كورونا والإقتصاد المصري

178

حوار: سحر جمال

أفريقيا برسمصرلم تترك جائحة كورونا في مصر قطاعاً اقتصادياً إلا وأثرت عليه بشكل كبير، فكان القطاع السياحي هو أول القطاعات، حيث أدت الخسائر نتيجة للقرارت الاحترازية والإغلاق إلى حالة من الركود في السوق المصرية التي تعتمد على السياحة بشكل كبير، كما تأثرت أيضا العديد من القطاعات الأخرى مثل الصناعة والتجارة والزراعة والاستثمار المباشر، لتتخذ الحكومة سلسلة من الاجراءات بغية حماية المواطن المصري من تداعيات الأزمة.

ويتحدث الى “أفريقيا برس” في هذا الشأن المحلل الاقتصادي والكاتب الصحفي محمود العربي في الحوار الصحفي التالي:

محمود العربي، محلل إقتصادي وكاتب صحفي

مع بداية أزمة فيروس كورونا، ما هي القطاعات الأكثر تأثراً بالجائحة، وما حجم تأثرها؟
تأثر الاقتصاد المصري تأثراً كبيراً جراء أزمة كورونا، ولعل أكثر القطاعات تأثراً بالجائحة كان قطاع السياحة في المقام الأول لما تمثله السياحة من أهمية كبرى، وتأثرها تأثراً شديداً بأي طارئ أو أي تذبذب يحدث عالمياً، هذا من جانب، أما القطاع الثاني فكان قطاع البناء والتشييد حيث تزامن مع بداية فيروس كورونا وقف لبعض عمليات البناء والتشييد وهذا القطاع يعد من أكبر القطاعات التي تحتاج إلى حجم عمالة كبيرة كما أن هذا القطاع يشغّل أكثر من 95 مهنة وحرفة مثل الأسمنت والحديد والسباكة والأدوات الكهربائية والأدوات الصحية تدرجاً حتى نصل إلى بائع الفول الذي يبيع الطعام للعمال، وبالتالي كان هذا القطاع يحظى بجزء كبير من عمليات التشغيل والتي توقفت تماماً خلال الفترة الأولى لكورونا منذ بداية ظهورها وحتى شهر يوليو 2020، وكان من ضمن القطاعات التي تأثرت قطاع الصناعات غير الغذائية مثل البتروكيماويات والصناعات الهندسية.

 كيف تأثر قطاع السياحة بفيروس كورونا، وما حجم الخسائر التي طالت القطاع وكيف تأثر الاقتصاد المصري بذلك؟
بدايةً قطاع السياحة من الموارد الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وأي تأثير فيه يؤثر بالطبع على موارد العملة الأجنبية للدولة، وتأثرت السياحة في مصر مع بداية أزمة كورونا بشكل كبير نتيجة قرارات إغلاق المطارات وحظر التجوال والسفر حول العالم بسبب انتشار الفيروس في مارس ليونيو، وبالتالي؛ الحركة تراجعت جدا، ووفقاً لبيانات البنك المركزي حققت إيرادات مصر من السياحة أقل من الإيرادات المعتادة خلال العامين الأخيرين في الربع الأول من عام 2020، والجدير بالذكر أن خلال عامي  2018 و2019 حققت السياحة أعلى إيرادات في تاريخها وتجاوزت الإيرادات 13 مليار دولار وفقاً لبيانات البنك المركزي وسببت الجائحة خسائر لقطاع السياحة تقدر ب 18 مليار دولار خلال الفترة الماضية، وسجلت إيرادات السياحة في الربع الأول من العام الحالي 2.3 مقابل 2.6 دولار في العام الماضي وبالتالي تؤثر السياحة بشكل كبير على الأقتصاد المصري، ولكن نتوقع إنتعاشة كبيرة مع قدوم السياحة الروسية ونتوقع أن تعود السياحة إلى ما كانت عليه خلال عام 2023 و2024.


الاستثمار المباشر كان من القطاعات الأكثر تضررا أيضا فما حجم الخسائر التي شهدها؟
مما لاشك فيه أن الاستثمار المباشر تراجع في معظم بلدان العالم خلال فترة كورونا وحتى الآن، وهذا التراجع أدى إلى تباطؤ المشاريع الاستثمارية والانكماش الذي حدث لبعض الشركات العالمية لإعادة تقييم مشروعاتها الجديدة، ووفقاً لبيانات البنك المركزي المصري تم الإعلان عن تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 32% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي وصافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر للداخل سجل نحو 3.4 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الجاري مقابل 5 مليارات دولار في نفس الفترة من العام الماضي لكن في العام الجاري نجحت مصر بمفردها في الاستحواذ على نحو 15% من إجمالي الاستثمارت الأجنبية المباشرة المتدفقة لقارة أفريقيا خلال عام 2020 بقيمة 38.9 مليار دولار وفقاً لتقرير صادر عن الأمم المتحدة للتجارة والتنمية عن الاستثمار العالمي الصادر في 2021، ولكن لا يزال الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر يرتكز بشكل أساسي على قطاع الطاقة والموارد الطبيعية.

قطاع التجارة أيضا شهد تأثراً منذ بداية أزمة كورونا فكيف تأثر هذا القطاع؟
تأثر بالفعل قطاع التجارة الداخلية منذ بداية أزمة كورونا وحتى الآن، فالجميع يشتكون من حالة الركود في المبيعات في مختلف القطاعات سواء قطاع الأحذية والملابس وفي القطاع الغذائي أيضا يشتكون من تراجع المبيعات، وهذا كان نتيجة لتسريح بعض العمالة وتقليص الرواتب خلال الفترة التي تم فيها العمل خلال الحظر وبداية جائحة كورونا والاعتماد على العمل من المنازل وتوقف العمالة الموسمية بشكل كامل وكل ذلك أثر على حركة السوق.

 لمواجهة تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد والوضع المعيشي للناس اضطرت مصر لطلب قروض من عدة جهات خارجية من بينها مبلغ 5.2 مليار دولار التابع لصندوق النقد الدولي، هل تعتقد أن القروض يمكن أن تنقذ الوضع الاقتصادي في البلد أو يجب البحث عن حلول جديدة تتعامل مع استمرار تفشي الفيرورس؟
لا أؤيد فكرة الاستقراض من الخارج بشكل موسع وإن كانت ديون مصر الخارجية حتى الحدود الآمنة، ولكن يفضل الاهتمام بالصناعة لأنها قاطرة النمو خاصة المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وأن تساعد البنوك في تنفيذ هذه المشاريع ومنح صغار الصناع والمستثمرين تسهيلات كبيرة للتحفيز والاهتمام بالصناعة ودخولهم السوق المصري لإنتاج سلع جديدة يحتاجها السوق والتي كان يتم استيرادها من الخارج، وبالتالي نوفر عملة صعبة للبلاد، كذلك نهتم بقطاع الزراعة والفلاح المصري خاصة وأن مصر بلد زراعية في الأساس ولدينا تفوق كبير في الصادرات من الحاصلات الزراعية والمحاصيل الزراعية للخارج حيث تحقق مصر إيرادات كبيرة عبرها، ويمكننا زيادة تلك المحاصيل مع عودة الزراعات التعاقدية حتى لا يشعر الفلاح بأنه في مهب الريح وعرضة لتقلب الأسعار وتلك الخطوات أفضل بكثير من القروض كما أنها تحقق عائداً بشكل سريع.

كيف تعاملت الحكومة المصرية مع هذه الأوضاع لحماية المواطن والاقتصاد المصري من تداعيات الأزمة؟
فى بداية الأزمة وتحديدا في 14 مارس 2020 أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن تخصيص 100 مليار جنيه لتمويل خطة لمواجهة أزمة كورونا وما يتضمنه من إجراءات احترازية، وأعلن البنك المركزي والحكومة المصرية عن حزمة كبيرة من القرارات لدعم المصانع وشركات قطاع الخاص والبورصة سواءً بخفض سعر الفائدة في صورة تنازلات من الدولة عن جزء من مستحقاتها من الشركات والمصانع وإلغاء جزء من مدفوعات الدولة اتجاه الدائنين المستقبليين، كذلك التنازل عن مستحقات ضريبية ورسوم مقابل الخدمات وتخفيض نسبة ضريبة الدمغة على تعاملات البورصة وكذلك صرف حوالي 4 مليار جنيه لدعم الإسكان الاجتماعي وتطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل في المحافظات وتأجيل دفع الأقساط لمدة 6 أشهر.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here