المصدر: القدس العربي
حرص الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منذ وصوله إلى سدة الحكم في مصر عام 2014، على عقد مؤاتمرات ومنتديات، اتخذ بعضها طابعا محليا وأخرى دوليا، وسط انتقادات واسعة حول عائد هذه المؤتمرات على البلاد، والتكلفة المادية الكبيرة التي تتحملها خزانة الدولة لتنظيمها.
فمن مؤتمر مصر الاقتصادي، مرورا بمؤتمرات شبابية محلية، ومنتدى شباب العالم في نسختيه الأولى والثانية، وصولا إلى مؤتمرات اتخذ بعضها عناوين اعتبرها الشعب المصري نوعا من الرفاهية غير المبررة، كالمؤتمر الأخير الذي استضافته مدينة شرم الشيخ وحمل عنوان « التنوع البيولوجي».
وبدأ الرئيس المصري عهده بعقد مؤتمر اقتصادي في مدينة شرم الشيخ، في الفترة بين 13 و 15 مارس/ آذار 2015، وسوق للمصريين أن المؤتمر سينتشل مصر من عثرتها الاقتصادية، وسيجذب رؤوس أموال أجنبية إلى البلاد.
وبعد مرور 3 سنوات، وبالعودة إلى حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال العام الماضي، فإن الأرقام الرسمية تتحدث عن 6.4 مليار دولار، مقارنة بنحو 6.3 مليار دولار في عام 2015، بفارق.1 مليار دولار فقط، ما يعني أن المؤتمر لم يؤت ثماره.
وعقب المؤتمر الاقتصادي، أعلن السيسي عن مشروعات قومية بقيمة استثمارية تتجاوز تريليوناً و40 مليار جنيه في إطار الإعلان عن مشروع تنمية وتطوير محور قناة السويس، كانت قناة السويس الجديدة أول ما تحقق منها.
مشروعات حبر على ورق
لكن كل المشروعات والاتفاقات التي تم الاتفاق عليها في إطار تنمية محور قناة السويس أصبحت حبرا على ورق، حيث أن المذكرات لم يفعل منها حتى الآن سوى مذكرة تفاهم لإنشاء المركزين اللوجيستيين في مدينة دمياط ومنطقة العين السخنة، كما تم توقيع مذكرة تفاهم بإنشاء المركز اللوجيستي في مدينة دمياط.
واقتصرت المشروعات التي جرى تنفيذها، على إنشاء محطات الطاقة، وهي مشروعات خدمية وليست إنتاجية تتحمل خزينة الدولة تكلفتها، ولا تمثل استثمارا طويل المدى، أو جذب رؤوس أموال أجنبية إلى مصر. وعلى مدار 4 سنوات، عقد السيسي 6 مؤتمرات للشباب، وسط انتقادات واسعة لسياساته، خاصة فيما يتعلق بالتضييق على شباب الأحزاب والحركات السياسية واعتقالهم.
بدأت فكرة مؤتمرات الشباب في منتصف عام 2016، وبات كل بضعة أشهر يعقد السيسي مؤتمرا في إحدى محافظات مصر، بحضور آلاف الشبان، المختارين بعناية شديدة، وسط مقاطعة أحزاب المعارضة التي اعتبرت المؤتمرات مجرد محاولة لغسل ماء وجه النظام، ومحاولة إخفاء القمع الذي يمارسه النظام ضد الشباب. لم تقتصر مؤتمرات السيسي على الداخل، بل نظم مؤتمرا حمل اسم «منتدى شباب العالم»، على مدار عامين، كان آخرها قبل أسبوع.
وواجه المنتدى انتقادات داخلية واسعة بشأن حجم إنفاقه، خاصة أنه استقبل ما يقرب من 5 آلاف شاب من مختلف دول العالم، وتحملت خزينة الدولة المصرية مصروفات تنقلهم وإقامتهم لأكثر من أسبوع في إحدى أغلى المدن السياحية في مصر ، أي شرم الشيخ.
وقدر خبراء حجم الأنفاق على المؤتمر بما يقرب من 20 مليون جنيه مصري، في وقت يعاني فيه المصريون من أزمات اقتصادية طاحنة. وتزامن المؤتمر مع ارتفاع أسعار الخضراوات التي عرفت بأزمة البطاطس، وهي الأزمة التي أثرت بشكل رئيسي على حياة الطبقة المتوسطة والفقيرة التي تعتمد على الخضراوات في طعامها اليومي.
ورغم حجم الإنفاق الذي شهده المؤتمر، خرج السيسي خلال كلمته في المنتدى، ليسخر من غضب المصريين من ارتفاع أسعار البطاطس، قائلاً: «أنا أبني دولة، ويأتي من يعبر عن غضبه من وصول سعر البطاطس إلى 12 جنيها». أما أكثر المؤتمرات التي واجهت سخرية شعبية، فحمل عنوان «التنوع البيولوجي» الذي انطلقت فعالياته أمس الأول في مدينة شرم الشيخ.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن «مصر تعتبر أول دولة عربية وأفريقية تستضيف هذا الحدث الذي يعد أكبر المؤتمرات الدولية للأمم المتحدة في مجال الحفاظ على التنوع البيولوجي والبيئي، ومنبرا هاما لتعزيز التعاون والمشاركة الإنسانية بين شعوب العالم لزيادة ونشر الوعي بأهمية التنوع البيولوجي».
المحميات الطبيعية
وأضاف «يمنح انعقاد المؤتمر في مدينة شرم الشيخ، مزيدا من الفاعلية لدور مصر ورؤيتها في صنع القرارات والسياسات ذات الصلة، الأمر الذى يرسخ الدور الريادي لمصر ومكانتها في هذا المجال الهام، ويعكس اهتمام الدولة بقضايا التنمية المستدامة، ومن ثم يساهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لمصر لهذا القطاع بهدف الحفاظ على البيئة ودعم السياحة وصون المحميات الطبيعية المصرية التي تشغل حوالى 15 من المساحة الجغرافية للقطر المصري والموزعة على 30 محمية طبيعية على مستوى الجمهورية يتردد عليها ملايين الزوار سنويا».
وإضافة إلى موجة السخرية، تسبب حضور وفد إسرائيلي برئاسة السفير الإسرائيلي لدى مصر دافيد غوفرين، في المؤتمر، موجة غضب شعبي، خاصة أن الأخير تحرك بحرية والتقط الصور مع تمثال لاعب مصر الدولي ونادي ليفربول الإنكليزي، محمد صلاح.
وحسب ما نشرته صفحة «إسرائيل بالعربية»، فإن جوفرين قال في كلمته خلال المؤتمر: «يسعدني ويشرفني أن أكون هنا في شرم الشيخ مدينة السلام، على مسافة قصيرة من بلدي إسرائيل». وزادت: «قام السفير الإسرائيلي بغرس شجرة زيتون في حديقة السلام، مع سعادة وزيرة البيئة المصرية ياسمين فؤاد».