعاناة الكثير منهم من خطر الجفاف وتهديد الثروة الحيوانية والنباتية، وظل الدور المصري داعما للجانب الصومالي، و داعما لتحقيق الإستقرار داخل الأراضي الصومالية.
أشار مدبولي خلال المباحثات إلى قرارات الرئيس المصري الأخيرة بتقديم مختلف صور الدعم والمساندة الممكنة للصومال في كل المجالات التنموية والتدريبية والأمنية، فما مصلحة مصر في ذلك؟
مصر تولي اهتماما كبيرا بدولة الصومال الشقيق، خاصة مع الزيارات المتبادلة بين الدولتين، ورؤية مصر هي تعزيز العلاقات بين البلدين، وتقديم كافة سبل الدعم التنموي والإقتصادي والتعليمي والخدمي لدولة الصومال، ومدبولي قد أشاد بتعيين سفير للصومال في مصر، وعودة البعثة المصرية إلى مقديشو، وطبعا مصر منحت رخصة تشغيل للبنك المصرفي في مقديشو، وتفعيل المجالات المختلفة للتعاون وزيادة الصادرات وتسيير رحلات الطيران بين البلدين، وتفعيل مذكرات التفاهم، خاصة وأن عددا كبيرا من الصوماليين درسوا في مصر خلال الخمسينيات والستينيات، ومصر أيضا تدعم القطاع الصحي في الصومال، وإقامة عدد من المستشفيات، و طلبت الصومال أكثر من مرة زيادة القوافل الطبية إلى مصر، فضلا عن زيادة المنح الدراسية سنويا من 200 الى 400 منحة، وكان هناك أيضا خلال اللقاءات التي جمعت بين رئيسي الوزراء الحرص على دعم الإقتصاد التنموي بين البلدين، خاصة وأن الصومال تمتلك ثروة حيوانية كبيرة، والصومال يهمها في المقام الأول أن تستفيد من الخبرة المصرية في مجالات التعليم والبحث العلمي والمجال الأمني والإقتصادي والمجال الطبي.
هل التقارب التركي المصري سينعكس على تعزيز مصر حضورها في الصومال على المستوى الأمني والاقتصادي والثقافي؟
التقارب التركي المصري لا شك أنه سينعكس على تعزيز التعاون بين مصر وتركيا والصومال، وكما ذكرت أن هناك مصالح مشتركة لتركيا في الصومال، فضلا عن أن لها قاعدة عسكرية في الصومال، وتحرص مصر على دعم و استقرار الصومال أمنيا، والجهود التي تبذلها مصر مع الجانب التركي تهدف إلى تحقيق الإستقرار الأمني والإقتصادي والثقافي داخل الصومال، بالإضافة إلى أن الصومال دولة أفريقية ومسلمة، ويهمها تحقيق التقارب ما بين مصر وتركيا والصومال، والتقارب المصري التركي سيكون له أثر كبير على الأوضاع في الصومال، وتركيا يهمها تحقيق التقارب المصري الصومالي، وتحقيق الاستقرار والأمن على الأراضي الصومالية.
الرئيس الصومالي الجديد على علم بالتناقضات في مصالح دول مثل تركيا ومصر وأثيوبيا ومن جهة ثانية هو يواجه تحديات كبيرة أمنية وسياسية واقتصادية، هل ترى يمكن أن يوفق في عدم جر بلاده الى محاور دولية ربما تزيد من مآسي بلاده؟
الصومال تجمعها علاقات قوية بأثيوبيا وهناك تعاون وثيق بين أثيوبيا والصومال، وهناك أيضا تعاون كبير جدا بين تركيا والصومال، ويهم الصومال أن تكون لها علاقات مشتركة مع تركيا وإثيوبيا، ومصر كزعيمة أفريقيا يهمها تحقيق التواصل بين مقديشو والقاهرة، وتحقيق التقارب الإقتصادي والتنموي، والصومال تنظر إلى دور مصر التاريخي الكبير منذ الخمسينيات والستينيات، ومصر ساعدت الصومال في بناء الدولة خلال أكثر من 30 عام، ويهم مصر في المقام الأول تحقيق الاستقرار داخل الصومال، و توطيد الصومال علاقاتها مع كافة الدول وليس إثيوبيا وتركيا فقط، ويهمها تحقيق الإستقرار الاقتصادي والأمني داخل الصومال، التي عانت كثيرا من النزاعات خلال السنوات الماضية، وهذا أدى إلى تدهور الأوضاع الإقتصادية، بسبب النزاعات المسلحة، وتدهور الأوضاع الأمنية، وهذا أثر بشكل كبير على الأوضاع الداخلية، إضافة إلي الجفاف الذي أثر كثيرا على الصومال وسبب مجاعات حذرت منها الأمم المتحدة والجامعة العربية، والرئيس الصومالي الجديد يواجه تحديات كبيرة في تحقيق الاستقرار الأمني داخل الصومال، والتعاون بين الصومال والعديد من الدول خاصة الدول المحورية التي لها ركيزة كبيرة مثل مصر وتركيا، وأعتقد أن التقارب المصري التركي سيكون له دور كبير جدا، وعلى الرغم من التحديات التي تواجه الرئيس الصومالي الجديد وخاصة العلاقات بين مصر و إثيوبيا حول سد النهضة، إلا أنه يستطيع الموازنة في العلاقات بين هذه الدول.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس