مشروع الضبعة النووي؛ هل يخدم مصر سياسيا و إقتصاديا؟

150
مشروع الضبعة النووي.. هل يخدم مصر سياسيا و إقتصاديا؟
مشروع الضبعة النووي.. هل يخدم مصر سياسيا و إقتصاديا؟

سحر جمال

أفريقيا برس – مصر. في إطار الحلم المصري بامتلاك الطاقة النووية للاستخدام السلمي لها عبر بناء أول محطة نووية في منطقة الضبعة بالتعاون مع روسيا، تسعى القاهرة لتحقيق تلك الخطوة بكل قوتها، وأعطت الحكومة المصرية الضوء الأخضر لشركة روس آتوم الروسية لتبدأ في إنشاء أولى وحدات المحطة النووية بمدينة الضبعة بمحافظة مطروح، على بعد 321 كيلومتر عن غرب القاهرة، حيث تضم محطة الضبعة أربع وحدات كل منهما بسعة كهربائية 1200 ميغاوات. وللمزيد من التفاصيل حول أبعاد هذا المشروع وتداعياته السياسية والاقتصادية يتحدث إلى “أفريقيا برس” الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أكرم رحيم في الحوار الصحفي التالي:

تسعى مصر لبناء أول محطة نووية في منطقة الضبعة بالتعاون مع روسيا ويرى البعض أن هذا التوجه يشكل حلقة جديدة من محاولات القاهرة المستمرة للاحتفاظ بهامش حركة باتجاه موسكو على الرغم من التحفظات الأمريكية، فكيف ترى ذلك؟

أكرم عبد الرحيم، كاتب صحفي ومحلل سياسي

طبعا تسعى مصر لبناء لأول محطة نووية في منطقة الضبعة بالتعاون مع روسيا، ولا شك أن العلاقات المصرية الروسية علاقات متميزة منذ الستينات و من قبلها، وعلاقة مصر بروسيا لم تتمثل في شراء الأسلحة فقط، ولكن أيضا في الصناعات المتقدمة وفي مجال الطاقة وفي المجال الزراعي وفي العديد من المجالات، هيئة الرقابة النووية و الإشعاعية بدأت في إعطاء ترخيص للسماح بأعمال الصبة الخرسانية الأولى لمحطة الضبعة في 29 يونيو الماضي، واتفقنا مصر وروسيا في عام 2015 على إنشاء محطة الطاقة النووية في الضبعة بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بتكلفة تصل إلى 21 مليار دولار، والسلطات المصرية وافقت على منح إذن إنشاء المحطة الأولى للمحطة النووية بعد التأكد من توافر أقصى درجات الأمان للمشروع النووي، لا شك أن بناء المحطة سيجعل مصر تصل لنسبة إنتاج الكهرباء إلى نحو 9% من إنتاج الطاقة، وهذا يضع مصر في نطاق الدول النووية التي تستخدم الطاقة النووية في المجالات السلمية. مصر كان لها دور كبير جدا في الطاقة النووية وبدأت هذا المشروع منذ عام 1954، تزامنا مع بدأ الهند في مشروعها إلا أن المشروع المصري توقف واستمرت الهند في مشروعها، وفي الفترة الأخيرة شرعت مصر في تنفيذ أولى خطوات إنشاء محطة نووية، واختارت منطقة الضبعة كمكان مناسب لإنشاء هذه المحطة، وأمريكا كان لها دور لإنشاء محطة نووية في مصر خلال السبعينيات إلا أن المشروع توقف أيضا، والعلاقة بين مصر وروسيا علاقة ناجحة في تحقيق تعاون مثمر وأيضا العلاقة بين مصر وأمريكا في مجالات الطاقة والصناعة والأسلحة علاقات قوية أيضا ومتميزة، والولايات المتحدة الأمريكية تتفهم حاجة مصر إلى إستخدام الطاقة النووية في المجالات السلمية.

محطة الضبعة ستضم أربع وحدات كل منها بسعة كهربائية 1200 ميغاوات فكيف سينعكس ذلك على مصر ويخدمها في مجال الطاقة؟

هذا المشروع له أهمية كبرى والبدء في بناء الوحدة الأولى من محطة الضبعة يعني إنضمام مصر للدول المنتجة للطاقة النووية، وسيتم بناء بناء وحدة طاقة حديثة ومجهزة بمفاعلات تنتج 1200 ميجاوات في مصر، وتم اكتساب تلك الخبرة للشركة المنتجة في مجال الطاقة النووية في روسيا وعدة دول أخرى ، وهذا سيتيح إنشاء محطة طاقة نووية في مصر متقدمة في المجال التكنولوجي والصناعي والتعليمي، وهذا يعد أكبر مشروع تعاوني بين مصر ووروسيا منذ بناء السد العالي في الستينات، وفكرة تطوير برنامج نووي هو حلم مصر لأكثر من نصف القرن، وطبعا مشروع الضبعة يجرى إنشائه في مطروح على بعد 300 كم من العاصمة القاهرة، وتتألف من 4 وحدات لتوليد الطاقة، بقوة 1200 ميغاوات، وأثبتت هذه التقنية جدواها وأنها تطبق في محطات طاقة نووية في لينجراد ونيفوروبينج في روسيا، وخارج روسيا هناك محطة في بيلاروسيا، مشروع الضبعة ينفذ ضمن حزمة عقود موقعة بين مصر روسيا، ودخلت حيز التنفيذ في 2017.


من وجهة نظرك كيف ستخدم محطة الضبعة القطاع الصناعي؟

لاشك أن البرنامج النووي المصري كمشروع بدأ مع بداية الهند في مشروعها النووي أيضا إلا أن مصر توقفت واستمرت الهند في تنفيذ مشروعها واستطاعت الهند إنتاج الطاقة النووية وسبقت مصر في هذا المجال، لأن المتغيرات المتغيرات السياسية والإقتصادية التي مرت بها متمثلة فى الحروب التي مرت بها أثرت بشكل كبير على البرنامج النووي المصري، ومصر تحاول حاليا إعادة مشروعها النووي للمرة الرابعة على التوالي لتوفير الطاقة الكهربائية لتقليل الإعتماد على النفط و الغاز في إنتاج الطاقة، بالرغم من أن هذا البرنامج عمره أكثر من خمسين عاما ، ومصر في حاجة ماسة لإستخدام الطاقة النووية في المجالات السلمية لتحقيق قدر من التوزان داخل القطاع الصناعي، وتوليد الطاقة الضرورية لمصر، وهذا سيكون له دور كبير في الصناعة وتحلية مياه البحر، لأنها تعمل بطاقة 20 ألف متر مكعب في اليوم، وهناك عقود للغاز أبرمتها مصر مع عدة شركات، والطاقة النووية لها دور في تعويض النقص في إحتياطات البترول، ولذلك وقعت مصر عدة إتفاقيات مع لجنة الطاقة لإحياء هذا المشروع، وهذا يعتبر نقلة مصرية كبيرة جدا على مستوى القطاع التجاري والصناعي، ويعتبر الحصول على الطاقة النظيفة هام جدا في ظل إهتمام العالم بالمناخ.

في إطار المساعي التي تقوم بها مصر لمواجهة شح المياه، يأمل بعض الباحثين بأن يتم استخدام مشروع الضبعة لتحويل مياه البحر إلى مياه عذبة فهل يمكن ذلك؟

يأمل الباحثون والخبراء المصريين أن يتم إستخدام مشروع الضبعة إلى تحويل مياه البحر إلى مياه عذبة، وهذا المشروع يرمي في الأساس إلى الإستفادة من الطاقة النظيفة في ظل مشاركة مصر في مؤتمر المناخ وتحقق تقدما ملموسا في إنتاج الطاقة النظيفة، ويهم مصر في المقام الأول إستخدام الطاقة النظيفة و تحلية مياه البحر خاصة في ظل الشح المائي الذي تعاني منه مصر، وبالتالي فهي تتجه نحو تحلية المياه عن طريق إنتاج الطاقة النووية النظيفة، هذا اتجاه عالمي وأيضا وتوفير الطاقة الكهربائية و تقليل الإعتماد على النفط و الغاز.

كيف سيؤثر إنشاء هذا المشروع المصري الروسي على العلاقات بين القاهرة وواشنطن؟

لاشك أن هذا المشروع بالنسبة لأمريكا ليس بجديد لأن مصر كانت أعادت التفكير مرة أخرى في احياء برنامجها النووي بعد حرب 1973 بعد دراسات أكدت ضعف إحتياطات البترول، وقررت إقامة 8 محطات نووية مستقبلية للحصول على الطاقة، وتعويض نقص البترول، وقعت مصر مع الولايات المتحدة الأمريكية أيضا قرار جمهوري لإنشاء هيئة للمحطات النووية بإشراف الولايات المتحدة الأمريكية و خصصت مصر مساحة 50 كم على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وبدأت الدراسات في عهد الرئيس الأمريكي نيكسون وأعلن موافقة الولايات المتحدة الأمريكية على إنشاء المحطات النووية بقدرة 1100 ميغاوات، وفي عام 1978 دشنت الهند أول تجربة للتفجير النووي، ولكن أمريكا أشترطت على مصر أن تقوم بالتصديق على معاهدة حظر الأنشطة النووية، و مصر طلبت من الولايات المتحدة الأمريكية أن تلتزم أيضا إسرائيل بنفس شروط المعاهدة، ولكن رفضت إسرائيل وهنا السادات وجه الحديث إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعدم إلتزام إسرائيل وفشل المشروع بأكمله.

ماذا عن الكلفة المادية للمشروع على الاقتصاد المصري وهل المشروع مجدي لمصر رغم حيازتها على مصادر للطاقة مثل الغاز؟

لاشك أن التكلفة المالية للمشروع عالية حيث تبلغ التكلفة نحو 30 مليار دولار، يمول 85% منها عبر قرض روسي بقيمة 25 مليار دولار بفائدة 3%، وهذا قدرته الإنتاجية تصل إلى 4800 ميغاوات وتعتبر نسبة عالية جدا وسيكون لها انعكاس كبير على الصناعة والتجارة المصرية، والإتفاق المصري الروسي ينص على إنشاء 4 مفاعلات نووية بتكلفة تصل نحو 21 مليار دولار.


يرى البعض أنه من خلال تجربة روسيا في بناء مفاعلات نووية في دول أخرى فهي لا تلتزم بالموعد المقرر لافتتاح المشروع فلديهم مشاريع كان مقرر ان تنتهي في غضون خمسة الى سبعة سنوات استغرق الامر 25 عاما فكيف تتوقع أن يكون الأمر في مصر؟

هناك عقود بين الدول وكل دولة لها ظروفها الخاصة لكن المشروع المصري الروسي يتم تنفيذه بموجب حزمة من العقود الموقعة بين البلدين ، ودخل حيز التنفيذ في 2017، وفقا للإلتزامات التعاقدية، وتلك الإلتزامات التعاقدية بها بنود محددة بموعد البدء في المشروع و الانتهاء منه، في ضوء قيام الجانب الروسي بإنشاء المشروع والعمر التشغيلي للمحطة ومساعدة الجانب المصري في طرق التدريب وتقديم الدعم والصيانة على مدار العشر سنوات الأولى، ومن ضمن شروط العقد إلزام الجانب الروسي بإنشاء مرفق لتخزين الوقود النووي المستهلك، والشركة القائمة على المشروع الرائدة في هذا المجال لديها فروع عديدة ولديها مراكز للبحث والتطوير وعدة مشروعات للطاقة، ومصر بذلك ستنتج الطاقة النووية بدلا من إستيرادها لأنها أرقى أنواع الطاقة على مستوى العالم، وهناك بنود لإلزام الطرف الأجنبي على الإلتزام بتنفيذ هذه الشروط، بغض النظر عن وجود مشروعات روسية أخرى لظروف ما استغرقت سنوات طويلة من 5 إلى 7 في تنفيذها، فهذا لا يثني الجانب الروسي عن إنشاء المحطة في موعدها المقرر.

 

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here