سد النهضة يعزز التعاون بين مصر والسودان

29

بقلم : سحر جمال

أفريقيا برسمصر. ترتبطا مصر والسودان بعلاقات تاريخية شملت الكثير من المجالات السياسية والاقتصادية والجغرافية والاقتصادية والان مع ازمة سد النهضة الاثيوبي اصبح مصير الدولتين اكثر ارتباطا وتوثيق علاقتهما اصبح أمرا ضروريا للغاية خلال تلك الفترة فسد النهضة الإثيوبى كان قاسما مشتركا في لقاءات الرئيس عبد الفتاح السيسي بالسودان، والمرحلة الحالية تشهد تنسيق وثيق جدا وتفاهم كبير ومتنامي في الموقفين المصري والسوداني تجاه هذه القضية الحساسة جدا.

يقول المحلل السياسي نبيل سيد لموقع أفريقيا برس أن هناك مقترح من الأشقاء في السودان بتشكيل مجموعة رباعية من الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى الاتحاد الأفريقي، وهي الأركان الفاعلة على المستوى الدولى والإقليمي للوصول إلى حل لهذه القضية في إطار قانونى ملزم في الشهور المقبلة خاصة مع اقتراب الملء الثاني وبداية موسم الفيضان في يوليو المقبل. وأضاف : سد النهضة كان يأخذ جانب كبير من المباحثات وهناك تنسيق بدرجات عالية غير مسبوقة بين مصر والسودان في هذا الإطار وتطابق في المواقف، لصالح مصر والسودان ولصالح التنمية في إثيوبيا.

وأبلغ وزيرة الخارجية المصرية سامح شكري الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش بضرورة إطلاق عملية تفاوضية جادة برعاية أفريقية ومشاركة أطراف دولية، للتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن وملزم قانونا لملء وتشغيل سد النهضة.

وصرح شكري، ، إن بلاده أيدت مقترحا للسودان بتشكيل رباعية دولية تقودها الكونغو الديمقراطية بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، إلى جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للتوسط في المفاوضات.
وقبل أيام، أعلنت مصر تأييد مقترح السودان بتشكيل وساطة رباعية دولية، لحلحلة مفاوضات سد النهضة المتعثرة وكان وزير الري السوداني ياسر عباس أعلن اعتزام بلاده إجراء اتصالات دبلوماسية وسياسية لدعم وساطة رباعية بشأن سد النهضة، من خلال إشراك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بجانب الاتحاد الأفريقي لكن إثيوبيا تقول إنها ملتزمة بالمباحثات الثلاثية مع مصر والسودان حول الأزمة.

وسبق أن توسطت كل من الولايات المتحدة والبنك الدولي قبل أكثر من عام في مفاوضات سد النهضة، غير أن وساطتهما لم تسفر عن نتائج. وتصر إثيوبيا على بدء الملء الثاني لسد النهضة في يوليو/تموز المقبل، بينما تتمسك الخرطوم والقاهرة بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي، حفاظا على حصتهما السنوية من مياه نهر النيل.

تعاون عسكري

وقعت السودان ومصر اتفاقية تعاون عسكري بالخرطوم. وجاءت هذه الاتفاقية خلال زيارة قام بها رئيس أركان الجيش المصري، الفريق محمد فريد إلى العاصمة السودانية الخرطوم على رأس وفد عسكري رفيع المستوى للمشاركة في الاجتماع السابع للجنة العسكرية المصرية – السودانية المشتركة برئاسة رئيسي الأركان لكلا البلدين.

ويغطي الاتفاق العسكري مجالات التدريب وتأمين الحدود ونقل وتبادل الخبرات العسكرية والأمنية مما يعكس الأجواء المتوترة من ناحية البلدين مع إثيوبيا، بسبب الإخفاق في التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة، فضلاً عن الحشود العسكرية على الحدود السودانية الإثيوبية على إثر خلافهما على ترسيم الحدود، وغيرها من التحديات.

وفيما نوه فريد إلى استعداد بلاده لتلبية كل طلبات الجانب السوداني في المجالات العسكرية كافة من تدريب وتسليح وتأمين الحدود المشتركة، أكد أن مستوى التعاون العسكري مع السودان غير مسبوق. مضيفاً أن “تعدد وخطورة التهديدات المحيطة بالأمن القومي والمصالح المشتركة تستدعي التكامل بين الأشقاء”.

في حين أوضح رئيس أركان الجيش السوداني الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين، أن الهدف من هذا الاتفاق هو تحقيق الأمن القومي للدولتين، لبناء قوات مسلحة مليئة بالتجارب والعلم، معضداً مساعي مصر الحميدة، ووقوفها إلى جانب السودان في المواقف الصعبة.

وأكد نبيل نجم ان القاهرة تريد ترسيخ الروابط والعلاقات مع الخرطوم في جميع المجالات وخاصة العسكرية والأمنية منها، مشيرا إلى أن السودان ومصر تواجهان تحديات مشتركة وأن هناك تهديدات متعددة تواجه الأمن القومي في البلدين. وأضاف نجم أن القاهرة مستعدة لتلبية ما يحتاجه السودان في المجالات العسكرية كافة، معتبرا أن مستوى التعاون العسكري مع السودان غير مسبوق.

وتعليقاً على أبعاد هذا الاتفاق، قال الناطق الرسمي السابق للقوات المسلحة السودانية الفريق أول معاش محمد بشير، “من المعلوم أن قانون الاتفاقيات العسكرية يجري بين الدول في إطار حماية الأمن القومي لكلا الطرفين، لأنه يصعب على دولة واحدة بناء قدرات عسكرية مثل السودان الذي يقع على أرض شاسعة، ويجاوره ما يزيد على ثماني دول، وساحل بحري طويل واستراتيجي. ومصر والسودان يواجهان تهديدات كبيرة جداً ترتبط بالأمن المائي، ومن أهمها سد النهضة وإصرار إثيوبيا على ملئه وتشغيله من دون اتفاق يحمي الطرفين من السد وتأثيراته على الأمن الغذائي والمائي والسكاني، فالقاهرة لا تسمح بما يهدد أمنها المائي، وليس لها حدود مباشرة مع أديس أبابا، وفي حال أصرت الأخيرة على تنفيذ استراتيجيتها الخاصة بسد النهضة من دون مراعاة الأطراف المعنية، فإن السودان سيكون المدخل المباشر والاستراتيجي لمصر في هذا الصراع”.

وزاد بشير، “السودان مهدد من ناحية إثيوبيا في حدوده الشرقية، ومن أجل حماية أمنه القومي، وردع الطرف الإثيوبي، فإنه يحتاج إلى مناصرين، كما أنه لا توجد دولة تستطيع لوحدها أن تبني قوات مسلحة بتكاليفها العالية، لذلك جاءت هذه الاتفاقية العسكرية مع الجانب المصري للمناصرة في استثمار النواقص والبناء العسكري لتحقيق الأمن القومي، والتدريب والتأهيل، وتبادل الخبرات والمعرفة، فهي كذلك تعضد مخرجات اتفاقية السلام التي وقعت في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة، من ناحية المحافظة على البنية الهيكلية القديمة للقوات المسلحة السودانية في إطار تنفيذ الترتيبات الأمنية التي على ضوئها سيجري ضم قوات جديدة للجيش تابعة للحركات المسلحة، بعيداً عن البعد الجهوي الذي تخشاه مصر”.

وبين الناطق الرسمي السابق للقوات المسلحة السودانية، أن الخرطوم بموقعها الجيواستراتيجي والجيوسياسي، وتكالب كثير من الدول عليها يجعل الاتفاق العسكري مع مصر يعضد أمن البحر الأحمر الذي يستوعب 60 في المئة من التجارة العالمية، فضلاً عن كونه مدخلاً للإرهاب. منوهاً إلى أنه مع اعتبارية حلايب وشلاتين محل الخلاف بين البلدين، إذ لن تنسى الذاكرة بأنهما جزء من الأراضي السودانية، لكن قد يأتي الاتفاق العسكري بمداخل أخرى تقود لترتيب في إطار المصالح المشتركة بين الدولتين.

تعاون إقتصادي

الملتقى الاقتصادي السوداني المصري (يناير 2021)يجمع مصر والسودان تعاون مستمر في الملف الاقتصادي، إذ تعمل القاهرة للدفع نحو سرعة تنفيذ المشروعات التنموية المشتركة، كالربط الكهربائي وخط السكك الحديدية، لتحقيق المنافع لشعبي البلدين. ويشمل التعاون المشترك بين مصر والسودان في الملف الاقتصادي على العديد من المشاريع الهامة والضخمة بين البلدين.

وتضم مجالات النقل والطرق والري بين مصر والسودان على 8 مشروعات ضخمة، فيما تبذل مصر جهودًا ضخمة لإتمامها على وجع السرعة. وتشمل المشروعات المشتركة بين القاهرة والخرطوم بناء الطريق الساحلي بين مصر والسودان بطول 280 كيلو مترًا، ومشروع طريق قسطل وادي حلفا، وطريق أسوان- دنقلة، وتطوير وإعادة هيكلة خطوط السكك الحديدية لتسهيل حركة نقل البضائع والأفراد، ومد الشبكة الكهربائية إلى شمال السودان، واستمرار التعاون في مجال الموارد المائية والري، كما في إحياء مشروع قناة جونجلى، وتطهير الجزء الجنوبي من النيل وتطوير شبكة الري والصرف في السودان.

وهناك تعاون وثيق بين مصر والسودان فيما يخص تطوير البنية التحتية لمجال السكك الحديدة داخل الخرطوم، بالإضافة إلى مشروعات الربط بين البلدين. ويعد مشروع الربط بين مصر والخرطوم، عبر محطات سكة حديد تبدأ من الإسكندرية وتمتد إلى السودان هو أكبر المشروعات الاستراتيجية بين البلدين و يمتد بطول 900 كيلو متر تقريبًا، منها 250 كيلو مترًا داخل الأراضي السودانية، والمرحلة الأولى ستكون من أسوان حتى وادي حلفا في السودان.

وسيكون تنفيذ خط السكة الحديد في السودان وفقًا لمواصفات شبكة السكك الحديدية المصرية، خاصةً أن الشبكة الموجودة حاليًا في السودان متهالكة وتختلف عن نظيرتها في مصر. وسيكون ربط السكك الحديدية بين مصر والسودان بما يسمح للراكب استقلال القطار من محطة «سيدي جابر» بالإسكندرية، وحتى الخرطوم مباشرة، بدون توقف، واستخدام هذا الخط في نقل الركاب والبضائع معًا، وهناك مخطط لمده مستقبلًا وربط مصر بكل الأراضي السودانية.

وفي مجال الربط الكهربائي تبحث مصر والسودان مشروعات ضخمة يتم تنفيذها على 3 محاور قدرة المرحلة الأولى من المشروع 300 ميغاوات، وتتم دراسة التوسع في ليصل إلى 3000 ميغاوات في المرحلة الثانية من المشروع.و يضم خط الربط 300 برج على الأراضي المصرية، وتستغرق مدة تنفيذه 6 أشهر.

و تبلغ التكلفة الاسثمارية المتوقعة لمشروع الربط الكهربائي مع السودان حوالي 56 مليون دولار تخص الجانب المصري، فيما يسمح خط الربط مع السودان لمصر بالربط مع باقي الدول في إفريقيا، وتقديم لها ما تحتاجها من الكهرباء.

كما تم الانتهاء من خط الربط الهوائي المزدوج الدائرة توشكى (2) وأدى حلفا جهد 220 ك.ف، ويبلغ الجهد الكهربائي للمحطة 22066 فولت، وتعمل بنظام العزل بالهواء أوAIS، وبلغت التكلفة الاستثمارية للتوسعات حوالى 32550 مليون جنيه، وأعلنت شركة «سيمنز» عن الانتهاء من بناء محطة توشكي. وحصلت مصر على اللحوم وفول الصويا وعباد الشمس من السودان مقابل قيمة الربط الكهربائي.

وتتمثل فائدة الربط في توفير التكاليف وقيمة الوقود المستخدم في المحطات والاستفادة من أوقات الذروة وتحقيق عائدات مالية للدول التي تمر بها خطوط الربط الكهربائي. وبدأ الربط الكهربائي المصري عمليًا، في أبريل نيسان 2020، في تغذية الشبكة القومية وتغذية المناطق الواقعة شمال السودان.

 

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here