الهامي المليجي : الموقف الأمريكي والأوروبي يدعم الرؤية الأثيوبية في سد النهضة

43

حوار : سحر جمال

افريقيا برسمصر. مع استمرار الرفض الأثيوبي للحلول الذي طرحت من قبل مصر والسودان خلال جولات المفاوضات وتفاقم أزمة سد النهضة تطرح تساؤلات حول مستقبل هذا الملف الشائك. حاولنا الاطلالة على هذه الأزمة من وجهة نظر المحللين والمتابعين فكان هذا اللقاء لموقع أفريقيا برس مع الكاتب المصري الهامي المليجي:

قبل ثلاثة أيام قال وزير المياه الأثيوبي إن بلاده سوف تبدأ المرحلة الثانية لملء سد النهضة الأثيوبي، لماذا تصر أثويبيا على الاستمرار في الملئ الثاني في غياب اتفاق مع مصر والسودان؟
تصر أثيوبيا على الملئ الثاني للسد لأنها ترى أن هذا وقت مناسب لتحقيق مراميها، في ظل موقف أمريكي وغربي أقرب للرؤية الاثيوبية ، وتعتقد أثيوبيا ان هذه الخطوة من جانب واحد ستثبت ما ترمي اليه من تحويل النهر الى بحيرة أثيوبية ، وهي بذلك تحاول الهروب الى الامام من أزماتها الداخلية عبر محاولة ايجاد تحشيد شعبي لقضية قومية أثيوبية. فنحن جميعا نعلم ان هناك ازمة داخل المجتمع الاثيوبي وهناك صراعات داخلية باثيوبيا وهناك تصور لابي أحمد ان وجود حشد كبير للسد باعتباره انجاز قومي سيسهم في تحقيق النهضة الاثيويية وخاصة الاقتصادية فان ذلك قد يقلل من الصراعات الداخلية والعرقية.

ماهي أهم نقطة خلافية في سد النهضة وهل ترتبط فقط بحجم التدفق العام للمياه في فترات الجفاف؟
بداية الحصة المائية لمصر من مياه النيل طبقا للاتفاقية الموقعة عام 1959 تبلغ 55.5 مليار متر مكعب وكان تعداد السكان وقتها 30 مليون نسمة والان مع وصول عدد السكان لـ 100 مليون نسمة فهذا يعني ان أثيوبيا الان تقلل وبشكل كبير من الحصة المائية لمصر. الامر الآخر هو بعد بناء السد اصبح الامر صعبا للغاية وامر واقع لتصبح سعة السد 74 مليار متر مكعب ومصر والسودان تسعيان لتقليل الاثار السلبية للملئ في وقت تسعى فيه أثيوبيا لاكمال الملئ بالكامل خلال 5 سنوات لتقلل بمعدل 10-15 مليار متر مكعب سنويا بغض النظر عن الحالات غير الثابتة للفضايانات والظروف الطبيعية المائية ما يعني ان الخلاف عن عدد سنوات الملئ والفترات وعدم اخذ السد العالي والسدود السودانية في الاعتبار وقدرتهما على استيعاب وتأمين المياه للدولتين وهنا تأتي مظاهر الخوف في حالة تشغيل سد النهضة بكامل طاقته وتعطيله لعمل السدود المصرية والسودانية ولهذا تطالب مصر بضرورة تدفق 40 مليار متر مكعب من المياه وبعد حوارات ومناقشات وافقت مصر على تقليل الحصة ل37 مليار كحل وسط لكن أثيوبيا ذهبت لتكون الحصة المصرية 32 مليار.

هل تعتبر 5 مليار متر مكعب من المياه عنوان كافي لدخول البلدان الثلاث في أزمة شديدة ربما تؤدي الى حرب ؟ أم أن مقدار تدفق المياه هو في الحقيقة عنوان لخلافات أخرى موجودة؟
تدفق المياه هو احد اسباب الخلاف القائم وبالاضافة الى الجدول الزمني للملئ لكن هناك بالتاكيد اسباب اخرى لها علاقة بالدور الاقليمي في المنطقة فالتعنت الاثيوبي هنا يلتي لرغبة أثيوبيا في تثبيت حضورها على المستوى الاقليمي كقوة اقليمية ما يؤثر على الوجود المصري كقوة اقليمية في المنطقة سواء في افريقيا او منطقة الشرق الاوسط فالازمة لها ابعاد كثيرة اما فكرة وجود حرب فهو أمر ليس مستبعدا فالمهمة الرئيسية للجيش هو حماية الشعب فاذا وصلت الامور الى حائط مسدود فسيكون الحل العسكري هو الوحيد امام مصر.

حسب رأيك من يقف داعما لأثيوبيا من الدول الكبرى حتى تبقى أثيوبيا مصرة على موقفها ، ضاربة بعرض الحائط كل التحذيرات المصرية والسودانية في هذا الشأن ؟
الشواهد كلها تؤكد وجود دول داعمة لاثيوبيا ولكل دولة اسبابها فعلى سبيل المثال الصين لها مصالح اقتصادية في اثيوبيا وهذا ما يدفعها لمساندة اثيوبيا حيث تساهم بمليار وربع دولار في بناء السد لتحقيق مصالحها كجزء من الاستثمار الصيني وايضا اسرائيل تدعم اثيوبيا في اطار الضغط السياسي والاقتصادي على مصر ونفس الامر ينطبق على الولايات المتحدة الامريكية فهناك من السلبية والتراخي تجاه التعنت الاثيوبي حتى يصل الامر الى انسحاب اثيوبيا من الاتفاق الذي عقد بواشنطن دون توقيع اثيوبي ولم تهتم بالولايات المتحدة الامريكيية كالبلد الراعي للمفاوضات وهنا تثار الكثير من علامات الاستفهام فاثيوبيا كانت على يقين من دعم الولايات المتحدة الامريكية لموقفها لذلك اتخذت هذا الموقف السلبي دون خوف.

لماذا ترفض أثويبيا الآلية الرباعية (الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي) كمرجعية لفض المنازعات وليس الاتحاد الأفريقي فقط ؟
هناك سببان أحدهما علنيا هو رفض أثيوبيا للآلية الرباعية ووضعها بالفخ حسب التصريحات الاثيوبية يهدف الى تأخير الملئ الثاني للسد أما السبب الخفي للرفض الاثيوبي أن الالية الدولية والوجود الاثيوبي بها سيرغم أثيوبيا على توقف التعنت والاعتراف بان نهر النيل دوليا وليس من حق أي دولة القيام بمشروعات فردية تسبب ضررا لدولة أخرى حسب الاتفاقيات الدولية وعدم وجودها يمكن ان يثبت ما تسعى اليه اثيوبية من تدويل فكرتها باحقيتها في تنفيذ مشروعاتها كما ان الكثير من الدول الافريقية تدعم الجانب الاثيوبي لوجود مصالح مشتركة وروابط تتعلق بفكرة وحدة اللون والاصول خاصة في ظل الغياب المصري عن الساحة الافريقية لسنوات طويلة وهذا ترك فراغات كثيرة ملأتها الاطماع الخارجية بالمنطقة الافريقية.

لماذا نشاهد تردد أوروبي وأميركي في قبول الوساطة بقضية السد رغم الدعوات المصرية والسودانية ؟
هناك بعض المصالح الاوربية في المنطقة بعضها سياسيا وبعضها اقتصاديا وهناك رغبة خفية بعدم تحقيق مصالح مصر وعدم استعادة مصر لقوتها وانهاء الازمة وعدم استعادة وجودها الاقليمي في المنطقة لان ذلك سيهدد مصالح بعض الدول الخارجية خاصة وان مصر كانت لاعبا قويا في المنطقة في فترة الستينات الامر الذي شكل عائقا كبيرا امام الاطماع الغربية بالمنطقة.


ألا يدفع عدم التدخل الأوروبي والأمريكي للتوسط، في تشديد الأزمة بين الدول الثلاث مما يدفع الى حدوث أزمات وربما حروب جديدة في المنطقة؟

تردد امريكا واروبا في التدخل بالطبع سيسهم في زيادة التعنت الاثيوبي وما يجعل الخيارات امام مصر والسودان محدودة فقضية المياه قضية أمن قومي تتطلب اتخاذ كل الخيارات لحمياة الامن المائي لاي دولة.

ما هي الاثار الآثار السلبية الاجتماعية والاقتصادية التي ستلحق بمصر جراء السد الأثيوبي؟
قديما قال المؤرخ الاغريقي هيردوت ان مصر هبة النيل واذا تعمقنا في المعنى سندرك مدى الاثار السلبية التي ستحلق بمصر جراء هذا السد وخاصة اذا علمنا ان الجفاف سيؤثر على الرقعة الزراعية مما سيؤثر بالطبع اقتصاديا واجتماعيا على المجتمع المصري الذي يحوي نسبة لا تقل عن 60% يعملون بالزراعة وبالطبع ستتاثر هذه النسبة الكبيرة التي ستتعرض لانتكاسات كبرى.

في الطرف المقابل ماذا يُضفي السد من عوامل القوة لدى الجانب الاثيوبي؟ هل تبحث أثيوبيا عن دور إقيلمي أكبر؟
اذا ما استطاعت اثيوبيا فرض قوتها في قضية سد النهضة يعني ذلك بداية لدور اقليمي لها على حساب الدولة المصرية فضلا عن ان اثيوبيا تحاول تحويل القضية كأزمة قومية داخلية لانهاء الصراعات داخل اثيوبيا ما يعني ان استمرار التعنت الاثيوبي في صالح القيادة السياسية الاثيوبية وفي صالح المشروع الاثيوبي الطامح في دور اقليمي كبير بالمنطقة.

هل إسرائيل تستفيد من الضغط الأثيوبي على مصر والسودان في أهم موضوع يرتبط بأمنها الاقتصادي والزراعي؟ خاصة وأن إسرائيل تتمتع بعلاقات قوية مع أثوبيا؟
لابد ان نعترف ونقر بان الكيان الاسرائيلي كان ومازال وسيظل العدو الاساسي للعرب وخاصة مصر ما يجعل هذا الكيان يبذل كل جهده لاضعاف مصر والسودان كبلديين عربيين لهما ثقل وحضور قوي في المنطقة وهذا يحدث عبر الدعم الاسرائيلي الخفي والمعلن للجانب الاثيوبي في سياسته المائية التي تستهدف الامن المائي لمصر والسودان.

شهدت الأسابيع الاخيرة حراك دبلوماسي وعسكري كبير بين مصر والسودان بعد أن أكد البلدان أنهما يواجهان تهديدات مشتركة، هل خيار المواجه العسكرية أمر محتمل كنتيجة لعدم توصل الدول الثلاث الى نتيجة مرضية؟
أرى ان الخطوات التي تمت مؤخرا من تدعيم للعلاقات العسكرية بين مصر والسودان تؤكد ان هناك تعاون أمني وعسكري بين البلدين فبالتاكيد أحد أهداف هذا التعاون يهدف الى القضاء على الاطماع الاثيوبية المائية واذا ما اتفقنا ان الامن المائي هو أمن قومي فلا يمكن استبعاد المواجهة العسكرية في ظل تلك الظروف اما فكرة وجود دول ستساند أثيوبيا فهذا أمر بالتاكيد سيوضع في الاعتبار لكنه لن يمنع مصر والسوان من حماية حقوقهما المائية ففي 1973 عندما خضنا حربا ضد “اسرائيل” فكانت هناك مساندات غربية لـ “اسرائيل” وفي المقدمة كانت الولايات المتحدة الامريكية لكن ذلك لم يمنع مصر من المُضي في استردراد حقها ونحن الان نتحدث عن الامن المائي فمهما حدث لا يمكن التخلي عن تلك الحقوق.

 

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here