جولة لافروف في القارة السمراء.. الأسباب والأهداف

23

سحر جمال

أفريقيا برس – مصر. بعد الحديث عن فشل الزيارة الأمريكية في الوصول إلى أهدافها في المنطقة، وعودة بايدن خالي اليدين، انتهزت موسكو ما حدث وسارعت بالتوجه إلى القارة السمراء باحثة عن سبل تحقيق مصالحها من خلال زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى المنطقة، في محاولة لإفشال مخططات أمريكا في استمالة الدول الأفريقية ضد روسيا، وللمزيد من التفاصيل يتحدث إلى “أفريقيا برس” الكاتب الصحفي والمحلل السياسي يسري عبيد في الحوار الصحفي التالي:

يسري عبيد – كاتب صحفي

في الوقت الذي تقاوم فيه موسكو الانتقادات الدولية بشأن الحرب في أوكرانيا، يبدأ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف جولة أفريقية يستهلها بزيارة مصر، فما هدف تلك الزيارة؟
أعتقد أن هذه الزيارة تأتي في إطار زيارة أفريقية تضم عدد من الدول الأفريقية، وبالتالي أعتقد أن هذه الزيارة تأتي في محاولات روسية للتواصل مع الجميع، خاصة دول القارة الأفريقية التي تربطها بها مصالح إستراتيجية كبيرة، بالإضافة إلى أن معظم الدول الأفريقية تأخذ موقف الحياد من الأزمة الروسية الأوكرانية، ولم تقم بإدانة الحرب الروسية الأوكرانية، وبالتالي أعتقد أن تلك الزيارة لها أهداف كثيرة، منها أهداف إقتصادية وسياسية، الصراع الآن موجود بين روسيا و أمريكا والصين على القارة الأفريقية بالذات، لأنها قارة نامية وبالتالي هناك صراع كبير على هذه القارة، ولذلك هناك أهداف كثيرة من تلك الزيارة منها سياسية وإقتصادية وعسكرية، لتحالفات موسكو العسكرية مع العديد من دول القارة و على رأسها مصر.

يرى البعض أن روسيا تحاول رفع مستوى العلاقات القوية مع المنطقة لمستوى علاقتهم الوثيقة بالولايات المتحدة التي سعت مع قوى غربية أخرى إلى عزل روسيا من خلال فرض عقوبات صارمة عليها، فكيف ترى ذلك؟
بالتأكيد هذا هدف روسي مهم في هذا التوقيت، هناك محاولات من جانب الولايات المتحدة الأمريكية لعرقلة جهود موسكو وبكين في القارة الأفريقية وفي إنشاء مناطق نفوذ في كل من روسيا والصين في القارة الأفريقية، ولكن أعتقد أن القارة الأفريقية لها علاقات قوية مع الصين وروسيا، رأينا ما حدث في مالي من استبدال النفوذ العسكري الفرنسي والغربي بالنفوذ العسكري الروسي، و هناك نفوذ عسكري لموسكو في ليبيا، علاقات القاهرة العسكرية مع موسكو علاقات قوية وممتدة منذ عشرات السنين، وبالتالي أعتقد أن القارة الأفريقية لديها علاقات أقوى مع كل من موسكو وبكين، وعلاقات أضعف مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما حاولت الإدارة الأمريكية أن تتحدث فيه وأن تبذل فيه جهودا كبيرة، ولكن أعتقد أن روسيا والصين لديهما الكلمة العليا في مجال النفوذ، ومجال الاستثمارات العسكرية والسياسية والإقتصادية في القارة الأفريقية، و طريق الحرير أعتقد أنه جزء مهم من محاولات الصين التغلغل داخل القارة.

يرى محللون إن تلك الزيارة تثير غضب الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا التي قدمت طلبات للحكومة المصرية وجامعة الدول العربية قبل زيارة لافروف بعدم تأييد التفسيرات الروسية للأحداث في أوكرانيا فكيف تعلق على ذلك؟
أعتقد أن المطالبات الأمريكية في الدول الأفريقية والعربية لما تلقى صدى كبيرا تجاه هذه العواصم، الدول الأفريقية ومعظم الدول العربية لديها موقف محايد من الأزمة الروسية الأوكرانية، ولم تقم بإدانة موسكو، والدليل يتمثل باللقاء الأخير بين الرئيس بايدن ومجموعة من قادة الدول العربية في جدة، البيان الختامي لم يصدر عنه أي إدانة لروسيا في هذه العملية، وبالتالي فإن هذه الدول لديها علاقات قوية مع  روسيا، ولا تريد أن تبتعد عنها على حساب الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي أعتقد أن زمن الضغوط الأمريكية والأوامر للدول الأفريقية والعربية إنتهى، الولايات المتحدة الأمريكية الآن ليست في حالة تسمح لها بممارسة ضغوط قوية، و إنفاذ أوامرها ورؤيتها على العديد من الدول وخاصة الدول الأفريقية، وبالتالي لن يكون هناك تأثير كبير لتلك المطالبات.

يرى البعض أن العلاقات المصرية الأمريكية قوية وتماشيا مع موقف الغرب، رفضت القاهرة شحنة قمح روسية واحدة على الأقل قالت أوكرانيا إنها سُرقت من مناطقها المحتلة. فهل تحاول مصر خلق توازن في علاقاتها بين الجانبين؟
بالتأكيد القيادة المصرية في هذا التوقيت تحاول خلق توازن في علاقاتها بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين، والدليل على ذلك تنوع مصادر السلاح، مصر تستورد السلاح من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ومن ألمانيا والصين، وبالتالي مصر تحاول تنويع مصادر السلاح، وتحاول إنشاء علاقات إقتصادية قوية مع كل القوى العظمى، مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وروسيا والصين، وبالتالي هذه السياسة إنتهجتها الإدارة المصرية منذ 2014، وهي عدم وضع البيض كله في سلة واحدة، وأن تكون هناك علاقات قوية مع جميع الدول وخاصة القوى العظمى، وبالتالي مصر لا تميل إلى دولة أو إلى كافة عن الأخرى، لأن مصر الآن في وضع وظروف لا تسمح لها بأن تكون حليفة لقوة واحدة، لأن هذا يضر بمصالح مصر الإستراتيجية، والعسكرية والسياسية والإقتصادية.

هل يمكن أن تحاول مصر إغتنام الفرصة للضغط على إثيوبيا بمساعدة روسيا في قضية سد النهضة بعد أن تخلت الولايات المتحدة الأمريكية عن القضية؟
بالتأكيد قضية سد النهضة حاضرة في كل اللقاءات والفاعليات التي تجريها القيادة المصرية مع الكثير من الدول، خلال قمة جدة بين الرئيس الأمريكي وبعض قيادات الدول العربية تم طرح مسألة سد النهضة، وصدر في البيان الختامي موقف يؤيد موقف مصر والحفاظ على الأمن القومي المائي المصري عن هذه القمة، روسيا تحاول بقدر الإمكان أن تأخذ موقفا محايدا من هذه الأزمة، وتحاول بقدر الإمكان أن تتطلع إلى مطالب القاهرة، بأن يكون هناك إتفاق عادل وملزم للجانب الإثيوبي، بخصوص قضية سد النهضة، وبالتالي أعتقد أن هذه القضية بند رئيسي من بنود المشاورات التي يجريها وزير الخارجية الروسي لافروف في القاهرة وبعض الدول الأفريقية خلال هذه الزيارة، روسيا أصبحت الآن قوة عظمى وكبيرة تستطيع التأثير على دول القارة الأفريقية.

ما أهمية تلك الزيارة لكافة الأطراف سواء روسيا أو دول المنطقة في ظل السباق الحالي بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية؟
أعتقد أن تلك الزيارة مهمة لكافة الأطراف، مهمة للجانب الروسي لمحاولة تقريب وجهات النظر بينه وبين العديد من دول العالم في مسألة الحرب الروسية الأوكرانية، وتوضيح الأمور للعالم، خاصة وأن العملية العسكرية التي تقوم بها موسكو في هذا التوقيت هي دفاعا عن الأمن القومي الروسي، وأنها كانت مجبرة ومضطرة لخوض هذه العملية العسكرية، نظرا لمحاولة الغرب إحتواء روسيا ومحاولة محاصرتها، وبالتالي هذه الزيارة مهمة لنقل وجهة النظر الروسية إلى الدول الأفريقية والحقيقة لموسكو في هذا التوقيت، الدول الأفريقية بالتأكيد لديها أيضا أهداف، وأهمية تلك الزيارة لهذه الدول هي محاولة تبادل التنسيق والمشاورات بين هذه الدول وروسيا، ومحاولة إستغلال الوضع الدولي، و تشكيل النظام الدولي الجديد في هذا التوقيت الحرج الذي يمر به العالم.

 

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here