حوار : سحر جمال
أفريقيا برس – مصر. زيارة رئيس الوزراء المصري الى ليبيا تأتي بهدف بهدف دعم العلاقات بين البلدين في ظل حرص مصري على تحقيق أمن واستقرار طرابلس ولبحث أطر عودة العمالة المصرية إلى ليبيا، واستئناف أعمال اللجنة العليا المشتركة بين البلدين ومناقشة تيسير حركة النقل بين البلدين وتوقيع 11 وثيقة تعاون مع حكومة الوحدة الوطنية الليبية في عدة مجالات، شملت النقل والمواصلات، والإسكان والمرافق. كما شملت الزيارة أيضا تنفيذ مشروعات الطرق والبنية التحتية، إلى جانب المجال الصحي، بالإضافة إلى التعاون في مجال القوى العاملة، والاستثمار في مجال الكهرباء وغيرها وفي هذا الاطار تحدث الكاتب الصحفي والمحلل السياسي يسري عبيد لموقع أفريقيا برس عن أهمية تلك الزيارة.
كيف تقيم زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى العاصمة الليبية طرابلس، خاصة وأنها أول زيارة لمسؤول مصري كبير منذ سنوات ؟
أعتقد ان هذه الزيارة تأتي في توقيت مهم للغاية بالنسبة للعلاقات بين البلدين خاصة بعد تشكيل الحكومة الليبية الجديدة وبالتالي زيارة بهذا المستوى لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي ومعه أكثر من 11 وزير لتوقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين بالتأكيد زيارة مهمة للغاية في هذا التوقيت وتبين مدى العمق الاستراتيجي بالنسبة لمصر لأن ليبيا تعتبر أمن قومي مصري وبالتالي أعتقد أن النجاحات التي ساهمت فيها القاهرة في وقف اطلاق النار واطلاق عملية سياسية انتهت بوجود حكومة ليبية جديدة كان لابد أن تكون هذه الزيارة مهمة للغاية.
بالنسبة لمصر ما الذي تراه تغير منذ فايز السراج الى عبد الحميد الدبيبة ؟
بالتاكيد هناك اختلاف كبير بين حكومة السراج التي كانت لا تحظى بأي شرعية من البرلمان الليبيي ولا باعتراف كثير من الدول وبالتالي كانت حكومة أقرب الى الاخوان المسلمين وأقرب الى تركيا أما الحكومة الحالية جاءت بتوافق من جميع الاطراف الاقليمية والدولية وبالتالي تعاملت معها مصر بشكل كبير للغاية وزيارة عبد الحميد الدبيبة بعد تكليفه بتشكيل الحكومة كانت الى القاهرة ولقاء الرئيس السيسي وبالتالي أعتقد أن هذه الحكومة تختلف جذريا عن الحكومة السابقة.
هل زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى طرابلس محاولة مصرية للإعلان عن وجودها على الساحة الليبية خاصة في الضفة الغربية لليبيا؟
بالتاكيدهذه الزيارة توضح موقف مصر من الحكومة الليبية الجديدة وأن مصر لا تنحاز لأي طرف من الاطراف وان ما يهمها هو توحيد المؤسسات الليبية وأن تكون ليبيا دولة واحدة مستقرة سياسيا وأمنيا وعسكريا وبالتالي أعتقد هذه الزيارة تؤكد ان القاهرة لها علاقات جيدة مع جميع الليبين سواء في الشرق أو الغرب وكل ما يهمها هو استقرار ليبيا وأن يكون لديها حكومة واحدة ليبية تحظى باعتراف المجتمع الدولي وهذه الحكومة أعتقد أن لها علاقات جيدة مع القاهرة وتبادل الزيارات على أعلى المستويات تؤكد موقف مصر وأن ما يهمها في الازمة الليبية هو استقرار ليبيا والعمل على اجراء الانتخابات أواخر العام الجاري.
هناك استثمارات مصرية كبيرة في ليبيا متوقفة منذ العام 2011 هل ترغب مصر بإحياءها ، خاصة وأن زيارة مدبولي كانت ضمن وفد كبير من 11 وزيرا ؟
مصر كانت لها استثمارات كبيرة في ليبيا قبل 2011 وكانت لها عمالة كبيرة في ليبيا لان ليبيا دولة شاسعة المساحة وبالتالي تحتاج الكثير من المشاريع خاصة بعد سنوات الحرب وبالتالي اعادة الاعمار يحتاج الى خبرات مصرية في مجال المقاولات والبناء والطرق والكباري والطاقة. مصر لها خبرة كبيرة في كل هذه المجالات بحكم الجوار والحدود الطبيعية بين البلدين وبالتالي مصر ستعمل على أن يكون لها نصيب الاسد خلال عملية اعادة الاعمار في ليبيا خلال الفترة المقبلة.
كان هناك مجموعة من الاتفاقيات بين البلدين لكنها أهمها للطرف المصري الطلب باتخاذ إجراءات عاجلة لعودة العمالة المصرية إلى ليبيا وتيسير حركة التنقل بين البلدين؟ لماذا حسب رأيك؟
ملف العمالة المصرية في ليبيا ملف مهم للغاية ففي سنوات الحرب ورغم التوتر الشديد الذي كان يسود الساحة الليبية والانفلات الامني وانتشار المليشيات والأسلحة في كل مكان كانت هناك الكثير من العمالة المصرية في ليبيا وتعرض بعض المصريين للاختطاف وطلب الفدية ولذلك كان هذا الملف على أجندة زيارة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي للعاصمة الليبية طرابلس فهذه الفرص المتاحة للعمالة سواء في ليبيا أو غيرها من الدول العربية تحتاج الى عمالة كثيفة ومصر لديها الخبرات الكافية ولديها العمالة التي لديها الخبرات في اعادة الاعمار وعمليات العقارات والطرق والكباري والانشاءات.
على ما يبدو هناك سباق بين عدة دول للفوز بحصتها في اعادة اعمار ليبيا. حسب رأيك ماهي أولويات مصر الاقتصادية في ليبيا وما الذي تطمح اليه في موضوع الاستثمارات المصرية داخل ليبيا؟
لدى مصر بحكم الجغرافيا أكثر من ألف كيلو متر حدود مشتركة مع ليبيا ولديها حدود بحرية مشتركة وبالتالي فهي جارة لليبيا ولديها مميزات كثيرة في اعادة الاعمار والاتفاقيات التي تريد ان تحصل عليها مصر مع الحكومة الليبية. هناك تنافس شديد على العودة للساحة الليبية للفوز في كثير من الاتفاقيات باعادة الاعمار سواء من ايطاليا او فرنسا او تركيا وكثير من البلدان ولكن اعتقد ان مصر لديها ميزة تختلف عن هذه الدول وهي انها دولة جارة لليبيا وتربطها بالليبيين علاقات نسب ومصاهرة كبيرة للغاية وبالتالي ستكون فرص مصر أكبر من بعض البلدان الاخرى في الفوز بنصيب كبير من الاتفاقيات واعادة الاعمار في ليبيا ووجود الشركات المصرية هناك خلال الفترة القادمة خاصة بعد الانتخابات وتحقق الاستقرار السياسي والأمني سيساعد على انتشار العمالة المصرية.
كان هناك طلب مصري بإعادة فتح البعثات الدبلوماسية المصرية في كلٍ من طرابلس وبنغازي؟ موضوع بن غازي ألا يقلق الحكومة الليبية الجديدة؟
لا يقلق الحكومة الليبية الجديدة موضوع بنغازي الحكومة الليبية الجديدة الان لديها سلطة على كامل التراب الليبي، لديها مقرات في معظم المدن الليبية، هناك اجتماع ستعقده الحكومة الليبية في بنغازي خلال الايام القليلة المقبلة وبالتالي أعتقد انه لا يوجد اي تحفظات للحكومة الليبية بخصوص بنغازي. الحكومة المؤقتة التي كانت موجودة في الشرق برئاسة عبد الله الثني سلمت السلطة للحكومة الليبية الجديدة وبالتالي الحكومة الليبية الجديدة لديها سيطرة كاملة وتستطيع أن تذهب الى اي مدينة ليبية وتستطتيع أن تعقد جميع الاجتماعات في جميع المدن على التراب الليبي وبالتالي هذه المشكلة انتهت والحكومة الجديدة ترحب بفتح السفارة المصرية في طرابلس والقنصلية المصرية في بنغازي.
على المستوى الأمني كيف ستساهم مصر في تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا خاصة وأنها لا تزال تدعم خليفة حفتر الذي يسيطر على شرق ليبيا؟
بالتاكيد مصر لديها خبرة كبيرة في عمليات التدريب وعمليات توحيد المؤسسات العسكرية الليبية وبالتالي هي تحظى بعلاقات جيدة سواء مع المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي أو مع الحكومة الليبية الجديدة وبالتالي مصر لديها خبرات كبيرة في هذا المجال، والحكومة الليبية الجديدة طلبت من مصر أن تساعدها في عملية توحيد المؤسسة العسكرية الليبية وان تساهم بالخبرات المصرية في عمليات انشاء أكاديميات عسكرية وانشاء أكاديميات أمنية تستطيع أن تخرج العناصر العسكرية الليبية الوطنية التي تستطيع الحفاظ على الامن القومي الليبي وتستطيع حفظ الامن في جميع المدن الليبية.
هل مصر مع خروج القوات المحسوبة على روسيا من ليبيا ؟
مصر طالبت بخروج جميع القوات الاجنبية من ليبيا وخاصة المرتزقة الاجانب والقوات التركية وبالتالي مصر لم تسمي فصيل أو أي قوات أو أي مرتزقة ولكن طالبت بخروج جميع القوات والمرتزقة الاجانب وكان تركيز مصر على المرتزقة السوريين الموجوديين في الغرب الليبي والقوات التركية لانه لا توجد أدلة فعلية على وجود مرتزقة روس بشرق ليبيا وبالتالي الطلب المصري طالبت به الامم المتحدة أيضا وطالب به بعض المسئولبين الامنيين ايضا حتى تستطيع الحكومة الليبية أن تفرض سيطرتها على كامل التراب الليبي وتهيأة المشهد الليبي لاجراء الانتخابات في ال 24 من ديسمبر المقبل.
وضعت مصر شروطا لتحقيق المصالحة مع تركيا كان من ضمنها سحب الجماعات المسلحة المرتبطة بتركيا في ليبيا، لماذا وضعت مصر هذه الشروط؟
وضعت مصر شرطا أساسيا في محاولة لاعادة العلاقات مع تركيا وهو خروج القوات التركية والمرتزقة السوريين الذين أتت بهم تركيا الى ليبيا خلال الشهور الماضية وبالتالي أعتقد أن هذا الشرط كان معرقلا لاعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وعندما وجدت القاهرة من أنقرة تلكأ وتباطؤ شديد في تنفيذ هذا الشرط أوقفت جميع الاتصالات مع الجانب التركي وطالبته باخراج جميع المرتزقة السوريين والقوات التركية لان مصر تريد لليبيا أن تكون دولة موحدة، دولة مستقلة سياسيا لا تخضع لاي ابتزاز من قوة أجنبية موجدودة على أراضيها وتريد أن يكون القرار الليبي بيد الليبيين ولن يحدث ذلك الا بخروج جميع القوات الاجنبية والمرتزقة الاجانب وانهاء فوضى السلاح والمليشيات المنتشرة في مدن الغرب الليبي وبالتالي كان هذا طلبا مصريا فمصر تريد لجميع الدول العربية أن تفرض سيطرتها وسيادتها على أراضيها.
هل تتوقع نجاح الليبيين هذه المرة في تنظيم انتخابات في ديسمبر القادم ؟ وكيف ستدعم مصر هذا الاستحقاق ؟
أعتقد أن الليبين يستطيعون اجراء الانتخابات في حالة واحدة وهي اخراج القوات الاجنبية والمرتزقة وانهاء فوضى السلاح والمليشيات الموجودة في ليبيا وبالتالي عندما يكون هناك جيش ليبي موحد وأجهزة أمنية موحدة ولا توجد اي مليشيات أو اي تنظيمات متطرفة تستطيع ليبيا حينها تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية تمهد لاستقرار ليبيا وتوحيد المؤسسات الليبية ومصر بالتاكيد ستدعم ليبيا في هذا الامر ومطالبة مصر الدائمة بخروج القوات الاجنبية والتركية يأتي في هذا الاطار لان مصر تريد لليبيين أن يقرروا مصيرهم بأيديهم.
