أفريقيا برس – مصر. قالت مصادر حكومية مصرية، اقتصادية وبرلمانية، قريبة من دائرة صناعة القرارات التنفيذية، إن رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد “عرض على نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، خلال اللقاء الذي جمعهما في مدينة العلمين الجديدة، في 21 أغسطس/آب 2022، ضخ استثمارات إماراتية جديدة في مصر”، موضحةً أن الجانب المصري يبحث حالياً تلك العروض.
تباينات بين القاهرة وأبوظبي بشأن استثمارات إماراتية
وأشارت المصادر إلى أن “هناك تبايناً في الرؤى بين الجانبين المصري والإماراتي في ما يتعلق بتلك الاستثمارات”، موضحة أنه “بينما يتبنى المسؤولون الإماراتيون، والذين كان من بينهم وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة سلطان بن أحمد الجابر، ورئيس جهاز أبوظبي للمحاسبة حميد عبيد خليفة عبيد أبو شبص، مبدأ الاستحواذ عند ضخ استثمارات في مصر، يتحفظ المسؤولون المصريون على هذا المبدأ ويعرضون الشراكة”.
وقالت المصادر إن هناك “اتجاهاً داخل جهاز المخابرات المصرية، تدعمه تقارير سياسية واقتصادية، من هيئة الأمن القومي (تابعة للجهاز)، يرفض استحواذ الإمارات على أصول مصرية مهمة، ويؤيد فكرة الدخول في شراكة”. وأوضحت المصادر أن “المسؤولين المصريين في هيئة الأمن القومي، يؤمنون بأن بيع أصول مصرية مهمة، بشكل كامل، من شأنه أن يضعف مصر، ويؤثر على استقلال قرارها السياسي، خصوصاً إذا كانت تلك الأصول ذات أهمية استراتيجية للبلاد”.
وبحسب مسؤولين مصريين، فإن هناك “مطالبات إماراتية جديدة للاستحواذ على مساحات كبيرة من الأراضي في مناطق تخضع لمحاذير الأمن القومي المصري، بهدف الاستثمار الزراعي، بخلاف عروض أخرى مقدّمة من أبوظبي، للاستحواذ على إدارة مرافق عامة مملوكة للدولة المصرية”. وقال مسؤول حكومي مصري طالباً عدم ذكر اسمه، إن “الأيام الأخيرة شهدت جدلاً وارتباكاً داخل أروقة صناعة القرار، والدائرة المقربة من السيسي، بسبب المطالب المقدمة أخيراً من جانب المسؤولين في دولة الإمارات بشأن استحواذات جديدة”.
وفي إبريل/ نيسان الماضي، استحوذت شركة “القابضة ADQ”، أحد صناديق أبوظبي السيادية، على حصص في 5 شركات مقيّدة في بورصة مصر، مقابل نحو 1.8 مليار دولار من بنوك حكومية مصرية. وتضمنت الصفقات وقتها الاستحواذ على حصص في شركات “أبو قير للأسمدة” بنحو 21.5 في المائة، و20 في المائة من أسهم “مصر لإنتاج الأسمدة (موبكو)”، و32 في المائة من أسهم “الإسكندرية لتداول الحاويات”، بالإضافة إلى 17 في المائة من أسهم “البنك التجاري الدولي”، و12.6 في المائة من أسهم شركة المدفوعات الإلكترونية “فوري”.
عروض إماراتية على مصر بشأن استثمار زراعي
وكشف المسؤول المصري أن أبوظبي “تقدمت أخيراً بطلب للاستحواذ على آلاف الأفدنة في محافظة الإسماعيلية، بهدف الاستثمار الزراعي”. ولفت إلى أن العرض الإماراتي “كان بمثابة مفاجأة للمسؤولين في مصر بسبب طبيعته، والتي تختلف عن طبيعة ومجالات الاهتمام الإماراتي والقطاعات التي كانت تركز أبوظبي على الاستحواذ عليها خلال الفترة الماضية، في ظل الضغوط التي تواجهها القاهرة نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تتعرض لها”.
وقال المسؤول نفسه إن “المفاجأة التي خلفها العرض الإماراتي الأخير بشأن الاستثمار الزراعي في محافظة الإسماعيلية، ترتبط بمخاوف متعلقة بالأمن القومي من شقين رئيسيين؛ يتمثل الأول في كون الأراضي التي تستهدف الإمارات الاستحواذ عليها تمثل أهمية خاصة للأمن القومي المصري، إذ تقع في نطاق تحركات القوات المسلحة”.
أما الشق الثاني، “فله علاقة غير مباشرة بأزمة سد النهضة الإثيوبي، ومسألة الأمن المائي المصري، في ظل الملاحظات المصرية على الموقف الإماراتي بشأن الأزمة مع إثيوبيا في ما يتعلق بالسد، وفي ضوء التصور الإماراتي السابق والذي تحفظت عليه القاهرة، والذي كان يتضمن إقامة مشروعات اقتصادية إماراتية في البلدان الثلاثة محل الأزمة، باستثمارات تمولها أبوظبي، على أن يتم التوافق على آلية تضمن تدفق المياه من جانب إثيوبيا، ولكن من دون اتفاقات ملزمة عليها”.
وأشار المسؤول المصري إلى أن العرض الإماراتي “لم يتضمّن كيفية توفير المياه اللازمة لزراعة تلك المساحات، ما يفتح الباب أمام تساؤلات تتعلق بالخطط المستقبلية لأبوظبي في هذا الشأن”. ولفت إلى زاوية أخرى متعلقة بالعرض الإماراتي، وهي “اهتمام أبوظبي بمحافظات إقليم قناة السويس، في ظل اهتمامها بالممر الملاحي لقناة السويس والمنطقة الاقتصادية التابعة لها، والتي أبدت الإمارات بأكثر من طريقة رغبتها بالاستثمار فيهما”.
تحذيرات أمنية من عروض استثمار خليجية
من جهة أخرى، كشف مسؤول حكومي آخر النقاب عن “تحذيرات قدمتها هيئة الأمن القومي المصري التابعة لجهاز المخابرات العامة، بشأن طبيعة بعض العروض الخليجية التي تقدمت بها أخيراً كل من الإمارات والسعودية”. وأوضح المسؤول أن “تلك التحذيرات كانت سبباً في عرقلة وإعادة النظر في العرض الإماراتي الخاص بالاستحواذ على شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير، والتي تمتلك ملايين الأمتار من الأراضي في العاصمة المصرية القاهرة”. وقال إن “ما أشارت إليه التقارير الأمنية، هي أمور متعلقة بحجم الاستحواذات ومدى تأثيرها مستقبلاً على القرار المصري، وكذلك مدى إمكانية تحول تلك الاستحواذات إلى ضغوط على صانع القرار المصري، بشأن خطط وتحركات مصر في الإقليم”.
نوايا إماراتية بشأن الساحل الشمالي
في مقابل ذلك، تحدث مسؤول مصري ثالث عن وجود مباحثات رفيعة المستوى متعلقة بـ”مطار العلمين”، قائلاً إنه “خلال الأيام الماضية، ظهرت نوايا إماراتية بشأن منطقة الساحل الشمالي، والتي توسعت فيها الاستثمارات الإماراتية بشكل كبير خلال الفترة الماضية”. وأوضح أن “مباحثات مصرية إماراتية جرت خلال الأيام الماضية بشأن إمكانية البحث عن صيغة تمكن أبوظبي من إدارة مطار العلمين بالشراكة مع مصر، في إطار خطط إماراتية لتوسيع استثماراتها بشكل أكبر في تلك المنطقة، وتنظيم برامج سياحية مشتركة تتضمن زيارات للمنطقة عبر الشركات الإماراتية”.
استغلال المواقف المصرية المعارِضة
وفي سياق ذلك، كشفت مصادر سياسية وحزبية، عن أن “اللقاءات التي جمعت أطرافاً من المعارضة بمسؤولين في جهاز المخابرات العامة، في إطار التحضير للحوار الوطني المرتقب الذي دعا له السيسي في إبريل/ نيسان الماضي، شهدت مناقشات حول مسألة بيع الأصول المصرية”، مشيرةً إلى أن “المسؤولين في الجهاز قالوا للمجتمعين معهم إنه إذا كانت لديهم اعتراضات على عمليات الاستحواذ الخارجية على الأصول المصرية، فليتحدثوا عنها علانية وليصدروا بيانات بشأنها”.
وحذر حزب “التحالف الشعبي الاشتراكي” في بيان أخيراً، من “خطورة مثل هذه الصفقات على الأمن القومي المصري”، داعياً إلى “الوقف الفوري لسياسة بيع الأصول الاقتصادية الرابحة والاستراتيجية”. وقالت المصادر السياسية إنه “على الرغم من تحذيرات خبراء الاقتصاد والسياسة من خطورة بيع أصول الدولة المصرية، إلا أن الحكومة المصرية، يبدو أنها عازمة على تنفيذ ذلك، وهي تستغل فقط تلك الأصوات المعارضة من أجل رفع السعر، وتقوية موقفها في مفاوضات البيع”.
وفي سياق آخر، كشف دبلوماسي في وزارة الخارجية، عن “لقاء مصري – قطري على مستوى رسمي رفيع، من المتوقع أن يعقد خلال أيام، لمناقشة فرص الاستثمار المتاحة أمام قطر في مصر”. وقال إن الجانب المصري “يتوقع أن تتراوح الاستثمارات القطرية بين 10 و20 مليار دولار، على مراحل، وهو ما يكفي لسد العجز المالي لمصر في الوقت الحالي”. وأوضح أنه “يتوقع أن تكون الاستثمارات القطرية في مجالات الشحن واللوجيستيات”، وأنه “من المتوقع أن تضخ الدوحة استثمارات في مصر عبر شراء حصص في شركات مصرية من خلال جهاز قطر للاستثمار”.
وكان وزير النقل المصري الفريق كامل الوزير، قد قام بزيارة إلى قطر، في إبريل الماضي، تلبية لدعوة نظيره القطري جاسم بن سيف السليطي، حيث عقد الطرفان جلسة مباحثات موسعة تم خلالها تناول تفعيل الشراكة بين الجانبين في مجالات النقل المختلفة وبخاصة في مجال النقل البحري والتحول لاستخدام وسائل النقل الجماعي المتطورة والصديقة للبيئة.
وأعقب ذلك لقاء بين الوزير المصري ورئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية القطري، الشيخ خالد بن خليفة آل ثاني، بحضور السفير المصري في الدوحة عمرو الشربيني، تناول سبل تعزيز التعاون بين البلدين وتشجيع الشراكة والاستثمار في مجالات النقل المختلفة.
وكانت لجنة حكومية مصرية قد تشكلت برئاسة المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء، جيهان صالح، لدراسة طرح شركات وزارة النقل والهيئات التابعة لها في البورصة المصرية أو لمستثمرين أجانب وعرب. وضمت اللجنة في عضويتها مسؤولين عن جهات رقابية، وممثلي وزارات النقل، والمالية، والتخطيط، والعدل، وقطاع الأعمال العام، فضلاً عن ممثلي صندوق مصر السيادي، والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.
وأعلن رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، في وقت سابق عن عزم الهيئة إدراج 3 شركات في البورصة المصرية مع نهاية العام الحالي، وأنه جار إنهاء الدراسات مع وزارة المالية والاستثمار، مضيفاً أن الشركات المحددة هي التي تحقق مستويات ربحية عالية، وسيتم طرح من 10 في المائة إلى 15 في المائة منها في البورصة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس