حوار : سحر جمال
أفريقيا برس – مصر. تضمّنت زيارة وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف للقاهرة محاور عدّة ما بين قضايا إقليميّة وعلاقات ثنائيّة بين البلدين، كان أهمّها الأوضاع في ليبيا والحرب على الإرهاب وعودة السياحة الروسية إلى مصر، وكان هناك اتفاق في الرؤى حول العديد من القضايا. كما بحث الطرفان أزمة سد النهضة التي مازالت تسبب أرقا كبيرا للشارع المصري حيث تعول مصر الكثير من الآمال على الجانب الروسي لانهاء هذه الأزمة. وحول أهمية زيارة لافروف للقاهرة كان لموقع أفريقيا برس هذا الحوار مع الكاتب الصحفي والمحلل السياسي يوحنا أنور:

ما أهمية زيارة وزير الخارجية الروسي الى مصر ؟
تاتي أهمية الزيارة لسببين رئيسيين الاول أنها الزيارة الاولى الروسية منذ تولي الرئيس الامريكي الجديد جون بايدن الحكم في الولايات المتحدة الامريكية وطبعا منذ مجئ الرئيس الامريكي الجديد هناك سياسية أمريكية جديدة بالمنطقة حول عدة ملفات وحتى في طريقة التعاطي مع مصر والسعودية وعدد من الدول الاخرى وحتى تجاه ايران. والسبب الثاني يعود الى الظروف بالغة التعقييد التي تمر بها المنطقة وخاصة أزمة سد النهضة وأيضا القضية الليبية والمطالبة بوقف اطلاق النار فيها وعودة الحل السياسي في سوريا وبالطبع هناك تعويل كبير على روسيا بثقلها السياسي في انجاز هذه الملفات وأيضا هناك شق اقتصادي خاص بمصر وهو عودة الطيران الروسي الى مصر والذي توقف منذ فترة طويلة تقترب من خمس سنوات.
هل تأمل مصر في دور روسي لحل أزمة سد النهضة؟
في الحقيقة مصر تضع الكثير من الآمال على روسيا والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الافريقي وكافة المؤسسات الدولية وكافة الاطراف الفاعلة في هذه القضية ولكن في نفس الوقت مصر لا تعتمد على أحد بشكل كامل وحتى السودان هناك مخاوف تجاهها من امكانية تغيير موقفها في ظل وجود اتجاه سياسي في السودان ليس بقليل مؤيد لاثيوبيا ولذلك مصر تسعى في كافة الاتجاهات من خلال توقيع عدد من الاتفاقيات مثلا مع أوغندا وعدد من الدول كرغبة مصرية في التواصل والتحالف مع أكبر عدد من المؤيديين لموقفها تجاه تلك القضية.
هل يمكن أن تنهي التدخلات الدولية وقف التعنت الأثيوبي؟
بالطبع يمكن أن تنهي المحاولات الدولية التعنت الاثيوبي شريطة أن تكون جادة في ذلك فقد رأينا المفاوضات التي تمت برعاية الولايات المتحدة الامريكية والمؤسسات الدولية في واشنطن وبمنتهي البساطة انسحبت منها أثيوبيا دون ردعها بالشكل الكافي. أثيوبيا مازالت تمارس التعنت بشكل كبير وكامل حول كافة الحلول لسبب واضح وهو عجز الاتحاد الافريقي الذي يسهل تعنتها الواضح بسبب التباطؤ الشديد والتماطل في تلك القضية. ولذلك تتمسك أثيوبيا بالاتحاد الافريقي كوسيط بتلك القضية فبقلة خبرته يساعدها على تنفيذ ما ترمي اليه من مخططات فهي ترفض الذهاب لمحكمة العدل الدولية ووساطة الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية لذلك يجب أن يتم فرض هذه الوسطات عليها وأن تعمل هذه الوسطات وفقا للقانون الدولي خاصة وأنها لا تعمل محابات لأي دولة ولكنها تعمل وفقا للقانون الدولي المتعارف عليه والمنظم لقانون الانهار.
التصريحات المصرية الرسمية الأخيرة حملت الكثير من التحذيرات لأثيوبيا فهل سيكون الخيار العسكري حتميا؟
الخيار العسكري هو الخيار الأسوأ كما صرح بذلك الرئيس عبد الفتاح السيسي وهو كرجل عسكري يعرف معنى الحروب ومآسييها وبالتالي يذهب الى تجنبها ليس خوفا ولكن تجنبا لمصر والمنطقة ودول حوض النيل من ويلات الحروب فهي تعطل التنمية. وبالنسبة لمصر سيكون الخيار العسكري حتميا خاصة ونحن بين خياريين الاول مساوئ الخيار العسكري والثاني حجب جزء كبير من مياه النيل في حالة عدم الوصول الى اتفاق ملزم فكل هذا يدفع مصر الى الذهاب نحو الخيار العسكري على الرغم من أنه أسوأ خيار خاصة مع دولة مجاورة وشقيقة فهذه حرب قبيحة ان حدثت ولكن اذا اضطرت اليها مصر فلن يكون هناك مفر خاصة وأن أثيوبيا لم تترك لمصر خيارا آخرا.
هل يمكن أن تساهم التحذيرات المصرية لأثيوبيا في ردع أديس أبابا عن موقفها؟
الوضع معقد للغاية لان أثيوبيا تطرح موضوع سد النهضة كموضوع قومي شعبوي يلتف حوله الشعب الاثيوبي بأعراقه كاملة لذلك فأي تنازل من جانبهم سوف يكون من وجهة نظر الشعب الاثيوبي انحاء ومعنى ذلك انتهاء حكم هذه الحكومة الحالية في أثيوبيا ولذلك ستحاول بكل الطرق التملص من أي اتفاقيات ملزمة. وما يتداول في أثيوبيا من أنهم يرفضون التوقيع على أي اتفاق لانهم لا يستطيعون الحجر على الاجيال القادمة والمشكلة الاساسية هي عدم وجود ارادة سياسية في أثيوبيا مما أوصلها الى عداء سياسي مع مصر والتحذيرات المصرية يمكن أن تردع أثيوبيا عن موقفها اذا أدركت أثيوبيا جدية وخطورة الاوضاع والعواقب.