حوار سحر جمال
أفريقيا برس – مصر. ما زالت الحكومة المصرية تبحث عن قروض ميسرة لتجاوز الأزمة الإقتصادية، فضلا عن إستراتيجيتها لبيع أصولها للمقرضين مقابل الديون على الرغم من إقتراب التوصل إلى إتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد. ويواجه الإقتصاد المصري صعوبات كثيرة بسبب التضخم و إرتفاع أسعار الفائدة وأسعار السلع الأساسية والتدفقات الخارجة، كما أن مستويات الدين آخذة في الإرتفاع بسبب انخفاض الجنيه. وللمزيد من التفاصيل تتحدث إلى أفريقيا برس عضو مجلس النواب المصري النائبة سهام مصطفى في الحوار الصحفي التالي:
رغم إقتراب مصر من التوصل إلى اتفاق للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، إلا أن الحكومة ما زالت تبحث عن قروض ميسرة، فضلا عن استراتيجيتها الحالية لبيع أصولها للمقرضين مقابل الديون، فماهي الحاجة لهذه القروض؟
طبعا من المعروف أن قروض البنك الدولي لها شروط من ضمنها الحوكمة ، و أعتقد أن المفاوضات هذه المرة طالت مدتها بسبب مطالب البنك الدولي ، ومصر مثلها مثل باقي الدول تحتاج إلى قروض وهذا ليس أمر غريب ، والولايات المتحدة الأمريكية أكبر دولة مدينة في العالم ، و الدول تستخدم القروض لتنفيذ خطط إقتصادية ومشروعات ضرورية ، وأعتقد أن مصر تحاول الحصول على قروض بشروط أسهل ، على الرغم من صعوبة تلك المهمة في ظل التنافس بين دول العالم للحصول على القروض بسبب الأزمة العالمية، وأنا أعتقد أن خلال الفترة المقبلة ستزداد إيرادات قناة السويس ، وإذا نجحنا في الصمود حتى نهاية 2022، ففي بداية 2023 من الممكن أن تكون الصورة أكثر وضوحا و أسهل بالنسبة لمصر في الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي أو على قروض أخرى تغنيها عن هذا القرض .
يرى البعض أن الإقتصاد المصري يواجه تحديات بسبب مجموعة من الضغوط، بما في ذلك التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، وأسعار السلع الأساسية والتدفقات الخارجة، كما أن مستويات الدين آخذة في الارتفاع بسبب إنخفاض الجنيه، حيث زادت بنحو 4% من نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، لماذا؟
طبعا من أهم التحديات التي تواجه الإقتصاد المصري هي قلة الموارد من العملة الصعبة ، فمع أزمة كورونا وأيضا الحرب الروسية الأوكرانية و أزمة الطاقة كل هذا أثر على إقتصاديات العالم بأكمله حتى الدول الكبرى ، ومصر تواجه تحديات أخرى أيضا بسبب الزيادة السكانية ، و عودة العاملين بالخارج الذين كانوا يسهمون بنسبة كبيرة من خلال التحويلات المالية، وأنا أرى أن هناك حلين لزيادة الدخل من العملة الصعبة لمصر وهما السياحة والتي يجب التركيز عليها بشكل كبير حتى لو أضطر الأمر إلى اللجوء لشركات أجنبية لإدارة هذا الملف ، وأيضا يجب تغير الثقافة لدى المواطن المصري بدءاً من المدارس ، فضلا عن ضرورة تغيير ثقافة الإستهلاك المحلي و نركز على التصدير والتصنيع المحلي ، وزيادة الرقابة على الصناعات المحلية لعدم اللجوء إلى الإستيراد.
تقترح مصر على الدول المتقدمة بأن تتجاوب مع مطلب إطلاق مبادرة عالمية بين الدول الدائنة والمدينة؛ تهدف إلى مبادلة الديون وتحويل الجزء الأكبر منها إلى مشروعات إستثمارية مشتركة فكيف يخدم ذلك الطرفين؟
طبعا هي مبادرة رائعة وأنا أتمنى أن تستجيب الدول المتقدمة لها ، ولكن لا أعتقد أنهم حريصون أن تتخطى مصر أو غيرها من دول المنطقة الحدود التي وضعتها الدول المتقدمة ، فمن مصلحة تلك الدول أن تظل مصر مديونة وفي حاجة لها ، لذا يجب أن تبدأ المبادرة من خلالنا نحن أولا ، فيجب أن نقوم بتحسين إقتصادنا وأن نعتمد على أنفسنا بشكل أكبر ، ويجب أن نحسن من مواردنا وخاصة من العملة الصعبة عن طريق زيادة الصادرات والإهتمام بملف السياحة والتركيز عليه بشدة خاصة وأن هناك دول تعتمد فقط على السياحة ، أسبانيا مثلا كانت تستقبل 30 مليون سائح وعدد سكانها كان وقتها لا يتجاوز أيضا 30 مليون نسمة ، فهذا شكل داعم كبيرا لإقتصادها ، فالمبادرة محاولة جيدة و إن كنت لا أعتقد إستجابة تلك الدول لها.
من وجهة نظرك كيف تتعامل مصر مع التحديات الإقتصادية الراهنة والتي أثرت عليها بشكل كبير خاصة على أسعار السلع الأساسية؟
أكثر تحدي يواجه مصر كما ذكرت هي المشكلة السكانية ، وأكبر خطأ هو وجود وزارة الصحة مع الإسكان في ملف واحد ، ملف الصحة مضخم بالقضايا والمشاكل لذا يجب فصله عن ملف السكان ، ملف السكان يتطلب وجود وزارة مستقلة ، وأن يكون لها هدف محدد هو تحجيم الزيادة السكانية ، لأن الزيادة السكانية غول يلتهم الاخضر واليابس ، ويرتبط به أشياء كثيرة ، و كل مشاكل مصر تنبع من تبعات تلك الزيادة منها العشوائيات والتطرف و إستغلال الجماعات المتطرفة لسكان العشوائيات ، على الرغم من جهود الحكومة ورئيس الجمهورية لحل تلك المشكلة إلا أنها لم تحل تماما، والحل هو وضع برنامج للتحفيز الإيجابي للأسر من خلال مكافئة الأسر الملتزمة شهريا ، لذا سيحفز ذلك الأسر الجديدة على الإنضمام لهذا البرنامج ، وهي سياسة نفس طويل لن يظهر أثرها في عام أو عامين لكن سيحدث ذلك على المدى الطويل وستستفيد مصر من ذلك. الأمر الآخر هو التركيز على ملف السياحة فبلد مثل دبي لا يتمتع بمناخ جوي جيد أو آثار كمصر لكن تستقبل سياح أكثر من مصر ، وذلك لأنها استطاعت النجاح في هذا الملف من خلال تسليمه إلى خبراء أجانب تمكنوا من إنجاح السياحة هناك ، فلماذا لا نتبع نفس الشيء؟
في ظل التحديات العالمية الإقتصادية هل تنجح الخطط الحكومية في جذب الإستثمارات الخارجية أم أن الوضع العالمي الراهن سيكون عائقا أمام ذلك ؟
الحقيقة الوقت الحالي هو الأسوأ عالميا ، العالم كان خارجا من ركود إقتصادي بسبب أزمة كورونا ، والعمل من خلال شبكات وسائل التواصل الإجتماعي جعل الشركات تتجه إلى تقليل العمالة وأصبح ذلك أسلوب دائم حتى بعد أزمة كورونا ، بعد ذلك جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتجعل الأمور أسوأ ، وهناك أزمات أخرى في العالم من حروب وصراعات وكوارث طبيعية ، أنا أشفق طبعا على القيادة السياسية لأننا نمر بوقت صعب جدا ، ونحن دولة كبيرة فلن نستطيع الإعتماد فقط على المساعدات مثل تونس التي تعتمد عليها لحل أزمة الطاقة ، ولكننا مضطرون إلى الإعتماد على نفسنا وعلى شعبنا ، يجب أن يعي الموطن حقيقة ما يحدث في العالم وأن الأزمة عالمية ، كل دولة تطالب مواطنيها بضرورة الإحساس بحجم الأزمة والتعامل معها بشكل واقعي ، ويجب أن نكون أكثر وعيا ، ونحن لن ننجح سوى بالإعتماد على أنفسنا والتركيز على التصدير والسياحة وترشيد الإستهلاك ، وبذلك سنتمكن من النجاح ، وهذا بالطبع يحتاج إلى توعية ، خاصة وأن ما يعرض على الإنترنت دمر وعي المواطن كثيرا خلال السنوات الماضية وهذا أيضا من التحديات التي تواجهها مصر.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس