سحر جمال
أفريقيا برس – مصر. مع سعي الولايات المتحدة الهيمنة على النظام المالي الدولي، و إساءة استخدام شبكة سويفت العالمية عقب اندلاع حرب أوكرانيا من قبل القوى الغربية، توسعت بلدان عدة في استخدام العملات المحلية في عمليات التبادل التجاري الثنائية مع روسيا، في حين استخدمت بلدان أخرى نظام “مير” الروسي للدفع الإلكتروني والذي تعتبره موسكو بديلا لشبكة سويفت مع قرب اعتماد مصر آلية الدفع بالروبل الروسي في قطاعي التجارة والسياحة، وللمزيد من التفاصيل يتحدث إلى “أفريقيا برس” الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الدكتور عبد النبي عبد المطلب في الحوار الصحفي التالي:
هل بدأت مصر بإعتماد الروبل الروسي في تعاملاتها التجارية أو السياحية مع روسيا؟

أحب أن أؤكد أن قبول مصر لمدفوعات الروبل في مجال السياحة موجود من البداية، ويتم قبول الروبل الروسي في كافة المجالات السياحية في مصر وهذا ليس بجديد، الجديد هو تسوية المعاملات المالية والتجارية بين مصر وروسيا بالعملات المحلية، بمعنى أن تقبل مصر بأن تدفع روسيا مقابل وارداتها من مصر بالروبل، وأن تقبل روسيا أن تدفع مصر مقابل وارداتها بالجنيه المصري، هذا هو النظام الجديد، وأنا في إعتقادي أن هذا دخل حيز التنفيذ بالفعل و بدأت مصر تقبل الروبل كعملة تسوية للمديونية أو للمدفوعات عن الصادرات المصرية ، وبدأ الجانب الروسي يقبل المدفوعات بالجنيه المصري عن واردته إلى السوق المصري.
ما ينقل عن كواليس السياسة المصرية توجه القاهرة للإرتباط بالروبل الروسي، هل يمكن لمصر إعتماد الروبل بدلا من الدولار أو إلى جانب الدولار؟
الإرتباط بالروبل و إعتباره عملة دولية لتسوية المدفوعات في إعتقادي أن هذا أمر صعب بشكل كبير جدا، لكن ممكن أن تعتمده مصر كما أعتمدت اليوان الصيني، مصر لديها سلة عملات معتمدة مكونة من اليورو و الاسترليني والدولار، لكن طبعا الدولار يمثل النسبة الأكبر منها، و تم إعتماد اليوان الصيني، ممكن أن تعتمد مصر الروبل ضمن سلة عملاتها الدولية المقبولة لتسوية المدفوعات، لكن أن يكون هناك إرتباط بين الروبل والجنيه بحيث تستطيع مصر الاستغناء نهائيا عن الدولار ففي إعتقادي أن هذا أمر صعب وشبه مستحيل، وهو مجرد تنظير لا أكثر.
ما هي المكاسب السياسية التي يمكن أن تحصل عليها مصر باعتماد الروبل؟
المكاسب التي يمكن أن تحصل عليها مصر نتيجة اعتماد الروبل ليست سياسية فقط، ولكن أيضا هناك مكاسب إقتصادية أيضا، فالمكاسب السياسية من المؤكد أنه سوف يكون هناك تقارب بين مصر وروسيا، وزيادة التعاون في اتخاذ قرار موحد بشأن المشاكل الدولية العالمية و في مقدمتها موضوع سد النهضة، وفي الجانب الاقتصادي سيكون هناك مكاسب أكثر، هذه المكاسب تتمثل في تخفيض الضغوط على الجنيه المصري، إذا كان القمح يمثل أهم المشتريات المصرية و واردات القمح المصري تتجاوز 3 مليارات دولار، فحاولي 60% منها يمكن أن يأتي من روسيا، وبذلك نحن نتحدث عن توفير ما بين مليار إلى 2 مليار دولار يتم دفعها لواردات القمح، أيضا هناك إمكانية لزيادة التبادل التجاري بين مصر وروسيا في ظل إعتماد آلية تسوية المدفوعات بالروبل.
هل يمكن أن تواجه مصر عقوبات أمريكية اذا اعتمدت الروبل الروسي؟
إحتمالية أن تواجه مصر عقوبات أمريكية غير واردة على الإطلاق، لا أريد أن أقول إن مصر شريك استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية، والولايات المتحدة الأمريكية تحتاج إلى مصر أكثر مما تحتاج مصر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لكن في مجال العلاقات الاقتصادية الدولية هناك مساحات كبيرة جدا من الحرية للدول. فالدول لديها مجموعة من المنظمات المالية والاقتصادية وحتى التجارية التي تحكم تعاملاتها على المستوى الدولي، مثل منظمة التجارة الدولية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهذه المؤسسات تضمن جزء كبير جدا من حرية المعاملات داخل هذه الدول أو ما بين الدول و بعضها البعض، بما يحقق لها مصالحها، و أنا ما أراه حتى الآن أن العقوبات المفروضة على روسيا ليست بقرار أممي ملزم لكافة الدول بل هناك دول اعترضت عليه، وهناك دول امتنعت عن التصويت، ومن هنا أنا أعتقد أنه لا مجال على الإطلاق أن تتمكن الولايات المتحدة الأمريكية أو حتى أوروبا من فرض أي نوع من العقوبات على مصر نتيجة التقارب المصري الروسي، بل على العكس فأنا أرى أن أوروبا نفسها قد تكون سعيدة بهذا النوع من التعاون حيث أن مصر يمكن أن تكون بابا خلفيا لإمداد أوروبا بالغاز الروسي، بما يحقق مصلحة أوروبا، ويمنع التعارض في موضوع العقوبات.
هل يمكن أن تلتحق مصر بنظام “مير” للدفع الإلكتروني، وهو نظام منافس لشبكة سويفت؟
مصر مشتركة في أكثر من نظام لتسوية المدفوعات الدولية، فمصر مشتركة في سويفت و مير وغيره ، في اعتقادي أن هذا الأمر ليس جديداً، حيث أن مصر لها علاقات متشعبة مع كافة دول العالم، لكن إذا كنا نتحدث عن أن مصر تقبل أن تسوى معاملاتها على مستوى العالم من خلال نظام مير فقط، وأن تخرج من نظام سويفت، فأنا أعتقد أن هذا أمر صعب جدا إذ لم يكن مستحيلا، فنظام سويفت هو أكثر الأنظمة شيوعا وقبولا على مستوى العالم، الدول التي لا يوجد بها سويفت هي دول قليلة، وأيضا نظام مير لا يغطي غالبية دول العالم، ومن هنا مصر تحتاج إلى كل أنظمة تسوية المدفوعات لأن لها علاقات إقتصادية وحركة أموال و تجارة مع كافة دول العالم.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس