مصر تبحث عن طرق لتأمين احتياجاتها من القمح والوقود

22
مصر تبحث عن طرق لتأمين احتياجاتها من القمح والوقود

 سحر جمال

أفريقيا برس – مصر. في ظل المتغيرات العالمية والأزمات السياسية الراهنة، بدأت الإقتصادات الكبرى تبحث عن طرق لتأمين إحتياجاتها من الموارد الرئيسية للحفاظ على أوضاعها الإقتصادية، وتقليل مخاطر وتأثير الأزمات السياسية العالمية عليها، وفي هذا السياق بدأت الحكومة المصرية في وضع آليات وخطط  عمل لتأمين إحتياجاتها من القمح والوقود ، خاصة مع ارتفاع الأسعار العالمية، وفي هذا الإطار يتحدث إلى “أفريقيا برس” الكاتب الصحفي والمحلل الإقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب في الحوار الصحفي التالي:

الدكتور عبد النبي عبد المطلب - كاتب صحفي ومحلل إقتصادي
الدكتور عبد النبي عبد المطلب – كاتب صحفي ومحلل إقتصادي

ارتفعت أسعار القمح عالمياً بنحو 50%، بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، إذ تشكل الدولتان نحو ثلث الصادرات العالمية من السلع الغذائية الهامة، ما هي عواقب هذه الزيادة على مصر، وكيف ستؤثر على اقتصادها؟
بالتأكيد الحرب الروسية الأوكرانية تسبب مشاكل كثيرة وتأثير إقتصادي على كافة السلع، فهناك ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع مثل النفط والغاز والسلع الغذائية، ومن يتابع الأسعار سيعرف أنها ارتفعت بنسبة تتراوح ما بين 20% و50% خلال هذا الشهر، مصر بالتأكيد سوف تتضرر مثل باقي دول العالم، خاصة وأنها تستورد 80% من منتجاتها من القمح من روسيا وأوكرانيا، ولكن نقطة مهمة يجب أن نشير إليهه، هيأن موسم حصاد القمح المصري أصبح على الأبواب، بحيث يصل الإنتاج إلى صوامع وزارة التموين في شهر يوليو، والمؤشرات تقول إن الإنتاج المصري قد يترواح ما بين 9 إلى 9,5 مليون طن هذا العام وهذا رقم جيد جدا، حيث تستطيع مصر أن تسد احتياجاتها من الدقيق والخبز والقمح في مدة تترواح من 6 إلى 9اشهر، وفي شهر يوليو يمكن للحكومة المصرية أن توجه بزيادة زراعة محصول الذرة وهو يبدأ من يوليو إلى أغسطس، والذرة يمكن أن تكون بديلا أو مكملا للقمح، وبذلك تستطيع مصر أن تحصل على احتياجاتها هذا العام من الدقيق والخبز بشكل جيد، وأيضا هناك مصادر كثيرة حيث  تستطيع مصر الحصول على القمح من فرنسا بأسعار مناسبة، وأيضا من كندا والولايات المتحدة الأمريكية كما كان يحدث في السابق.

تعتزم الحكومة اتخاذ خطوات للسيطرة على تداعيات المخزون الغذائي من القمح بزيادة عمليات تخزين القمح المحلي وتقليل الاستهلاك، هل هذه الخطوة مهمة على المدى البعيد؟ ألا يتسبب تقليل الاستهلاك في ارتفاع الأسعار؟
في اعتقادي إن توجهات الحكومة لم تكن واضحة في هذا الأمر، والمطلوب ليس التخزين أو تقليل الإستهلاك ولكن تقليل الهدر فقط، جزء كبير من القمح في مصر يهدر نتيجة عدم إستخدام الآليات الحديثة في الحصاد وفي التخزين، وأعتقد أن الحكومة تتوجه إلى كفاءة إستخدام القمح وليس تقليل استهلاكه، طبعا إذا كنا نتحدث عن أن الحكومة سوف تحزن القمح لسنوات قادمة، فإن هذا سيؤدي إلى وجود شح في الأسواق وسوف يؤدي إلى إرتفاع سعره وهذا لا خلاف عليه، وهناك محاولات لترشيد الإستخدام وهذه نقطة هامة جدا، ورفع كفاءة عمليات الحصاد و النقل والتخزين، ورفع الكفاءة بالتأكيد سوف يوفر جزء كبير من الهادر والفاقد في المحصول، والكثير من الآليات تستطيع من خلالها الحكومة و يستطيع بها المستهلك ترشيد الإستهلاك وجعله أكثر كفاءة إقتصاديا، وذلك من خلال تحقيق جزء كبير من كفاءة الإستخدام للقمح في هذه الظروف، وأعتقد أن نجاح هذا الأمر يحتاج إلى تعاون كبير بين الحكومة والمستهلك حتى تمر الأزمة بسلام.

مع استمرار الأزمة الروسية الأوكرانية تسعى مصر للبحث عن مسالك جديدة لتوريد القمح، فكيف يمكن ذلك ؟
مصر قبل 2010 كانت تحصل على كل إحتياجاتها من القمح من فرنسا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية، وكان استيراد القمح من أمريكا هو الغالب على الاستيراد المصري من القمح، وتستطيع مصر بكل سهولة أن تعود إلى تلك القنوات للحصول على احتياجاتها من القمح، وتستطيع أيضا مصر زيادة المساحة المزروعة من القمح، فلدينا الكثير من الدراسات التي تؤكد صلاحية زراعة وإنتاج القمح بكميات كبيرة جدا في الساحل الشمالي الغربي، أيضا تستطيع مصر إيجاد آليات لتنويع مصادر استيراد القمح، وتستطيع الحصول على النسبة التي تحصل عليها حاليا وهي 20% من رومانيا و يمكن تنشيط قنوات الإستيراد من فرنسا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية، وأعتقد أن ذلك لن يسبب مشكلة كبيرة لا يمكن حلها، فالمسألة سوف تكون مرتبطة بالأسعار، وأعتقد أن الأسعار أصبحت أسعار عالمية، وفروق الأسعار ما بين تكاليف النقل من روسيا وأوكرانيا من مصر لن تختلف كثيرا عن تكاليف نقلها من فرنسا.

تشهد أسعار البترول صعودا قويا منذ أن فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات على روسيا، كيف يمكن لمصر أن تتعامل مع ارتفاع أسعار المحروقات؟
قضية إرتفاع أسعار الوقود هي قضية مركبة بالنسبة لمصر، فإرتفاع أسعار الوقود يفيد الموازنة العامة المصرية حيث أن مصر دولة مصدرة للبترول، كذلك إرتفاع أسعار النفط سوف يؤدي إلى زيادة الرسوم والموارد التي تحصل عليها مصر نتيجة مرور ناقلات النفط العملاقة عبر قناة السويس، أيضا إرتفاع أسعار البترول يولد انتعاشا اقتصاديا في غالبية الدول المصدرة للبترول، ومنها بعض الدول العربية ودول الخليج على وجه الخصوص، وهذا سيزيد الطلب على العمالة المصرية وسوف تزيد تحويلات المصريين العاملين في الخارج، على الجانب الآخر أيضا مصر تستورد المشتقات البترولية مثل السولار وهذا بالتأكيد سوف يمثل ضغطا على الموازنة العامة المصرية، وتعامل مصر مع مشكلة الوقود سوف يتوقف على المزيد ما بين المنافع المتوقعة من إرتفاع الأسعار وما بين المدفوعات التي سوف تتحملها الخزانة العامة للحصول على المواد البترولية، وأعتقد أن الغاز الطبيعي في مصر سوف يؤدي إلى دور التوازن في هذا الأمر، أو يكون الفيصل في مكاسب أو خسارة الإقتصاد المصري نتيجة رفع أسعار البترول، و في ظل إرتفاع أسعار البترول صدرت مصر ما يقرب من مليون طن من الغاز المسال، ولدينا إمكانيات وطاقة قصوى لإنتاج ما يقرب من 7 مليون طن من الغاز المسال، ويمكن القول أن المسألة معقدة ومركبة، وسوف يتوقف الميزان التجاري للنفط على إمكانية إستفادة مصر من إرتفاع الأسعار.

 

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here