سهام مصطفى: مصر توازن بين الوساطة الإقليمية وحماية أمنها القومي

7
سهام مصطفى: مصر توازن بين الوساطة الإقليمية وحماية أمنها القومي
سهام مصطفى: مصر توازن بين الوساطة الإقليمية وحماية أمنها القومي

سحر جمال

أفريقيا برس – مصر. أكدت النائبة في البرلمان المصري، سهام مصطفى، في حوارها مع “أفريقيا برس”، أن مصر تواصل جهودها كوسيط إقليمي فاعل لحل القضية الفلسطينية، مشددة على أهمية الدور المصري في تهدئة الأوضاع بالمنطقة. وقالت إن القاهرة تتحرك عبر القنوات الدبلوماسية لوقف التصعيد في غزة، رغم التحديات الإقليمية والدولية. وأضافت أن مصر حريصة على حماية أمنها القومي، خصوصًا في ظل التهديدات المتزايدة بالممرات المائية. كما أكدت أن إيران تستخدم كافة الوسائل لتعزيز نفوذها في المنطقة، مما يستدعي موقفًا عربيًا موحدًا لمواجهة التحديات المشتركة.

ما هي الخطوات العملية التي تتخذها مصر حاليًا للضغط على إسرائيل من أجل وقف التصعيد العسكري في قطاع غزة؟

للأسف، أصبحت خيارات مصر محدودة. فالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يركزان حاليًا على وقف الحرب في أوكرانيا، إذ تُوجَّه معظم الجهود نحو محاولات ترامب لتحقيق تسوية بين روسيا وأوكرانيا، مما يقلل من الاهتمام بما يجري في غزة.

تحاول مصر من خلال القنوات الدبلوماسية التواصل مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للضغط على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار، لكن هذا الضغط يُعدّ ضعيفًا، خاصة أن إسرائيل تستقوي بالدعم الأمريكي الذي منحها الضوء الأخضر.

في المقابل، يظهر تعنت من جانب حركة حماس، إلى درجة أن السلطة الفلسطينية نفسها تُدين مواقفها. ومصر تبذل جهودًا من خلال استقبال الجرحى وتجنيد كافة قنواتها الدبلوماسية للضغط على الأطراف الدولية، خصوصًا الدول الأوروبية والولايات المتحدة، لكن للأسف الاستجابة لا تزال ضعيفة، والحرب مرشحة للاستمرار.

كيف تُقيّم القاهرة استجابة الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي لمطالبها بالضغط على إسرائيل لوقف عدوانها؟

النقطة الثانية مرتبطة بالأولى، وهي أن الاتحاد الأوروبي يوجّه اهتمامه بالكامل نحو أوكرانيا، وللأسف، فإن التوقيت الحالي لا يخدم الجهود المصرية في الضغط على إسرائيل.

ومع ذلك، فإن مصر لا تيأس، وتواصل محاولاتها للتخفيف من المعاناة الإنسانية في قطاع غزة، وهي معاناة لا تقبل بها معظم الدول الأوروبية.

ما مدى تأثير التعنت الإسرائيلي على جهود الوسطاء، خاصة في ظل استمرار تل أبيب في فرض شروطها الأمنية؟

التعنت الإسرائيلي معروف بطبيعته. فمصر وقطر تحاولان التأثير على الوفد الإسرائيلي، لكن إسرائيل تتحجّج بعدم استجابة حركة حماس.

الأسرى يُعدّون الورقة الأخيرة التي تمتلكها حماس، وإذا تنازلت عنهم، فإن ذلك يعني أنها تضع نفسها تحت مقصلة إسرائيل والمجتمع الدولي، خاصة وأنها مصنفة كجماعة إرهابية، والمجتمع الدولي لا يمارس ضغطًا حقيقيًا عليها.

هل ترى مصر أن الموقف الأميركي المتذبذب تجاه الغارات الإسرائيلية يُعرقل التوصل إلى هدنة دائمة؟

الموقف الأميركي يُعدّ العامل الأهم في هذا الملف، وهو ليس متذبذبًا كما يُقال، بل هو مساند لإسرائيل بشكل دائم. فتصريحات ترامب قبل الجولة الأخيرة من الضربات كانت واضحة، إذ قال: “إذا لم تُفرج حماس عن الأسرى، سنفتح عليها أبواب الجحيم”، وهذا ما حدث فعلًا.

الموقف الأميركي منح إسرائيل الغطاء الكامل، وتصرفات حماس وفّرت لها الذريعة، حتى ولو كان الثمن هو دماء الشعب الفلسطيني.

في حال استمرار القصف الإسرائيلي، هل يمكن أن تتحول المفاوضات إلى مرحلة جديدة أكثر تعقيدًا، وما خيارات مصر في هذه الحالة؟

المفاوضات تمرّ حاليًا بمرحلة صعبة، لأن إسرائيل مصمّمة على التفاوض تحت القصف، وترى أن هذا هو الأسلوب الأمثل للتعامل مع حماس، دون اكتراث بالمعاناة الإنسانية أو بالمساعدات أو حتى بحالة التجويع التي يواجهها المدنيون.

المجتمع الدولي منشغل بقضايا أخرى، مثل أوكرانيا، مما يزيد الموقف تعقيدًا. خيارات مصر محدودة، لكنها تبذل كل ما في وسعها لإنهاء الأزمة، خاصة أن الوضع يهمها في المقام الأول، نظرًا لقربها الجغرافي وحدودها مع قطاع غزة.

الوضع الإنساني في غزة، تحت وطأة القصف والحصار، يجعل من الحدود المصرية الملاذ الوحيد، ولهذا تحاول مصر، بكل ما تملك، التنسيق مع جميع الأطراف لإنهاء الأزمة.

هل تعتقد مصر أن استمرار التصعيد في غزة قد يدفع أطرافًا إقليمية أخرى للتدخل عسكريًا، مما يهدد استقرار المنطقة؟

استمرار التصعيد قد يدفع أطرافًا إقليمية للتدخل، وتحديدًا الأذرع التابعة لإيران. لكن العديد من هذه الأذرع تضررت أو ضعفت، ولم يتبقَّ منها فعليًا سوى جبهة اليمن، وربما العراق، حيث يمكن لإيران أن تدفعه للمشاركة.

المنطقة ستظل تعاني من عدم الاستقرار طالما استمرت الحرب، لكن الخاسر الأكبر في هذا الوضع يبقى هو الشعب الفلسطيني في غزة، وكذلك دول الجوار، وعلى رأسها مصر.

ما هو موقف مصر من استمرار الغارات الأميركية على اليمن، وكيف ترى تأثيرها على الأمن البحري وحركة التجارة عبر قناة السويس؟

مصر أعلنت موقفها من ضرب الحوثيين في اليمن منذ بداية الأمر، ورفضت المشاركة في “تحالف الازدهار” أو “حراس الازدهار” الذي أنشأته الولايات المتحدة. الموقف المصري ما زال ثابتًا، إذ ترى أن المشكلة لا تكمن في اليمن، بل في الأطراف التي تزوّد الحوثيين بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية والخبرة، فالوضع الاقتصادي الصعب للشعب اليمني لا يتيح له تصنيع الأسلحة أو امتلاك المهارات لاستخدامها.

واستمرار الضربات الأميركية، بحسب الرؤية المصرية، يجعل من الشعب اليمني الضحية الأساسية، ولن يساهم في حلّ المشكلة. إيران، من جانبها، رفضت مرور السفن الإسرائيلية، ثم السفن الأميركية والأوروبية، بحجة دعمها لإسرائيل، ما يدل على أن طهران مصمّمة على تهديد الملاحة في البحر الأحمر.

أما الخطوة الأميركية، فقد تُقلل من الهجمات، لكنها لن تغيّر المعادلة كثيرًا، لأننا نتحدث هنا عن سفن تجارية وليست حربية، وهذه السفن لن تُعرّض نفسها للخطر من أجل المرور بقناة السويس.

هل يمكن للقاهرة أن تلعب دورًا في الوساطة بين واشنطن وحركة “أنصار الله” لاحتواء الأزمة وتقليل المخاطر على الممرات المائية الدولية؟

المشكلة الحقيقية ليست مع حركة “أنصار الله” بل مع إيران، فهي من تُحرّكهم، وهم مجرد أداة في يدها. لذلك، فإن تدخل مصر للوساطة لن ينجح، لأن الوساطة يجب أن تتم مع الطرف الأساسي وليس مع التابع له.

ما يمكن أن يوقف إيران هو التفاهم المباشر معها، فهي تستخدم هذا التصعيد لتحسين موقفها في المفاوضات بشأن برنامجها النووي، وتستعرض قوتها أمام الولايات المتحدة والغرب، وتسعى لمساومتهم من أجل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here