بقلم : سحر جمال
افريقيا برس – مصر. تعد مصر من الدول ذات الكثافة السكانية العالمية حيث يقارب سكانها ال 100 مليون نسمة. ويتركز معظم سكان جمهورية مصر العربية حول وادي النيل والدلتا بينما هناك مساحات صحراوية شاسعة تكاد تخلو من السكان. فعدد السكان في مصر يزداد بشكل مطرد ووتيرة سريعة للغاية فبينما وصل عدد سكان مصر عام 1950 كان 20 مليون نسمة حيث نجده الأن تضاعف ليقارب المائة مليون نسمة ويتوقع أن يبلغ في 2030 120 مليون نسمة.
وهنا يثار تساؤل هام سواء على البعد الاجتماعي أو البعد الاقتصادي وهل الزيادة السكانية في مصر يتقبلها النمو الاقتصادي المناسب وغايته خفض نسبة البطالة وخفض معادلات التضخم واستقرار مستوى الأسعار والزيادة السكانية يجب التعامل معها بأستراتيجية تتناسب مع حجم المشكلة.
فهناك دول كبيرة بالسكان وذات كثافة سكانية عالية كالصين والتي بلغ عدد سكانها مليار و 500 مليون نسمة عام 2020 والمصنفة عالمياً في المركز الأول من حيث عدد السكان بينما تأتي الهند في المرتبة الثانية عالمياً بحوالي مليار و400 مليون نسمة ولكن تلك الدول استطاعت تفعيل وتنشيط تلك الزيادة والاستفادة منها بأقصي درجة ممكنة حتى احتلت مكانة متقدمة في التصنيف العالمي من حيث الاقتصاد والنمو والتكنولوجي والعلمي.
وقد ظهر إتجاه جديد في مصر يدعو لتشريع وسن قوانين للحد من الإنجاب على سبيل المثال طفلين لكل أسرة فمشكلة الزيادة السكانية هي مشكلة قديمة تعاني منها مصر وهناك دعوات إعلامية تكاد أن تخبو وينسى آثرها تحفر على الحد من الأنجاب وما يساعد على ارتفاع الزيادة السكانية هو زيادة عدد المواليد مقارنة بعدد الوفيات والسبب في ذلك هو اتباع الأساليب الوقائية والعلامية واهتمام الدولة بالحفاظ على صحة وسلامة المواطن واستخدام أحدث الأجهزة والمعدات الطبية وتوفيرها بالمجان للمواطنين غير القادرين او ذات الدخل المحدود والبسطاء.
و يرى المحلل السياسي جمال الحسيني في تصريح لموقع أفريقيا بريس أن هناك أمران يجب العمل بهما في آن واحد، الأول الحد من الزيادة السكانية المرتفعة ، والثاني العمل على استغلال تلك الزيادة عن طريق تنشيط فعاليات الموارد البشرية الموجودة وفتح آفاق جديدة للعمالة وتدريب تلك الأيدي العاملة على أحدث المستويات واكسابها الخبرة المناسبة.
وحيث أن الدولة المصرية وعلى مدى عدة عقود من الزمن تبذل جهوداً جبارة في هذا المجال والذي يتطلب الموائمة التامة بين الزيادة في عدد السكان وبين الموارد المتاحة فكلما كانت هناك زيادة سكانية مرتفعه كان آثر ذلك سلبياً على الموارد الإقتصادية المتاحة ولكن مساحة مصر كبيرة فهناك أراض صحراوية شاسعة المساحة في أشد الحاجة لتعميرها وإنشاء المشورعات الكبيرة والعملاقة والتوسع في زراعة الأراضي الصحراوية وإنشاء مدن صناعية جديدة.
واكد الحسيني اننا اذا نظرنا إلى نسبة التوزيع السكاني لنسبة المساحة الكلية للدولة نجد إنه غير متكافئ بالمرة فحوالي ٩٩% من سكان مصر يتركزون في الوادي والدلتا وهي مساحة لا تتعدا ٤% من إجمالي مساحة مصر. ويأذي هذا التوزيع غير المتكافئ من السكان إلى حدوث ضغط كبير على البنية الاساسية كما يتسبب بتركيز أغلب الخدمات في المدن والمراكز الحضارية وغيابها عن باقي مناطق البلاد.
وتسعى الحكومة المصرية للقيام بعمليبة تنظيم للأسر ومنها الأستراتيجية القومية للسكان والتنمية حيث قدم فريق من الخبراء تحت إشراق المجلس القومي للسكان إستراتيجية هامة أطلق عليها اسم (الأستراتيجية القومية للسكان والتنمية) وذلك للأعوام الممتدة من عام ٢٠١٥ وحتى عام ٢٠٣٠م.
ويرى خبراء أن تلك المشكلة يتم حلها من خلال محاولة الحد من الزيادة السكانية عن طريق التوعية الإعلامية وحث النساء وتحفيزهم على استخدام وسائل منع الحمل. والقيام بمحاولات جادة وفعالة لأستغلال تلك الموارد البشرية وتنميتها وتدريب هذه العمالة على أحدث المستويات واكسابها الخبرة المناسبة كذلك التوسع في زراعة الأراضي الصحراوية لزيادة المساحات الخضراء وإنشاء المشروعات الكبيرة والعملاقة وإنشاء مدن صناعية لإستيعاب تلك الأعداد وتحويلها لأدوات منتجة ومساندة للنهوض المجتمعي.
وإذا ما اردنا مواجهة هذه المشكله فيجب أن يكون هناك تشريع وقانون يدعو المواطنين إلى الحد من الإنجاب وذلك بالأجرائات التحفيزية وليست الإجرائات العقابية وتنوير الرأي العام لضرورة التعامل مع الآمر بجدية فالمعادلة صعبة والتحديات كبيرة حيث أن الزيادة السكانية تلتهم اي نمو إقتصادي ولكن تنظيم هذا الآمر سيؤذي إلى ارتفاع مستوى المعيشة للمواطنين ويقلل نسبة البطالة ويوفر معيشة كريمة لكل مواطن فهذا الآمر يحتاج إلى تدخل تشريعي وسن قانون يعمل على الحد من الزيادة السكانية فالآمر ليس مجرد فكرة مطروحة يصعب الأخذ بها وتطبيقها ولكن في كل الأحوال على الجميع الأنتباه لخطورة الآمر ومدى تآثيره على الحياة في جميع مجالاتها.
ولخطورة الامر على مستقبل البلاد بكافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية جاءت المطالبات البرلمانية بضرورة سن تشريع قانوني للحد من الانجاب وهو أمر قامت به الصين سابقا وهذا المقترح يطالب بفرض غرامات على الاسرة التي تنجب أكثر من طفلين وأكد المقترحون لهذا القانون أن فرض عقوبات وخاصة غرامات كبرى على المخالفين من شأنه أن يعيد ترتيب الحياة الاجتماعية والاسرية في مصر كخطوة قد تساهم بشكل كبير في حل الازمة من جذورها خاصة وأن الطبقة الفقيرة هي الاكثر انجابا باعداد كبيرة نظرا لنقص التوعية والعادات والافكار الخاطئة فوجود غرامات مالية من شانها ارغام تلك الاسر على الالتزام بهذا القانون.
عدد السكان واستثمار رأس المال البشري
في المقابل لا تزال الكثير من دول العالم المتقدم تبحث عن الحلول لتحقيق التوازن في عدد سكان مجتمعاتها، فالكثير من دول أوروبا تعاني من نقص الشباب مقابل الزيادة المضطردة في أعداد المسنين، وهذا يعني نقصان الأيدي العاملة من جهة، وتضخم أعداد كبار السن العاجزين عن العمل من جهة أخرى، كما أن كبار السن عادةً ما يحتاجون للرعاية، ما يعني زيادة المصاعب والأعباء التي تواجه الدول. وأصبحت معظم المجتمعات المتقدمة تهتم بشكلٍ متصاعد برأس المال البشري في محاولتها لخلق توازنٍ بين فئة الشباب وكبار السن، بحيث لا تصبح فئة كبار السن عبئًا على المجتمع، خاصةً أن الفئة الشبابية تمثل الشريحة الكبيرة التي تحتاجها البلاد لمواصلة عملية الإنتاج والنمو.
وبسبب هذا الواقع الحاصل نتيجة نقص عنصر الشباب وازدياد أعداد كبار السن قامت الدول في سعيها لمواجهة هذه الظاهرة، تقوم بعمل استبيانات وتجميع المعلومات الدقيقة عن هذه المشكلة، ففي ألمانيا أصدر المكتب الاتحادي الألماني للإحصاء تقريرًا أظهر أن البلاد شهدت عام 2015 حالات ولادةٍ أكثر من أي سنة منذ العام 2000، وأشار التقرير في الوقت نفسه إلى أن نسبة الوفيات قد فاقت عدد المواليد، وهذا يعني أن أكبر اقتصادٍ في الاتحاد الأوربي يعاني من زيادة أعداد المسنين بين السكان. وقد وفرت الحكومة في المانجا مساعداتٍ سخيةٍ جدًا للآباء والأمهات في محاولةٍ لرفع معدل المواليد خلال السنوات العشر الأخيرة.
في السياق ذاته، نجد أن ظاهرة زيادة أعداد المسنين دفع بالمسؤولين في اليابان إلى البحث واستكشاف طرق لجلب عمالٍ أجانب، محاولين تجنب تسمية (سياسة الهجرة) على مثل هذه الخطوة، حيث أن الهجرة تعتبر من المواضيع الحساسة جدًا في اليابان.
أيضًا في إيطاليا ارتفعت في الأعوام الـ 15 الأخيرة أعداد كبار السن، ممن تجاوزوا عمر المئة عام بأكثر من 3 أضعاف، على الرغم من أن عام 2015 كان قد سجل ارتفاعًا كبيرًا في أعداد الوفيات في البلاد ووفقًا لتقرير رسمي، كان عدد الأشخاص الذين تجاوزوا سن 100 عام 5650 شخصًا عام 2002، وازدادت أعدادهم لتصل إلى 19 ألف شخص عام 2015 وفق مرصد الصحة الوطني، وبذلك تكون نسبة الذين تعدو سن الـ 100 عام قد ارتفعت الى 3 في كل 100.000 في عام 2015.





