سد النهضة..كابوس يؤرق مصر

25

بقلم: سحر جمال

افريقيا برسمصر. أزمة سد النهضة ما زالت الكابوس المزعج للشارع المصري الذي يخشي نتائج تلك القضية  في وقت تجددت فيه الأمال بحل الازمة قبل أن تبدأ إثيوبيا الملء الثاني للسد، عقب دخول أطراف دولية جديدة على خط المفاوضات خاصة أن اثيوبيا لطالما استخدمت التعنت كوسيلة لها خلال كل جلسات المفاوضات والاجتماعات لترفض بذلك الالتزام بالمواثيق أو التوقيع على اتفاق ملزم يمنعها من اتخاذ مواقف أحادية تضر بدولتي المصب مصر والسودان.

يقول محمد عمارة  لموقع أفريقيا برس خبير الشئون الدولية  إن المشهد السياسي والتفاوضي ملتبس بداية من الحديث عن إلغاء معاهدة 1959 المحددة لحصص مياه النيل الأزرق لمصر والسودان. وأضاف في تصريح خاص لـ أفريقيا برس أن السودان دولة ذات سيادة وتبحث عن مصلحتها، من خلال توقيع اتفاقية قانونية ملزمة، تضمن للخرطوم تبادل بيانات السد بشكل دوري، وبعض الشروط حول تباين تصرفات السد، لافتًا إلى أن القاهرة دعمتها في هذه المطالب وبالتالي يجب على الخرطوم دعم حقوق القاهرة المائية المقدرة بـ 55.5 مليار متر مكعب سنويًا.

كما أشار إلى ضرورة توحيد الرؤى بين الجانبين، خاصة وأن الخرطوم والقاهرة لديهما توافق في العديد من النقاط الفنية حول السد، ولا يجب أن يتحرك أحدًا بشكل منفرد  واكد ان اثيوبيا استغلت  قيام الثورة المصرية وعززت من نفوذها في دول حوض النيل لاقامة علاقات اقليمية لتنفيذ مشروع بناء سد النهضة حيث انهت فعليا من بناء نسبة كبيرة جدا ودعا عمارة الدول العربية لضرورة الوقوف بجانب مصر خلال تلك الازمة في مواجهة التعنت الاثيوبي الذي بدا منذ بداية القضية .

موقف سوداني
الحكومة السودانية جددت تهديدها المباشر لـ “سد النهضة” في رسالة حازمة إلي إثيوبيا، بإن الخرطوم لن تسمح بملء وتشغيل السد دون اتفاق قانوني ملزم يؤمن سلامة منشآته خاصة وان السودان تتاثر بشكل خطير من اتخاذ اثيوبيا قرارات فردية وهي الاكثر تضررا من الحلم التنموي الاثيوبي الذي يهدد امن الخرطوم المائي والاجتماعي والاقتصادي.

ويرى خبراء ان فكرة التعويل على دولة جديدة تتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي لن تجدي نفعًا في ظل عدم توافر الآليات الحقيقية لتطبيق قرارات الاتحاد على الدول الثلاث.

كما  أن دخول دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وبريطانيا ما هو إلا تسجيل موقف أو دعوة للتفاوص، لكن لا توجد جدية في هذه الدعوة والدليل ما وصل إليه حال التفاوض فتلك الدول تمتلك أدوات ضغط سياسية واقتصادية حال وجود رغبة حقيقة لحل هذا النزاع.

وتعالت لغة السودان وتكرارها لدعوى عدم تقبل سياسة الأمر الواقع حيث تسعى لحجز كمية كبيرة سواء كانت 18.5 مليار متر مكعب أو أقل، حاصة وان الحكومة السودانية لمست عدم جدية إثيوبية في التفاوض مع التسويف تارة والتهديد بأحقيتها بتفاصيل المشروع تارة أخرى.

وأكد وزير الموارد والري السوداني، ياسر عباس، خلال اللقاءات التي نظمتها الوزارة للسفراء الأجانب المعتمدين بالخرطوم، لشرح موقف السودان من سد النهضة، أن “هناك تهديدًا مباشرًا لسد النهضة الإثيوبي على خزان الروصيرص الذي تبلغ سعته التخزينية أقل من 10% من سعة سد النهضة.

وشدد ياسر عباس، على أنه “لا يمكن الاستمرار في هذه الدورة المفرغة من المباحثات إلى ما لا نهاية” ، مشيرا إلى “فشل آخر جلسة مفاوضات بين الدول الثلاث في التوصل لصيغة مقبولة لمو اصلة التفاوض”.

وأكد الوزير السوداني، “أن الحرب ليس خيارا، والجانب السوداني بدأ منذ وقت مبكر تحركا دبلوماسيا لوضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليه من الوعيد الإثيوبي وتهديدها لحياة نصف سكان السودان على النيل الأزرق”، مشددا على أن بلاده تتمسك بالحل الإفريقي لأزمة سد النهضة الإثيوبي، مطالبًا المجتمع الدولي بإقناع أديس أبابا بالتراجع عن موقفها.

مصرر تحذر
 صبر مصر نفذ تماما حيث استعدت القاهرة لكل الخيرات والظروف ودعمت  روح التفاوض والتكامل شريطة وجود رغبة من الطرف الآخر. فيرى كثيرون أن الخلاف سياسي في المقام الأول وليس فني، لأنه من الناحية الفنية يمكن الاتفاق على كافة التفاصيل المتعلقة بتصريف المياه وموعيد التخزين والملء وحالة الأمطار فالجانب الإثيوبي إذا أراد التوقيع على اتفاق قانوني شامل سيفعل لكنه يستخدم كروت المرواغة منذ بداية الازمة.

كما ان تصريحات بريطانيا أو إيطاليا لن ترتقي لتدخل واضح كوسيط في ملف سد النهضة، و إثيوبيا لا تقبل الوساطة بشكل كامل، بينما تقبل مصر دخول وسطاء لحل الخلاف. في وقت  اكد فيه  وزير خارجية مصر، سامح شكري، أنه لا تهاون مع إثيوبيا في أزمة سد النهضة. وقال أن تأمين مصالح مصر المائية وصون حقوقها يأتي على رأس أولويات وزارة الخارجية وكافة مؤسسات الأمن القومي.

وأوضح شكري أن مصر تسعى من خلال المفاوضات الممتدة حول سد النهضة والتي شاركت فيها إلى التوصل لاتفاق عادل ومتوازن يحقق مصالح الدول الثلاث التي تتشارك في النيل الأزرق بما يتيح لشركائنا في إثيوبيا تحقيق أهدافهم التنموية، ويقي شعبيّ مصر والسودان المخاطر، ويحفظ حقوقهما.

مخاوف الشارع
​اختلف المراقبون والمسؤولون حول تأثير سد النهضة على مستقبل مصر المائي الا ان القاهرة لديها العديد من المخاوف حول هذه المشروع حيث تخشى من انخفاض مؤقت من توافر المياه نظرا لفترة ملء الخزان وانخفاض دائم بسبب التبخر من خزان المياه خاصة ان حجم الخزان يبلغ حوالي ما يعادل التدفق السنوي لنهر النيل على الحدود السودانية المصرية  فاذا افتراضنا ان فترة ملء الخزان ستكون 5 سنوات فهذا يعني استهلاك السد لـ 15 مليار متر مكعب من الماء سنويا على مدار 5 سنوات تخصم من حصة مصر والسودان وهو ما يمثل كارثة بالنسبة لمصر حيث ستصبح حصة الفرد اقل من 650 متر مكعب من المياه سنويا اي اقل من ثلثي المعدل العالمي كما انه في مقابل كل مليار متر مكعب تنقص من حصة مصر المائية فانة من المتوقع ان تخسر مصر 200 الف فدان زراعي.

كما سيؤثر السد على امدادات الكهرباء في مصر بنسبة 25 الى 40 المائة مما سيعمق من ازمة الكهرباء اضافة الى ان سد النهضة يمكن ان يؤدي الى خفض دائم في منسوب المياه في بحيرة ناصر ويقلل من قدرة السد العالي في اسوان لانتاج الطاقة الكهرومائية.

الخطر الاكبر يكمن في الاستهداف العسكري للسد لاي سبب او توظيفه لاغراض عسكرية او حتى وجود احتمالية لانهياره بسبب اي اخطاء في التصميم او لطبيعة المنطقة التي اقيم فيها كما يقول بعض الخبراء مما يؤدي الى انهيار خزاناته لتتدفق المياه بشكل مفاجئ وهو الامر الذي ينذر بفيضانات هائلة وغرق لمساحات شاسعة في السودان ومصر .

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here