سد النهضة والملف الليبي على رأس أجندة التعاون المصري المغربي

23
سد النهضة والملف الليبي على رأس أجندة التعاون المصري المغربي

سحر جمال

أفريقيا برس – مصر. خلال زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى المغرب، ناقش الوزير المصري مع المسؤولين مروحة من القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، يبرز من بينها قضية سد النهضة، ووضع آليات لحل الأزمة الليبية، و تحقيق التعاون الإقتصادي، إضافة لدعم العلاقات السياسية في مواجهة التحديات والقوى الخارجية التي تهدد أمن واستقرار البلدين، وللمزيد من التفاصيل يتحدث إلى “أفريقيا برس”، الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عادل الدندراوي في الحوار الصحفي التالي:

عادل الدندراوي، الكاتب الصحفي والمحلل السياسي

في إطار زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى المغرب، ما أهمية تلك الزيارة سياسيا واقتصاديا لمصر؟
الزيارة التي قام بها مؤخرا وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى المغرب تأتي في إطار أهمية سياسية وإقتصادية كبيرة، لأن الزيارة بحثت العديد من الملفات السياسية التي تهم العلاقات الثنائية بين مصر والمغرب، وأيضا العلاقات المغربية الجزائرية والعربية، و العلاقات المشتركة بين البلدين، والقضايا التي تشكل تهديدا لمصر، وعلى المستوى السياسي بحث وزير الخارجية المصري أطر التعاون بين المملكة المغربية ومصر، في إطار محاولات مصرية للبحث في الخلافات المغربية الجزائرية حول ملف الصحراء، و إنهاء هذه الخلافات بالطرق التي تأتي في مظلة الأمم المتحدة، وكذلك مشاورات الدعم المغربي لملف سد النهضة المثير للخلاف بين مصر وإثيوبيا، وكذلك ملفات أخرى مثل الملف الليبي ودعم القضية الفلسطينية وما إلى ذلك من الملفات ذات الاهتمام المشترك، خاصة الملف الليبي الشائك والذي يشكل ربما في الآونة الأخيرة توترا بين العديد من الدول العربية والدولية، بشأن حالة الاستقرار في ليبيا و التنازع الداخلي، وعملية إجراء الإنتخابات في ليبيا و التوجه نحو الاستقرار بين جموع الأطراف الليبية، بما يتفق مع مطالب الشعب الليبي، وعلى المستوى الإقتصادي بحث وزيرا الخارجية أطر دعم العلاقات الإقتصادية بين مصر والمغرب، حيث أن حجم التجارة البينية بين البلدين يمثل مستوى متدني في العلاقات التجارية، إذ لا يزيد عن 453 مليون دولار في العامين الأخيرين، على الرغم من وجود المناخ المناسب و الاستراتيجي لكلا البلدين، لذا فهناك سعي لزيادة الاستثمارات المتبادلة من هذا المنطلق وتعظيم الإستفادة من المناخ التجاري، وتعزيز الشراكات وتبادل الخبرات في مختلف المجالات، بما يدعم جهود الدولتين في تحقيق التنمية.

هل تعتقد أن مصر تسعى لتكوين جبهة عربية مغربية في ظل التحديات التي تواجهها وخاصة في ظل الأزمة المصرية الجزائرية والأثيوبية؟
ربما تسعى مصر بالفعل لتكوين جبهة عربية مغربية في ظل التحديات التي تواجهها و التحديات التي يتحدث عنها المراقبون والخبراء، بأنها لا زالت تحت الرماد بين مصر والجزائر، وهناك ملفان أساسيان، هما ملف أزمة سد النهضة و دعم الجزائر لإثيوبيا والملف الليبي، وفي ملف سد النهضة تقف حكومة إثيوبيا مدعومة من الحكومة الجزائرية في مساعيها للوساطة مع مصر، والجزائر ترى من جانبها أنها تسعى في إطار الإستقرار السلمي والمحادثات السلمية بين أثيوبيا ومصر في إطار أزمة سد النهضة، التي تمثل تحديا كبيرا لمصر وشعبها، وحول تكوين مجموعة الأربعة G4 التي تضم نيجيريا وجنوب أفريقيا والجزائر وإثيوبيا، فيرى الخبراء أن الجزائر بهذه المجموعة تحاول إستعادة مكانتها الأفريقية بهذا الملف، في حين أن مصر ترى أن حل أزمة سد النهضة يكون بالإلتزام بما لا يضر المياه المصرية، الملف الليبي يشهد أيضا خلافات أوضح قليلا بين مصر والجزائر، فمصر ترى أن الإستقرار في ليبيا لا يكون إلا بالتوافق مع ما يطلبه للرأي العام والشعب الليبي، في حين أن الجزائر ترى أن الإستقرار في ليبيا لا يكون إلا برؤية جزائرية و بتوافق جزائري وبغير ذلك لا يمكن المرور نحو الإستقرار في ليبيا.

هل تحاول مصر حشد حلفاء لها في مواجهة المنافسة الشرقية والتي تتمثل في إسرائيل و تركيا وإيران؟
لا أعتقد أن مصر  تسعى لحشد حلفاء لمواجهة المنافسة الشرقية والتي تتمثل في إسرائيل وتركيا وإيران، إذ إن علاقات مصر مع إسرائيل قوية على أرض الواقع، وتحاول إجراء علاقات متوازنة مع تركيا، أما إيران فالأمر يتوقف على مدى تهديد إيران لدول الخليج، في حين أن هناك توازنات معينة في منطقة الخليج بين إيران و الدول الخليجية، وفي هذا الإطار نجد أن مصر ربما يكون لها مسلكها الخاص في التعامل مع تلك الدول “إسرائيل وتركيا وإيران” من منطلق المصالح الخاصة.

وسط التحديات الإقتصادية التي تواجه مصر، كيف سينعكس تحسن العلاقات المصرية الخارجية في مواجهة تلك التحديات؟
الوضع الإقتصادي في مصر هو وضع شائك بلا شك ويمثل تحديا كبيرا سواء على مستوى الجبهة الخارجية أو على مستوى الجبهة الداخلية، ومصر من هذا المنطلق تسعى إلى زيادة وتحسين العلاقات الإقتصادية الخارجية، لمعالجة هذا الملف، بما يحقق الإستقرار الداخلي، وإستقرار السيولة وتحقيق التنمية داخل البلاد.

الملف الليبي كان على رأس أجندة هذا اللقاء،هل ترى أن مصر تسعى لتكوين جبهة عربية لحل الأزمة الليبية والتصدي للتدخلات الخارجية؟
الملف الليبي من أبرز الملفات التي فرضت نفسها في الحوار بين وزيري الخارجية المصري والمغربي، و في هذا الملف تحديدا تسعى مصر للتركيز على أن يكون هناك حوار ليبي ليبي، دون إملاءات أو تدخلات خارجية، قائلة إن هذا السبيل هو الوحيد للحل، وصولا إلى إجراء الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا، في حين أن التدخلات الخارجية و فرض التنازعات الداخلية المسلحة، لا يأتي إلا بالخسارة على الشعب الليبي، فالملف الليبي شائك بين دول الجوار، والجزائر لها رؤيتها الخاصة في الملف الليبي، وهي أنها منوطة بحل يفرض إرادتها، أو على الأقل لا يكون إلا برغبتها الخاصة، ومصر ترى أيضا أن الملف الليبي هو ملف شائك جدا، بما يثيره من مخاوف عسكرية، ومخاوف كدولة جارة، لا يتم إلا بالتوافق وخروج القوى الخارجية والقوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا، على مدى زمني محدد وفقا لقرار مجلس الأمن ذات الصلة ومخرجات مساري باريس و برلين، واتفاق “الصخيرات” أيضاً في المغرب.

لعل أهم أسباب الخلاف المصري الجزائري تكمن في التقاء المصالح الجزائرية التركية بالملف الليبي من خلال دعم حكومة غرب ليبيا  في مقابل الدعم المصري لشرق ليبيا بقيادة فتحي باشاغا والذي ساهم في التقارب المصري المغاربي فهل تتفق مع ذلك؟
ربما شكليا يكون التقارب المصري المغربي الثنائي يقابل التقارب الجزائري التركي في الملف الليبي، ولكن على الأرض هناك تحديات تفرض نفسها في الملف المصري، وأن مصر لا تريد سوى إستقرار الوضع في ليبيا، بما لا يهدد أمن مصر كدولة جارة، وبالتالي هناك محددات للمطالب المصرية تتمثل في خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، على مدى فترة زمنية محددة، في حين أن المطالب الجزائرية والتركية ربما ترغب في دعم حلفائها داخل ليبيا، وهذه الجزسية معقدة بكل تأكيد، ويتطلب الأمر تعاونا دوليا ومساع سياسية دولية بما يسير نحو إجماع دولي وتحقيق الإستقرار في دولة مهمة سياسيا واقتصاديا، خاصة لما لها من ملف النفط و قوته في القارة الأفريقية.

يرى البعض أن تشكيل مجموعة الأربعة G4 والتي تضم الجزائر وإثيوبيا  في وقت تسعى فيه مصر لمحاصرة إثيوبيا بسبب أزمة سد النهضة من الأسباب الرئيسية للأزمة المصرية الجزائرية، فهل تتفق مع ذلك؟
من خلال مجموعة الأربعة التي تضم نيجيريا وجنوب أفريقيا والجزائر وإثيوبيا ربما تسعى الجزائر لإستعادة قوتها الأفريقية، لمعالجة ملف سد النهضة مع أثيوبيا، ومصر من جانبها ترى أن هناك محاولات لمحاصرة الحل المصري، والذي تطلب فيه مصر عدم الإضرار بالقدرة المائية لها، وبالتالي الإلتزام بإتفاق إعلان المبادئ الخاص بأزمة سد النهضة، ومن هنا يكون الإستقرار في هذا الملف، في حين أن إثيوبيا تسعى للإستفادة من هذا الدعم الجزائري ومن نيجيريا وجنوب أفريقيا في تكوين قوة ضاغطة على الجانب المصري بالقبول بسد النهضة دون الإلتزام بالمتطلبات المصرية من جانب أثيوبيا تجاه مصر.

 

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here