حوار: سحر جمال
افريقيا برس – مصر. مع عودة مفاوضات سد النهضة إلى الاتحاد الأفريقي بعد سلسلة من المحاولات داخل أروقة مجلس الأمن وإعلان الجانب المصري تمسكه بحقوقه المائية وعدم قبول أي اعتداء على حقه في وقت تستمر فيه إثيوبيا باستخدام المرواغة سبيلاً لها بتلك القضية، الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي وهل يمكن الوصول الى حل يرضي الجميع أم إن التوافق هو أمر بعيد كل البعد عن طاولة المفاوضات وغيرها من أسئلة تطرحها “أفريقيا برس”على المحلل السياسي والخبير في الشأن العربي والأفريقي منير أديب:

ما رأيك في الرفض الإثيوبي للتوصل لاتفاق ملزم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة؟
إثيوبيا ما زالت متعنتة في المفاوضات وأعتقد أن النية الإثيوبية كانت واضحة منذ عقد كامل أي عشر سنوات وهي مدة التفاوض منذ العام ٢٠١١ وما بعده وحتى هذه اللحظة، وبالتالي ما نتج من مخرجات حقيقية عن المفاوضات السابقة أو عدم التوصل إلى إتفاق ملزم هو أمر متوقع من قبل إثيوبيا خاصة وأنها كانت ومازالت وستظل متعنتة مع دول المصب مصر والسودان، وأعتقد أن مصر تشرع في الحصول على حقوقها سواء وافقت إثيوبيا أم لم توافق على مفاوضات حقيقية وجادة تؤدي إلى أن تصل كافة الأطراف لاتفاق مرضي و يحافظ على الحقوق التاريخية والمائية لكل الأطراف.
ما هي خيارات مصر والسودان أمام الموقف الإثيوبي الرافض لأي اتفاق يلزمه بعدم اتخاذ إجراءات أحادية حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة؟
فيما يتعلق بالخيارات المتاحة أمام مصر والسودان؛ هناك خيارات كثيرة سياسية ودبلوماسية وأيضا عسكرية وهناك وسائل ضغط كبيرة ربما ستمارسها مصر إذا ما تعنتت أثيوبيا في التوصل الى اتفاق ملزم لكل الأطراف، وقد يكون الضغط من قبل دول شريكة أو من قبل شركاء لإثيوبيا حتى في بناء وتشغيل السد، وبالتالي مصر أمام خيارات كثيرة أي هذه الخيارات سوف تستخدمها مصر والسودان وهذا ما ستسفر عنه الأيام، وما تحبذه القيادة السياسية في التعامل مع الموقف، وأعتقد أن التعامل سوف يكون بقدر المرونة أو حتى المرواغة التي تتعامل بها إثيوبيا مع المفاوضات ومع حصول مصر والسودان على حقوقهما
كيف تقيّم نتائج الجلسات القادمة أمام الاتحاد الأفريقي وهل تختلف عن الإجتماعات السابقة أم أن الوضع كما هو ؟
بخصوص نتائج الجلسات القادمة أمام الاتحاد الأفريقي؛ فيُعتقد أن إثيوبيا سوف تظل على موقفها وتعنتها ومرواغتها والأمر هنا يرتبط بقدرة مصر على تحييد إثيوبيا ووضعها على الخط المستقيم واذا أدركت إثيوبيا وقيادتها السياسية أنها ستخسر بهذا التعنت فحتما سوف تتعامل بصورة مختلفة واذا قبلت الضغوط التي تمارسها بعض الدول عليها ففي هذه الحالة سوف تستمر على موقفها وستبحث كل من مصر والسودان عن مواقف ضاغطة على الجانب الإثيوبي تلزمه بحصول مصر على حقوقها المائية والتاريخية في مياه نهر النيل.
كيف تفسر الرفض السوداني لتلك الاجتماعات الجديدة التي وصفها بأنها لا تلبي كل شروطه وهل يؤثر ذلك على الموقف المصري اتجاه المحادثات؟
بخصوص موقف السودان الرافض لهذه الإجتماعات؛ لأنها بالفعل لا تلبي شروطه فأعتقد أنها لن تؤثر على الموقف المصري، فهناك اتفاق مصري سوداني وهناك أيضا تباين بعض الشيء وأعتقد أن هذا يثري فكرة الموقف العربي المشترك ما بين مصر والسودان في الضغط على إثيوبيا وفي حصول كل منهما على حقوقه، واعتقد أن مصر والسودان ينسقان فيما بينهما تنسيقا كبيرا لحصولهما على حقوقهما بشكل مجتمع وأيضا بشكل منفرد، وأعتقد أن المصير المشترك ما بين كلا الدولتين يحتم التنسيق ولكن قد يكون الموقف السوداني بمثابة إنذار لإثيوبيا بعدم مطالبتها طيلة الوقت بمواقف جادة في الاجتماعات والمفاوضات ولكن قد يكون لذلك نهاية ولذلك قد يدفع هذا إثيوبيا للعودة الى طاولة المفاوضات ولكن بشكل جاد، ولكن ما أريد أن أؤكده أن هناك تنسيق على أعلى مستوى بين الجانبين المصري والسوداني نظراً للمصير المشترك ما بين الدولتين.
القاهرة أعلنت رفض المساس بحقوقها المائية او اتخاذ أي خطوات تقلل من حصصها المعتادة، إلى أي مدى قد تصل القاهرة لحماية تلك الحقوق؟
أعلنت القاهرة فعلاً رفضها المساس بحقوقها المائية أو إتخاذ إثيوبيا لأي خطوات تقلل من حصتها المائية وهناك وسائل كثيرة قد تحافظ بها مصر على حقوقها المائية من خلال الدور السياسي أو العسكري، وفكرة الحفاظ على الحقوق لها مستويات كثيرة وتقدر وفق استهلاك هذه المستويات ووفقاً لقبول الطرف الثاني لهذه الحقوق، ولذلك أعتقد أن القيادة السياسية سوف تتعامل مع الموقف بما ينبغي أن تتعامل به وسوف تكون على قدر المسئولية وأعتقد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن في أكثر من مناسبة أن لا أحد قادر على المساس بحقوق مصر المائية وأن مصر سوف تحصل على حقوقها شاءت إثيوبيا أم أبت، وبالتالي هذا تأكيد مصري خاصة وأن هذه التصريحات صدرت بشكل دائم ومستمر من المؤسسة الرئاسية وبالتالي مصر قادرة على حماية حقوقها المائية من أي اعتداء خارجي عليها.
دخول الولايات المتحدة الأمريكية على خط المفاوضات وايضا الأطراف الدولية هل من شأنه أن يحقق ضغطاً على إثيوبيا للتراجع عن موقفها الحالي، وهل يمكن الوصول إلى اتفاق يرضي كافة الأطراف؟
دخول الولايات المتحدة الأمريكية على خط المفاوضات وأطراف دولية ربما يمثل ضغطا على إثيوبيا حتى تتراجع عن موقفها و بالطبع يمكن الوصول إلى اتفاق يرضي كافة الأطراف وهذا ما تريده مصر وهذا ما تدفع به، ومصر لا تقول إنها لا تريد الحصول على حقوقها على حساب الآخرين سواء كان إثيوبيا أو حتى السودان، فمصر تريد أن يحصل الجميع على حقوقه بشكل طبيعي وأن تكون هذه الحقوق مستحقة لأصحابها وأن يكون هناك أطراف دولية تشرف على هذه المفاوضات وتشرف على حصول كل طرف على حقه، ومصر تريد حلاً للمشكلة وربما يكون هناك اتفاق يصل إليه جميع الأطراف يحفظ حقوق الجميع ومصر تتمنى ذلك ولديها رؤية استراتيجية اتجاه هذا الأمر ولو أن إثيوبيا أبدت مرونتها، وأعتقد أن مع إبداء إثيوبيا لتلك المرونة فسوف يتم حل هذه المشكلة بشكل جذري والوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف.