جسر الصداقة المصرية الروسية…رسائل غير مباشرة لواشنطن  

29
جسر الصداقة المصرية الروسية ورسائل غير مباشرة لواشنطن  
تدريب "جسر الصداقة 4" المشترك بين روسيا ومصر في المياه الإقليمية

سحر جمال

أفريقيا برس – مصر. أعلنت وزارة الدفاع المصرية، اختتام فعاليات التدريب البحري المصري الروسي المشترك “جسر الصداقة 4″، الذي جرى على مدار الأيام الماضية في المياه الإقليمية بنطاق الأسطول الشمالي في البحر المتوسط، والذي نفذته وحدات من القوات البحرية المصرية والروسية، على مدار الأيام الماضية بالمياه الإقليمية بنطاق الأسطول الشمالي بمسرح عمليات البحر المتوسط. التدريب إشتمل على عقد محاضرات نظرية لتوحيد المفاهيم بين عناصر القوات البحرية لكلا الجانبين وبإشراك حاملة المروحيات من طراز ميسترال [جمال عبدالناصر] حيث تم تنفيذ عدة تشكيلات بحرية فضلا عن تنفيذ رمايات المدفعية بالذخيرة الحية والدفاع ضد التهديدات الغير نمطية، بالإضافة إلى تنفيذ تدريب للدفاع الجوي والتشكيلات البحرية، وتأمين سفينة ذات شحنة هامة، وممارسة حق الزيارة والتفتيش، وتنفيذ أعمال التصوير الجوي.

ويأتي التدريب “جسر الصداقة – 4” في ضوء تنامي علاقات التعاون العسكري بين القوات المسلحة المصرية والروسية، وتعظيم الاستفادة من القدرات الثنائية لكلا الجانبين، وتبادل الخبرات في أسلوب تأمين مسارح العمليات البحرية ضد التهديدات المختلفة. وفي هذا الإطار يتحدث إلى “أفريقيا برس” المحلل السياسي والخبير في الشان العسكري والدولي أحمد سلطان في الحوار الصحفي التالي:

أحمد سلطان – المحلل الدولي والسياسي

بعد إختتام فعاليات التدريب البحري المشترك بين مصر وروسيا كيف تقيم هذا التعاون العسكري وما أهدافه؟
فيما يخص التدريب البحري المشترك، فقبل الإجابة على هذا السؤال لابد أن نذكر أن القوات البحرية المصرية هي واحدة من أكبر وأقوى القوى البحرية في منطقة الشرق الأوسط،  وهي أيضا مصنفة في مركز متقدم عالميا، والقوات البحرية المصرية حريصة على إكتساب الخبرة وتطوير التدريب العسكري بما يتناسب مع المتغيرات العملية الموجودة على الأرض، وبما يضمن قيام القوات البحرية ومن خلفها القوات المسلحة المصرية باداء المهام المنوطة بها في تأمين حدود الدولة، والتدخل في عمليات مكافحة القرصنة، ومصر من الدول التي وقعت على مبادرات مكافحة القرصنة البحرية ولها دور فعال في هذا السياق، وهي حريصة على تنويع التعامل مع كافة الدول، سواء روسيا أو الولايات المتحدة الأمريكية، فمصر منفتحة على الجميع ولديها سياسة عسكرية متوازنة، وذلك نابع من موقف القيادة السياسية الحريصة على تنويع التحالفات السياسية في المنطقة، وعند تقييم التعاون فنرى أن العلاقات المصرية الروسية من الناحية العسكرية علاقات ممتدة وتعود لأكثر من 7 عقود، فهي قديمة قدم الجمهورية المصرية، ومصر واحدة من أقدم الدول في منطقة الشرق الأوسط، والتي توظف وتعمل حتى الآن بالسلاح الشرقي أو الروسي ، ومصر لديها إتفاقيات تصنيع عسكري مشترك مع روسيا ، وأبرمت العديد من الصفقات الهامة على مدار السنوات الثمانية الماضية، في إطار توجه القيادة السياسية لتنويع مصادر التسليح، وأهداف التعاون جزء منها هو الحفاظ على الأمن الإقليمي،  والجميع يتعاون من أجل المصالح المشتركة، فهناك مصالح إستراتيجية بتعبير الروس أنفسهم بين مصر وروسيا.

ومن أهداف التعاون العسكري؛ أولا هناك هدف متعلق بتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين،  وفي هذا الإطار كان هناك العديد من الزيارات السياسية والعسكرية لعدد من المسئولين، وكان من بينهم وزير الدفاع المصري خلال الفترة القصيرة الماضية، والهدف الآخر هو إكتساب وتبادل الخبرات العسكرية، خاصة وأن القوات الروسية تشير بين الحين والأخر إلى كفاءة القوات المسلحة المصرية، وبالطبع مصر تستفيد من عمليات التدريب المشترك، والهدف الثاني هو الإرتقاء بمستوى الأفراد وتبادل الخبرات، وهناك أهداف أخرى متعلقة بضمان مصالح الدولتين في منطقة البحر المتوسط، وروسيا حريصة على التواجد في تلك المنطقة،  وذلك لأسباب متعددة ومنها مصالحها في المنطقة، وبسبب التنافس الجيوسياسي بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، وبالطبع مصر حريصة على تنويع تحالفاتها والحفاظ على العلاقات الجيدة مع جميع الأطراف.

كيف تستفيد مصر من الخبرات الروسية المعروفة بتفوقها العسكري لأكثر الأجهزة الدفاعية تطورا عالميا؟
مصر تستفيد من أكثر من ناحية، فإذا تحدثنا عن التسليح فمصر حريصة على  الحصول على معدات عسكرية روسية متقدمة كصفقات الدفاع الجوي مثل الإس 300 والإس 400 والمقاتلات الإستراتيجية، ومصر حريصة على هذا التعاون في إطار توجه القيادة السياسية لتنويع مصادر السلاح، ومنذ عام 2013 توجهت مصر نحو عدم الإعتماد على مصدر واحد بل تنويع مصادر السلاح، فأبرمت العديد من الصفقات مع الجانب الروسي، وأيضا صفقات شبيهة مع الجانب الفرنسي، وهي مدفوعة في ذلك بالتحديات الموجودة في المنطقة، ومنطقة الشرق الأوسط تعيش في خضم أزمة كبيرة جدا، وهناك الكثير من الدول التي سقطت في براثن الإرهاب، وهناك صراع جيوسياسي بين العديد من الدول على موارد المنطقة، ومصر دولة محورية ومركزية في منطقة الشرق الأوسط، وهي بحاجة لأن تكون دولة قوية، في إطار تعزيز قوتها وتكييف قدراتها العسكرية لتتلائم مع التحديات الموجودة، فقامت مصر بتنويع مصادر السلاح، وكانت روسيا حليف كبير لمصر في هذا الإطار، وروسيا رحبت بإبرام صفقات عسكرية، وإتفاقيات إقتصادية كبيرة مع مصر، ومنها إتفاقية المنطقة الصناعية الروسية في إقليم قناة السويس، وهو مشروع كبير سيبدأ تمويله في 2022 ، ومصر حريصة على هذا التعاون العسكري، والإستفادة بأقصى قدر ممكن من حلفائها كروسيا وغيرها.

خلال الفترة الماضية كان هناك الكثير من الصفقات العسكرية المشتركة بين مصر وروسيا فكيف تقيم هذا التعاون وما أهم الصفقات العسكرية بين البلدين؟
أهم الصفقات العسكرية هي صفقات الإس 300 و صفقات ال 135، ونحن نتحدث عن طرح مصر لإمكانية الحصول على منظومة الدفاع الجوي المتطورة إس 400 ، كل هذا السلاح يخدم جهود مصر لتعزيز مكانتها العسكرية ولرفع كفاءة القوات المسلحة المصرية،  ومصر مهتمة بالتقدم الروسي في عمليات مكافحة الإرهاب، فمصر واجهت تمردا مسلحا في سيناء على مدار السنوات الماضية، ونجحت في القضاء على غالبية التنظيمات الإرهابية، ولم يعد هناك سوى مجموعة من العصابات مختفية لا وجود ثابث لها، ومصر حريصة على مكافحة الإرهاب، هناك أيضا العديد من الصفقات التي لم يتم الإعلان عنها، وهناك أيضا صفقات إنشاء مفاعل الضبعة النووي، فهي صفقة مدنية بالأساس، ولكن إذا دخلت مصر عصر توليد الطاقة النووية السلمية، فسيكون ذلك تطورا فارقا لدى مصر، وسيمكنها من إجراء أبحاث أخرى على الطاقة النووية، وبالطبع ذلك يفيد مصر ويفيد الحليف الروسي، لأن روسيا مولت المشروع بالكامل،  عن طريق إتفاقية قرض تبلغ قيمته حوالي 25 مليار دولار.

خلال السنوات الماضية اتجهت القاهرة إلى توطيد علاقاتها مع الجانب الروسي بشتى المجالات وخاصة العسكرية في فترة شهدت فيها العلاقات المصرية الأمريكية توترا شديدا فكيف ترى تلك الأوضاع، وهل هناك رسائل معينة خلف هذا التعاون؟
جزء من توجه مصر إلى روسيا كان مرتبطا بالتوتر الذي حدث في العلاقات المصرية الأمريكية إبان فترة الرئيس الأسبق باراك اوباما، حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتجميد المعونة العسكرية التي تقدمها لمصر، ومصر أخرت تسليم بعض شحنات الأسلحة المتفق على توريدها، وكل هذا أثار حفيظة الجانب المصري، فكان من المفترض وجود علاقة تعاون وثيقة مع الجانب الأمريكى الذى خرب العلاقة بتلك الصورة،  وتوجه مصر إلى روسيا جاء بسبب الذكاء الروسي في التعامل مع  الوضع، فروسيا وجدت أن مصر بحاجة لحليف أكثر موثوقية، وحليف يمكن أن يقدم سلاح يلائم إحتياجات الجيش المصري، فعرضت إمكانياتها وطائراتها المتطورة قدراتها في مجال الدفاع الجوي والتدريب العسكري، والتدريب الأخير ليس هو الوحيد بين البلدين، فقبل حوالي بضعة أسابيع كان هناك تدريب أيضا بين القوات الخاصة المصرية الروسية، وتم الإعلان عنه في حينه،  لكن لم يحظى بالترويج الكبير في بعض الأوساط لكن هذا التدريب حدث بالفعل، وهناك تدريبات دورية في إطار التعاون العسكري الروسي المصري، فببساطة شديدة مصر حريصة على أن تكون علاقاتها بالدول جميعها متزنة، والدول في سياستها مع الدول الأخرى محكومة في إطار مصالحها الذاتية، فعندما أقتربت مصر من روسيا لم تقطع علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية،  فتحالفات مصر متوازنة وبالطبع روسيا لديها إهتمام بزيادة مبيعاتها العسكرية، وكان لابد أن تقدم عروض مميزة للجانب المصري وهناك بحث لصفقات جديدة سيتم الإعلان عنها في حينها.

بالطبع هناك رسائل ضمنية في التعاون العسكري بين مصر وروسيا، ووصلت هذه الرسالة للإدارة الأمريكية، وأمكن لنا رصدها في حديث العديد من المسئولين الإمريكيين، و المنصات الإعلامية الأمريكية معروفها بقربها من دوائر صناعة القرار، سواء في البيت الأبيض أو البنتاجون ووزارة الدفاع الأمريكية، أمريكا أدركت أن مصر تتقارب مع روسيا وأنها لا يمكن أن تخسر حليفا إستراتيجيا كمصر، لأن مصر هي رمانة ميزان الشرق الأوسط، وكانت هذه الخطوة محفزا للإدارة الأمريكية السابقة لتعزيز علاقاتها مع مصر، والتقارب معها أكثر من فترة الرئيس الأسبق باراك اوباما، وحتى  الآن فالعلاقات مع الإدارة الأمريكية الجديدة تسير بشكل إيجابي، رغم وجود بعض النقاط الخلافية، لكن في المجمل مصر شاركت في العديد من التدريبات العسكرية لحلف الناتو، وشاركت في العديد من التدريبات العسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يوجد توترات لكن الجميع الآن يعمل وفقا لمصالحه، والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا تدركان أن مصر حليف هام لذا تتنافسان على توطيد العلاقات مع القاهرة، وتنويع العلاقات يعود بالفائدة على مصر والجيش المصري.

هل تتوقع المزيد من التعاون العسكري والصفقات بين الجانبين المصري الروسي خلال الفترة القادمة بكافة أفرع القوات المسلحة وهل سيعزز ذلك من القدرات العسكرية للقوات المسلحة المصرية؟
نحن في إنتظار صفقة كبيرة وهي صفقة إسكوير 35، بالطبع رصد خلال الفترة الماضية وجود تدريبات لطائرات سخوي في روسيا، وهذا دليل على إقتراب تسليمها لمصر، وبالطبع كان وزير الدفاع المصري يجري زيارة قبل نحو بضعة أسابيع وألتقى بعدد من المسئولين،  وباحث صفقات سلاح، وهناك إتفاقيات لإنتاج مصر لبعض الأسلحة الروسية بترخيص من موسكو، وكل ذلك يعني أن التعاون العسكري بين البلدين في منحنى صاعد، وهناك آفاق مستقبلية واعدة للتعاون بين البلدين، وروسيا تركز على الإهتمام بالشرق الأوسط وإفريقيا وتريد إنشاء قاعدة لها في السودان وهي بحاجة للتعاون أكثر وأكثر مع الجانب المصري، فمصر دولة مركزية ومحورية في هذه المنطقة، وبالطبع لا يتم الإعلان عن جميع صفقات السلاح، لكن مصر مهتمة بتعزيز الأفرع المختلفة للقوات المسلحة، وشراء أحدث المعدات وتدريب القوات المسلحة المصرية عليها، وإكتساب الخبرات وتحقيق التعاون مع الدول الصديقة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here