الرياض والقاهرة.. مشاورات متجددة في السياسة والاقتصاد

25

سحر جمال

أفريقيا برس – مصر. في إطار زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى مصر تم عقد جلسة مباحثات رسمية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي العهد محمد بن سلمان، جرى خلالها إستعراض العلاقات بين البلدين، و بحث سبل تطوير وتنمية العلاقات في جميع المجالات، بما يعزز ويحقق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، وفي هذا الإطار يتحدث إلى “أفريقيا برس” محمود بكري عضو مجلس الشيوخ في الحوار الصحفي التالي:

د. محمود بكري، عضو مجلس الشيوخ و رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة الأسبوع

خلال جلسة المباحثات التي جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي العهد محمد بن سلمان،جاء بن سلمان إلى القاهرة بمطالب قديمة، أبرزها ضم مصر إلى تحالف عسكري إقليمي في مواجهة إيران فهل رحبت مصر بذلك؟
لا أظن أن مصر تقبل بأي نوع من التحركات العسكرية الإقليمية أو غير الإقليمية لمواجهة إيران أو غيرها، مصر أثبتت على مدى السنوات الماضية أنها تتعامل بمنهجية مستقلة لإدارة منظومة علاقاتها الخارجية وتحالفاتها الإقليمية، سواء تحالفات سلمية أو إقتصادية، أما عن التحالفات ذات الجانب العسكري فأعتقد أن هذا ما رفضته مصر حين انطلقت الحرب الخليجية السعودية في مواجهة الحوثيين باليمن في عام 2015، ومن ثم الموقف المصري الواضح هو عدم الدخول في نزاعات عسكرية وتبني المواقف السياسية في مواجهة الأزمات الطارئة.

تم الإعلان عن عزم المملكة قيادة استثمارات في مصر تبلغ قيمتها 30 مليار دولار أميركي، من دون تحديد برنامج زمني. فما أهمية ذلك لمصر؟
الاستثمارات السعودية في مصر ليست الأولى من نوعها، فنحن شهدنا استثمارات ومساعدات وقروض ودعم متواصل، خاصة في الفترة التي أعقبت 2013، وثورة 30 يونيو، دون تحديد برامج معينة للإستثمارات، لا يمكن النكوث في وعد قطعه الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته لمصر، ولقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسي، و الاتجاه هو اتجاه أخوي من دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لدعم الاقتصاد المصري، في مواجهة التحديات الكبرى التي تشهدها مصر، إرتباطا بغلاء الأسعار والتحولات الهائلة على المستوى العالمي، والتي تأتي بعد أزمتين عالميتين كبيرتين، أزمة كورونا ثم أزمة الحرب الروسية الأوكرانية.

يرى البعض أن الهدف الرئيسي وراء زيارة ولي العهد السعودي إلى القاهرة، هو توحيد المواقف والتنسيق من أجل الظهور أمام الإدارة الأميركية كفريق واحد قبيل زيارة الأخير إلى المنطقة فكيف ترى ذلك؟
من المؤكد أن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى مصر وكذلك التحركات المصرية مع الأردن والبحرين والإمارات كلها تصب في إطار تنسيق المواقف قبيل وصول جو بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية للمنطقة، لأنه وبطبيعة الحال وفي خضم الأزمات العالمية التي نشهدها إنعكاسا وانعطافا على الحرب الروسية الأوكرانية هناك تطورات مهمة، وهناك تحالفات في المنطقة، وهناك تحولات إستراتيجية على صعيد العلاقات، وهناك عالم متعدد الأقطاب، يبرز اليوم ليبنى على أنقاض نظام الأمم المتحدة الذي تشكل بعد العام 1945، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ومن ثم فنحن أمام تحديات هائلة تشهدها المنطقة، ويتطلب الأمر تنسيقا وتنظيما، لحدود المواقف العربية في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية، أو بتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية حسب ما ستسفر عنه جولة المباحثات المقبلة مع بايدن، ولكن الأمر المؤكد أن العالم العربي يريد أن يخطو خطوة واحدة، وأن يكون على قلب رجل واحد في إطار تبنيه لسلسة المواقف، ومن هنا شهدنا زيارة أمير قطر إلى مصر وغيرها من الجولات الهامة في المنطقة.

أكدت السعودية دعمها للأمن المائي المصري، وحثت إثيوبيا على عدم اتخاذ إجراءات أحادية بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، وعبّرت عن تضامنها مع مصر لحماية أمنها القومي فهل سيكون ذلك مؤثرا لمصر في قضية سد النهضة؟

المواقف التي أعلنتها السعودية عن دعمها للموقف المصري في قضية سد النهضة  هي دعم سياسي معنوي، لكنه لن يقدم الكثير من التأثير على الموقف الأثيوبي وأسلوبه المتعنت، الموقف الأثيوبي الذي رفض التوقيع على إتفاق فبراير في الولايات المتحدة الأمريكية أيام الرئيس ترامب، والموقف الأثيوبي الذي تخلى عن كثير من تعهداته و التزامته مع مصر، ونقض وعوده التي أطلقها منذ سنوات، في  إطار التفاوض المشترك الذي جرى بين مصر والسودان وأثيوبيا، هذا الموقف المتعنت لا أعتقد أن مجرد موقف سعودي متضامن مع مصر يمكن أن يبدل من الموقف الأثيوبي، لكنه قد يلقي بحجر في البحيرة الراكدة، في إطار حلحلة الأزمة.

يرى البعض أن قبول مصر الانضمام إلى تحالف عسكري إقليمي تقوده “إسرائيل”، يعني مباشرة انتهاء شرعية دولة يوليو (23 يوليو/تموز 1952) التي أسسها الضباط الأحرار. واعتبرت أنه لو وقعت الحرب مع إيران ستكون آخر الحروب في الشرق الأوسط فكيف ترى ذلك؟
هناك دهشة حول الحديث عن مثل هذه الأمور، لا يمكن أن تدخل مصر في تحالف عسكري إقليمي تقوده إسرائيل، ما زالت عقيدة الجيش المصري حتى اللحظة الحالية هي أن إسرائيل العدو الرئيسي لمصر، ومن ثم فمن المستحيل أن تنخرط مصر في تحالف عسكري تقوده إسرائيل، لأنه لن يقضي فقط على شرعية دولة يوليو 1952، ولكنه سوف يقضي على ملامح الشعور الوطني في مواجهة إسرائيل ورفض الإنصياع لخطواتها التوسعية، وعمليات التطبيع الجارية والرفض الشعبي العام ليس بالأمر الهين، وهو رفض مستمر منذ توقيع إتفاقية السلام في 19 مارس 1979 وحتى اليوم.

يرى محللون أن السعودية من خلال الاتفاقيات التي وقّعتها للإستثمار في مصر، والتي شملت بنى تحتية وموانئ ومحطات كهرباء وغير ذلك، يتضح أنها تنافس الإمارات في الاستحواذ على قطاعات حيوية في مصر فهل توافق على ذلك؟
لا اوافق بالطبع على هذا السؤال، ولكن مصر تبحث عن مصالحها سواء كانت تلك المصالح مع المملكة العربية السعودية أو كانت مع الإمارات أو غيرها من الدول ، لأن مصر لا تدخل في إطار تنافسات أو تنازعات بين الأشقاء، لكنها تسعى لخدمة مصالحها بالتعاون مع الأشقاء، دون تفضيل أحد عن الآخر، ولكن تحكم العلاقات السياسية والدبلوماسية إطارات من التفاهم في المجالات الإقتصادية  والمساعدات والتعاون الإقتصادي المشترك الذي تقدمه بعض الدول العربية، والذي يأتي في إطار لحمة تاريخية بين مصر وشقيقاتها من البلدان العربية الخليجية، بعيدا عن توصفيات النزاع والصراع وغيرها من الألفاظ.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here