مصر.. حيرةٌ ما بين روسيا وأوكرانيا

36
حيرة مصر بين روسيا وأوكرانيا

سحر جمال

أفريقيا برس – مصر. حالة من القلق والتوتر يشهدها العالم بأكمله إزاء تصاعد الأزمة الأوكرانية وبدء روسيا عملية عسكرية هناك، وسط حالة من التجييش المتصاعد بين الشرق والغرب، وفي مصر أصبح التوتر هو المسيطر على المشهد، خاصة وأن هناك الكثير من العلاقات السياسية والإقتصادية التي تربط القاهرة بطرفي الصراع روسيا وأوكرانيا، حيث شهدت العلاقات المصرية الروسية في السنوات الأخيرة تطورات غير مسبوقة عسكريا وأمنيا واقتصاديا، فضلا عن التقارب في ملفات إقليمية متأزمة. ومن جهة أخرى تعتمد مصر على استيراد العديد من المنتجات من أوكرانيا، إضافة إلى اعتماد السياحة المصرية على الأفواج من كلا البلدين، لتصبح مصر في حيرة في موقفها بين البلدين، حتى تخرج في النهاية بتصريح تطالب فيه روسيا وأوكرانيا بضرورة حل الأزمة بشكل سلمي دون اللجوء إلى الحرب. وللمزيد من التفاصيل يتحدث إلى “أفريقيا برس” الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أكرم رحيم في الحوار الصحفي التالي:

أكرم رحيم - كاتب صحفي
أكرم رحيم – كاتب صحفي

مع تصاعد الأزمة الأوكرانية وبدء روسيا عملية عسكرية هناك وسط حالة من التجييش المتصاعد بين الشرق والغرب، ماذا يعني ذلك بالنسبة لمصر وهل هي بصدد اختيار صعب قد يدفعها إلى إعادة رسم خارطة تحالفاتها؟
عكست الحرب الأخيرة بين روسيا وأوكرانيا أزمة حقيقية بين الشرق والغرب، إذ إن هذه الأزمة أدت إلى أن تخوض أوكرانيا حربا بالوكالة عن الغرب، وأوكرانيا ترى أن الغرب لم يؤازرها ضد العدوان الروسي، فالقوى الروسية أكثر خبرة في المعارك، إلى جانب القدرة العسكرية الروسية والتفوق الروسي في المجالات العسكرية، و مصر أصدرت بيانا طالبت فيه روسيا وأوكرانيا بضبط النفس، وأشارت إلى القلق المصري بسبب الأزمة، خاصة وأن هناك علاقات تربطها مع كل من روسيا وأوكرانيا.

هناك مصالح وإستراتيجية تربط القاهرة بأطراف الصراع، فمن ناحية تصف العلاقات المصرية الأميركية بالإستراتيجية خاصة على المستوى العسكري، ومن ناحية أخرى شهدت العلاقات المصرية الروسية في السنوات الأخيرة تطورات غير مسبوقة، كيف ستتعامل مصر مع هذا الوضع؟
هذه الحرب لن تؤثر كثيرا على علاقة مصر بروسيا، والأخيرة لديها استثمارات كثيرة داخل مصر، سواء بمنطقة “مطروح” حيث مفاعل الضبعة النووي الذي تشرف عليه روسيا، ويتم إنشاء المفاعل بمعدات روسية بحتة، من جهة أخرى هناك علاقات إقتصادية جيدة بين مصر وروسيا، مصر تستورد جزء كبيرا من منتجاتها من روسيا، على اعتبار أن منتاجاتها تتميز بالجودة العالية، ومصر تصدر لروسيا العديد من السلع وعلى رأسها المحصولات الزراعية، أيضا العلاقات المصرية الروسية علاقات قوية في المجال السياحي، فمصر تستقبل العديد من الأفواج السياحية الروسية، ومن جهة أخرى هناك علاقات قوية بين مصر وأوكرانيا في العديد من المجالات الإقتصادية ومع وجود هذا الصراع فإن ذلك يؤثر على الأوضاع الاقتصادية في مصر.

يرى مراقبون أن الأمر سيتطلب من غالبية دول العالم، بما فيها مصر، أن تحدد موقفها، وبالتالي فإن العالم سيكون على موعد مع تحولات استراتيجية كبرى في العلاقات الدولية، فكيف تقيم ذلك؟
مصر تربطها علاقات جيدة بالشرق والغرب على حد سواء، قامت مصر بتنويع مصادر التسليح، و موقف مصر من تلك الحرب ثابت، فهي تريد الاستقرار والسلام، وتريد تجنب الصراعات والحروب خاصة وأن هناك علاقات إقتصادية مصرية روسية، مصر تستورد من روسيا الأجهزة الإلكترونية والدقيقة والصناعات الثقيلة، وروسيا تستورد من مصر العديد من المنتجات الزراعية، ومن جهة أخرى هناك علاقات جيدة بين مصر وأوكرانيا، لذا يهم مصر أن تكون تلك المنطقة مستقرة، والخارجية المصرية أبدت قلقها من تلك الحرب، والأزهر الشريف ناشد الطرفين إلى تحكيم العقل، وأن الأديان السماوية الثلاث ترفض الحرب والعنف.

في منتصف خمسينيات القرن الـ20 لجأت مصر إلى الاتحاد السوفياتي، الذي دعمها دبلوماسيا وعسكريا في حروبها ضد “إسرائيل” المدعومة أميركيا، فهل سيتكرر نفس الوضع؟
في فترة الخمسينيات لجأت مصر إلى روسيا في وقت كانت تستمد فيه إسرائيل قوتها من الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول الغربية، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية رفضت أن تزود مصر بالسلاح، ورفضت أن تدين الاعتداءات على مصر، خاصة بعد قيامها بإجتياح سيناء، وهذا ما دفع مصر إلى اللجوء إلى روسيا للحصول على السلاح، ولكن الآن الوضع اختلف، فأصبحت علاقات مصر جيدة بكل من الغرب والشرق، وبالتالي تأخذ مصر على عاتقها فكرة تنويع مصادر السلاح والحفاظ على أمنها وإستقرارها.

يرى البعض أن مصر تبنت منذ عقود سياسة تنويع تحالفاتها الإقليمية والدولية، وتنويع مصادر السلاح كركن من أركان إستراتيجية أمنها القومي، ومن غير المتوقع أن تؤثر الأزمة الأوكرانية على هذه الرؤية، فهل تتفق مع ذلك؟
طبعا سياسة مصر الخارجية والداخلية تقوم على إقامة علاقات جيدة مع جميع الدول، خاصة وأن مصر تعتبر زعيمة الدول العربية والأفريقية، لذلك فهي تبنت سياسة عدم الإنحياز، ولا تريد الدخول في صراعات بين الدول بل على العكس، تحاول لم شمل العديد من الدول، وتحاول أن يكون العالم أكثر استقرارا، كما لجأت مصر إلى العديد من الدول لتنويع مصادر السلاح مثل ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وروسيا، ونوعت مصادر تسليحها كي تحافظ على أمنها وإستقرارها.

حول تداعيات فرض عقوبات غربية على المتعاونين مع روسيا، يرى البعض أنه رغم التهديدات الأميركية  فإن القانون لن يمنع مصر أو غيرها مثل تركيا والسعودية من تحقيق أمنها القومي باللجوء إلى أطراف أخرى لشراء السلاح. فكيف تقيم ذلك؟
موقف مصر ثابت وواضح حول الحرب فهي تريد الإستقرار والسلام بين البلدين، ودعت إلى ضبط النفس، فمصر لديها مصالح وعلاقات جيدة مع الدولتين، ومصر موقفها ليس مرتبطا بفرض الولايات المتحدة الأمريكية أي عقوبات عليها أو على السعودية أو تركيا، بل على العكس؛ تلك الدول سيكون موقفها صعب جدا إقتصاديا في حال إشتعال الحرب بين روسيا وأوكرانيا، خاصة وأن تلك الدول مرت بالكثير من الازمات خلال الفترة الماضية في ظل جائحة كورونا، والحرب ستؤدي إلى أزمة عالمية إقتصادية ستؤثر على مصر والسعودية والكثير من الدول التي ترتبط بعلاقات قوية واقتصادية بروسيا أو أوكرانيا.

 

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here